مقدمة:
يمثل الاتصال العلاجي وضعية هامة يعيشها العميل مع المختص، بفضلها يستطيع التفاعل مع مجمل المدخلات التي يرغب المختص للوصول إليها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالتشخيص واقتراح البروتوكول العلاجي اللازم، هذه الخطوات التي لا يمكن أن تتأتي إن لم تنشأ علاقة اتصالية جيدة بين المختص والحالة، ونظرا لأهمية الاتصال في الممارسة الإكلينيكية وجب على العاملين في مجال علم النفس العيادي إدراك مفهوم وخصائص الاتصال واهم النظريات المفسرة له إلى جانب شروطه ومكوناته لفعل أدق للوضعية الاتصالية التي يمارسها المختص الإكلينيكي في سياق عمله المتخصص.
والمتتبع لتطور علم النفس يلاحظ جليا أن مجمل التيارات النظرية والتطبيقية ركزت على نوعية الاتصال، ففرويد مثلا بنى نظريته التحليلية على أساس تحليل اللغة ورمزيتها وأشار إلى فلتات اللسان وزلات القلم إلى مؤشر دال على اللاشعور، ثم اقترح التداعي الحر كألية علاجية للتكفل بالاضطراب النفسي على أساس تحرير المشاعر والمكبوتات عن طريق الكلام والذي هو فعل اتصالي بامتياز.
وينظر عامة إلي علم النفس على أنه علم مبنى على الإتصال وأن العلاج النفسي شكل من أشكال العلاج بالكلام والذي قد يعطي انطباعا بأن العلاج النفسي يتعلق بشكل من أشكال التواصل اللفظي بين العميل والمعالج، ومع ذلك فإن الإتصال هو عملية أكبر وأعقد من كونها علاجا أو قاعدة يبنى عليها العلاج، فالمقابلة العيادية هي في المقال الأول عملية اتصالية بالفعل لكن من الخطأ الجسيم اقتراض أن الإتصال فيها يكون لفظيا فقط دون الاهتمام بالتعبيرات والإيماءات والإشارات اللفظية للعميل، أو ما يصطلح على تسميته بالإتصال الغير لفظي ، من هذا الأساس يشكل الإتصال محورا أساسيا في علم النفس عموما وبالأخص في مجال علاقة المختص بالعميل في إطار الممارسة النفسية العيادية.
• أصل كلمة إتصال communication لاتيني communicare والذي يعني أخذ شيئين وجعلهما مشتركين.
• يعتبر الإتصال ظاهرة تشترك فيها جميع الكائنات الحية، وبرزت أهميته منذ ظهور الإنسان على وجه الأرض، وأحذ في التطور إلى مستويات عليا معقدة، حيث ساهم في تطور الحضارات الإنسانية وإنتقالها من حيز جغرافي إلى آخر، من حقبة زمنية لأخرى.
• ويتعبر الإتصال من أهم المعايير التي تقاس على أساسها جودة الحياة الإنسانية ومدى تطور وازدهار الحضارات، إلى جانب كونه وسيلة وآداة لتأريخ حياة ومعاش الإنسان والمجتمعات.
