Résumé de section

  • الدكتور؛ مغـزي أحمد سعيد
أستاذ مادة تعليمية اللغة العربية

     

    الدكتور: مغزي أحمد سعيد 

    أستاذ مادة تعليمية اللغة العربية 

         a.moghzi@univ-setif2.dz     
     

     عزيز(تـ)ـي الطالبـ(ـة)؛

       أرحب بك في مادة تعليمية اللغة العربية، دارس(ة)ـا مهتمّ(ة)ـا، ومتابع(ة)ـا جادّ(ة)ا، وآمل أن تفيدك مرافقتي لك في مقرّرها. فالمادة كما لا يخفى عليك، موجّهة لطلبة السنة الثّالثة ما قبل التّدرّج (مستوى الليسانس) / تخصص: دراسات لغوية، وتتطلّب منك خلفية مسبقة عن كيفيات تقديم دروس العربية، وتقويمها.

       تتناول مادة (تعليمية اللغة العربية) مجموعة من المحاضرات، سمّى المنهاج عناوينها في التعليم العالي (مفردات)؛ حيث إنّ كلّ مفردة تعالج في حصة واحدة معالجة نظرية، تؤصّل للخلفية العلمية التي تحكمها. فمن تحديد لمستويات اللغة، إلى التعرف على الطرائق التعليمية القديمة والحديثة، ثم إلى التعامل مع كيفيات تعليم المهارات اللغوية، ثم مناقشة مفهوم النص التعليمي بوصفه السند في تعليم اللغة، ثم إلى تحديد مفهوم الاختبار اللغوي، ثم التعرف إلى مفهوم المنهاج وكيفية بنائه، لننهي المادة بنظرة شاملة حول تعليم اللغة للناطقين بغيرها.

       إنّ (تعليمية اللغة العربية) مادة علمية نتعرف من خلالها على كيفية القيام بفعل التعليم للغة العربية، والوعي بذلك، حيث تسهم هذه المادة في جعل المعرفة النظرية والعلمية بها معرفة وظيفية، تساعد على تقويم لسان المتعلّم، والارتقاء بمنجزه اللغويّ إلى مستوى اللغة العربية السّليمة.

    الكلمات المفتاحية: التعليمية، طرائق التعليم، المهارات اللغوية، النص التعليمي، المنهاج.  

    فأهلا بكم طلبتنا الأعزاء وأنتم تتابعون هذه المادة

  • مستويات اللغة العربية وخصائص المنطوق والمكتوب 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحديد مستويات اللغة العربية، وبيان خصائصها.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تحدّد مستويات اللغة العربية.

    - تبيّن خصائصها. 

     

    القراءات المساعدة: 

    1- عبد العزيز عبد المجيد. اللغة العربية أصولها النفسية وطرق تدريسها.

    2- علي أحمد مذكور. تدريس فنون اللغة العربية.

    3- Khaoula Taleb Ibrahimi.  Les Algerien(s) et leur(s) langue(s) .élèments pour une approche sociolinguistique de la société algérienne

    4- عبد الرحمن الحاج صالح. بحوث ودراسات في اللسانيات العربية.

     

                                                      الدرس                                                   

    ماهية اللغة:

         اللغة عند علماء النفس " الوسيلة التي يمكن بواسطتها تحليل أي صورة أو فكرة ذهنية إلى أجزائها أو خصائصها، والتي بها يمكن تركيب هذه الصورة مرة أخرى في أذهاننا أو أذهان غيرنا بواسطة تأليف كلمات ووضعها في ترتيب خاص... ومعنى هذا أن عملية التصور للمضامين والمدلولات ضرورية قبل أن تصدر الكلمات والتراكيب من المتكلم أو الكاتب، كما أن معرفة اللغة المنطوقة أو المكتوبة لكل من السامع والقارئ ضرورية أيضا كي تتم عملية التصور للمضامين لديهما أيضا. وعلى هذا فاللغة لا تستعمل للتعبير فقط، لكنها تستعمل أيضا لإثارة أفكار السامع والقارئ ومشاعرهما، وقد تدفعهما للحركة والعمل"([1]).

         وحتى يتحقق مثل هذا التحليل للوصول إلى الدلالة، ويتحقق فعل التفاعل مع المدلول، كان لزاما على اللغة أن يخضع نتاج متكلمها لما يخضع له نظامها، فيمر بالضرورة في عملية التحليل على المستويات المختلفة التي ينبني عليها. فاللغة نظام؛ وكل نظام يتشكّل من عناصر يخدم بعضها بعضا، عن طريق ما يتوافر من علاقات أوجدها المتكلّم بينها. وهي علاقات تحتكم إلى قواعد وقوانين تؤطّرها. وهذا النظام سيتجسّد لدى المتكلّم قدرة ذهنية مكتسبة، يمثلها نسق يتكوّن من رموز اعتباطية منطوقة، يتواصل بها مع أفراد مجتمعه. ومن هذا سيتقرر لدى الباحثين مجموعة من الحقائق التي تنطوي عليها طبيعة اللغة، وهي:

    1- إن اللغة قدرة ذهنية، تتكوّن من مجموع المعارف اللغوية، بما فيها المعاني والمفردات والأصوات والقواعد التي تنتظمها جميعا. تتولد، وتنمو في ذهن المتكلم، فتمكّنه من إنتاج عبارات لغته نطقا أو كتابة. كما تمكنه من فهم مضامين ما ينتجه أفراد مجموعته من هذه العبارات.

    2- هذه القدرة تكتسب، ولا يولد الإنسان مزوّدا بها، وإنما يولد ولديه الاستعداد الفطريّ لاكتسابها، ويدفعه لهذا الاكتساب شعوره بالانتماء إلى مجموعته البشرية.

    3- هذه القدرة المكتسبة، تتمثّل، في طبيعتها، في نسق متفق عليه بين أفراد جماعته اللغوية. وتدخل في تكوين هذا النسق، في العادة، وحدات أو أنساق أخرى متفرعة، يرتبط بعضها بالبعض الآخر. وهذه الوحدات أو الأنساق المتفرعة هي:

    أ- النسق الصوتي ب- النسق الصرفي جـ - النسق الإعرابي أو النحوي د- النسق الدلالي  هـ - النسق البلاغي..

    4- اللغة ليست غاية في ذاتها، وإنما هي أداة، يتواصل بها أفراد مجتمع معين لتستقيم علاقاتهم، وتسير أمور حياتهم.

    خصائص اللغة العربية([2]): ‏

        واللغة العربية لغة سامية؛ وهي إحدى أكثر اللغات انتشارا في العالم، وتتميز بمجموعة من الخصائص ‏أهمها: ‏

    - لغة غنية بأصواتها: حيث يرى الباحثون أنّ اللغة العربية تملك أوسع مدرج صوتي عرفته اللغات، إذ تتوزع مخارج الحروف بين الشفتين وأقصى الحلق. وعلى الرغم من تقلباتها الصرفية، تبقى هذه المخارج محافظة على صفاتها المحسنة، مثل: الهمس ‏والجهر، والشدة والرخاوة واللين، والاستعلاء والاستفال، والتفخيم والترقيق، والقلقلة والغنة، والإطباق ‏والانفتاح، والاستطالة والتفشي، وغيرها. ‏

    وتظل اللغة العربية: «أوفر عددا في أصوات المخارج التي لا تلتبس، ولا تتكرر بمجرد الضغط ‏عليها، فليس هناك مخرج صوتي واحد ناقص في الحروف العربية، وإنما تعتمد هذه اللغة على تقسيم الحروف ‏على حسب موقعها من أجهزة النطق».‏

    - لغة اشتقاق: لا يخفى على أي باحث في اللغة العربية أنها لغة غنية بأسر المفردات، حيث إن كل أسرة تنطلق ‏مما يعرف بالأصل أو الجذر، وبإمكان كل جذر أن تتولد منه عشرات الجذوع (تقسيم الجذور إلى جذوع هي ‏فكرة الباحث المعجمي التونسي إبراهيم بن مراد)، وبذلك تكون اللغة العربية من أغنى اللغات من حيث عدد ‏ألفاظها أو مخزونها اللغوي. ‏

    - لغة صيغ: نقصد بذلك أن الاشتقاق مصدر مهم من مصادر توليد الصيغ في اللغة العربية وإثرائها، ذلك أن ‏كل جذر أو أصل – كما ذكرنا - يمكننا من بناء مجموعة من الصيغ؛ يتحكم في قالبها ووضع سننها ما يعرف ‏في اللغة العربية بالميزان الصرفي. ‏

    - لغة تصريف: نقصد بالتصريف إخضاع الكلمات العربية إلى أنواع شتى من التغيرات التي تحدث بفعل الزيادة ‏أو الحذف أو القلب أو الإعلال أو غير ذلك. ‏

    - لغة تركيب: تتنوع مفردات اللغة العربية من حيث حضورها أو شكلها بين ثلاثة أنواع هي: المفرد البسيط، والمركب، والمعقد، حيث يمثل المفرد أكثر أصناف مفردات اللغة العربية حضورا في مقابل المركب والمعقد، وإذا ‏شئنا التعريف بالمركب نقول: «إنه تلك الوحدة اللغوية المركبة من كلمتين للدلالة على معنى واحد»‏؛ وأمثلته ‏في اللغة العربية كثيرة منها: المركب الوصفي، المركب المزجي، المركب الإضافي، والمركب العددي. أما المعقد ( ‏النوع الثالث من الوحدات اللغوية) فنقصد به:« الجمع بين أكثر من كلمتين للدلالة على معنى واحد »؛‏ ‏ومن أمثلته في اللغة العربية: أسماء الأعلام والعبارات التحليلية والعبارات الاصطلاحية والأمثال وغيرها.‏

    - لغة متنوعة الأساليب: تتميز اللغة العربية بوجود أنماط مختلفة من الجمل، سواء من الناحية التركيبية أم من ‏الناحية البلاغية، حيث يمكن تقسيمها إلى جمل اسمية وأخرى فعلية، أو إلى جمل خبرية وأخرى إنشائية، ويبدو ‏أن ذلك سبب اشتهار العربية بسعتها، وكثرة أدواتها التي تميز أنواع الجمل من حيث بلاغتها، وهو سر من ‏أسرار جمال أساليبها، وبلاغة عباراتها وجزالة ألفاظها. ‏

    - لغة تعبير عن المقاصد: هو أمر يجعلنا نتحدث عن قضية حرية الرتبة، لأنها الأساس في غنى العربية بالتعابير ‏المختلفة والمتنوعة، فالتقديم والتأخير في الجملتين الاسمية والفعلية يزيد من قيمة اللفظ وقوة معناه. ‏

    - لغة تتميز بظاهرة النقل: أي إنها لغة ترجمة؛ تقبل أن ينقل منها أو إليها طواعية، ويكون ذلك من خلال ‏عملية الترجمة إما بالمعنى، وإما بالنقل الحرفي (الدخيل) أو بالنقل بواسطة إخضاع المنقول إليها من خلال ‏إخضاعه لقواعدها (المعرّب). ‏

    - لغة غنية بوسائل التعبير عن الأزمنة النحوية: إن اللغة العربية لا تكتفي بإضافة حروف أو حذف أخرى من ‏الأفعال للدلالة على الأحداث في أزمنتها المختلفة، بل إنها توظف جملة من الأدوات التي تخول لها ذلك، ‏نذكر منها: النواسخ التي تحرك الأحداث نحو أزمنتها المقصودة.  

    مستويات اللغة العربية:

         المقصود بالمستوى اللغوي؛ الحد الذي تتميّز فيه اللغة بجانبها الوظيفي، وتظهر فيه مختلف أداءاتها لدى الأفراد الناطقين بها، مرتبطة بجملة من المعطيات؛ كالمقام، وطبيعة المتكلم، واللغة المستعملة، حيث يظهر الاختلاف في هذا الاستعمال، والذي يكون فيه التركيب والصوت، والصرف، معالم تبرزه([3]). وعلى هذا نجد للعربية مستويات، هي:

         العربية الفصيحة؛ وتتجلى في اللغة المكتوبة إلى مستوى أدنى، حيث العربية الأقل فصاحة، ثم الأدنى حيث العربية الدارجة أو (الدارجات) على الأصح، وهي لغة الحديث والتواصل أو لغة المشافهة. والحقيقة أن هذا التفريع له ما يؤصله عند الباحثين، حيث يرى (و. مارساي/ w.Marcais) أن اللغة العربية تتسم بظاهرة الازدواجية (la diglossie)، فهي بين لغة أدبية مكتوبة، ولهجات تمثل لغة التخاطب بين عامة الناس ومثقفيهم([4]). وهذا الذي يذهب إليه أيضا (فيرغيسون/ Ferguson.C ) حين يعتبر هذه الظاهرة  " وضعية لغوية ثابتة نسبيا "([5])، تتكون من نمطين أحدهما عالي التصنيف تمثله اللغة الأدبية، والآخر أدنى تمثله اللهجات. لكن يجب التفطن إلى أن هذه الظاهرة لا تعني وجود كيانين مستقلين جمعتهما جملة من الخصائص المشتركة، بل هو هيكل واحد، تتدرج فيه مستويات اللغة وفق سلم تواصلي، يتجه من مستوى اللغة الأكثر معيارية إلى مستوى اللغة الأقل معيارية وفق ما تذهب إليه (خولة طالب إبراهيمي) على النحو التالي:

    1.     العربية الكلاسيكية أو المعيارية.

    2.      العربية النمطية أو المعاصرة.

    3.      العربية تحت النمطية، تمثلها لغة المشافهة.

    4.      عربية المتمدرسين المستعملة خارج المدرسة أو الجامعة.

    5.      اللهجات(الدارجات) المستعملة في الحي أو المدينة أو في بعض المناطق([6]).

       وهذا الذي يكرسه الواقع، حين يعمد المتكلم إلى استعمال المستوى اللغوي المناسب للمقام المناسب. ويذهب الأستاذ (عبد الرحمن الحاج صالح) إلى أنّ العربية كغيرها من اللغات تتعدد فيها المستويات، يقول: " كل لغة في الدنيا يكون لها كتابة فهي على مستويين: لغة التخاطب اليومي، وفيها بالضرورة اقتصاد في الأداء (اختزال، واختلاس، وحذف، وإدغام، وغير ذلك)، ولغة ثقافة تعلّم في المدارس، وتؤلّف بها الكتب، ويتخاطب بها في المقامات التي فيها احترام؛ كالخطب، والمحاضرات، ووسائل الإعلام غالباً. وقد تكون إحداهما قريبةً من الأخرى؛ مثل الفرنسية المستعملة في الشارع وفي البيوت، وسبب ذلك هو وجود نسبة مئوية قليلة جداً من الأميين في الشعب الفرنسي، أو من ضعيفي الثقافة "[7]. فالباحث يقرّر أنّ اللغة العربية كغيرها من لغات المجتمعات البشرية، هي على مستويين؛ مستوى لغة التخاطب اليومي (اللهجات)، ومستوى لغة الثقافة (لغة الكتابة، أي؛ لغة التعلم والمتعلمين)، وبينهما مسافة استعمال – قد تزيد أو تنقص – بسبب مجموعة من العوامل. 

         وقد رأى بعض الباحثين، أنّ مستويات اللغة تتباين تبعاً لتباين مستويات وأحوال الإنسان المتكلم، حيث يفرض الاستعمال الوظيفيّ لها تشكلا ظلّ معروفا عند العرب منذ القديم. لهذا صنف مستوياتها وفق الآتي:

    1- اللغة الفصحى: هي التي تحتل أعلى مراتب التعبير العربي، حيث تنطوي فيها الشروط والصفات المثالية للفصاحة والبلاغة على صعيد المسبوكات التركيبية، أو المفردات الكلمية، أو التوافقات السياقية أو الحمولات المعنوية. ولعلّه يقابل عند بعضهم مستوى الفصحى التراثية، هذا النموذج المعياريّ المثاليّ، الذي قلما يستخدم في الحياة اليومية في الوقت الحاضر.

         إن من أمثلة هذه اللغة ما هو مجموع بين جلدتي المصحف الشريف، وفي أشعار الجاهليين، ومنثوراتهم، فضلا عن مكتوبات فصحاء كتّاب العربية، كابن المقفع، والجاحظ، وأبي حيان التوحيدي، والرافعي، حيث السلامة البالغة، النائية عن اللحن والتحريف.

    2- اللغة الفصيحة: وهي التي يمثلها المستوى الذي تتحقق فيه شروط سلامة اللغة، في حدودها الدنيا من غير ملامسة حدود اللحن اللغوي، والتحريف الدلالي. وهذا المستوى يقابل عند البعض أيضا الفصيحة المعاصرة، وهو مستوى يلقى الدعم من المجامع اللغوية التي تعمل على تزويد اللغة فيه بالمصطلحات والألفاظ الحديثة.   

         ويـمثُل هذا المستوى من اللغة أكثر مكتوبات التراث العربي القديم، وكثير من الكتابات المعاصرة، ككتابات: زكي مبارك، وعباس العقاد، ومحمود شاكر، وشرف الدين الموسوي، ومحسن الأمين، وغيرهم ممن بدؤوا تعليمهم في نطاق المؤسسات التعليمية الكلاسيكية؛ كجامعة الأزهر، والقرويين، والزيتونة، والحوزات العلمية في النجف، وقم، وغيرها.

    3- اللغة الثالثة: هي المتشكلة في الكلام العربي الذي يمتزج فيه صحيح الكلام مع سقيمه، ويختلط فيه قويم التعابير وتراكيبها مع ما استمْرأ عَوامُّ المثقفين استعماله من كلمات وتعابير وتراكيب عائلة عن سنن العربية، وحائدة عن أصولها، ومائلة عن تقاليدها، وخارقة لقواعدها سواءً الأصيلة أو المتولدة من تطويرات صائبة.

         هذا المستوى نراه طاغياً على الساحة الإعلامية بكل صورها، من صحافة، وتلفاز،  وإذاعة مسموعة، فضلا عن الكتب البحثية الفكرية، والأعمال الإبداعية؛ كالرواية والقصة.

    4 - اللغة العامية (الدارجة- المحكية): هي التي تمازج فيها الخطأ مع الصواب، وتواشج القويم فيها مع السقيم، فانتشأ من ذلك المزيج كيان لغوي هجين، تبناه أكثر الناس؛ لسهولة مأتاه، وتيسر تعاطيه، وتحرر قوانينه، وميوعة معاييره. 

         لقد بسطت العامية نفوذها منذ زمن تليد بعيد، حيث كان مبتدأ ذلك ماثلا في شيوع اللحن والتحريف، وسط التداول اللغوي بين العوام؛ بتأثير مباشر من طرف الأعاجم الذين دخلوا الإسلام، واستوطنوا بلاد العرب، واستوطن العرب بلادهم في ظل تمازج سكاني، جغرافي منذ أواسط القرن الأول الهجري.

         لقد اغتنى هذا المستوى اللغوي بخصائص صوتية، وقاعدية، وتركيبة غزيرة، حائدة عن سنن العربية الأصيلة؛ فأسهم في ذلك اضمحلال الوعي الثقافي لدى عوام الناس، وغفلتهم عن أهمية استعمال لغة سليمة بريئة من التحريفات والتشويهات.

    وعموما فإنّ العلاقة بين العامية والعربية الأصيلة، لم تخرج عن كونها علاقة أصل بفروع، تلكم الفروع التي لا تنفك عن أصلها، ولو لم تكن وفـيّةً له، فهي على الأقل لا تزال دائرة في سوائه، وقابعة في ظله .

         إذاً لا يصح نعت العامية بأنها لا قاعدية مطلقا، أو بأنها لقيطة بلا أصول. إنما هي لهجات غير فصيحة، فاقدة للتهذيب القاعدي، والدقة التأصيلية؛ لتمردها عن الأصول والتقاليد الأصلية للغة العربية الأم التي كانت موزعة إلى لهجات فصيحة تتداولها قبائل الأعراب الأولين .

         لقد عمل بعض الباحثين على تقوية علاقة الفصحى باللهجات العامية، وتوكيد شدة الصلة بينهما؛ في سبيل النظر إلى العامية بوصفها مكوناً من مكونات الفصحى، أي أنها امتداد تاريخي للهجات القبائل العربية القديمة الفصيحة. كان من أهم من وكَّد هذا في دراساته كل من : حفني ناصف قبل أكثر من مئة عام، وإبراهيم أنيس سنة 1946م، وهادي العلوي سنة 1983م.

         وتكاد تنحصر مخالفات العامية للفصحى في عدد من التباينات الصوتية، والبنائية، والدلالية([8]) .

    فروقات المنطوق والمكتوب:

         الفروقات بين اللغة منطوقة واللغة مكتوبة كثيرة، متنوعة، لعل من أبرزها ما يلي:

     

    1 - اللغة في الأساس أصوات قبل ان تكون رموزا مخطوطة. ومقولة ابن جني   ان اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، مقولة مدركة لجوهر اللغة المزدوج؛ أي الصوتي والتواصلي في آن، مع العلم أن ثمة لغات كثيرة لا زالت مستعملة اليوم، ليس لها معادل مكتوب، ومع هذا فإنها تفي بأغراض الناطقين بها، وتقوم بوظيفتها الإنسانية التواصلية.  

     

    2 - ان الكتابة محكومة بعنصر المكان أو بحامل يحتل حيزا مكانيا مرئيا، وبطيئا. واليد الكاتبة لا تملك سرعة الفم الناطق. أما الكلام فإنه محكوم بالزمن كما أنه محكوم بالهواء كحامل طبيعي له. ثم إن للصوت مسارا واحدا. أما الكتابة وبحكم أنها اعتباطية تختار المسار الذي تريده. من اليمين إلى اليسار كما في حالة العربية والفارسية، أو من اليسار إلى اليمين كما في حالة الفرنسية وغيرها، أو من الأعلى إلى الأسفل كما في اليابانية مثلا. دون أن يؤدي هذا الاختلاف إلى عدم مقروئية المكتوب.

     

    3 - الحضور والغياب من علامات الخلاف أيضا بين المكتوب والمنطوق؛ فالمنطوق يتطلب بل يشترط حضورا (من هنا المحاضرة المتسمة بالحضور وبالصوت معا) متزامنا للطرفين المتكلم والمستمع، بخلاف المكتوب الذي لا يتم في أغلب الأحيان إلا في ظل غياب طرف من الطرفين.(أقول أغلب الأحيان لأنّ الدردشة على الانترنت قضمت قليلا من هذا الشرط) مع ما يعنيه ذلك من احتمالات كثيرة منها: عدم وصول المكتوب، أو عدم الرد عليه في حال وصوله وعدم معرفتي برد فعل المتلقي عليه، مما يجعلني عاجزا عن استغلال مفهوم التغذية الراجعة لتغيير مسار رد فعل المتلقي. من هنا ثمة التباس في هوية المكتوب، فهو من ناحية يخرج من محدودية الزمن المحكوم بها الصوت، ولكنه يسقط مجددا في فخ الزمن، بحكم الانتظار لتحقيق الغاية التواصلية. من هنا شبه (Fernand Carton / وهو عالم بالصوتيات) الكتابة بالمونولوغ والكلام بالديالوغ.

    4- لا يوجد شعب لديه مشكلة مع أصوات لغته، ولكن بالمقابل يكاد لا يوجد شعب ليست لديه مشكلة مع كتابة أصوات لغته.

    خصائص اللغة المنطوقة:

    1- اللغة المنطوقة أسبق من اللغة المكتوبة.

    2- الكلام المنطوق أكثر تواجدا وحضورا من الكلام المكتوب.

    3- الكلام المنطوق قابل للتغير بخلاف المكتوب الذي يتصف بالثبات.

    4- المنطوق معرّض للضياع والنسيان، بخلاف المكتوب.

    5- اللغة المنطوقة تمتاز بإظهار صفات صوتية كالنبر والتنغيم والقلقلة.. بخلاف المكتوب الذي يفتقد هذه الصفات.

    خصائص اللغة المكتوبة:

    1- الكتابة أدوم في الزمان وأطول بقاء من المنطوق.

    2- الكتابة أحفظ للموروث، فتتناقله الأجيال.

    3- الكتابة مقيدة للمنطوق، وتحد من التغيير فيه.

    4- نظام اللغة المكتوب أرقى من نظام اللغة المنطوق.

    :الهوامش 

    [1] عبد العزيز عبد المجيد. اللغة العربية أصولها النفسية وطرق تدريسها. ج1. ط4. دار المعارف. دون تاريخ. القاهرة. ص: 15. 

    [2]  ينظر، علي أحمد مذكور، تدريس فنون اللغة العربية. دار الشواف للنشر والتوزيع. القاهرة. 1991. ص: 37 وما بعدها.

    [3] رحمون حكيم. مستويات استعمال اللغة العربية بين الواقع والبديل. مذكرة لنيل شهادة الماجستير. غير مطبوعة. قسم الأدب العربي. كلية الآداب واللغات. جامعة مولود معمري. الجزائر. 2011. ص: 67.

    [4] W. Marcais. la langue arabe dans l’Afrique du nord . in Revue pédagogique . n°= 1. Alger. 1931. P: 401.

    [5] Fergusson Charles. Diglossia. in Word n°=2 . Tome15. 1959. p: 336.

    [6] Khaoula Taleb Ibrahimi.  Les Algerien(s) et leur(s) langue(s) .élèments pour une  ينظر،           

     approche sociolinguistique de la société algérienne. 2² èdition. Les Editions El Hikma . Alger 1997.p : 70.

     [7]  عبد الرحمن الحاج صالح. بحوث ودراسات في اللسانيات العربية، ج1. موفم للنشر. الجزائر. 2007. ص: 64.

    [8]  ينظر، أحمد حسن. اللغة العربية وتعدد المستويات. https://arbtech.ahlamontada.com/t559-topic

  • تعليم اللغة العربية في الطرائق التعليمية (تحليل ونقد)‏

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: التعرّف إلى طرائق تعليم اللغة العربية، ومناقشتها.  

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تتعرّف إلى طرائق تعليم اللغة العربية.

    - تحلل العملية التعليمية وأن تنتقد طرائقها. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- أحمد مختار عمر. معجم اللغة العربية المعاصرة.

    2- حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية.

    3- رشدي أحمد طعيمة. الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية.

    4- صالح بلعيد. دروس في اللسانيات التطبيقية.

     

    الدرس

    تمهيد:‏

         يسعى خبراء التعليم إلى إيجاد التوازن الموضوعي والمنهجي لعناصر المنظومة التعليمية، بدءا بالغايات وانتهاء بالتقويـم.‏ وإدراكا منهم لأهمية العملية التعليمية في بناء الإنسان، وتحقيق أهدافه وآماله، يجتهدون لتيسير أسباب الاستيعاب لدى المتعلمين، وبالتالي تبليغ المادة المعرفية عن طريق أساليب ‏هادفة، ومجدية. وقد عرف تعليم اللغة ممارسات تحتكم إلى طرائق مختلفة ومتنوّعة، تتناسب مع طبيعة المواد المقررة، وطبيعة المقولات والنظريات العلمية المعروفة في عصرها. 

    مفهوم الطرائق:

       تذكر معظم المعاجم العربية القديمة، أنّ الطريقة هي الطّريق، أو المذهب، أو المسلك،  وجمعها طرائق. فقد ورد في لسان العرب: " الطّريقة: السّيرة. وطريقة الرّجل: مذهبه.. والطّريقة وجمعها طرائق: نسيجة تُنْسج من صوف أو شعر.. "([1]). وفي (أساس البلاغة):     " هذا دأبُك وطُرْقَتُك أي طريقتك ومذهبك "([2]). كما جاء في (المعجم الوسيط): " الطريقة: الطريق. و- السّيرة. و- المذهب "([3]). وجاء في (معجم اللغة العربية المعاصرة): " طريقة [مفرد]: جمع طرائق وطرق: نهج؛ أو أسلوب ومسلك ومذهب. طريقة علمية: طريقة منظّمة تقوم على جمع المعلومات بالملاحظة والتجريب، وصياغة الفرضيات واختبارها"([4]).

       والطريقة " من بين المصطلحات التّربوية الغامضة شديدة المرونة، ولمّا يستقرّ العرف التّربوي على تعريفها... فمن الباحثين من [يراها] الأسلوب، أو النّهج الذي يسلكه المعلّم مع متعلميه في عملية التّدريس، ومنهم من يراها عملية فنّية، تحتمل اختلاف الآراء، وتعدّد وجهات النّظر... وثمّة من يراها مجموعة الأساليب التي يتمّ بواسطتها تنظيم المجال الخارجيّ بها للتّعليم من أجل تحقيق أهداف تربوية معيّنة. فهي بذلك أكثر من مجرّد وسيلة لتوصيل المعرفة "([5]). لهذا رأى بعضهم أنّها تعني " الخطّة الإجمالية الشّاملة لعرض وترتيب مواد تعليم اللّغة "([6]) تعليما يحقّق الأهداف التّعليمية المسطّرة. 

         كما عرّفها بعض الباحثين بأنّها " تلك الخطوات المنظّمة في مجال معيّن من المجالات الفكرية أو العملية للوصول إلى الهدف بسرعة بأكثر ما يمكن من الدّقّة والضبط. [ومردّ هذا التعريف / التّصوّر الذي وضعه] (فريدريك هربارت) الألماني في القرن التاسع عشر، حينما صاغ طريقته التعليمية ذات الخطوات الخمس التي استلهمها من مبادئ علم النّفس الترابطي"([7]).

         ويعد مفهوم الطرائق في التدريس من أهم أركان العملية التعليمية، إذ عبرها يتم الحكم على نجاح هذه العملية، كما أن اختيار الطريقة المناسبة يُمَكن المدرس من معالجة صعوبات المادة المدروسة، والوقوف على نقاط الضعف والقوة فيها، وتحديد نواحي القصور في المنهج، وتبسيط القواعد وتسهيل عملية تدريسها.

       ويشير مفهوم طريقة التدريس إلى كل ما يتبعه المدرس مع المتعلمين من إجراءات وخطوات متتالية، ومترابطة لتنظيم المعلومات، والمواقف، والخبرات، ولتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف التعليمية المحدّدة. كما يحيل إلى النهج أو الأسلوب الذي يتبعه المدرس في تبسيط ونقل المعلومات من المقررات الدراسية إلى أذهان المتعلمين.

       وعليه، فلقد كانت، وسوف تبقى طرائق التدريس من الوسائل النّاجعة والفعّالة التي تحفظ للعملية التّعليمية الحدّ المطلوب من إمكانية تحقيق الأهداف المرصودة، بالتّدرّج في تقديم الحصص من خلال الاهتمام بتنظيمها، وتبسيط المادة العلمية عند عرضها، أو إنجاز التطبيقات لترسيخها. ولهذا، لا يمكن للمعلم إلاّ أن يحدّد ما يناسب موضوعه التعليميّ منها، ويعمل على تنشيط متعلّميه من خلالها.

       نلاحظ من خلال التعاريف السابقة، أنّ  الطّريقة في التدريس، هي مجموعة من الخطوات، تمارس بها أنشطة أو إجراءات، يفعّلها المعلّم أثناء العملية التعليمية، بهدف الدّفع بالمتعلّم إلى بناء المعرفة، أو تمكينه من تحصيلها، أو إحداث تغيّر مرغوب في سلوكه، أو إيصال معلومات، أو تشكيل مهارات وتحقيق مردود أعلى.

    مفهوم الطّريقة التّقليدية:

       " وهي في مجملها عبارة عن مجموعة من الخطوات والإجراءات التي يمارسها المعلّم، معلّم اللّغة، تقف بأهدافها عند حفظ قواعد اللّغة وفهمها، والتّعبير بأشكال لغوية تقليدية، وتدريب الطّلاّب على الكتابة بدقّة، وتزويد الدّارس بحصيلة لغوية أدبية واسعة "([8]). وهي أكثر طرق التّدريس امتدادا في الزّمان والمكان، فهي قديمة عتيقة، وكانت تلقى انتشارا جغرافيا واسعا. وما يمكن ملاحظته، هو عدم ارتباطها بأيٍّ من علماء التّربية والتّعليم. كما أنّها لم تتأسّس على نظريات سيكولوجية، أو لسانية. بل " تجمع في ثناياها أساليب تدريسيّة متعدّدة تراكمت عبر قرون، وعبر ممارسات متباينة "([9]). وهي تتمظهر في طرائق مختلفة، كلها تقليدية قديمة، نذكر منها([10]):  

    1- الطريقة الإلقائية: ‏

         هي: «طريقة تقليدية. وفيها يلقي المعلم الدرس إلقاء يعتمد فيه على نفسه دون مشاركة من المتعلم. بمعنى ‏أن النّشاط فيها قاصر على المعلّم وحده، وما على المتعلم إلا الإنصات الكامل والالتزام بما يقال له»‏ ‏. ومن أمثلة هذه ‏الممارسات نذكر: ‏

    ‏- يتحدث المعلم محاضرا، بينما يصغي الدارسون في خضوع.‏

    ‏- يختار المعلم ما يريد، ويطبق رغباته، وعلى الدارسين أن يرضخوا لتلك الرغبات.‏

    ‏- المعلم هو محور العملية التعليمية، والمصدر الوحيد للمعرفة فيها.  

    ‏ - خطوات طريقة الإلقاء: لهذه الطريقة خمس خطوات، نلّخصها فيما يأتي:‏

    أ- المقدّمة: فهي مدخل مادته، وسبيل لفت الانتباه لما سيقدم.

    ب- العرض: يتضمن تغطية المعلّم جوانب الموضوع وتنظيم المعلومات، وممارسة استراتيجيات تساعد على التعلّم، وعليه ‏في هذه الخطوة أن:‏

    ‏- أن يقوم بتجزئة الدرس إلى عناصر، ثم يرفق كل عنصر بالشرح الذي يراه مناسبا.

    ‏- أن تكون اللّغة التي تعرض بها المادة العلمية فصيحة، سهلة وواضحة، وأن يعرف المدرس متى يرفع صوته ومتى يخفضه، ‏وأين يوجه السّؤال، وأن يسّخر كل حركاته للتعبير عما يريد. ‏

    ‏- أن يضمِّن الدرس بعضا من الفكاهة حتى لا يملّ المتعلّم‏.‏

    ج- الرّبط: وتسمى هذه الخطوة الموازنة، والغرض منها البحث عن الصّلة بين الجزئيات والموازنة بينها، كما يربط فيها ‏حقائق الدّرس الجديد بالحقائق السّابقة التي درسها التلاميذ.‏

    د- الاستنباط: وتعدّ من أهم مراحل هذه الطريقة يمكن الوصول إليها بسهولة إذا سار المعلّم في الخطوات السّابقة سيرا ‏طبيعيا، إذ بعد أن يفهم التلاميذ الجزئيات يمكنهم استنباط التعاريف، والقواعد والقوانين والتعميمات.‏

    هـ- التطبيق: وفيها يستخدم المعلم ما وصل إليه في الخطوة السّابقة من تعميمات وقوانين ويطبقها في جزئيات جديدة

    ‏ حتى يتأكد من ثبوتها في أذهان التلاميذ كما يقف على مدى فهم التلاميذ للدرس، ويكون هذا التطبيق في صورة أسئلة ‏أو إعطاء تمارين للحل تتضمن موضوع الدرس ‏.‏

    ‏- مزايا وسلبيات طريقة الإلقاء:‏

    أ- المزايا: لطريقة الإلقاء مزايا متعددة نذكر منها:‏

    ‏- توفير الجهد والوقت.‏

    ‏- تناسب بعض المواد الدراسية كالأدب والتاريخ.‏

    ‏- مناسبة في المواقف التي يكثر فيها عدد المتعلمين. ‏

    ‏- مناسبة للمناهج الطويلة.‏

    ‏- تنمي في المتعلمين حب الاستماع وحب القراءة ‏.‏

    ‏- المادة العلمية يتم تقديمها بأسلوب منطقي مباشر. ‏

    ‏- قد تكون مشجعة لبعض الطّلاب ومحبطة للآخرين ‏.‏

    ب- السّلبيات: وفي مقابل المزايا نجد العديد من العيوب أبرزها:‏

    ‏- مملة للمتعلمين.‏

    ‏- الطلبة لا يكادون يسهمون بشيء إلا التلقي، وكثيرا ما يتركون المدرس في واد ويسرحون في واد آخر. ‏

    ‏- كذلك أنّ التّلقي نفسه لا يجعل المادة عميقة في نفوس الطّلبة، لأن دورهم فيها سالب ‏.‏

    ‏- لا تراعى بها الفروق الفردية بين المتعلمين.‏

    ‏- تعد طريقة مجهدة للمعلم ‏.‏

    2- طريقة التسميع: (الحفظ والاستظهار): ‏

         وهي إحدى الطّرائق القديمة التي ينصبّ الاهتمام فيها على إتقان حفظ المتعلّم لموضوع محدد، من قبيل حفظ السور ‏القرآنية أو بعض القصائد الشّعرية، أو بعض القوانين والقواعد المتعلقة بالعلوم واللغات. وكان المعلم يلجأ إلى أسلوب ‏الحفظ، لأنه في نظره طريقة من طرائق تحصيل دراسة المواد، ولأنه يعوّد المتعلم على مواجهة الآخرين ويستثمر ما تعلم في ‏مثل هذه المواقف.  

    3- طريقة الاستقراء:

        تستند الطريقة الاستقرائية إلى أساس فلسفي مفاده أن الاستقراء والأسلوب الذي يملكه العقل في تتبع ‏مسار المعرفة ليصل به إلى المعرفة في صورتها الكلية بعد تتبع أجزائها، وعليه فهدف الطريقة هو الكشف عن ‏القواعد والحقائق واستخدام الاستقصاء في تتبعها والوصول إليها.‏

    ‏- خطوات الطريقة الاستقرائية:‏

       ‏ لهذه الطريقة خمس خطوات، هي كآلاتي:‏

    ‏* التمهيد: وفيه يهيئ المعلم تلاميذه للدرس عن طريق بسط الفكرة أو إلقاء أسئلة، ليثير فيهم التذكر الذي يشدهم للتعلق بالدرس.

    ‏* العرض: هو لب الدرس، إذ يعرض فيه المعلم الحقائق الجزئية أو المقدمات في شكل جمل أو أمثلة نحوية ‏كانت أم صرفية، وتستقرأ الأمثلة –عن طريق المناقشة -  عادة من طرف التلاميذ أنفسهم بمساعدة المعلم.‏

    ‏* الربط والموازنة: بحيث تربط الأمثلة ببعضها، وتعني أيضا الربط بين ما تعلمه التلميذ اليوم وبين ما تعلمه ‏بالأمس، فالهدف منها هو أن تتداعى المعلومات وتتسلسل في ذهن المتعلم ليصبح مهيئا لاستنتاج القاعدة.‏

    ‏* التعميم (استنتاج القاعدة): وهنا يستنتج التلميذ القاعدة بمساعدة المعلم.

    ‏*التطبيق: ويعد خطوة مهمة لأن دراسة القواعد لا تؤتي ثمارها إلا بالتطبيق عليها. فالتطبيقات هي ‏الجانب العملي لمعرفة مدى استيعاب التلاميذ للدرس ‏. ‏

    لكن رغم ذلك لا تخلو هذه الطريقة من النقائص كالاعتماد على الحفظ المسبق ودعم التقليد دون الابتكار.‏

    4- الطّريقة القياسية:‏

         تعد الطّريقة القياسية من أقدم الطّرق، حيث إنها أدت دورا كبيرا في التعليم قديما، «والأساس الذي تقوم عليه هذه ‏الطريقة هو القياس، حيث ينتقل الفكر فيها من الحقيقة العامة إلى الحقائق الجزئية، ومن المبادئ إلى النتائج، ومن المعلوم ‏إلى المجهول.»‏ ، وهي طريقة «تقوم على حفظ القاعدة منذ البداية ثم الإتيان بشواهد، وأمثلة تثبتها، وهذا يعني أنها تقوم ‏على الحفظ فالمتعلم ملزم بحفظ القواعد أولا، ثم تعرض عليه الأمثلة التي توضح هذه القاعدة أي أن الذهن يبدأ من الكل ‏إلى الجزء»‏ ‏.‏

    - خطوات الطريقة القياسية:   

       تتبع الطريقة القياسية الخطوات الآتية:‏

    أ- التمهيد: وهو خطوة يتم فيها التطرق إلى الدرس السّابق، ليتكوّن لدى ‏المتعلمين الدافع للدرس الجديد والانتباه إليه.‏

    ب- عرض القاعدة: تكتب القاعدة كاملة محددة وبخط واضح ويوجه انتباه المتعلمين نحوها، بحيث يشعرون أن هناك ‏مشكلة تتحدى تفكيرهم، وأنه يجب أن يبحثوا عن الحل، ويؤدي المعلّم هنا دورا بارزا ومهما في التوصل إلى الحل معهم.

    ج- تفصيل القاعدة: بعد أن يشعر المتعلمون بالمشكلة يطلب المعلم منهم الإتيان بأمثلة تنطبق عليها القاعدة انطباقا ‏تاما، فإذا عجزوا ساعدهم على ذلك، بأن يعطي الجملة الأولى ليقدم الطلبة أمثلة ‏أخرى قياسا على مثال أو أمثلة المعلم، وهكذا يعمل هذا التفصيل على تثبيت القاعدة ورسوخها في ذهن المتعلم وعقله.‏

    د- التطبيق: بعد شعور المتعلمين بصحة القاعدة وجدواها نتيجة للأمثلة التفصيلية الكثيرة حولها، فإنهم يمكن أن ‏يطبقوا عليها، ويكون ذلك بإثارة المعلّم للأسئلة التي لها علاقة بفحصها،  واكتشاف نضجها في أذهانهم. 

    ‏- مزايا الطريقة القياسية وسلبياتها:‏

    أ- المزايا: تتمتع هذه الطريقة بمزايا عديدة أهمها:‏

    ‏- توفر الوقت مما يسمح بإعطاء المزيد من أساسيات العلم، كما تساعد المعلّم على أن ينتهي من المقرر في الوقت المحدد.‏

    ‏- تدرب المتعلمين على تفسير المواقف الجزئية من خلال الموقف العام، أو تصنيف الحقائق الفرعية طبقا للقانون العام.‏

    ‏- تدرب المتعلمين على تحليل الموقف الكلي إلى مكوناته الأصلية، وهذا يساعد المتعلم في تحليل الأمور الحياتية التي ‏يواجهها يوميا ‏.‏

    ‏- تصلح للمحاضرات.                                               

    ‏- تشرك التلميذ في تنفيذ المنهج.‏

    ‏- تساعد هذه الطريقة كذلك على تدريب الطلاب مهارة الإصغاء والإنصات.‏

    ‏- سهولة إعدادها وتطبيقها.‏

    ب- السّلبيات: نذكر منها ما يلي:‏

    ‏- وقوف المتعلم موقفا سلبيا منها، فكل همّه الحفظ والمحاكاة العمياء.‏

    ‏- منافاتها لمبدأ التدرج فهي تقدم الصّعب في تقديم القاعدة والتدريب على السّهل من الأمثلة والتّطبيقات ‏.‏

    ‏- غير مناسبة في المراحل الأولى من التعليم.‏

    ‏- نسيان التلاميذ للقاعدة لأنهم لم يبذلوا جهدا في استنتاجها.‏

    ‏- تبعد المتعلمين عن اكتشاف القواعد العامة بأنفسهم، لأنهم سيأخذونها مباشرة من المعلم ويحفظونها.‏

        ومن خلال ما سبق نصل إلى أنّ الطريقة القياسية هي إحدى طرائق التفكير التي ينتهجها العقل، في سبيل الوصول من ‏المجهول إلى المعلوم، وهذه الطريقة تتطلب عمليات معقدة، وذلك لأنها تبدأ بالمجرد أي بذكر القاعدة كاملة ثم الانتقال ‏بعد ذلك إلى القضايا الجزئية. ‏

    5- طريقة الحوار (السّقراطية):‏

    أ- مفهومها: ‏

        تنسب هذه الطريقة إلى الفيلسوف الشّهير سقراط، لأنّه أوّل من استعمل الحوار على مرحلتين: مرحلة التهكّم، التي ‏تمكّنه من زعزعة ما في نفس صاحبه من يقين يعتقده، ويواصل العمل على ذلك إلى أن يبين له موضع خطئه، ومن ثم ‏يصل بصاحبه إلى مرحلة توكيد الأفكار، إذ بعد أن يبيّن لصاحبه مقدار عجزه عن كشف الحقيقة، يأخذ في إلقاء أسئلة ‏أخرى تتكشّف من خلالها الحقيقة النّهائية؛ أي أنه كان يولد الأفكار بالمحاورة‏. ‏

    ب- مراحل الحوار: ‏

    أ- مرحلة اليقين الذي لا أساس له من الصحة؛ وهي مرحلة يراد بها إظهار جهل الخصم وغروره وادعائه العلم وقبوله لما ‏يلقى عليه من غير احتكام إلى المنطق والذوق السليم.‏

    ب- مرحلة الشك؛ وهي أن تتوالى الأسئلة والأجوبة بما لا يترك للمتكلم مجالا للثقة في حقيقة ما يعرفه، مما يوقعه في ‏حيرة، ويفتح باب التناقض في عباراته، فيغضب، ثم تشتد رغبته في طلب الحقيقة والعلم.‏

    جـ- مرحلة اليقين بعد الشك؛ هي المرحلة التي يتم فيها البحث من جديد في الموضوع، ومعرفة الأمثلة التي توضح الحقيقة ‏وتميزها عن غيرها، وملاحظة ما بينها من أوجه التشابه والاختلاف، والتوصل إلى تعريف منطقي جامع لا سبيل إلى ‏الشك فيه ‏.‏

    جـ - محاسن طريقة الحوار: ‏

         تكمن أهمية طريقة الحوار في كونها مفيدة في جميع مراحل التعليم، حيث إنّ ما فيها من الحرية والتبسيط وعدم ‏التكلف والسرور يجعلها مفيدة للمتعلمين، ومن أهم مميزات طريقة الحوار ‏:‏

    تعين المدرس على معرفة مقدار المعلومات والحقائق عند الطلاب.‏

    تساعد المدرس على اكتشاف ما في أذهان التلاميذ من تساؤلات أو أفكار.‏

    يتحقق بها المدرس من مدى فهم الطلاب للدروس السابقة.‏

    تعين المدرس على إعمال فكر الطلاب، وربطهم بالخبرات السابقة.‏

    ‏ تعين المدرس على إثارة مشاركة الطلاب، وإقناعهم بضرورة متابعة التعليم وتحصيل المعلومات.‏

    د- عيوب طريقة الحوار:‏

         من محاذير هذه الطريقة أنها تجعل المعلم مصدر المعرفة الوحيد، وأنها قد تكون سببا لنفور التلاميذ من الدرس والمدرس، ‏ولا سيما إذا كانت الأسئلة تسبب لهم السخرية أو تكشف عجزهم، كما قد تكون سببا في ضياع الوقت لكثرة أسئلة ‏الطلاب بقصد إشغال المعلم، وقد تكون أيضا سببا لانعدام الأهداف الخاصة للمعلم، إما لإطالة الإجابة عن الأسئلة أو ‏الإجابة عن أسئلة بعيدة الموضوع المقرر ‏. ‏

     

    الهوامش:


    [1] أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. لسان العرب. ط3. ج10. دار صادر. بيروت. 1414هـ /1994م. ص: 264.

    [2] الزمخشري. أساس البلاغة. ص: 279.

    [3] مجمع اللغة العربية بالقاهرة. المعجم الوسيط. ص: 556.

    [4] أحمد مختار عمر. معجم اللغة العربية المعاصرة. ج 2. ص: 1398.

    [5] حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية. مركز الإسكندرية للكتاب. مصر. 2005. ص: 107.

    [6] رشدي أحمد طعيمة. الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية. دار الفكر العربي. القاهرة. 1998. ص: 34.

    [7] جماعة من الأساتذة. الدرس اللغوي التربوي للمراكز التربوية. ط 1. دار الثقافة. الدار البيضاء. المغرب. 1403هـ / 1983م. ص: 109.

    [8] حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية. ص: 113.

    [9] نايف خورما. علي حجاج. اللّغات الأجنبية تعليمها وتعلّمها.  المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. الكويت. ص: 171.   

    [10] ينظر، حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية. ص: 113 وما بعدها. ومحمد الدريج. تحليل العملية التعليمية وتكوين المدرسين. و صالح بلعيد. دروس في اللسانيات التطبيقية. ط5. دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع. الجزائر. 2009.

  • تعليم اللغة العربية في الطرائق الحديثة (تحليل ونقد)‏

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: التعرّف إلى الطرائق الحديثة في تعليم اللغة العربية، ومناقشتها.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تتعرّف على الطرائق الحديثة في تعليم اللغة العربية.

    - تعدّد إيجابياتها، وسلبياتها.   

     

     القراءات المساعدة:

    1- عبد الكريم غريب. المعجم في أعلام التربية والعلوم الإنسانية.

    2- عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين.

    3- نايف خرما. علي حجاج. اللغات الأجنبية تعليمها وتعلّمها.

     

    الدرس

    تمهيد:

       عرّفنا الطريقة من قبل، وقلنا بأنّها الخطوات التي يتبعها المعلم لإيصال أكبر قدر ممكن من المادة الدراسية. أو هي كل ما يتبعه المعلّم مع المتعلّمين من إجراءات وخطوات متتالية، ومترابطة لتنظيم المعلومات، والمواقف، والخبرات، ولتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف التعليمية المحددة. فهي الكيفية التي ينظم بها المعلم المواقف التعليمية، واستخدامه للوسائل والأنشطة المختلفة وفقاً لخطوات منظمة لإكساب المتعلمين المعرفة، والمهارات، والاتجاهات المرغوبة.

       وكنّا قد وصلنا إلى أنّ المناهج القديمة، تعتمد الطريقة الجزئية في التدريب. ويقع التركيز فيها على ذاكرة التلميذ، لتكون خزّانا تصبّ فيها المعلومات، دون أن ننسى أنّ التمارين فيها ميكانيكية لا رابط بينها وبين الواقع.

    مفهوم الطرائق الحديثة:

       هي طرائق بديلة، يرى فيها أصحابها أنّها الكفيلة بمواكبة المستجدّات في العملية التّعليمية، بعد أن عرفت طرائق التعليم تطورا نوعيا بتطور المنظومات التعليمية، حين راحت هذه الأخيرة تغيّر مركز اهتمامها من المعلّم إلى المعرفة وعلاقتها بنشاط المتعلّم، ومن المقاربة بالمضامين إلى المقاربة بالأهداف السّلوكية إلى مقاربات أخرى، تجاوزت منطق التعليم إلى منطق التعلّم.

       ولقد أخذت طرائق التدريس " بالتعدّد والتّنوّع منذ بداية القرن الحالي [القرن 20] نتيجة أسباب كثيرة، منها... ظهور علم النّفس وعلم الاجتماع الحديثين اللذين أظهرا الترابط بين تعلّم اللغات من جهة وتعليم هذه اللغات على ضوء العوامل السيكولوجية والاجتماعية المختلفة من جهة أخرى. ومنها التقدّم العلمي والتّقني الحديث الذي أدّى استخدامه في التربية إلى ظهور أنماط تعليم مستحدثة لم تكن متاحة من قبل "([1]). ناهيك عن ظهور اللسانيات التطبيقية وما أحدثته من تغيير كبير في تعاملنا مع تعليم اللغة، حين لفتت إلى ضرورة الاهتمام بالمنطوق.

       وهكذا، وبعد أن كانت طرائق التدريس محصورة في دور المعلّم وكيفية أدائه في القسم (طريقة الإلقاء والتلقين)، أو بالنظر إلى كيفية إدارته للحوار والنّقاش (طريقة الحوار والمناقشة)، - وهي طرائق تقليدية ثبت مردودها الضئيل في كثير من المواقف التعليمية -، ظهرت طرائق جديدة، ارتبطت بالقفزات النوعية المتحققة في ميدان البحث التّربوي والتعليمي؛ وأصبح الاهتمام موجّها نحو نشاط المتعلّمين، وكيفية بنائهم للمعارف، بالتّشارك مع معلّم صار دوره يتمثّل في التوّجيه والتنظيم، وتقديم المشورة، وتفعيل النّشاط.

       والحقيقة أنّ مردّ هذا التّصوّر الجديد للفعل التّربويّ والتّعليميّ إنّما بات ينبع من النّظرة الجديدة للعملية التّربوية في أساسها، حين رأى بعض منظّري التّربية الحديثة أنّ الطّفل هو الذي يجب أن يكون نقطة الانطلاق، " من قابلياته وميوله وطباعه ومقوّماته الشّخصية. [ورأوا] أنّ الطّفل ينبغي أن يكون المحور الحقيقي والمركز الفعلي للعملية التّربوية، خلافا للتّربية التّقليدية التي كانت تجعل مركز الثّقل خارج الطّفل: في مناهج التّعليم وفي المعلّم وفي الامتحانات، وفي النّظام المدرسيّ، وفي أيّ عنصر من عناصر العملية التّربوية، ماعدا الطّفل نفسه "([2]). لهذا وجدنا المربّي السويسري (كلاباريد / Claparède) (1873 / 1940) يدعو في ثورته الكوبرنيكية التّربوية إلى جعل " الطرائق والمناهج تدور حول الطّفل، بدلا من أن نجعل الطّفل يدور حول مناهج سُنّت في معزل عنه. وهذا ما أكّده المربّي الأمريكي (ديوي/ Dewey) حيث قال: إنّ المدرسة التّقليدية هي تلك التي يقع مركز ثقلها خارج الطّفل. إنّه في المعلّم أو الكتاب أو في أيّ مكان شئت، عدا الغرائز المباشرة للطّفل نفسه، وعدا نشاطاته الذّاتية. ويضيف.. موضّحا: علينا أن ننطلق من الطّفل، وأن نتّخذه هاديا ومرشدا. فالطّفل هو المنطلق وهو المحور وهو الغاية "([3]).    

         ومنه، فقد باتت الطرائق الحديثة تركّز جهدها على المتعلّم فردا " فلا يُعامَل المتعلّمون فيها كجمع مجرّد، وإنما كأفراد متعدّدين متمايزين، ولا يظهر هؤلاء كمتلقّين، وإنّما كفاعلين

    مؤثّرين "([4]) في العمليّة التعليميّة.  

       ومن هذا المنظور الجديد، يمكن القول؛ إنّ الطرائق الحديثة، هي خطوات أو إجراءات تركّز في عرضها للمادّة التّعليمية التّعلّمية على كيفية الدّفع بالمتعلّم للتّفاعل مع نشاطات بناء المعرفة، وتنمية القدرات والمهارات، عن طريق التّدريبات الوافية، والتّركيز على إنتاجه اللّغويّ السّليم الموافق للأهداف المرصودة.

    تعليم اللغة العربية في الطرائق الحديثة: 

       تقوم المدارس الحديثة على ما يسمّى بـ (تفريد التعلّم)؛ أي جعل التعليم فرديا يتوجّه إلى كلّ متعلّم على حدة، حتّى ولو كان في القسم وسط مجموعة من زملائه، حيث لا يُفرَض على الطفل عندما يتعلّم الكتابة موضوعا يعالجه، ولا يضطرّ بالتّالي إلى التّحدّث عن أشياء لم يرها قطّ، أو لم ينتبه إليها على أقلّ تقدير، وإنّما يلجأ إلى (الإنشاء الحرّ) الذي يعطي المتعلّم فيه ما رآهُ أو ما يبتكرُه، ويعرضُ الأفكارَ التي تشْغلُه.

       وعليه، فقد كانت هذه الطرائق الفعّالة، طرائق تركّز على نشاط المتعلّم، وكيفية استغلاله في تنمية مهاراته، وتحصيل معارفه، فتعدّدت وتنوّعت، وهي في ذلك تستند إلى ما جدّ في حقل العلوم الحديثة، وخاصّة منها علم النّفس التّربوي، ونظريات التّعلّم. فكان أن اشتهر منها ما يلي: 

    1- طريقة المربية الإيطالية (ماريا منتسوري/Maria Montessori ) (1870/ 1952): تقوم على تربية الحواس عن طريق اللّعب للقيام بالعمليات الفكرية، ويأتي الاهتمام بحاسّتي اللّمس والبصر في المقدّمة، لهذا نجدها " ترتّب المعارف ترتيبا عقلانيا بدءا من الرّسم فالكتابة والقراءة، ثمّ تتلوها تمرينات في الحساب والنّحو. وفي هذه التّمرينات تُقدَّمُ للطّفل أشكالٌ هندسية، يُطلَب إليه أن يضعها مرارا وتكرارا في الحفر المخصّصة لها، وبذلك يحفظ أشكالها، ويتدرّب على رسم تلك الأشكال عن طريق تتبّعه لمحيطها بأصابعه. وقد يعطى أحرف الهجاء بدلا من المربّع أو المثلّث، فيتعلّم التّعرّف عليها ورسمها. وفي كلّ يوم يوزّع عليه حرف مقصوص على ورق وملصوق على لوحة بيضاء وملساء، فيتّبع محيطه بأصابعه ويُلفَظُ اسم الحرف أمامه. ثمّ ينتقل بعد ذلك إلى التّعرّف على المقاطع بالطّريقة نفسها. وعندما يتعلّم الطّفل الأحرف بحيث يستطيع التّمييز بينها وعيناه مغمضتان، يُعرَض عليه، مكتوبا على قطعة مقوّى (كرتون)، اسم شيء معروف، فيقرؤه ويتدرّب على قراءته بسرعة متزايدة. وللتّعجيل في تقدّمه يقوم بألعاب متنوّعة، فيسحب مثلا من علبةٍ ورقةً مطويةً كُتِب عليها اسم لعبة، ويقرؤها بصمت، ويمضي للبحث عن تلك اللّعبة. وبمثل هذه الوسيلة يصل الطّفل إلى قراءة الجمل "([5]). إنّها " تنهج قبل كلّ شيء منهجا تحليليا؛ فهي تجزّئ وظائف الطّفل النّفسية المختلفة، وتضع تمرينات خاصّة لإنمائها واحدة بعد واحدة، وخطوة فخطوة "([6]). وأمّا " الألعاب التي تدرّب حاسّة السّمع فهي مثل: مجموعة من الرنّانات الصّوتية، أو مجموعة من الشّنشانات، بعضها مملوء بالحصى، وبعضها الآخر مملوء بالرّمل، وبعضها مملوء بالحبوب. ويهدف اللّعب بها إلى اكتساب الدّقّة في تمييز     الأصوات "([7]). وما يلاحظ على هذه الطّريقة، أنّ صاحبتها اعتمدت على التّكرار والحفظ والاستماع آليات للتّدريب والإنجاز. وهي آليات تُفعَّل في وجود مرشدة، لكنّها آليات يمارسها المتعلّم بمفرده وبكامل حرّيته، منطلقا من الرسم ليتعلّم القراءة والكتابة. إلاّ أنّ كثيرا من الباحثين رأوا أنّ اللّجوء إلى استخدام " أدوات مادّية جامدة ثابتة محدّدة سلفا، [يقلّل] في الواقع من نشاط الطّفل الحرّ ويردّه إلى ضرب من نصف العفوية. فاللّعب الحرّ يظلّ فعالية من فعاليات الصّغار، والأدوات المادّية تمنع الفعّالية المتجدّدة المتكيّفة باستمرار بما فيها من بناء عفويّ.. وترى عدد من المدارس أنّ ابتكار الأدوات من قبل الطّفل نفسه، بحيث تتجدّد دوما، هو الطّريقة الحقيقية لتمرين فعّاليته "([8]). والطّفل " يتّجه تلقائيا إلى التّمرين الذي يصبح لديه الاستعداد للقيام به "([9]). كما أنّ الآليات المعتمدة في التّدريب، إنّما هي آليات كلاسيكية عرفتها الطّرائق القديمة، إلاّ أنّها وُظِّفت هنا بترتيب مخالف، حيث كان التّركيز لا على السّماع أوّلا لرسم الصّورة الصّوتية في الذّهن، وإنّما تمّ التّركيز على اللّمس والبصر مجتمعين لتكوين الصّورة الذّهنية للحرف أو المقطع.

    2- طريقة الطبيب (أوفيد دوكرولي / Ovide Decroly) (1871/ 1932): ينطلق (دوكرولي) من مبدإ " النّموّ النّفسيّ يبدأ من الإجمالية غير المتميّزة، وينتقل إلى التّحليل والتّركيب مجتمعين. وقد اعتمد في هذا على نتائج علم النّفس التّجريبي. ويتّفق هذا المبدأ مع نظرية الصّيغة "([10]). أو ما يعرف بنظرية (الجشطلت/ Gestalt)، التي تقوم على مبدإ أنّ الإدراك للأشياء إنّما يكون للوهلة الأولى مجملا؛ فالإنسان أوّل ما يتلقّى صورة الشيء، يتلقّاها مجملة (مركّبة)، ثمّ يتعرّف إلى تفاصيلها (بالتّحليل). وهو بهذا يختلف عن (منتسوري) التي كانت تبدأ بتحليل الأشياء، وتقدّمها للطّفل جزءا جزءا، لتصل معه إلى تركيبها؛ من هنا جاء تطبيق (دوكرولي) لهذا المبدإ عندما مارسه على تعلّم القراءة، وتخلّى بذلك عن الطّريقة المقطعية.  " فبدلا من أن يبدأ تعلّم القراءة من معرفة الأحرف، ثمّ يؤلّف منها مقاطع، ثمّ كلمات؛ فكّر في أن يجعل القراءة تبدأ بتعلّم الكلمة كاملة، بل بتعلّم جمل صغيرة رأسا. وقد أثبتت التّجربة أنّ الطّفل في هذه الحالة يقرأ بسرعة أكبر، وشوق أكثر ممّا يفعل في حال الطّريقة المألوفة أو الطّريقة التّركيبية وقد رأى أنّ هذه الطّريقة مجدية في سائر المواد. ومن هنا يأتي مبدأ (مراكز الاهتمام) الذي هو العمود الفقري في طريقته"([11]).  فـ (دوكرولي) لا يعنيه أن يُقدَّمَ للطّفل في التعليم أمور ليست من اهتماماته، أو أن تُقدّم له مواد دراسية ليس بينها رابط، فهذا ممّا يشتّت ذهن المتعلّم ويفقده الرّغبة في التّعرّف إليها، طالما أنّه لا يجد الدّافعية لذلك، أو أنّه لا يجد الرّابط المنطقي بين هذه المواد وبين حياته ومراكز اهتمامه. وعليه، فقد حرص (دوكرولي) على أن " لا يفرض على الأطفال معلومات متراكمة لا رغبة لهم فيها، أو يدفعون إلى الاهتمام بها دفعا بوسائل مصطنعة، بل يختار موضوعات ذات نفع حيوي (كالبرد في فصل الشّتاء مثلا) "([12]). وصاحب الطّريقة " يُرجِع مراكز الاهتمام إلى حاجات أساسية أربع، هي: الحاجة إلى الغذاء، والحاجة إلى الوقاية من الأنواء وتقلّبات المناخ الشّديدة، والحاجة إلى الوقاية من الأخطار العامّة، والحاجة إلى العمل "([13]). ثم يدعو للنظر " بعد ذلك في البيئة ومدى توفيرها للشّروط اللازمة لإرواء تلك الحاجات... وقلّما يتحدّث.. عمّا يعرف باسم (علوم الآلة) كالقراءة والكتابة والإملاء والحساب. ولا تخصّص لهذه العلوم سوى ساعات قليلة في الأسبوع، وإن تكن النّشاطات اليومية الأخرى تستعين بها وتتعرّض لها مرارا. ويختار (دوكرولي) موضوعا واحدا كلّ عام – من بين الموضوعات المرتبطة بالحاجات الأساسية التي ذكرناها– ويجعل هذا الموضوع المحور الذي تتحلّق حوله سائر الموضوعات الثّانوية. ويعرف هذا الموضوع الأساسي باسم (مركز الاهتمام).. فإذا كان البرد مثلا هو مركز الاهتمام، دارت الدّروس كلّها حوله... "([14]). وإذا كانت طريقة (دوكرولي) الشّمولية تقوم على النشاطات (نشاط الملاحظة، ونشاط الربط، ونشاط التعبير بالرسم أو بالكتابة، أو بالأشغال اليدوية)، فإنّ أبرز ما فيها هو تدريب الطّفل على ربط المعلومات المكتسبة بالملاحظة، مع ما يتذكّره أو ما تعرّض له من معلومات سابقة. كما تسمح طريقته " بوضع العديد من الألعاب التّربوية التي تدفع الطّفل إلى النّشاط.. وتشبع رغبته الفطرية.. ويستند مبدأ استعمالها.. إلى قيمة اللّعب كوسيلة تجعل الطّفل ينشط وهو فرح، إلى جانب كونها تيسّر عددا مفيدا من المراجعات والتّكرار تسمح بحفظ الأفكار التي يجب أن تثبّت "([15]). وبهذا فهي مرحلة انتقال نحو " التمرينات الفردية المتدرّجة المتمثّلة في أسئلة مبوّبة على ورق المقوّى (الكرتون) وتمرينات القواعد والعلوم الطّبيعية والجغرافية والتّاريخ "([16]).

    3- طريقة (جون ديوي / John Dewey) (1859- 1952): هي طريقة تستثمر أساسا في نشاط المتعلّمين كسابقتيها، وتقوم على " التّعلّم من خلال الفعل، لا في التّعلّم من خلال الإصغاء، كما هو الأمر في البيداغوجيا التّقليدية. ينبغي للطّفل أن يفعل، وأن يقوم ببناء مشاريع، وأن يستكملها، وأن يقوم بتجارب وأن يتعلّم تأويلها؛ إنّه التّعلّم بواسطة الفعل"([17]). فالإنسان في سعي مستمرّ للتّكيّف مع بيئته، كما يرى (ديوي)، " ولا يقتصر هذا التّكيّف على تلاؤم الإنسان مع البيئة فقط، بل إنّه يتضمّن أيضا العمل على إخضاعها لحاجاته... فحين يختلّ التّوازن بين الفرد والبيئة؛ تنشأ عند الفرد حاجة لإعادة هذا التّوازن، تدفعه إلى القيام بنشاط من أجل تحقيق التّوازن. وهذا النّشاط هو قوام الحياة الإنسانية. أمّا المعرفة فليست إلاّ نتيجة من نتائج النّشاط، ووظيفتها بعد نشوئها توجيه هذا النّشاط، وجعله أكثر قدرة على تحقيق غايته. ولا تعرف صحّة الفكرة إلاّ عند تطبيقها في الحياة الواقعية "([18]). ومنه، فالخبرة المتولّدة عن العمل والنّشاط والممارسة، والتفكير وقت الحاجة في حل المشكلات التي يشعر المتعلّمون بأنّها مشكلاتهم، هي التي تساعد على التّعلّم. لهذا عمل أتباع (ديوي) " على تجسيد آرائه في طريقة التّعليم التي أسموها بـ (طريقة المشروع)"([19]). وطريقة المشروع، هي طريقة نشطة تقوم على تفعيل نشاط المتعلّم من خلال الزّجّ به في وضعية تعلّمية تسترعي انتباهه؛ لأنّها تنطلق من واقعهّ، وتتطلّب حلولا لها هي في مستوى قدراته العقلية والحس- حركية، والوجدانية. وعليه؛ تصبح " لطريقة حل المشكلات في التعليم... تطبيقات متميزة [من منظور براغماتي] وتتمثل هذه التطبيقات في "طريقة المشروع" والتي تعني "التربية عن طريق النشاط". [لهذا سيوليها] (ديوي)... اهتماما كبيرا .. إذ نجده يقول: " فالطريقة على كل حال ليست إلا الأسلوب النافذ لاستعمال المادة في سبيل الوصول إلى غرض من الأغراض... [بل إنّ] الطريقة التربوية في المنظور البراغماتي لا تقوم على الفصل الكلاسيكي بين المادة الدراسية المقدمة والمنهج أو الطريقة المعتمدة، ذلك الفصل من أكبر الأخطاء التي يقع فيها البيداغوجيون. يقول "ديوي" في هذا الصدد: ( لما كان التفكير حركة للمادة توجهها وتنتهي بها إلى نتيجة ما، ولما كان العقل هو الناحية القصدية المتعمدة من هذه العملية، فكل فكرة للفصل بين المادة والطريقة خاطئة كل الخطإ، فوجود مادة من مواد العلم منظمة ما هو إلا دليل على أن المادة قد سبق لها الخضوع لذكاء الإنسان، أو قل إنها أخضعت لطريقة تفكيرهMethodized) ) "([20]).

       " كما يؤكد (ديوي) على أهمية اللغة التي يدرسها التلاميذ ويستعملونها للتعبير على كل ما يقومون به من أنشطة لكنه يلح على ضرورة تحديد الغرض والهدف منها، فإذا ارتبطت اللغة بحياة المتعلم لتعليمه الكتابة والقراءة تبعا لأشياء تقع تحت اهتمامه يكون التعلم أكثر تطورا، ويستطيعون بذلك استخدام الأساليب اللغوية وهم يمارسون مختلف الأنشطة الدراسية، أي أن اللغة لا يمكن تدريسها كمادة مستقلة بذاتها بل يتعلم التلاميذ الإنشاء من خلال مواضيع تاريخية أو أعمال ينجزونها أو رحلات يقومون بها، وهكذا تصبح اللغة في حد ذاتها نشاطا حيويا. وتكون بهذا الموضوعات الدراسية مترابطة فيما بينها لاستخدامها، لقربها من الحياة الاجتماعية "([21]).

    وحتّى يثبت صحّة وجهة نظره، يقدّم لنا (جون ديوي) مثالا واقعيا عن التعلّم بالمشروع، حيث سجّل أنّ تلاميذ " المدرسة العامة رقم (45) في ولاية " إنديانا بوليس"... تلاميذ الفصل الخامس؛ تركزت نشاطاتهم حول مشروع نموذج لبيت ريفي، فصمموا مخططا معتمدين على مقياس الرسم، وقام كل تلميذ بتقدير قيمة التكاليف المطلوبة، واختاروا مكان إنجازه مستخدمين التقديرات الحسابية، وأثناء قيامهم بالعمل اليدوي بدأت تظهر أفكار جديدة هي من وحي المتعلمين، دفع بها تفاعلهم مع المشروع الذي اختاروه، فبعد إنجازهم لأرضية "المنزل اللعبة" وكذا حيطانه، تخيلوا أسْرَة لبيتهم تعيش على ما في المزرعة المحيطة به، فبدأوا بزراعتها وقدروا مساحة القمح اللازمة وما يكفي أسرتهم من محصول وما يدرّه عليها بيعه من ربح، فأظهروا اهتماما وذكاء في التصميم والتقدير، بل وقاموا بشراء كل مستلزماتها، وأمّنُوا على مزرعتهم وبيتهم ضد الحريق، وبينما كانوا يستعملون الأوراق في تغطية جدران البيت استخدموا تقنية القص والتركيب وتقدير مساحات السطوح المختلفة. وهنا يؤمن "ديوي" أن تدريس بقية المواد يرتبط بما تضمنه المشروع المنجز، فدراسة اللغة تدور حول وصف البيت وما فيه من أثاث وما استخدمه التلاميذ من ألفاظ وكلمات أثناء عملهم، ودروس الفن تتعلق بأثار التزيين والطلاء المستعملة في البيت وكذا الترتيب والتلوين والديكور فكلها تبعث على الحس الجمالي للمتعلمين "([22]).

    4- طريقة حل المشكلات([23]): هي أسلوب من أساليب التدريس الفعالة في تنمية التفكير ‏عند المتعلم، ثم إن هذه الطريقة توفر الفرصة المناسبة لتحقيق الذات لدى التلميذ، وتنمية قدراته ‏العقلية، ويمكن تعريفها بأنها: ‏»طريقة بيداغوجية تسمح للمتعلم بتوظيف معارفه وتجاربه وقدراته المكتسبة للتوصل إلى حل مرتقب، تتطلبه وضعية جديدة أو مألوفة، يشعر بميل حقيقي لبحثها، وحلها حسب ‏قدراته وبتوجيه من المعلم، وذلك اعتمادا على ممارسة أنشطة تعلم متعددة. فهي تهدف إلى تشجيع التلاميذ على البحث ‏والتنقيب والتساؤل والتجريب. 

    خصائص طريقة حل المشكلات: وتتميز بمجموعة من الخصائص: ‏

    ‏- إثارة الدافعية للتعلم: فالمشكلة المطروحة تعد حافزا للبحث والتجريب، سواء بدافع التحدي أو بدافع ‏حب الاستطلاع والاستكشاف.‏

    ‏- تعلم المفاهيم: يتعرض المتعلم أثناء المعالجة والبحث عن الحل أو المشكلة للكثير من المفاهيم التي تمكنه ‏من اكتساب المعرفة.‏

    ‏- التعلم من خلال العمل: يعد المسعى ن خلال المعالجة العملية أساس اكتساب المعرفة، فالعمل وأجواء ‏الفضول التي يعيشها المتعلم تمكنه من تحقيق نسبة عالية من المعارف.‏

    ‏- الاستمتاع بالعمل: يتم الإقبال على المشكلة برغبة التعرف على الأشياء الجديدة وتعلم مهارات معينة ن ‏بحيث يؤدي هذا إلى جو استمتاعي بالنسبة للمتعلمين.‏

    ‏- توظيف الخبرات السابقة: وذلك عن طريق الربط بين المعلومات السابقة مع اللاحقة، وجعلها ذات معنى ‏ودلالة.‏

    خطوات طريقة حل المشكلات: لإنجاح هذه الطريقة والاستفادة منها أكثر يجب اتباع الخطوات الآتية‏:‏

    ‏- الشعور بالمشكلة: مثلا درس الجملة الواقعة مفعول به يمثل مشكلة بالنسبة للتلميذ، إذ يجب عليه معرفة ‏ماهية هذه الجملة وما شروطها.‏

    ‏- تحديد المشكلة وصياغتها صياغة إجرائية قابلة للحل. فتُعرَض في صيغة سؤال، يحدد المشكلة، ويطلب إيجاد الحل لها من خلال البحث أو توظيف خبرات سابقة. فمثلا: هات من الأمثلة التالية ‏الجمل الواقعة مفعولا به: - قررت في نفسي ألا أظلم أحدا – أدركت أنك لا تتكاسل – علمت أن المحاضرة ‏مفيدة....‏

    ‏- دراسة المشكلة واقتراح فرضيات لها.‏

    ‏- اختيار الفرضيات المناسبة.‏

    ‏- التأكد من صحة الفرضيات المقترحة.‏

    ‏- الوصول إلى حل المشكلة.‏

    أسس ومبررات طريقة حل المشكلات:‏

       تستند هذه الطريقة الحديثة إلى أسس ومبررات تربوية يمكن إدراجها كالآتي ‏: ‏

    ‏- أن تتماشى مع طبيعة المتعلمين وتقتضي أن يوجد لدى التلميذ هدف أو غرض يسعى لتحقيقه، فمثلا ‏صعوبة درس التمييز وهنا يكون للمتعلم هدف في أن يستوعب هذا الدرس ويفك مفاهيمه وقواعده وبذلك ‏يكون قد حقق غايته العلمية.‏

    ‏- تنمي روح التقصي والبحث العلمي لدى التلاميذ مما يشوقهم ذلك إلى معرفة خبايا الدرس والبحث فيه ‏مطولا.‏

    ‏- تتضمن اعتماد المتعلم على نشاطه الذاتي لتقديم حلول للمشكلات العلمية، فمثلا يطرح المعلم السؤال: ‏ما هو الفاعل؟ وهنا يجد المتعلم نفسه أمام تحدي ومشكلة عليه أن يحلها فيبدأ بإعطاء الإجابات المختلفة ‏وغربلتها ليحصل على الإجابة النموذجية ويكتشفها بنفسه لأنها الأقرب.‏

    5- طريقة المشروع([24]): ‏

       تعد هذه الطريقة من أهم الطرق الحديثة في التدريس، وتهدف إلى تكوين المتعلم وتعويده الاعتماد على ‏النفس في علاج المشكلات ودراستها والتفكير في حلها.‏

      وقد عُرِف التعلّم بالمشاريع أو التعلم القائم على المشاريع بأنه: «منهج ديناميكي للتدريس يكتشف فيه المتعلمون ‏المشاكل والتحديات الحقيقية في العالم المحيط بهم وفي نفس الوقت يكتسبون المهارات عبر العمل في مجموعات ‏تعاونية صغيرة »؛ أي أنّ التعلم بالمشروع أساسه البحث والتحقيق؛ فأي مشروع يكلفون به، يرتكز على أسئلة أو ‏مشكلة ما، تقودهم في النهاية للوصول إلى المفاهيم المتعلقة بالمادة التي يدرسونها.‏

    أنواع المشاريع: قسَّم (كلباتريك) المشاريع إلى أربعة أقسام هي على النحو الآتي:‏

    أ- مشروعات بنائية (إنشائية): وهي ذات صلة علمية، تتجه فيها المشروعات نحو العمل والإنتاج أو صنع الأشياء ‏‏(صناعة الصّابون، الجبن، تربية الدواجن، وإنشاء حديقة أو معرض...).‏

    ب- مشروعات استمتاعية: مثل الرحلات التعليمية، والزيارات الميدانية التي تخدم مجال الدراسة ويكون التلميذ عضوا في ‏تلك الرحلة أو الزيارة كما يعود عليه بالشعور بالاستمتاع ويدفعه ذلك إلى المشاركة الفعلية.‏

    ج- المشروعات في صورة مشكلات: وتهدف لحل مشكلة فكرية معقدة، أو حل مشكلة من المشكلات التي يهتم بها ‏التلاميذ أو محاولة الكشف عن أسبابها مثل مشروع لمحاربة الذباب والأمراض في المدرسة.‏

    د- مشروعات كسب المهارات: والهدف منها اكتساب المهارات العلمية أو مهارات اجتماعية مثل: مشروع إسعاف ‏المصابين‏. ‏

    - خطوات إنجاز المشاريع: يقوم المشروع على جملة من الخطوات المتسلسلة، وهي كالآتي:‏

    أ- اختيار المشروع: الخطوة الأولى التي تبدأ بها هذه الطريقة هي اختيار المشروع، وهي أهم مرحلة في مراحل المشروع، إذ ‏يتوقف عليها مدى جدية المشروع ولذلك يجب على المدرس هنا أن يختار مشروعا يكون نابعا من حاجات الطلبة، فيه ‏أهداف وظيفية وقيمة تربوية، وأن يؤدي إلى خبرة وفيرة متعددة الجوانب، وأن يكون مناسبا لمستوى التلاميذ، وأن تكون ‏المشروعات المختارة متنوعة، وتراعي ظروف التلاميذ، كما يتم في هذه المرحلة تبصير الطلبة بفائدة كل مشروع ‏ومستلزمات تنفيذه، وأن يشكل المشروع جزءا من المنهج التعليمي.‏

    ب- التخطيط للمشروع: بعد اختيار المشروع يقوم التلاميذ تحت إشراف معلمهم بوضع خطة لتنفيذه، مدركين في ذلك ‏أن نجاح المشروع متوقف على وضوح طريقة التنفيذ، وتتضمن الخطة تحديد الأهداف المرجوة، وتسجيل دور كل تلميذ في ‏العمل على أن يقسم التلاميذ إلى مجموعات وتدون كل مجموعة عملها، أما دور المعلم هنا هو التصحيح والإرشاد ‏وإكمال النقص فقط، كما يتم في هذه المرحلة تحديد الصّعوبات المحتملة وطرائق حلها.‏

    ج- التنفيذ: هنا تنقل الخطة والمقترحات من عالم التفكير إلى حيّز الوجود، أي توضع الخطة موضع التطبيق وهذه المرحلة ‏مرحلة النّشاط والحيوية، حيث يقوم كل طالب بأداء المهمات والأدوار المكلّف بها. أما دور المعلّم هو تهيئة الظروف ‏الملائمة وتذليل الصّعوبات التي قد تواجه الطلبة، كما يقوم كذلك بعملية التوجيه والإرشاد للطلبة والإجابة عن ‏الاستفسارات التي توجّه له، وتشجيعهم على العمل، ويجتمع بهم عند الحاجة لمناقشة الصّعوبات الطارئة فقط.‏

    د- التقويم: حيث يتم هنا تقييم ما وصل إليه التلاميذ أثناء تنفيذهم للمشروع، وهو عملية مستمرة مع يسر المشروع منذ ‏البداية، كما أنّها ترافق مراحله السّابقة كلّها، إذ في نهاية المشروع يستعرض كل تلميذ ما قام به من عمل وما حصّله من ‏فوائد وجدوى.‏

    6- طريقة النشاط([25]):‏

       هي «مجموعة العمليات المعتمدة على النشاط الذاتي والمشاركة الإيجابية للمتعلم والتي تستهدف تفعيل دوره في الموقف ‏التعليمي التعلّمي، من أجل التوصل إلى المعلومات، واكتساب المهارات وتكوين الاتجاهات والقيم بنفسه، وتحت إشراف ‏المعلم وتوجيهه»‏. وتعتمد هذه الطريقة على نشاط المتعلمين وفاعليتهم، وسميت بهذا الاسم لأنها توجه كل عنايتها إلى ‏نشاط المتعلم الذاتي وتلبية حاجاته وميوله الحقيقية.‏

    7- طريقة الوحدات:‏

    ‏ تعرّف على أنّها:« تقسَّم المادة إلى وحدات ذات معنى قائم مع الاحتفاظ بانتمائها إلى المفردة الأساسية للوحدات ‏الأخرى فيها، من خلال عملية الربط ما بين الوحدات، وترى التربية الحديثة أن الوحدة تنظيم خاص في مادة الدراسة ‏وطريقة في التدريس تضع التلاميذ في موقف تعليمي متكامل يثير اهتمامهم، ويتطلب منهم نشاطا متنوعا يؤدي إلى ‏مرورهم في خبرات معينة»‏. كما تعرّف كذلك: الوحدة هي نقطة الارتكاز التي تجمع حولها المعلومات و الأفكار ‏المختلفة وقد تكون الوحدة مشكلة، أو خبرة، أو ظاهرة معينة، ويستند اختيار الوحدة إلى الكتاب المدرسي، والمادة ‏الدراسية، مع مراعاة اهتمام الطلبة، أي أن الوحدة هي عبارة عن مشروع يدور حول مفهوم أو مشكلة معينة.‏

    8- طريقة التعليم المبرمج([26]):‏

       هناك تعريفات عديدة للتعليم المبرمج ولكن جميعها تشق في هدف واحد، وسوف نذكر منها على سبيل المثال كما ‏ورد عند عبد الرحمان كامل بأنه: «طريقة تحاول أن تمكن المتعلم من أن يعلم نفسه بنفسه بواسطة برنامج أعدّ بأسلوب ‏خاص، فهو طريقة من طرائق التعليم الذاتي الفردي، يقوم فيها الخبراء بجهد كبير نسبيا في برمجة المادة الدراسية، ثم يقوم ‏المتعلم بدراستها، ومعنى ذلك أن جهد المتعلم يكاد ينحصر في دراسة المادة وتعلمها، بينما توجد طرق أخرى يقوم فيها ‏المتعلم بالبحث عن المادة وما تتضمّنه من معلومات ومفاهيم»‏.

     

    الهوامش:


    [1]  نايف خرما. علي حجاج. اللغات الأجنبية تعليمها وتعلّمها. ص: 165.

    [2] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 512.

    [3] المرجع نفسه. ص: 512.  

    [4] https://www.almaaref.org.

    [5] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 550.

    [6] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 555.  

    [7] توفيق حدّاد. محمد سلامة آدم. التّربية العامّة للطلبة المعلمين والمساعدين في المعاهد التكنولوجية. ط1. وزارة التعليم الابتدائي والثانوي. الجزائر. 1974م. ص: 71.

    [8] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 552.

    [9] توفيق حدّاد. محمد سلامة آدم. التّربية العامّة للطلبة المعلمين والمساعدين في المعاهد التكنولوجية. ص: 71.

    [10] المرجع نفسه. ص: 74.

    [11] توفيق حدّاد. محمد سلامة آدم. التّربية العامّة للطلبة المعلمين والمساعدين في المعاهد التكنولوجية. ص: 74.

    [12] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 556.

    [13] توفيق حدّاد. محمد سلامة آدم. التّربية العامّة للطلبة المعلمين والمساعدين في المعاهد التكنولوجية. ص: 74.

    [14] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 558.

    [15] المرجع نفسه. ص: 562.

    [16] عبد الله عبد الدائم. التّربية عبر التّاريخ من العصور القديمة حتّى أوائل القرن العشرين. ص: 562.  

    [17] عبد الكريم غريب. المعجم في أعلام التربية والعلوم الإنسانية. ط1. منشورات عالم التربية. الدار البيضاء.1428هـ / 2007م. ص: 79.

    [18] توفيق حدّاد. محمد سلامة آدم. التّربية العامّة للطلبة المعلمين والمساعدين في المعاهد التكنولوجية. ص: 75.

    [19] المرجع نفسه. ص: 78.  

    [20] البار عبد الحفيظ. فلسفة التربية عند جون ديوي. مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الفلسفة. غير مطبوعة. كلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية. جامعة منتوري. قسنطينة. 2009/ 2010. ص: 137/ 138.

    [21] البار عبد الحفيظ. فلسفة التربية عند جون ديوي. ص: 119.

    [22] المرجع نفسه. ص: 157.

    [23] ينظر، https://www.almaaref.org

    [24] ينظر، https://www.almaaref.org

    [25] ينظر، https://www.almaaref.org

    [26] ينظر، https://www.almaaref.org

     

  • تعليم العناصر والمهارات اللغوية(1)؛ الأصوات

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تعليم أصوات اللغة العربية.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تتعرّف إلى أصوات اللغة العربية، ومدارجها.

    - تعدّد أنشطة التدريب على نطقها صحيحة.   

     

     القراءات المساعدة:

    1- تمام حسان. مناهج البحث في اللغة.

     2- إبراهيم أنيس. الأصوات اللغوية. 

    3- ابن جني. الخصائص.

     

    الدرس

    تمهيد:

         تعد إجادة نطق أصوات اللغة المدخل الصحيح، والطريق الأمثل لتعلم اللغة وإتقانـها.   وتؤكد الأبحاث التربوية والعلمية على أن النظام الصوتي هو الحجر الأساس في تعلم اللغة بصفة عامة والقراءة ‏بوجه خاص، فالمتعلم القارئ بحاجة إلى تنمية وعيه بمختلف الصور الصوتية للوحدات اللغوية؛ أي كيفية ‏النطق بها وحفظ صورها السمعية في الذاكرة، كما يحتاج إلى استحضار السمات الصوتية للكلمات، حينما ‏تمتزج أصواتها وتتناغم. ‏ويمكن أن ينمى النطق بها من خلال أنشطة تدرب المتعلم ‏على التحليل والتركيب، حتى يتمكن من التمييز والإنتاج على المستوى الشفوي أولا، ثم التعامل مع الرموز ‏المكتوبة ثانيا، وذلك من خلال ربطها بالوحدات الصوتية التي تمثلها ‏.‏

    أصوات اللغة العربية:‏

        من المعروف في عرف علماء الأصوات أن الصوت اللغوي ينتج عن عملية حركية يقوم بها الجهاز النطقي، ‏تصحبها آثار سمعية معينة تأتي من تحريك الهواء فيما بين مصدر  إرسال الصوت، أي؛ الجهاز النطقي، ‏ومصدر استقباله، أي؛ الأذن‏؛ وهذا يعني أنه مجموعة من المنطوقات الصادرة عن الأعضاء المصوتة، التي ‏تستقبلها الأذن لتفك شفراتها. 

    وينقسم مدرج الأصوات في العربية إلى([1]):‏

    1- الصوامت:‏ هي كل تلك المصوتات التي يصادف خروجها اعتراضا أو قفلا لمجرى الهواء في ممر الجهاز الصوتي، فأينما ‏احتبس نتج صامت، والصوامت العربية هي: همزة القطع- ب –ت- ث- ج –ح – خ – د –ذ ر- ز – ‏س- ش- ص – ض- ط –ظ ع- غ – ف –ق –ك –ل م –ن –ه و- ي.‏

    2- الصوائت: هي تلك الأصوات الطليقة التي تخرج دون أي اعتراض للهواء من قبل ممرات الجهاز ‏النطقي، وهي في العربية نوعان:‏

    -       صوائت قصيرة: هي الفتحة والضمة والكسرة.‏

    -       صوائت طويلة: هي الألف والواو والياء (الحروف المدية).‏

    ونشير إلى أن الواو والياء قد تكونان من الأصوات الصائتة (على أنهما مديتان)، وقد تنتميان إلى زمرة ‏الأصوات الصامتة (مثل: ولد ، يوم). ‏

    مخارج الأصوات الصامتة وصفاتها([2]):‏

    من المتعارف عليه أن الصوامت العربية تحمل صفات خاصة، وتتوزع على المخارج الآتية ‏:‏

    -         المخرج الشفوي: (ب: انفجاري مجهور - م: انفجاري مجهور أنفي - و: انزلاقي مجهور).‏

    -         المخرج الشفوي الأسناني: ( ف: احتكاكي مهموس).‏

    -         المخرج بين الأسناني: (ث: احتكاكي مهموس - ظ: احتكاكي مجهور مطبق - ذ: احتكاكي مهموس) ‏‏.‏

    -         المخرج الأسناني: (ت: انفجاري مهموس - د: انفجاري مجهور – ط: انفجاري مهموس مطبق – ض: ‏انفجاري مجهور مطبق – ل: مستمر مجهور – ن: انفجاري مجهور أنفي- ج: احتكاكي مجهور- ر: ‏مكرر مجهور- س: احتكاكي  صفيري مهموس – ز: احتكاكي صفيري مجهور – ص: احتكاكي ‏مطبق مهموس).‏

    -         المخرج الحنكي: (ش: احتكاكي متفش مهموس- ي: انزلاقي مجهور).‏

    -         المخرج الغشائي: (ظهر اللسان مع غشاء الحنك): (ك: انفجاري مهموس – خ: احتكاكي مهموس – ‏غ: احتكاكي مجهور).‏

    -         المخرج اللهوي: (ق: انفجاري مهموس).‏

    -         المخرج الحلقي المضيق: (ح: احتكاكي مهموس).‏

    -         المخرج الحنجري: (هـ: احتكاكي مجهور – ء: انفجاري مهموس)‏

    المقاطع الصوتية([3]): ‏

       يعرف المقطع الصوتي بأنه كمية من الأصوات المفردة، تتألف من صوت صائت وصوت صامت أو أكثر، ‏ويمكن الابتداء بها أو الوقوف عليها.‏

    النبر:‏

      النبر؛ " حدّه أنه وضوح نسبيّ لصوت أو مقطع إذا قورن ببقية الأصوات والمقاطع في الكلام "([4])؛ فهو الضغط على مقطع معين من الكلمة، ليصبح أوضح في النطق من غيره لدى السامع.  

    التنغيم: ‏              

       يحمل الكلام الإنساني في طياته كثيرا من عناصر الانسجام والتناغم الصوتيين، فالمتكلم الواحد لا يسير ‏على وتيرة واحدة في نطق مقاطع كلامه، فهناك ارتفاع وانخفاض في درجة النطق بالأصوات، وهناك قدر ‏مشترك من العادات النطقية بين أفراد الجماعة اللغوية الواحدة في هذا المجال تكون فوق مستوى الخصائص ‏الفردية. ويطلق على نظام توالي درجات الصوت مصطلح التنغيم‏. فـ" التنغيم؛ ارتفاع الصوت وانخفاضه أثناء الكلام"([5]).    

    أنشطة التدريب على نطق الأصوات:‏

    يقتضي اقتراح أنشطة للتدريب على النطق جملة من المبادئ التي ينبغي مراعاتها ‏: ‏

    -         النطق الصحيح بالصوت مفردا ومركبا، والانتباه إلى ما يطرأ عليه من سمات تمييزية وسط الكلمة.‏

    -         الحرص على عدم التوقف في وسط الكلمة.‏

    -         تفادي الإسراع في النطق لبيان الصوت بملامحه التمييزية كاملة.‏

    -         الحرص على وصل الكلمات.‏

    -         النطق بالمتوالية الصوتية مع احترام التنغيم وموسيقى اللغة.‏

    -         مطابقة النطق بالمتوالية الصوتية للحالات النفسية.‏

    أما الأنشطة المقترحة في تعليم الصوت وتعلمه؛ فهي:‏

    أ- أنشطة التعرف: (باعتماد الاستماع والنطق)‏

    - النطق الصحيح بكلمات وجمل يرد فيها الصوت المعني.‏

    - الإتيان بكلمات يرد فيها الصوت المقصود.‏

    - اللعب بالأصوات أو الألعاب الصوتية.‏

    - ترديد الكلمات المشتركة لفظيا: ضل/ظل، حضر/ حظر، الحض/ الحظ... ‏

    ب- أنشطة التقطيع: تقطيع المتوالية الصوتية إلى مقاطع أو كلمات أو جمل تكونها:‏

    -         تقطيع مقطع إلى أصوات(صامت وصائت): نحو: مَ= م+ َ.‏

    -         تقطيع كلمة إلى مقاطع؛ مثل:( مَكْ/ تَ/ بٌ ).‏

    ج -  أنشطة العزل: عزل الصوت أو المقطع، أو الكلمة أو الجملة‏

    -         استخراج الكلمات التي تحوي الصوت المقصود.‏

    -         عزل الصوت المقصود والتعرف عليه من خلال أمثلة يكون فيها في بداية الكلمة أو وسطها أو نهايتها.‏

    د- أنشطة التمييز: تمييز الصوت عن باقي الأصوات، لا سيما الأصوات المجانسة التي تتفق في المخرج، ‏وتختلف في بعض الصفات، أو المتقاربة في المخرج أو الصفة:‏

    -         رفع التباس الصوت عن باقي الأصوات التي تشابهه: س/ ص/ ز – د/ط/ت – خ/غ – ق/ك...‏

    -         استبدال صوت بآخر: مثال: إبدال الجيم في "أمواج" بلام لتصبح "أموال".‏

    -         حذف الصوت المقصود (كمال ــــــــــــــــــــــــــــــ مال).‏

    -         إضافة الصوت المقصود: ما ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جمال).‏

    -         ملاحظة الفرق بين صوتين متشابهين (ذليل/ظليل).‏

    -         تغيير رتبة الصوت: كتب/ بكت/ تبك).‏

    -         وصل الصوت بأصوات أخرى لتشكيل مقاطع أو كلمات.‏

    -         تحديد مقطع قصير أو طويل.‏

    -         مقارنة مقطعين أو دمج مقاطع لتكوين كلمة. أو تحديد عدد المقاطع في الكلمة. ‏

    -         تحديد مقطع بالنقر على الطاولة مع كل حركة ‏.‏

    -         وهناك أنشطة مقترحة في موضوع تعليم النغمات الأساسية وتعلمها:‏

    -         ترديد جمل منغمة بنغمة: الإثبات، الاستفهام، الأمر، التعجب، وغيرها.‏

    -         الضغط على جزء من الجملة وتنغيمه بما يناسب.‏

    -         وضع النغمة المناسبة للإثبات، النفي، الاستفهام، وغيرها.‏

    -         النطق بجملة ذات نغم مناسب للحالة النفسية ‏. ‏

    خاتمة:‏

    إنّ أهم أنواع تدريبات الأصوات ثلاثة: ‏

    ‏- التعرف الصوتي ويقصد به إدراك الصوت وتمييزه عند سماعه منفصلاً أو ‏متصلاً. ‏

    ‏- التمييز الصوتي ويقصد به إدراك الفرق بين صوتين، وتمييز كل منهما عن ‏الآخر عند سماعه أو نطقه. ‏

    ‏- التجريد‏ ‏الصوتي ويقصد به استخلاص ‏صفات الأصوات وإبرازها في مواضع مختلفة ‏من الكلمة حتى يمكن ‏تمييزها عن غيرها‎ ‎من الأصوات المقاربة لها في اللغة. ‏ ‏

         من أكثر الصعوبات الصوتية التي تواجه الدارس للغة العربية، التمييز بين ‏الصوائت القصيرة والطويلة المد ‏والتمييز بين (أل) الشمسية و(ال) القمرية، والتنوين، والتمييز بين ‏الأصوات المتشابهة؛ كالتمييز بين (السين) و(الصاد) ‏وغير ذلك.‏  

     

    الهوامش:

    [1]  ينظر، إبراهيم أنيس. الأصوات اللغوية. ص: 41 وما بعدها.

    [2]  ينظر ابن جني. الخصائص، وإبراهيم أنيس. الأصوات اللغوية.

    [3] ينظر، تمام حسان. مناهج البحث في اللغة. دار الثقافة للنشر والتوزيع. الدار البيضاء. المغرب. 1986. ص: 164.

    [4] المرجع نفسه. ص: 194.

    [5] المرجع نفسه. ص: 198.

  • تعليم‎ ‎العناصر والمهارات اللغوية (2)؛ النحو‏ 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تعليم النحو العربي.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تتبيّن أهمّية النحو العربي.

    - تعدّد أنشطة التدريب في تعليمه.

     

     القراءات المساعدة:

    1- ابن جني. الخصائص.

    2- عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرّسي اللغة العربية.

    3- عبده الراجحي. التطبيق النحوي.

    4- عبد الرحمن الحاج صالح. بحوث ودراسات في علوم اللّسان.

    5- حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية.

     

    في مفهوم النحو:

       النحو أو الإعراب أو العربية؛ مصطلحات ثلاثة لعلم استنبط من اللغة ليضبط اللغة. لغة المتأخرين التي يجب أن تبقى امتدادا للغة المتقدّمين، حتى نبقي على الهوية، ونحفظ التراث والأثر، فبهما نستشرف المستقبل. لقد حفظ هذا النحو اللغة العربية طوال هذه القرون، وصانها من التحلّل والفساد([1]) وهذا بفضل قواعده وقوانينه التي ظلت توجّه النتاج اللغوي للمتكلّمين، في كيفية تواصلهم وإبداعاتهم؛ حيث إنّهم ملزمون باتباع طريقة مَن قَبْلَهم، ونهج منهجهم في بناء الكلام. وعليه، فهو قواعد وطريقة تُلتَزَم في التعبير. والنحو، عموما، ضابط للغة كيفما كانت، عربية وغيرها. " حدّده (بيار غيرو / Pierre Guiraud) بقوله: إنّ النحو هو الفنّ الذي يعلّم الكتابة والتّكلّم بلغة ما دون خطإ. إذ إنّه يُقنِّن ويرسم مجموعة قواعد تكون حجّة في لغة ما بموجب أحكام موضوعة من قِبَلِ منظّرين أو مقبولة بالاستعمال. أمّا العالم اللغويّ (دي سوسير / De Saussure) فيقول إنّ النّحو (يدرس اللغة بصفتها مجموعة طرائق التعبير. ويشمل بالتالي الأنظمة التي تعالج البنية والتركيب) "([2]). وهو عند علماء العربية المتقدمين (ابن جني مثلا): " انتحاء سمت كلام العرب في تصرّفه من إعراب وغيره "([3]). وحدّه بعض المتأخّرين بقوله: " إنّ النحو هو محاكاة العرب واتباع نهجهم فيما قالوه من الكلام الصحيح المضبوط بالحركات. أو هو قانون تأليف الكلام "([4]). وعلى هذا فالنحو علم من علوم اللغة. " ومعروف أنّه لكي يصاغ علم صياغة دقيقة، لا بدّ له من اطّراد قواعده، وأن تقوم على الاستقراء الدقيق، وأن يُكفَل لها التعليل، وأن تصبح كلّ قاعدة أصلا مضبوطا تُقاسُ عليه الجزئيات قياسا دقيقا "([5]). وقد تحقّق للنحو العربيّ هذا، فـ " كلّ ذلك نهض به ابن أبي إسحاق وتلاميذه المتأخّرون. وأمّا من حيث القياس والتعليل فقد توسّعوا فيهما، إذ طلبوا لكلّ قاعدة علّة، ولم يكتفوا بالعلّة التي هي مدار الحكم، فقد التمسوا عللا وراءها. وقانون القياس عامّ، وظلاله مهيمنة على كلّ القواعد إلى أقصى حدّ، بحيث يصبح ما يخرج عليها شاذّا، وبحيث تُفتح الأبواب على مصاريعها ليقاس على القاعدة ما لم يُسْمَع عن العرب ويُحمَل عليها حملا، فهي المعيار المحكم السّديد"([6]).     

    النحو في العملية التعليمية:

       وفي العملية التعليمية، يرى البيداغوجيون أنّ النحو في المراحل ما قبل الجامعية، لا يكون هدفا في حدّ ذاته، فقواعده التي يتمّ تعلّمها، إنّما هي " وسيلة لضبط الكلام، وصحّة النّطق والكتابة، وليست غاية مقصودة لذاتها، وقد أخطأ كثير من المعلّمين حين غالوا بالقواعد، واهتمّوا بجمع شواردها، والإلمام بتفاصيلها، والإثقال بهذا كلّه على التلاميذ، ظنّا منهم أنّ في ذلك تمكينا للتلاميذ من لغتهم، وإقدارا لهم على إجادة التعبير والبيان "([7]). ورأوا أنّ المطلوب، إنّما هو التدريب والتمرّن على النسج في تأليف الكلام بمراعاة هذه القواعد ووفق الأساليب العربية. وإذا كان التطبيق اللغويّ هنا، قد أصبح ضرورة ملحّة، وأولوية تسبق كلّ تقنين أو تقعيد، فإنّ مردّ ذلك، يعود لطبيعة المتعلّم (غير الناضج فكريا ومهاريا)، وقدراته العقلية المحدودة، ومنطق التدرّج الذي يتطلّبه فعل التعلّم. ناهيك عن الصعوبة الكامنة في طبيعة التجريد في القاعدة النحوية؛ حيث إنّ " القواعد النحوية.. تجريدات أكثر تعقدا من المفهومات النحوية نفسها، وتتضمّن أكثر من مفهوم، فضلا عن عدّة علاقات تحكم سلوك المفهومات فيما بينها داخل التركيب الذي يعبّر عن القاعدة، ومن ثم فلا يمكن لمفهوم واحد نحوي، أن يعبّر عن قاعدة نحوية. ولعلّ هذا هو السبب في بعض مظاهر الصعوبة التي يوصف بها النحو العربيّ "([8]). ولهذا، أكّد الباحثون على ضرورة التعامل مع موضوعات النحو باحترام مستويات التعلّم ومراحله، والابتعاد عن الإغراق النظري في قضاياه. لقد أكّدوا على ضرورة الإكثار من التطبيقات، والتنويع فيها، بما يتناسب مع مراحل التعليم المختلفة. حتّى قال (عبد الرحمن الحاج صالح): " ولهذا نرى مع كلّ اللسانيّين، أنّ قسطها من الدّراسة يجب أن يكون أوفر بكثير من حصّة العرض والإيصال. ومهما كان، فإنّه يجب ألا تقلّ نسبتها عن ثلاثة أرباع الدراسة، (وهيهات أن يكون هكذا الأمر في واقعنا التعليميّ). بل، كلّما توقّف، توقّف معها النّموّ اللغويّ، وصارت الملكة فيها شيئا فشيئا إلى الزّوال، حتّى ولو كان صاحب هذه الملكة يحفظ قواعد اللغة كلّها"([9]).     

       كما يجب أن ننبّه إلى أنّ تمرين القواعد، لا يمكن أن يقتصر دوره على تطبيق القاعدة النحوية في سياق تعليمي مصطنع، أو ترسيخها بالحفظ والاستظهار، فقد بات هذا النهج من سلبيات الطرائق التقليدية التي ظهرت محدودية جدواها، بل يجب أن يتعدّى ذلك إلى أن يساعد على تمكين المتعلّم من توظيف هذه القواعد في سياقات التواصل اللغوي، والفعل التبليغي.    

       وعليه يمكن القول؛ إنّ كلّ أنواع التمارين اللغوية المتعلقة بالنحو، سواء كانت تمارين تحليلية تركيبية، أم كانت تمارين بنيوية، أم كانت تمارين تواصلية، يمكن الاستفادة منها، وتوظيفها في التدريب على المحاكاة، والترسيخ، أو النسج على المنوال والإنتاج، في جميع مراحل التعليم، على أن يتم احترام خصوصية المرحلة، والتخطيط لاستغلال هذه التمارين بما يحقّق الأهداف المرصودة؛ فيكون الإكثار منها من جهة العدد، لأنّ الطرق الحديثة لتعليمية اللغات تؤكّد على ضرورة الإكثار منها، حيث إنّما يتمّ اكتساب اللغة عن طريق الممارسة المكثفة. كما يكون التنويع فيها من جهة المحتوى اجتنابا للملل الذي قد يستشعره المتعلّم من تكرار النموذج. أمّا عن تمرين الإعراب الذي يصاحب المتعلّم بدءا من السنة الخامسة من التعليم الابتدائي، ويمرّ معه إلى باقي السنوات التعليمية (في الإعدادي والثانوي)، فينبغي ألا يغرينا في الانسياق وراءه لاستكشاف الوظائف النحوية للكلمات أو الجمل، والعلاقات التي تربط هذه العناصر، وبالتالي نجعله يأخذ المرتبة الأولى من اهتمامنا، وإنّما يفضّل أن يكون بعد التمارين البنيوية، أو تجاوزه أحيانا إلى التمارين التواصلية مباشرة. وإن كان الاهتمام به مطلوبا، فإنّه مشروط بعدم الإغراق في التفاصيل.  

    1- في المرحلة الابتدائية: تمّت الإشارة من قبل إلى أنّ الباحثين " انعقد إجماعهم على أنّ القواعد تستلزم تهيّؤا عقليا خاصّا، يمكّن التلاميذ من الموازنة، والتعليل، والاستنباط. وقد مال أكثر المربّين إلى إعفاء تلميذ المدرسة الابتدائية من دروس القواعد حتى سنّ العاشرة؛ أي إلى الصفّ الخامس "([10]). والحقيقة؛ إنّ القواعد النحوية معنية بهذا الإجماع، ولكن بكيفية أكثر تخصيص، فلا يعلّم المتعلّم في طوره الأوّل القواعد مطلقا، وإنّما يحرص المعلّم على تمكينه " من الكلام باللغة التي يستطيعها، ويغفر له العامّية، لأنّ صحّة الأسلوب ستأتي بالتدريج"([11]). ولكن بدءا من السنة الثالثة يمكن " تدريبه على وحدات نحوية معينة، مما يشيع في لغته، ويستعمله استعمالا خاطئا، وذلك كالتدريب على الأسئلة والأجوبة، وعلى بعض الضمائر، وأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة... وهذا النوع من التدريب لا نسمّيه قواعد، ولا تكوين جمل، ولكن الاسم الملائم له، هو التدريب على الاستعمال اللغوي.. وفي هذه الحلقة يجب تيسير التدريب، وتحبيبه إلى التلاميذ باستعمال البطاقات، والألعاب اللغوية، والمحاورات، والتمثيليات، واستخدام القصة، متى أمكن ذلك. "([12]). وبدءا من السنة الخامسة " يمكن أن نطمئنّ إلى نضج فكره، وقدرته على فهم القواعد بالطريقة القاصدة، التي تعتمد على الأمثلة والمناقشة والاستنباط، والتطبيق "([13]).

    2- في المرحلة الإعدادية: تدريس النحو في هذه المرحلة، يعتمد على الاهتمام بالجانب الوظيفي وهذا بالإكثار من التعليل، والاستنباط، والاهتمام بالإعراب مع عدم الإغراق في التفاصيل، والتزام الطريقة الغرضية القاصدة.  

    3- في المرحلة الثانوية: موضوعات النحو في هذه المرحلة، هي موضوعات أكثر دقّة، وعمقا، مقارنة بموضوعات المرحلة السابقة. لكن الجانب الوظيفي يجب أن يبقى هو المهيمن، فالنحو حتى في هذه المرحلة ليس مطلوبا في ذاته. لهذا، لزم أن نجعل من التطبيقات مجالا لمزيد من التعليل، والبرهنة على صحّة بعض الاستعمالات اللغوية، وإقدار المتعلّمين " من أداء المعاني المختلفة بالأساليب المنوّعة الصحيحة؛ كالنفي، والتوكيد والشرط، والتعليل، والوصف، والقسم، والتعجب، وغير ذلك من المعاني التي تعرض في الأذهان، ويحتاج التعبير عنها إلى القوالب الصحيحة "([14])؛ أي، أنّ الشّرط المطلوب في التمرينات، هو مدى انتفاع المتعلمين بالقواعد النحوية في نتاجهم اللغوي.

       على أنّه يجب التأكيد على أن " هناك ندرة بالغة في البحوث التجريبية لمقترحات بمحتويات نحوية، بغرض التوصّل إلى أنسب القواعد الملائمة لكلّ مرحلة عمرية لطلاّب التعليم العام، ولم تجر دراسة واحدة لمحاولة علاج الصعوبات التي قد تكون وراء شيوع الأخطاء النحوية، أو تدنّي مستويات التمكّن من مفهومات النحو العربي، وقواعده "([15]). ولهذا فإنّ الدعوة قائمة لتدارك الأمر، والإسهام بالبحث العلمي في إيجاد مقاييس، أو معايير، تضبط السلوك التعليمي الكفيل بالنهوض بالدرس النحوي، وتكييفه بما يتناسب مع كلّ مرحلة تعليمية، سواء في الجانب النظري، أو الجانب التطبيقي.

    الفرق بين النّحو العلمي والنّحو التّعليمي:

       يفرّق الباحثون بين النّحو التّعليمي والنّحو العلمي بكون الأوّل قياسي، والثّاني استقرائي، والأوّل معياري، والثّاني ‏وصفي، والأوّل قاعدة تُراعى، والثاني بحث يسجّل اللّغة أثناء عملها في مرحلة من مراحل وجودها. وبتعبير آخر ‏يُمكن التّمييز بين النّحو العلمي والنّحو التّعليمي بالآتي:

    ‏1- النّحو العلمي: يقوم على نظرية لغوية تُنشد الدّقة في الوصف والتّحليل والتّفسير، وتتّخذ لتحقيق ذلك أدقّ المناهج، ‏من أهدافه الاكتشاف المستمرّ والخلق والإبداع.‏

    ‏2-النّحو التّعليمي: يرتبط بالعملية التّعليمية؛ إذ يُمثّل المستوى الوظيفي لتقويم اللّسان، وسلامة الخطاب، وأداء الغرض، ‏يرتكز على ما يحتاجه المتعلّم، يختار المادّة المناسبة من النّحو العلمي، مع تكييفها تكييفا محكما طبقا لأهداف التّعليم ‏وظروف العملية التّعليمية. فالنّحو التّربوي يقوم على أسس لغوية ونفسية وتربوية وليس مجرّد تلخيص للنّحو العلمي. فعلى ‏هذا المستوى ينبغي أن تنصبّ جهود التّيسير ‏.‏

         ونخلص إلى أنّ مصطلح النحو لم يكن متّسما بالثّبات، ففي البداية عند القدماء كان يطلق على التغيير الذي يطرأ ‏على أواخر الكلمات من حيث الإعراب والبناء، ثم بعد ذلك أصبحت النظرة أوسع لتشمل مباحث النحو والصّرف ‏معا، ذلك أنّ العرب منذ القديم عنوا باللّغة وحاولوا الحفاظ عليها عن طريق هذا الأخير. ‏

    أهمية تعليم النحو:

        إن أهمية تدريس النحو تكمن في تكوين الملكة اللسانية الصحيحة لا لحفظ القواعد المجردة، فالعربي الأول الذي ‏أخذت اللغة عنه لم يكن يدري ما الحال وما التمييز، ولم يعرف الفرق بين المبتدأ والفاعل، فكل هذه أسماء سمّاها مشايخ ‏النحو عندما وضعوا قواعد اللغة لحفظها من اللحن. لهذا كان الغرض الذي وضعت هذه القواعد لأجله هو خدمة اللغة ‏العربية في مستوياتها المختلفة ‏. ‏

        أما أهمية تدريس نشاط القواعد بصفة عامة فتكمن في سلامة التعليم حديثا وكتابة، إلى جانب فهم الأفكار وإدراك ‏المعاني بيسر، لهذا فهي تحتاج إلى كثرة التدريب وملاحظة طرائق استعمال اللغة في نصوص ومواقف لغوية حية تمكّن ‏المتعلمين من فهم القواعد واستخدامها استخداما سليما‏. أي أنّ معرفة القواعد اللغوية ودراستها ضرورة ملحة لكل ‏متعلم وكاتب، فهي وسيلة لإتقان مهارات اللغة العربية وتقويم ألسنة الطلبة وتجنبهم الخطأ في الكلام والكتابة.

    أهداف تعليم النحو: ‏

        تختلف أهداف تدريس النحو باختلاف المرحلة التي يدرس فيها، لكن يمكن أن نذكر أهمها على الّنحو الآتي:

    ‏1- الأهداف العامة: تعد القواعد النحوية والصرفية وسيلة لضبط الكلام، كما تعد مؤشر علمي لتقويم الألسنة، وكتابة ‏الخطابات بسبل سهلة ويسيرة، وفي هذا السياق قال ابن خلدون: «إنّ النحو من علوم الوسائل وليس من علوم المقاصد ‏و الغايات» ‏ ‏ .‏

    2- الأهداف الخاصة: هي التي من أجلها يحضّر المعلم درسه لتقديمه للتلاميذ، وتختلف باختلاف الموضوع وطبيعة العرض ‏والطريقة المعتمدة في ذلك، ويختلف الغرض من تدريس قواعد اللغة العربية في المرحلة الثانوية عن المراحل التعليمية الأخرى ‏وذلك لاختلاف أعمار المتعلمين وقدراتهم، ومن بين أهم الأهداف التعليمية الخاصة ما يأتي: ‏

    ‏- تعميق الدراسة اللغوية عن طريق إنماء الدرس النحوي للتلاميذ، إذ يحملهم ذلك على التفكير وإدراك الفروق الدقيقة ‏بين الفقرات.‏

    ‏- زيادة قدرة التلاميذ على تنظيم معلوماتهم مع تعويدهم على الدقة والملاحظة والموازنة، فدراسة النحو والصرف تقوم ‏على تحليل الألفاظ والجمل وإدراك العلاقات بين المعاني والتراكيب ‏. ‏

         وعليه يمكن القول بأن تحديد موضوعات النحو والصرف التي ينبغي أن نعلّمها للتلاميذ يجب أن تسبق بأبحاث علمية ‏تستهدف معرفة الأساليب الكلامية والكتابية التي تشيع لدى المتعلمين، والصعوبات التي يجدونها في التعبير عن أفكارهم ‏بجمل سليمة، فإذا عرفنا هذه الصعوبات أمكن لنا أن نتخير الموضوعات التي تساعدهم في إنتاج وتحليل أفكارهم، حتى ‏نصل إلى تحقيق الأهداف المنشودة سواء أكانت عامة أم خاصة.

    علاقة النحو بالمهارات اللغوية: ‏

         يرتبط النّحو ارتباطا وثيقا بالمهارات اللّغوية، فهو يقوم بتنمية قدرة الطلاب على فهم ما يسمعون فهما دقيقا ‏وترسيخه في أذهانهم، كما أنه وسيلة لمساعدة الطلاب على صحة القراءة والكتابة أو بالأحرى إنّ النحو قد جاء ليضبط ‏اللّغة من اللّحن سواء كان ذلك في شكلها المسموع أو المنطوق أو المكتوب.

    خاتمة: ‏

         النحو عماد اللّغة العربية وذروة سنامها، ولا يمكن الاستغناء عنه، فهو السّبيل الأساسي في صيانتها من الفساد ‏واللّحن، وهو الذي يعمل على المحافظة على وجودها ودوامها، وأما تعليمه فقد بات من الضروريات العملية، وتبسيط ‏طرائق تدريسه وتيسيرها، كلّ هذا وذاك يسهم بشكل كبير في استيعاب دروسه والاستفادة منه في الممارسات اللّغوية.

     

    الهوامش:

    [1] ينظر، عبده الراجحي. التطبيق النحوي. دار النهضة العربية للطباعة والنشر. بيروت. 1408هـ / 1988م. ص: 6.

    [2] إميل بديع يعقوب وميشال عاصي. المعجم المفصل في اللغة والأدب. المجلد الثاني. ص: 1238.

    [3] ابن جني. الخصائص. ج 1. ص:103.

    [4] إميل بديع يعقوب وميشال عاصي. المعجم المفصل في اللغة والأدب. المجلد الثاني. ص: 1238.

    [5] شوقي ضيف. المدارس النحوية. دار المعارف. القاهرة. ج م ع. ط7. ص: 18.

    [6] المرجع نفسه. ص: 19/ 20.

    [7] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرّسي اللغة العربية. ط8. دار المعارف بمصر. 1975. ص: 203.

    [8] حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية. ص: 300.

    [9] عبد الرحمن الحاج صالح. بحوث ودراسات في علوم اللّسان. ص: 233- 234.

    [10] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرّسي اللغة العربية. ص: 207.

    [11] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرّسي اللغة العربية. ص: 208.

    [12] المرجع نفسه. ص: 208.

    [13] المرجع نفسه. ص: 209.

    [14] المرجع نفسه. ص: 211.

    [15] حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية. ص: 321/ 322.

  • تعليم العناصر والمهارات اللغوية(3)؛ المفردات‏ 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تعليم مفردات اللغة العربية.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تبيّن أسس اختيار المفردات في عملية تعليم اللغة العربية.

    - تميّز أنشطة التدريب على التعرف عليها.

     

     القراءات المساعدة:

    1- عبده الراجحي. علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية.

    2- أحمد محمد المعتوق. الحصيلة اللغوية، أهميتها، مصادرها، وسائل تنميتها.

     

    تمهيد:

         يبدأ الطفل اكتساب اللغة في مراحل طفولته الأولى، وكلما قطع مرحلة زادت خبرته باللغة، ونمت ثروته منها. ومع بلوغه مرحلة التمدرس احتاج إلى تهذيب لحصيلته اللغوية المكتسبة، وتوسيع لها بما يضمن مواكبة احتياجاته في العملية التواصلية عموما، وفي العملية التعليمية التعلمية خصوصا. فـ " اللغة المحكية اليومية بجميع مستوياتها عادة ما تكون.. عرضة للتأثيرات الفردية والاجتهادات الخاصة والتغيرات السريعة، فتتعرض الكلمات فيها نتيجة لذلك إلى التغيير والتصحيف والتحريف، وتتباين مدلولات كثير من ألفاظها تبعا لتباين المستويات الاجتماعية واللهجية، إضافة إلى ذلك فإنّ هذه اللغة كثيرا ما تخضع دون كوابح صارمة للتأثيرات اللغوية الخارجية "([1])، حيث تدخل في صراع لغوي مع لغات أو لهجات أخرى موجودة في بيئة المتكلم ومجتمعه، كالعربية في الجزائر (اللغة الأم) مثلا، ولهجات اللغة الأمازيغية (اللغة الأم) أيضا، والمنتشرة في نواحي عدة من الوطن، وحيث " تتداخل عباراتها وكلماتها مع عبارات وكلمات من تلك اللغات... [فـ]تنحرف عن اللغة الأصلية النقية، وتتغيّر كثير من عناصرها وطرق تكوين وتركيب هذه العناصر. بينما تبقى اللغة المكتوبة في أغلب الأحوال ثابتة محافظة على أصالتها ونقائها. وبذلك، فهي تظل المعين الصافي الذي يمكن أن يستقي منه الإنسان المتحضر عن طريق ممارسة القراءة جل ما يحتاج إليه من مفردات فصيحة، نقية، مقبولة في مجال التخاطب المكتوب الذي أصبح يفرض نفسه في أغلب مجالات حياتنا الحاضرة "([2]). وبالتالي ستدفعه الحاجة للتعلم إلى إثراء رصيده اللغوي؛ لحاجته إلى مزيد من الألفاظ والعبارات لفهم ما يعترضه من معاني ومعارف ومعلومات

         وسيصبح الهدف من تعليم المفردات ليس تنمية الرصيد اللغوي فحسب، ولا التوسع في إدراك معاني الكلمات وفهمها مستقلة، ولا توظيفها في جمل معزولة، وإن كان هذا مطلوبا، لكنّ الهدف الأسمى هو أن يحسن توظيفها في سياقات تواصلية يستدعيها الموقف الكلامي. 

    اختيار مفردات المحتوى التعليمي:

         والمقصود كيفية اختيار الكلمات التي ستستهدف في الفعل التعليميّ، ضمن مقرر دراسيّ يسمح بإثراء الرصيد اللغوي للمتعلّم. وإن كان " الاختيار مسألة حتمية، فهو لا يمكن أن يكون نافعا إلا إذا كان مستندا إلى معايير موضوعية "([3])، حدّد الباحثون أهمّها فيما يلي: 

    أسس اختيار المفردات: ‏

    ‏1 – الشيوع: تفضل الكلمة الواسعة الاستخدام على غيرها. ‏

    ‏2 – التوزيع أو المدى: تفضل الكلمة المستعملة في كل البلاد العربية على الشائعة في ‏بعضها. ‏

    ‏3 – الألفة: تفضل الكلمة المألوفة على المهجورة. ‏

    ‏4 – الشمول: تفضل الكلمة التي تغطي أكثر من مجال على المحصورة في مجال. ‏

    ‏5 – الأهمية: تفضّل الكلمة التي يحتاج إليها الدارس أكثر على غيرها. ‏

    ‏6 – العروبة: تفضل الكلمة العربية على غيرها (هاتف أحسن من تلفون)‏‏.  

         ويضيف الأستاذ (عبده الراجحي) المعيار النفسي والتعليمي، ويقصد " قابلية الكلمة للتعلم، بألا يصعب على المتعلم أن يتعلّمها. وقابليتها للتعليم بألا يصعب على المعلم تعليمها في يسر؛ ويرجع ذلك – في الأغلب – بجانب المعايير السابقة إلى طول الكلمة أو قصرها، واطرادها أو شذوذها، والعلاقة بين اللغة الأجنبية واللغة الأولى"([4]).  

    أساليب توضيح معنى المفردات:

    ‏1 – بيان ما تدلّ عليه الكلمة بإبراز عينها أو صورتها إن كانت محسوسة. (قلم)‏

    ‏2 – تمثيل المعنى (فتح الباب) ‏

    ‏3 – تمثيل الدور (مريض يشكو من بطنه) ‏

    ‏4 – ذكر المتضادات. ‏

    ‏5 – ذكر المترادفات. ‏

    ‏6 – تداعي المعاني (للعائلة تذكر الكلمات: زوج وزوجة وأولاد وأسرة) ‏

    ‏7 – ذكر أصل الكلمة ومشتقاتها. ‏

    ‏8 – شرح معنى الكلمة بالعربية. ‏

    ‏9 – إعادة القراءة وتعدّدها يساعد على معرفة المعنى أكثر. ‏

    ‏10 – البحث في المعجم ‏. ‏

    ظاهرة الاشتقاق:

         المعلم الكفء يعمل على الاستفادة من هذه الظاهرة في بناء الحصيلة اللغوية ‏لطلابه. ويساعد الاشتقاق في ‏توضيح معاني الكلمات الجديدة؛ فعند ورود كلمة مكتوب ‏مثلاً يستطيع المعلم بيان أصلها (كتب) وما ‏يشتق من هذا الأصل من كلمات ذات صلة ‏بالكلمة الجديدة (كاتب، كتاب، مكتبة...). ‏

         يزوّد المعلم الكفء متعلميه ببعض الاستراتيجيات التي تعينهم على التعلم. ويمكنه ‏تشجيعهم (فيما يخص ‏المفردات) على إعداد قوائم بالكلمات الجديدة أولاً بأول. وهذه ‏القوائم ستساعدهم كثيراً؛ فالتسجيل ‏المنظم المكتوب لهذه الكلمات، ييسر عليهم حفظها ‏واستخدامها، ويساعدهم على مراجعة ما كتبوه في فترات ‏متباينة. ومن الأفضل تشجيعهم ‏على تسجيل الكلمة في سياق يوضح معناها.

    إثراء الرصيد اللغوي: ‏

       يعد تعليم المفردات من المكونات المهمة لدي متعلمي المدارس الابتدائية، ذلك أن التعرف على المفردات ‏بتلقائية في النص، وفهم معانيها يسهم إسهاما كبيرا في تنمية الحصيلة اللغوية، وتسريع وتيرة الفهم القرائي.

       وتضم لائحة المفردات التي ينبغي إكسابها للمتعلم منذ المراحل الأولى، لتسهيل عملية التعرف التلقائي ‏على الكلمات أثناء القراءة: أسماء الأشخاص وأيام الأسبوع، والكلمات المألوفة (الأدوات المدرسية وتجهيزات ‏الحجرة الدراسية، ومرافق المدرسة، والمعجم المرتبط بالأسرة والبيت...)، والكلمات الوظيفية ( الأداتية)، ‏كأدوات الربط وأسماء الإشارة والضمائر المنفصلة والأسماء الموصولة ...، وتتوسع هذه المفردات لتشمل ‏مجالات مختلفة من محيط المتعلم المحلي والجهوي والوطني والدولي تدريجيا عبر السنوات الدراسية ‏.‏

    وبصفة عامة؛ يستخدم المتعلم استراتيجيتين متكاملتين للتعرف على المفردات:

    - الاستراتيجية المباشرة للتعرف على المفردات:

        وتشير هذه الاستراتيجية إلى استخدام المتعلم للخصائص الشكلية للكلمات المكتوبة التي تعلمها من قبل ‏لقراءتها، فهي تقوم على التعرف التلقائي والمباشر على الكلمات المألوفة، مما يفرض إغناء الرصيد المعجمي ‏للمتعلم بشكل تدريحي بداية من السنة الأولى، وعلى امتداد سنوات التعليم الابتدائي، وذلك عن طريق:‏

    -       تدريس المفردات الشائعة ومعانيها بشكل منتظم.

    -       جعل تدريس المفردات جزءا لا يتجزأ من التدريس اليومي للغة.

    -       تقديم فرص متنوعة لتوظيف المفردات المكتسبة‏

    -       قراءة نصوص والاستماع إليها.

    -       تكرار استخدام المفردات المسموعة ‏.

    وينبغي على المعلم أن يذكر المتعلمين باستمرار بالكلمات التي سبق أن رأوها، وأن يتعرفوا إليها تلقائيا دون ‏استعمال استراتيجية التهجي‏

    أنشطة تنمية الرصيد اللغوي:

    - استراتيجية القراءة الإجمالية:

    الأهداف التعليمية:‏ - تثبيت صورة مجموعة من الكلمات في أذهان المتعلمين.‏

    -     التعرف التلقائي على الكلمات المألوفة والتلفظ بها.

    الأنشطة: - عرض الكلمات على المتعلمين للتعرف عليها معتمدين على صور. ‏

    -     إظهار كلمة بسرعة ثم إخفاؤها، وطلب التعرف عليها من قبل المتعلمين.

    -     ربط الكلمات بالصور المناسبة لها، أو العكس.

    -     عرض جملة مقرونة بصورة توضحها، ومطالبة المتعلمين بملاحظة الصورة وقراءة الجملة.

    -     عرض كلمات مألوفة (بمعزل عن الصور)، ومطالبة المتعلمين بقراءتها قراءة إجمالية‏. ‏

    - استراتيجية فك رموز الكلمات أو التهجئة:

         وترتكز هذه الاستراتيجية غير المباشرة على المبدإ الأبجدي في نطق الكلمات، من خلال تحويل الحروف إلى ما ‏يقابلها من أصوات، ثم تجميعها في مقاطع بحسب حركات الشكل المتصلة بها، أو بحسب ارتباطها بحركات ‏المدّ، للتلفظ بالمفردة المقصودة، حتى لو كانت جديدة بالنسبة للمتعلمين‏. ‏

    خاتمة:

       تجدر الإشارة إلى أن الهدف المنشود من إغناء الرصيد اللغوي ليس عدد المفردات الجديدة المكتسبة في كل ‏مستوى دراسي، بل إثراء لغة المتعلم بالمعاني التي تحملها تلك المفردات حتى يساعده ذلك في التعلم بصفة ‏عامة وفي الفهم القرائي بوجه خاص. ‏



    [1]  أحمد محمد المعتوق. الحصيلة اللغوية أهميتها مصادرها وسائل تنميتها. ص: 274.

    [2] أحمد محمد المعتوق. الحصيلة اللغوية أهميتها مصادرها وسائل تنميتها. ص: 275.

    [3] عبده الراجحي. علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية. دار المعرفة الجامعية. الإسكندرية. 1996. ص: 68.

    [4] المرجع نفسه. ص: 70.

  • تعليم مهارة الاستماع 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تنمية مهارة الاستماع في اللغة العربية.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تعرّف مفهوم الاستماع.

    - تبيّن أنشطة تنمية مهارة الاستماع في المراحل التعليمية الأولى.   

     

     القراءات المساعدة:

    1- حسن شحاته. تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق.

    2- علي أحمد مذكور. تدريس فنون اللغة العربية.

    تمهيد:‏

         من المعروف أن تعليم اللغة عند الطفل مرتبط بنمو جهازه السمعيّ، لأنه بالعادة إنما يكتسب اللغة بتقليده للأصوات التي ‏يسمعها أو يحاكيها؛ لذا فإن تربية الأذن على السمع يعدّ مدخلا ضروريا لولوج المتكلم عالم اللغة، فالأذن ‏ليست ممرا أجوف لعبور الأصوات، وإنما هي قناة تنفذ منها محمّلة بكثير من الصور والبصمات الصوتية. لهذا كان جهاز السمع هو المنطلق في اكتساب اللغة، ثم تعلمها في مرحلة لاحقة. ونظرا لأهمية ملكة السمع نجد أن المولى -عز وجل- بجّلها على غيرها من الملكات ‏الأخرى في أكثر من موضع في القرآن الكريم  ، حيث يقول تعالى: [واللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئا ‏وَجَعَلَ لَكُم السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون](سورة النحل، الآية 78).‏ بل إن هذه الملكة ستكون مهارة عندما نعمد إلى تنميتها وتوظيفها في التقاط الأصوات والتمييز بينها، بما يعود بالفائدة على المتعلّم.

    مفهوم الاستماع:

        يقول الباحث (حسن شحاتة): " الاستماع هو أكثر أساليب الاتصال شيوعا واستخداما. فالشخص يستطيع أن يستمع ثلاثة أضعاف ما يقرأ. يضاف إلى ذلك أنّ الاستماع في البرنامج المدرسي يشكّل جزءا حيويا؛ فمعظم أوقات حصصنا داخل الفصول تُخصّص للعمل الشفهيّ. ونحن في حاجة إلى أن ندرّب التلاميذ على استخدام اللغة بطلاقة، وفي تراكيب لغوية سليمة فيها النبر والتنغيم "([1]).

         والاستماع هو أول المهارات اللغوية التي تحتاج إلى أن يهتم بتطويرها المشتغلون بالعملية التعليمية، لما لها من علاقة وطيدة بخدمة بقية المهارات (التحدث والقراءة والكتابة). وفيما يمكن الوقوف عليه في ضبط مفهومه، يقول (علي أحمد مذكور): " هناك فروق جوهرية بين السماع، والاستماع، والإنصات. فالسماع هو مجرد استقبال الأذن لذبذبات صوتية من مصدر معيّن دون إعارتها انتباها مقصودا؛ كسماع صوت الطائرة، أو صوت القطار.. فالسماع – إذن – عملية بسيطة تعتمد على فيسيولوجية الأذن، وقدرتها على التقاط هذه الذبذبات الصوتية. وهو أمر لا يتعلمه الإنسان، لأنه لا يحتاج إلى تعلمه"([2]).

         لكننا نجد في المقابل الاستماع الذي يعتبره البعض فنا " يشتمل على عمليات معقدة.. إنه عملية يعطي فيها المستمع اهتماما خاصا، وانتباها مقصودا لما تتلقاه أذنه من الأصوات"([3]). لهذا يعدّ ركيزة أساسية في عملية ‏التواصل، فهو عملية عقلية معقّدة، تستدعي المرور بمجموعة من الخطوات حتى يتم تحويل اللغة المسموعة إلى معنى، يتجاوب معه المستمع. 

         والإصغاء: درجة من درجات الاستماع، يعول عليه في التركيز على ما نسمع (‏الانتباه)‏. ‏

         أما الإنصات فنفهمه من خلال الآية الكريمة: «وَإِذَا قرِئَ القُرْآنُ فاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون» ‏‏(سورة الأعراف، الآية 204 ). فهو - إذا- درجة من الاستماع تتطلب انتباها وتركيزا أكبر، ويتميز ‏بالاستمرارية عكس الاستماع الذي قد يعرف الانقطاع للحظات. ‏

    أنواع الاستماع:‏

    الاستماع فن لغوي يمكن أن يصنّف وفق مجموعة من المعايير، أهمها‏:‏

    1- معيار الغرض: يقسم الاستماع تبعا لأهدافه إلى:‏

    استماع وظيفي: هو نوع يمارسه الفرد في حياته من أجل قضاء حوائجه ومتطلباته (المحاضرات مثلا).

    استماع تحصيلي: هو كل استماع يجري بغرض تحصيل المعارف والمهارات، ويتطلب التشديد على المادة ‏المسموعة (التركيز)، وتحليل أفكارها الجزئية، وتحديد معناها في ضوء السياق الذي وردت فيه، ‏وغالبا ما يكون ذلك في الندوات والملتقيات وقاعات التدريس والمحاضرات.‏

    استماع استمتاعي: هو استماع للمتعة، يقبل الفرد عليه عن رغبة وميل، وقد يجمع بين نوعين أو أكثر إذا ‏كان المسموع ضمن ملتقى أو محاضرة معينة، وقد يسمى أيضا بالاستماع التذوّقي، لأن المستمع ‏في وضع تذوق لما يسمعه.‏

    استماع نقدي/ ناقد: استماع يعقبه تحليل لما تم الاستماع إليه والرد عليه ومناقشته ونقده من خلال إبداء ‏الآراء حوله. ويرتكز هذا النوع على الإصغاء والفهم الجيد لطبيعة الموضوع، كما يتطلب المقارنة.  

    2- معيار المهارة:‏

    استماع استنتاجي: يتطلب هذا النوع عملية استنتاج الأفكار التي تضمنها المسموع.‏

    استماع نقدي: يقوم هذا النوع على الموازنة والنقد، ويعمل على اتخاذ القرار وحسم المواقف تجاه المسموع ‏المقصود في موضوع معين، ويرتكز على المناقشة والتحليل والرد والنقد عن طريق الموازنة بين ‏الأفكار الواردة فيه.‏

    الاستماع التذكّري: يعتمد هذا الاستماع على استرجاع ما تم الاستماع إليه وتذكر تتابع أحداثه واستعادة ‏أجزاء معينة، وفي ذلك محاولة لتذكر مضمون المسموع ولو ملخصا.‏

    الاستماع التوقّعي: ينصرف فيه ذهن السامع إلى توقع ما سيقوله المتحدث، وما يعرضه في الحديث.‏

    معيار موقف المستمع: ‏

    ‏أ- استماع دون حديث: يكون في بعض مواقف التحصيل، كما هو الشأن بالنسبة للمحاضرات التي تلقى ‏على الطلبة وغيرهم.‏

    ب- استماع وتكلم (استماع وتحدث): يكون المستمع هنا مطالبا بالمناقشة والاشتراك في الحديث والردّ ‏على المسموع، مع الالتزام بآداب الاستماع.‏

    وقد تكون هناك أنواع أخرى من الاستماع؛ كالاستماع العلاجي والاستماع الازدواجي (أي الاستماع إلى ‏شخصين في آن واحد).‏

    مكونات عملية الاستماع‏:

         يتكون الاستماع من أربعة عناصر، لا ينفصل أحدها عن الآخر‏:‏

    أ/ فهم المعنى الإجمالي: يتم ذلك من خلال ما يسمى بالانتباه السمعي؛ أي التمييز الصحيح بين الرموز ‏اللغوية واستخلاص الأفكار الأساسية والتفاعل مع تسلسلها وإدراك العلاقات القائمة بينها، للخروج ‏بفكرة عامة تحمل دلالة في نفس المستمع، وكل ذلك يتطلب كفاءة استماعية تجمع بين الربط الذهني ‏والسمعي للأفكار.‏

    ب/ تفسير الحديث والتفاعل معه: تخضع هذه العملية أو المهارة للخبرات الشخصية في المجال المعرفي ‏ولعوامل مهارة الاستماع، التي تتوقف بدورها على الجانب اللغوي للمستمع، من حيث مدى إلمامه ‏برصيد لغوي وظيفي يمكنه من استرجاع المكتسبات وتوظيفها في السياق الكلامي وتفسير الأفكار ‏وتحليلها، وكل ذلك يتطلب عوامل عدة؛ منها: وضع الصوت والتنويع في نغمته حتى لا يمل المستمع، ‏وبذلك تكون هذه الخطوة مرحلة مهمة في الاندماج في سياق الحديث والتذكر والفهم المتبادل بين الباث ‏والمتلقي.‏

    ج/ تقويم الحديث ونقده: وقد سبقت الإشارة إلى هذه المسألة من خلال أنواع الاستماع.‏

    د/ تكامل خبرات كل من المتحدث والمستمع: نقصد بذلك أن يتمكن كل من المتحدث والمستمع ‏إتقان مهارات الاستماع كالفهم والانتباه والتمييز بين الأصوات وإدراك مختلف أغراض المتكلم ولمعاني ‏والتقويم والتفسير وتحليل وجهات النظر وغيرها من المهارات.‏

    خطوات تنمية مهارة الاستماع: ‏

       الاستماع ليس له منهجية قائمة بذاتها، بل نجده مبثوثا ضمن مهارات أخرى، ويمر تعليمه ‏بـالخطوات الآتية: ‏

    ‏1- الإطار العام: المدة الزمنية – الأهداف - تحديد الدرس المقصود (عنونة الدرس). ‏

    ‏2- الوسائل التعليمية: وفي مقدمها الخبرة المباشرة المتمثلة في شخصية المعلم، أما ‏وسائل الخبرة غير المباشرة فمثل: الأشرطة السمعية والفيديوهات الصوتية والصورية‏.‏

    ‏3- المراحل الرئيسة لإنجاز الدرس: أن يدرس ‏وفق الطريقة الآتية:‏

    أ- الاستماع الأول([4]):

    ‏3-1. خطوة التمهيد: يحاول المعلم من خلالها أن يشد أسماع المتعلمين، ويشوقهم لموضوع الحديث، ويلزمهم ‏بالتأدب بآداب الاستماع؛ كاحترام الآراء، وعدم المقاطعة أثناء الحديث، أو أثناء الإجابة، وعدم السخرية ‏وغيرها.‏

    ‏3-2. خطوة العرض: يتم فيها عرض موضوع الحديث باستخدام أساليب تعليمية متنوعة؛ كالحوار مثلا أو ‏المناقشة أو غيرهما إلى غاية بناء التعلّمات المقصودة.

    ب – الاستماع الثاني:

    وله علاقة وطيدة بالأهداف؛ حيث إذا تبيّن للمعلم أن ما يرمي إلى تحقيقه صار في المتناول، فإن له أن يعيد تسميع موضوع الحديث المسجّل، ويناقشهم لاستنباط أفكاره، ثم يباشر الخطوة الموالية بعد ذلك.

    ‏3-3. خطوة التقويم: تتمثل أساسا في استغلال أنواع الاستماع المذكورة سابقا، من أجل إنجاز ‏ما يمكن إنجازه من تطبيقات وواجبات باستثمار موضوع الحديث، قصد تقويم معارفهم والتأكد من مدى تحقق المهارات ‏المطلوبة. أضف إلى ذلك تشجيع المتعلمين على ممارسة مهارة الاستماع خارج حجرة الدرس.

    مؤشرات الكفاءة الاستماعية: إن التطبيق السليم لمنهج تعليم الاستماع يؤدي إلى ظهور مجموعة من ‏المؤشرات الدالة على اكتساب مهارة الاستماع، ويتعين على كل معلم أن ينمي مجموعة من القدرات ‏الاستماعية؛ أهمها‏:  

    التمييز السمعي  -  التصنيف   -   استخلاص الفكرة الرئيسة  -  مهارة التفكير الاستنتاجي  -  ‏مهارة الحكم على صدق المحتوى  -   تقويم المحتوى        

    الأهداف العامة لمهارة الاستماع:‏

         من الأهداف العامة لمهارة الاستماع يمكن أن نذكر:

    - إدراك الرموز اللغوية المنطوقة عن طريق التمييز السمعي.‏

    - فهم مدلول الرموز اللغوية. ‏

    - إدراك الوظيفة الاتصالية للرسالة المتضمنة في الرموز أو الكلام المنطوق (الاستنتاج والتصنيف)‏

    - تفاعل الخبرات المحمولة في الرسالة مع خبرات المستمع وقيمه.‏

    - نقد هذه الخبرات وتقويمها والحكم عليها في ضوء المعايير الموضوعية (التقويم والنقد).‏

    2/ الأهداف الخاصة:‏

    - تقدير المتعلم لفن الاستماع، والتخلص من عادات الاستماع السيء، والاعتناء به من أجل القدرة ‏على الاحتفاظ بأكبر قدر من الحقائق والمفاهيم، وتذكر نظام الأحداث وتسلسلها الصحيح.‏

    - التمكن من التمييز بين أوجه الاختلاف والتشابه بين بداية الأصوات ووسطها ونهايتها.‏

    - إدراك الكلمات المسموعة والاستجابة لإيقاعها الصوتي وتوقع ما سيقوله المتكلم.‏

    خاتمة :‏

         إن الاستماع مهارة ضرورية تؤثر في سائر المهارات، وأنّ اكتساب القدرات اللغوية وتنميتها يكمن في تفعيل هذه المهارة، وذلك عن طريق الممارسة والتدريب على الاستماع، من ‏أجل تنمية قدرة الفرد من الناحية اللغوية، ومن الناحية الذهنية، حيث يصبح قادرا على الفهم والانسجام ‏والتفاعل، والقدرة على التحليل والتفسير، وعلى ذلك ينبغي العناية بها، وإيفاءها حقها ومستحقها من التعليم ‏والتعلم. وأن نمرن عضلات الأذن عليها، ونهتم بكل المهارات الفرعية المنبثقة عنها.

     

    الهوامش:

    [1] حسن شحاتة. تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق. ص: 76.

    [2] علي أحمد مذكور. تدريس فنون اللغة العربية. ص: 75.  

    [3] المرجع نفسه. ص: 75.

    [4]  علي أحمد مذكور. تدريس فنون اللغة العربية. ص: 100. 

  • تعليم مهارة التعبير الشفوي 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تنمية مهارة التعبير الشفوي في اللغة العربية.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تبيّن أنواع التعبير الشفوي.

    - تعدّد طرائق تنمية مهارة التعبير الشفوي. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- الجاحظ. البيان والتّبيين.

    2- نسيم عون. اللغة في المعرفة أبحاث في الأساس اللغوي للأدب.

    3- عبد الفتاح سليم. موسوعة اللحن في اللغة مظاهره ومقاييسه.

    4- قاسم عاشور والحوامدة. فنون اللغة العربية وأساليب تدريسها بين النظرية والتطبيق.  

    5- عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية.

     

    تمهيد: ‏

         استشعر الإنسان منذ القديم حاجته للإفصاح والإبانة عن أفكاره ومشاعره، واستشعر ضرورة التّواصل مع الآخر - كلّ متكلّم من بني جنسه -، فكانت اللغة وسيلته المثلى لذلك. ولعلّه تناغم مع أصواتها في لحظات تأمّل فتغنّى بها، وتطرّب وأطرب، وتماهى مع عوالم رسمتها له في لحظات الوعي فتباهى بها وأبدع.

         لقد أوجد هذا المتكلّم المتن اللّغويّ (النّصّ والخطاب)، وأوجد معه بالضّرورة المرسِل والمرسَل إليه، في تبادل للأدوار. وكانت الرّسالة بينهما تعرّف إلى الذّات، وخبرة متراكمة، وإدراك للعالم الخارجي " في لبوس لغوي، فاللّغة .. هي التّجسيد المادّيّ للنّشاط الفكريّ، وبهذا الجسد المادّيّ تتحقّق وظيفتا اللّغة التّفكيريّة والتّواصلية "([1]). 

         بل لقد رسخت في تصرّفات الإنسان سلوكات، كشفت عن مدى اعتداده بما يصدر عنه من قول؛ فهو يتخيّر من القول ما يناسب المقام، وينتقي من الألفاظ ما يخدم الأفكار والمعاني.

         وقد عُرِف عن العرب قديما أنّهم جعلوا " الحديث والبسط، والتّأنيس والتّلقّي بالبشر، من حقوق القِرَى ومن تمام الإكرام به. وقالوا: من تمام الضّيافة الطّلاقة عند أوّل وهلة، وإطالة الحديث عند المواكلة. وقال شاعرهم:  

    لحافي لحاف الضّيف والبيت بيته     ولــم يلهني عنه غزال مقنّع

       أحــدّثه إنّ الحديـث مــن القـــرى     وتـعلم نفسي أنّه سوف يهجع "([2])

         بل لقد بلغ الاعتداد بالقول درجة الافتخار والتّباهي على الأقران بمستوى التّفاصح، والتّفنّن في القول. لقد بات التعبير الفنّيّ، وإجادة القول مرآة عاكسة لجزء بارز من صورة شخصية المتكلّم. ولهذا عاب العربيّ اللّحن، واستهجن الوقوع فيه. " فقد جاء عن النّبيّ – صلّى الله عليه وسلّم – قوله: (أنا أعرب العرب، ولدتني قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر، فأنّى يأتيني اللّحن)... كما جاء عن أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه قوله: (لأن أقرأ فأُسقِطَ أحبُّ إليّ من أن أقرأ فألحنَ). وجاء عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قوله لقوم من الرّماة لامهم؛ لعدم إجادتهم الرّمي فلحنوا في الرّدّ عليه: (لحنكم أشدُّ عليَّ من فساد رميكم، سمعتُ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يقول: رحــم الله امرءا أصلح من لسانه) "([3]). وظلّت العرب - كما سجّل تراثهم ذلك - تبعث بأبنائها إلى البوادي أيّام الجاهلية، وقبل أن يختلط اللسان بالعجمة، ليتعلّموا كيفيات الإجادة في القول، ويرتقوا إلى مستوى الفصاحة. فقد كانوا مولعين بالكلمة البليغة، والعبارة الرّائقة. 

    ماهية التعبير:

         التعبير في الاصطلاح " الإفصاح عن المعاني القائمة بالذهن، بكلام تحكيه الأفواه، أو ترسم كلماته الأقلام. فهو الإبانة والإفصاح عما يجول في النفس البشرية من الأفكار والخواطر من خلال نقلها للآخرين، مما يؤدي إلى تنظيم حياة المجتمع وقضاء حوائجه"([4]). 

         والتعبير " يمتاز بين فروع اللغة بأنه غاية، وغيره وسائل مساعدة معينة عليه. فالقراءة تزود القارئ بالمادة اللغوية، وألوان المعرفة والثقافة، وكل هذا أداة للتعبير، والمحفوظات والنصوص.. منبع للثروة الأدبية، وذلك يساعد على إجادة الأداء، وجمال التعبير، والقواعد وسيلة لصون اللسان والقلم عن الخطإ في التعبير، والإملاء وسيلة لرسم الكلمات رسما صحيحا... وهكذا "([5]). وهو أداة من أدوات عرض الأفكار والأحاسيس والأغراض والحاجات، يؤدي إلى ‏تعويد المتعلم جودة الأداء اللفظي، والكتابي عن طريق اختيار الألفاظ والأفكار الملائمة، وتسلسلها وترتيبها ‏والربط بينها.

    أنواع التعبير:

    أ- من حيث الشكل([6]):

       أ.1- التعبير الشفوي:  إن التعبير الشفوي هو أداما يعبر به الفرد عن نفسه من مشاعر وأحاسيس ‏مرتجلة دون كتابتها، ويهدف التعبير الشفوي إلى تنمية واكتساب المهارات الخاصة بالحديث والمناقشة البنّاءة، ‏وهو وسيلة التواصل اللغوي الحاصل بين طرفي العملية التعليمية.                                                                                          

      أ.2- التعبير الكتابي: هو وسيلة الاتصال بين الفرد وغيره، ممن تفصله عنه المسافات الزمانية والمكانية، ‏وغرضه الكتابة في موضوعات مختلفة تحرر داخل حجرات الدرس أو خارجها، وصوره عديدة منها: كتابة ‏الرسائل والمقالات والأخبار، وتلخيص القصص والموضوعات المقروءة أو المسموعة، وتأليف القصص ،وغير ‏ذلك ‏.‏

    ب - من حيث الغرض:‏                       

    ب.1- التعبير الوظيفي: هو ذلك النوع الذي يؤدي وظيفة للإنسان في مختلف مواقفه الحياتية، ويكون ‏الغرض منه اتصال الناس بعضهم ببعض، لقضاء حاجاتهم، من أمثلته: المحادثة والمناقشة وحكاية القصص ‏والأخبار، وإلقاء الخطب، وإعطاء التعليمات والإرشادات ونحو ذلك ‏. ‏

      ب.2- التعبير الإبداعي: هو ذاك النوع من التعبير الذي يعبر عن إبداعات المتعلم فينقل أفكاره ومشاعره ‏وأحاسيسه وخواطره بطريقة مشوقة مثيرة، ومن أمثلته: كتابة المذكرات الشخصية، تأليف القصص ‏والتمثيليات، التراجم، نظم الشعر، وغيره ‏ ‏. ‏

    جـ - من حيث الأسلوب: ‏

        يقسمه بعض الباحثين إلى ‏:‏

    جـ.1- التعبير العلمي: ‏

        هو التعبير الذي يهدف إلى سرد الحقائق والموضوعات والأفكار بحياد وتجرد، ويغلب أن يعتمد هذا النوع ‏على الأرقام باعتبارها عاملاً حاسماً في إثبات الأفكار. ويتجنّب التعبير العلمي المبالغات والصور الشعرية ‏والبيانية والأخيلة، كما يتجنب المترادفات والمفهومات غير المحددة، والعبارات العائمة، وتلك التي تتضمن ‏أكثر من معنى.‏

    جـ.2- التعبير الأدبي:‏

         يركّز هذا النّوع من التعبير على الأسلوب الذي تؤدّى فيه الفكرة، ولهذا فإنه يستعمل الصورة الشعرية ‏والبيانية والأخيلة والمجازات بأنواعها، وقد يستعمل المترادفات والعبارات التي تحمل أكثر من دلالة واحدة.‏

    جـ.3- التعبير المتأدب:‏

       ويجمع هذا النوع من التعبير بين الفكرة والأسلوب، وعلى ذلك فهو يجمع بين خصائص الأسلوبين ‏السابقين: العلمي والأدبي. ‏

    د- من حيث الإجراء:‏

    د.1- التعبير الحواري: هو التعبير الذي يتضمن وجود طرفين كل واحد منهما مرسل ومستقبل، ويشمل: ‏الحوار والمناقشة، والندوة، والمسرحية. وهذا النوع من أهم أنواع التعبير في تربية الملكة اللغوية لدى المتعلمين، ‏وتنمية الطلاقة اللغوية عندهم، ولذلك يحسن أن يدرّب الطلبة عليه. وتنبع أهميته من أنه يستدعي أن يكون ‏شفهياً في المقام الأول. ‏

    د.2- التعبير غير الحواري:‏

        هو التعبير الذي لا يكون فيه حوار ولا مناقشة ‏.‏

    وقد لخص خالد حسين أبو عمشة أنواع التعبير من خلال المخطط الآتي ‏:‏

    وكل نوع من تلك الأنواع السابقة يندرج ضمن عملية الإرسال؛ على اعتبار أن للإرسال مهارتين هما: الكلام ‏والكتابة. مثلما أن للاستقبال مهارتين هما: الاستماع والقراءة.          

    أهمية التعبير الشفوي:‏

         يُعدَّ " التعبير أهم نشاط مدرسيّ تتّضح فيه شخصية الطفل وتلقائيّته المبدعة، فبه يتعوّد الصّراحة في القول، والحرّية في الرّأي، ويستطيع إبداء الآراء والأفكار والتصريح بالأحاسيس في ثقة ووضوح، ويتمكّن من المشاركة الإيجابية في النّشاطات المدرسية المختلفة، ومن فهم الحقائق والمفاهيم المقدّمة له. وبذلك يصبح التّعبير بالنّسبة إليه وسيلة اكتشاف وتعلّم واتّصال "([7]).

        ويقع التعبير الشفوي موقعا استراتيجيا بين المهارات اللغوية الأخرى، حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد ‏الاستماع، ومن خلاله يتمكن المتعلم من التعامل مع اللغة بإتقان كل لمهارات الأخرى بكفاية، حيث ‏تكشف هذ المهارة مدى قدرة الإنسان على التحصيل اللغوي، وتظهر ممارسته بمهارة وبأسلوب شيق مدى ‏تميّز كل إنسان عن غيره. ‏

         ويعد التعبير الشفوي وسيلة مهمة جدا؛ يحقق بها الإنسان ذاته، ويرضي نفسه في الاتصال شفويا بمن ‏يحيطون به، ذلك أنه أداة تواصل لغوي تشغل حيزا كبيرا، وزمنا لا بأس به ضمن حيز النشاطات اللغوية، لذا ‏يمكن القول: إنه الثمرة المرجوة من تعليم العربية وفنونها المختلفة، مما يؤدي إلى إنماء التلقائية، وتحقيق المطالب ‏المنشودة ‏.‏

    أهداف تعليم التعبير:‏

        بما أن التعبير الشفوي مهارة تحتاج إلى تدريس (مدرس، برنامج تدريسي، مكان وزمن للتدريس)، فإن ‏هذه المهارات تصبو إلى أهداف جمة، يمكن أن نقسمها إلى عامة وخاصة، فالعامة نحصّلها من النظر فيما ‏تحققه إجمالا ضمن مستويات تحليل اللغة العربية (الصوت والصرف والنحو والتركيب والدلالة...)، والتواصل ‏‏(الكفاية التواصلية). أما الهداف الخاصة فهي ما يتحقق لدى المتعلم من كفايات في كل مرحلة تعلمية بعينها. 

    أ- الأهداف العامة:‏

         يحقق التعبير الشفوي أهدافا كثيرة جدا بالنظر إليه كفن يرسخ المهارات اللغوية الأخرى، ويسعى إلى إنتاج ‏لغة سليمة من حيث أداء أصواتها (سلامة المخارج والصفات)، وضبط نظامها الصرفي والنحوي، والتحكم في ‏الوظائف النحوية واستعمال تراكيب لغوية سليمة وجمل أو عبارات يقبلها الذوق وتستسيغها الأذن. وأما ‏على مستوى التواصل فإن التعبير الشفوي يسعى إلى إبراز قدرة المتعلم على قل رسالة أو توصيل معنى بالجمع ‏بكفاءة بين معرفة القواعد اللغوية وبين القواعد الاجتماعية في عملية التفاعل بين المتكلمين ‏. أي إنه يمكن ‏من إنتاج خطاب يترجم مدى قدرة الفرد على استعمال اللغة في سياقات اجتماعية مختلفة.‏

    ب - الأهداف الخاصة:‏

       يعد هذا النوع من الأهداف بمثابة المهارات الفرعية التي تنمي قدرة المتعلمين على التحدث أو التعبير ‏مشافهة، حيث يمكنه أن يتحقق من خلال يأتي ‏: ‏

    ‏_ استخدام النظام الصحيح للغة العربية.‏

    ‏_ التدريب على السرعة في التفكير والقدرة على الارتجال في الحديث ومواجهة المواقف الكلامية الطارئة.‏

    ‏_ التغلب على الاضطرابات النطقية والنفسية.‏

    ‏_ تنمية الشعور بالحرية وإثبات الذات.‏

    ‏_ خلق جو خاص بين المعلم والمتعلم أساسه تبادل الحوار والمناقشة بعيدا عن الخوف والاضطراب.‏

    ‏_ المساعدة على اكتشاف مواهب المتعلمين.‏

    وكل ذلك يؤدي أيضا إلى: ‏

    ‏_ انتقاء الألفاظ والتراكيب اللغوية وحسن صوغ الجمل.‏

    ‏_ النطق الصحيح للكلمات والجمل دون تلعثم أو تكرار أو نسيان أو خجل.‏

    ‏_ القدرة على السرد بلغة سليمة مع مراعاة ترتيب الأفكار وتسلسلها المنطقي.‏

    ‏_ استعمال الحجج والبراهين عند التعبير عن رأي ما.‏

    ‏_ استخدام أنواع الكلمات المختلفة في مواضعها الصحيحة؛ كالضمائر وحروف العطف وحروف الجر ‏وغيرها.‏

    طرائق تنمية مهارة التعبير الشفوي:‏

    أ- طريقة القصة: ‏

        عرّفت القصة بأنها مجموعة من الأحداث، يرويها الكاتب، وهي تتناول حادثة واحدة، أو حوادث عدة، ‏تتعلق بشخصيات إنسانية، تتباين أساليب عيشها، وتصرفها في الحياة، على غرار ما تتباين حياة الناس على ‏وجه الأرض، ويكون نصيبها في القصة متفاوتاً من حيث التأثر والتأثير ‏.‏

       وتعدّ القصة من أقوى عوامل جذب الإنسان بطريقة طبيعية، وأكثرها شحذاً لانتباهه إلى حوادثها، ‏ومعانيها، فتثير القصة بأفكارها وصراع الأشخاص فيها وتعقد أحداثها، وبتصويرها لعواطف وأحاسيس الناس ‏وبيئتها الزمانية والمكانية وبلغتها وبطرائق تقديمها المختلفة، كثيراً من الانفعالات لدى القراء، وتجذبهم إليها، ‏وتغريهم بمتابعتها والاهتمام بمصائر أبطالها.‏

         وفي المدرسة يستطيع المعلمون أن يستفيدوا من ميل الأطفال إلى القصة وعلى وجه الخصوص في المراحل ‏الأولى من التعليم، فيزودوا الأطفال عن طريقها المعلومات الأخلاقية والدينية والجغرافية والتاريخية وغيرها، ‏فيهيئوا لهم المعرفة والمتعة في آن معاً. 

    ب- طريقة التعبير الحر: ‏

        إنّه حديث الطلبة بمحض حريتهم واختيارهم عن شيء يدركونه بحواسهم في المنزل أو المدرسة أو الشارع ‏أو حديثهم عن الأخبار التي يلقيها الطلبة في الفصل كحادثة وحكاية وتعقبه مناقشات يشترك فيها الجميع، ‏أو محادثة في صورة أسئلة يوجهها والأطفال والمعلم إلى صاحب الخبر ليجيب عنها وقد يشترك المعلم أحياناً ‏بإلقاء خبر على تلاميذه، ينتزعه مما يرضي حاجات الطفولة وميولها. ويمكن أيضاً توظيف ما ألقى بظلاله ‏علينا مجتمع المعرفة، حيث تعدد مجالات الاتصال اللغوي وقنواته عبر وسائل متعددة ، وقد لوحظ أن ‏الطلبة يميلون لكل ذلك ويقبلون عليه، فهو يلائم الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة، ويسلك المعلم في ‏درسه الخطوات الأتية ‏: ‏

    التمهيد، بربط الموضوع بخبرات الطلبة مثلاً، أو أن يشرح المعلم المطلوب عمله في هذا الدرس. ‏

    استثارة المعلم للتلاميذ بأسئلة مختلفة حول موضوع التعبير، فإن كان مجاله صورة ما، يطرح المعلم أسئلة ‏مختلفة على جميع جزيئات الصورة، واستثارة خبرات الأطفال حولها، نظراً لأن كل طفل في إحدى ‏جزيئاتها، صورة لخبرة أو تجربة مرّ بها أو عرفها. ‏

    تمثيل المتعلمين دور المعلم، بطرح الأسئلة على زملائهم أو طرحها على معلمهم. ‏

    تدريب المتعلمين على ترتيب حديثهم حول الموضوع الذي تحدثوا فيه، وذلك بإعادة بعضهم الحديث عن ‏الموضوع بالتسلسل.‏

     

    الهوامش:

    [1] نسيم عون. اللغة في المعرفة أبحاث في الأساس اللغوي للأدب. ط1. دار الفارابي. بيروت. لبنان. 2013. ص: 46.

    [2] أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ. البيان والتّبيين. تحقيق وشرح عبد السلام محمد بن هارون. ج 1. دار الجيل. بيروت. ص: 10.

    [3]  عبد الفتاح سليم. موسوعة اللحن في اللغة مظاهره ومقاييسه. ط 2. مكتبة الآداب. القاهرة. 2009. ص: 13.

    [4]  راتب قاسم عاشور ومحمد فؤاد الحوامدة. فنون اللغة العربية وأساليب تدريسها بين النظرية والتطبيق. ط1. عالم الكتب الحديث. إربد. 2009. ص: 121. 

    [5] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية. ص: 145.

    [6] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية. ص: 150.

    [7] عبد القادر فضيل. دليل المعلم في تعليم التعبير والقراءة والكتابة. المعهد التربوي الوطني. الجزائر. 1981/1982. ص: 5

  • تعليم مهارة القراءة 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تنمية مهارة القراءة في اللغة العربية.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تبيّن أنواع القراءة.  

    - تعدّد أنشطة تنمية مهارة القراءة. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- الراغب الأصفهاني. معجم مفردات ألفاظ القرآن.

    2- حسني عبد الهادي عصر. مهارات القراءة.

    3- Philipe Pigallet. Méthodes et stratégies de lecture. Pour un art de lire.

    4- Francine Cicurel. Lectures interactives en langues étrangères .

     

    تمهيد: ‏                               

        تعددت مفهومات القراءة بتعدد الباحثين، وباختلاف زوايا النظر؛ حيث انعكس هذا التعدد بالإيجاب، حين فُسِّرت آلية الفعل القرائي، على أنها تجاوز لحدود التماس الصوتي لمقاطع الكلمات منفصلة أو مجتمعة، عن طريق التهجئة، أو رسم صورة بصرية للرمز المكتوب في المخيال، والتعرف إليه نطقا. وهذا التجاوز، إنما هو تجاوز للآلية الميكانيكية، التي تكتفي بسطح المقروء وامتداده الأفقي، إلى مستوى ينحو باتجاه عمودي، يسعى إلى إعادة التشكيل والإنتاج.  

         والقراءة في المنظور البيداغوجي مهارة أساسية من مهارات تعلم اللغة العربية وتعليمها، حيث تسهم في ميدان المكتوب في تعلم ‏مختلف العناصر اللغوية، بل والمواد التعليمية التعلمية الأخرى على اختلافها. فما هو مفهومها؟    

    مفهوم القراءة:‏

      جاء في القاموس المعاصر للتربية أن: " القراءة، نشاط إدراكي حس- بصري وعقلي، يسمح بفك شفرات معنى نص بإعادة بناء الرسالة المشفرة تحت شكل معلومات بيانية "([1]). وهذا يعني أن القراءة فعل واع تسهم في إنتاجه الحواس مع العقل للوصول إلى ضبط المعنى المشفر، الذي لن يتضح إلا بعد إحداث عملية بناء لكمَ من المعلومات وفق تشكيل بياني. والتعريف بهذا المفهوم، يفترض مسبقا وجود قدرات ذاتية لدى القارئ، كما يسلم بوجود خلفية معرفية مرجعية تساعد على التعرف إلى الشفرات واستجلاء المعنى منها، أي أن القارئ حتى يحقق فعل القراءة يجب أن يكون قد مر بفترة سابقة للقراءة تعرف بـ(فترة تخزين المعاني)، وهي فترة ما قبل المدرسة، أو هي مرحلة تمتد إلى غاية السنة الأولى ابتدائي، تمتاز بأنها  '' فترة تخزين المعاني وتنميتها من خلال مساق الخبرات التي يحياها الطفل، ويتماس معها، أو ينخرط فيها كلاما واستماعا. فضلا عن أنها مرحلة الربط بين المعاني والخبرات التي يحياها الطفل سواء أكانت خبرات سمعية أم خبرات صوتية منطوقة''([2]). وعلى هذا، فالفعل القرائي لا يمكن أن يتحقق إلا بعد مرور القارئ بمرحلة نضج معينة، يستجمع فيها قدراته الأساسية التي تؤهله للقيام به، وتجعل منه عنصرا فاعلا في إنتاجه.

         يرى أحد الباحثين أن( قرأ *) " فعل، حيث الدور الكبير يعود إلى الذي يتصرف. لا شيء يحدث إذا (لم يخترع القارئ الكل في إطار تجاوز دائم للشيء المكتوب). ولهذا فالقراءة هي تركيب بين الفهم والإبداع. إنها أولا فهم وليست تهجيا شاقا وتطبيقا ممعنا بالتدقيق.. وهي بالزيادة إبداع، فالمكتوب باق حروفا ميتة طالما أن مستعملها لم يعطها المعنى "([3]). وبعبارة أخرى، إذا كان للقارئ دور محدد في الفعل القرائي من خلال فهمه وتجلية معانيه، فإن النص سيكون صاحب الدور الحاسم في إنتاج هذا الفعل من خلال ما ستقوم به شفراته من استفزاز للقارئ، وتحفيزه على المحاورة والمساءلة وولوج عوالمه واستثمارها من خلال إنتاجية مبدعة. ولهذا، فالقراءة عملية معالجة منتجة للنص، وليست تأملا لأفكاره([4])، كما أنها ليست نقلا بسيطا للمعلومات التي يتضمنها النص إلى التمثيل الذهني، ولا إعادة بناء للمعنى؛ إنها نشاط بنائي مستمر تتدخل فيه وظيفيا عوامل كثيرة، كالعوامل النفسية والعوامل المنشطة للقراءة ([5]).

         ويرى باحث آخر أنه قد يكون " لدينا أحيانا توجه إلى اعتبار القراءة نشاطا سلبيا، حيث  القارئ الصامت ( يستقبل) النص، [ لكن ] القراءة على العكس، تتطلب من القارئ أن يقوم بحركة ذهاب وإياب بين معلومات النص ومعارفه السابقة، وفي العادة، لا يقرأ النص خطيا؛ القارئ (يحضر) النص، يغير نظامه، يعيد قراءته مجزءا، سواء عندما يبحث عن معلومة دقيقة، أو عندما يريد النظر فيما يوجد تحت النص، أو عندما يريد حفظه في الذاكرة ويـبذل جهدا ذهـنـيا لتركـيبه وتـخزيـنه. وحتى بعيدا عن أهداف القراءة النشيطة، فالقراءة العادية تطلب باستمرار من القارئ تعاونه، لأجل إقامة علاقة بين معطيات النص (معلومة أعطيت ثم أخذت بعيدا)، وبين الأفكار (الأساسية والفرعية)، وبين النص الحاضر وغيره من النصوص المعارضة أو الموافقة، وبقيمة هذه العلاقة الحيوية يستطيع القارئ فهم النص" ([6]).

         ومن هنا يتضح، وبشكل جلي، دور علاقة التعاون بين القارئ والنص لإعادة إنتاجه أو توليد أفكاره أو الوصول به إلى عملية إبداعية في حدود ما يكشفه له النص من معطيات، أو ما يوفره من فضاءات للتثاقف، أي أن القراءة " يمكن أن تحدد على أنها لقاء بين، قارئ، من جهة، يمتلك معارف ويخضع لمجموعة من الإجراءات الذهنية، ومن جهة أخرى، نص يتكون من معلومات موكولة لقواعد واضحة للغة معينة " ([7]).

         وحتى يستطيع القارئ تحقيق هذه العلاقة، لابد له من مراودة النص وترويضه، فالقراءة لا يمكن أن تؤكد مفهومها إلا في أحضان النص المكتوب. لهذا سيدخل في مرحلة استكشاف عن طريق استنطاق الأنساق الكتابية، ويبدأ تحديدا بالنسق اللغوي الموصل لبقية الأنساق التي تـتـشكل حتما من خلاله. وبهذا الاستنطاق تتولد الرغبة في التواصل، فـيـلجأ القارئ إلى الـنـبش في خبايا النص وتـفكيكه، لـلوقوف على جملة البنى والعلاقات التي تربطها في سبيل استجلاء المعنى وتصوره، ليصل في مرحلة أخيرة إلى تأول النص، وإنتاج نص جديد يعرف بنص القراءة.

         من كل هذا، يمكن تقرير جملة حقائق؛ تحدد كالتالي:

    -      إن القراءة ليست هي نشاط تعلم القراءة، بل هي نتيجة ومؤشر نجاح هذا النشاط، تتحقق دوما بعد فترة سابقة لها، هي فترة اكتساب الخبرات وتخزين المعاني.

    -      إن كل معلم يسعى من خلال نشاط القراءة، لا أن يجعل التلميذ يقرأ، بل يجعله يربط بين الرمز المكتوب والمعنى المقصود بالكلام المنطوق، الذي بات الطفل متمكنا منه. وهذا الأمر سيحتاج إلى كثير من التدريب، حتى تنمو خبرات الطفل في التعرف إلى الرموز والربط بينها وبين معانيها. وفي حالة نجاحه في هذا المسعى، سيكون قد أعد قارئا يمكنه أن يمارس فعل القراءة.

    -      إن القراءة نشاط يمارسه قارئ يملك خبرة تؤهله لتجنيد إدراكه الحسي وبعض وظائف العقل الداخلية كالشعور والتفكير والتذكر والتعرف والتخيل لينجز فعلا قرائيا.

    -      إن القراءة لا تحقق مفهومها إلا بوجود نص مكتوب، يمارس عليه الفعل القرائي في ظل وجود علاقة تقوم بينه وبين القارئ تفضي إلى إعادة إنتاج أفكاره وتوليده في شكل عمل إبداعي.

         من هنا، تصبح القراءة عملية تواصل، يمارس فيها القارئ قدرات وخبرات لغوية ناضجة على نص مكتوب ومثير بقصد إعادة إنتاج أفكاره في شكل عمل إبداعي.

    أنواع القراءة:

         يمكن تصنيفها وفق معايير مختلفة نذكر منها: ‏

    1ـ بحسب الأداء:

         يمكننا أن نتعرف على نوعين من القراءة وفق هذا المعيار؛ هما:‏

    أـ القراءة الجهرية:‏

         تعرّف على أنها: القراءة التي ينطق القارئ من خلالها بالمفردات، والجمل المكتوبة، صحيحة في مخارجها، مضبوطة في ‏حركاتها، مسموعة في أدائها، معبرة عن المعاني التي تضمنتها. أو هي العمليَّة التي يتم فيها ترجمَة الرمُوز الكتابيَّة ‏بطريقَة فكريَة ويبرز فيها الجُهد العقلي؛ أي تحويل هذه الرموز إلى ألفاظ منطُوقة، وأصوات مسمُوعَة متبايّنَة الدَلالَة،  حسبَ ما ‏تحمِله من معنَى. وهي تعتمد على ثلاثة عناصر: الأول رؤية العَين للرَمز، والثاني نشَاط الذِهن في إدراك معنى الرَمز، ‏والثالث التَلفظ بالصوت المعبِر عما يدُل عليه ذلك الرمز مع مراعاة الحركَات وعلامَات الترقِيم‏، أو هي تلك القراءة التي ينقل فيها القارئ المعاني والألفاظ إلى المستمع مستعينا بجهاز النطق‏. ‏

         واستنادا إلى ما سبق نجد بأن القراءة الجهرية في عمومها؛ تقوم على قراءة ما هو مكتوب بصوت عال باعتماد ‏جهاز النطق. ويشير بعض الباحثين، إلى العناصر الرئيسة المعتمدة في القراءة الجهرية والتي يمكن ‏تمثلها فيما يأتي ‏:‏

    ‏1. رؤية العين للمادة المكتوبة.‏

    ‏2. نطق المادة المكتوبة نطقا صحيحا.‏

    ‏3.إدراك المعنى وفهمه واستيعابه‏

    ويعني ذلك أنه يشترك في جوهرها: الرموز، والعين، والذهن، إضافة إلى الصوت.‏

         وتستخدم هذه القراءة في مجالات كثيرة؛ كقراءة الموضوعات، والأخبار، خاصة في الإذاعة والتلفاز، والمحاضرات، ‏والملتقيات، كما تعتمد أيضا كآلية في تقديم بعض المواد الدراسية.‏

    ب ـ القراءة الصامتة:‏

         هي عمليّة فك الرموز المكتوبة، وفهم مدلولاتها بطريقة فكريّة هادئة، وتتسّم بالسهولة ودقّة الملاحظة، ولا دخل للفظ ‏فيها حيث توظف حاسة النظر توظيفاً مركزاً؛ أي يتعدى هذا النوع من القراءة النظر إلى هذه الرموز إذ تنتقل العين فوق ‏الكلمات وتنتقل بدورها عبر أعصاب العين إلى العقل مباشرة، وتجري عملية تحليل هذه الرموز، ثم يأتي الرد سريعاً من ‏العقل حاملاً مدلولات ماديّة ومعنويّة للكلمات المكتوبة سبق أن خزنها. وبمرور النظر فوق الكلمات يتم تحليل المعاني ‏وترتيبها، وفي الوقت نفسه تؤدي المعنى الإجمالي للمقروء‏.‏

         وهي أيضا النظر إلى ما هو مكتوب للتعرف عليه وإدراك معناه، من خلال: تحديد الحروف بواسطة البصر، أو هي ‏ترجمة الرموز المكتوبة إلى حروف ومنها إلى كلمات يفهمها القارئ دون أن يجهر بنطقها‏. إذ يكتفي فيها الفرد ‏بالقراءة داخليا. وتكون أكثر شيء قلبية. ويشارك في هذه العملية العين والذهن لا غير.‏

         ويشيع استعمال هذا النوع داخل قاعات الدرس، كما يمكن تواجدها خارج أسوار المدرسة؛ كقراءة الجرائد ‏والمجلات.‏ ومن فوائدها هي الأخرى: أنها تحقق تركيزا في المادة المقروءة، والتعمق فيها أكثر للوصول إلى الهدف المرجو منها. ‏

    2ـ بحسب الغرض:‏

         انطلاقا من مستوى الغرض، يمكننا رصد جملة تصنيفات تجسدت في الآتي:‏

    قراءة التعرف: يعد هذا النوع من أرقى أنواع القراءة، لكثرة المواد التي يجب على المتعلم أن يقرأها في هذا العصر، ‏ومن سماتها: التأني، والتريث، والفهم ‏.‏

    القراءة السريعة: هي القراءة العاجلة التي يهدف القارئ من خلالها؛ استنباط أكبر عدد من المعلومات في وقت ‏وجيز ويكون هذا النوع أكثر شيء في: قراءة الفهارس، أو قوائم أسماء التلاميذ داخل الصفوف مثلا، وغيرها.‏

    القراءة الممتعة: هي قراءة غير مقيدة بوقت معين، فقد تقرأ في أوقات الفراغ، أو في أوقات الانتظار مثلا. الهدف ‏منها هو: المتعة والتسلية.‏

    القراءة المعلوماتية: وتكون بقراءة كتاب أو أكثر لجمع معلومات عن موضوع محدد أو معين، أو للإجابة عن أسئلة ‏محددة، وتتم الاستعانة في هذا النوع من القراءات بكتب تكون بمثابة مصادر ومراجع ‏.‏

    القراءة التحليلية النقدية: الغرض من هذه القراءة: «الاطلاع على إنتاج الآخرين العقلي لإجراء موازنة بينهما، ‏وتحليل كل عمل ونقده»‏ ‏. وبالتالي فإنها تتضمن إصدار حكم، ولا يقوم بأداء هاته القراءة إلا من أوتي ‏اطلاعا واسعا، ورؤية نقدية ثاقبة.‏

    القراءة التحصيلية: هذه القراءة فيها شيء من التأني، إذ تستدعي الوقوف عند كل حيثية، وعند قراءة الحقائق. ‏‏«ويستعملها المعلم والطالب في المدرسة، أو المعهد، أو الجامعة»‏ ‏.‏

    القراءة الاجتماعية: هي قراءة ترتبط أكثر شيء بأحداث المجتمع وأحواله. كالصحف، ودعوات الزفاف، ‏والإعلانات الخاصة بالوفيات، وغيرها.‏

    القراءة التصحيحية: هي قراءة الغرض منها هو المراجعة من أجل تصحيح الأخطاء الإملائية والتركيبية، ومثال ‏ذلك: قراءة المعلمين لأعمال المتعلمين، والأساتذة لمنجزات طلبتهم، والتي من أمثلتها: تصحيح العروض ‏والبحوث العلمية.‏

    قراءة التذوق: «عبارة عن الاطلاع على كل ما يكتبه أديب بعمق، فيتفاعل مع إنتاجه لدرجة التأثر بشخصيته، ‏ومشاركته في رأيه ومشاعره»‏ ‏. كقراءة الروايات مثلا.‏

    ‏3 ـ بحسب التهيؤ الذهني للقارئ:‏

    ‏3-1. القراءة للدرس: «تتصل بالمهنة، والواجبات المدنية وما أشبه ذلك. وتهدف إلى تحصيل المعلومات وحفظها، ‏ولذلك فهي تمتاز باليقظة والتأمل، والتفرغ والجهد»‏. وهي تقتصر على ميادين معينة فقط، ويكون ميدان التعليم ‏الأكثر بروزا فيها.‏

    ‏3-2. القراءة الاستماعية: يقصد بها العملية التي يستقبل فيها الإنسان المعاني والأفكار الكامنة وراء ما يسمعه من ‏ألفاظ وعبارات ينطق بها القارئ أو المتحدث في موضوع معين، أي أنها قراءة بالأذن تصحبها عمليات عقلية، عناصرها: ‏الانتباه والتركيز والمتابعة ‏.‏

    ويتميز هذا النوع من القراءة بالقدرة على تكوين المفاهيم، وفهم ما تشير إليه من معان مركبة، كما أنها مهمة للأطفال ‏الأسوياء لتعليمهم القراءة والكتابة والحديث الصحيح، وعن طريقها يستطيعون فهم مدلولات العبارات المختلفة التي ‏يسمعونها لأول مرة ‏.

    مهارات القراءة:‏

         تتفرع عن مهارة القراءة جملة من المهارات، وهي مهارات يجب تنميتها في المتعلم بالضرورة. ويمكن تمثلها فيما يأتي:‏

    ‏1ـ السرعة القرائية: ويقصد بها؛ الوقت الذي يستغرقه الطفل الطبيعي في نموه، والمدرب في إعادة بناء الكلمة ‏في ذهنه، مع الانتقال إلى الكلمة التي تليها دون أن يتحسس وجود فترة زمنية بينهما.‏

    ‏2ـ القدرة على تنويع الصوت وتنغيمه.‏

    ‏3ـ القدرة على التمشي في القراءة مع علامات الترقيم.‏

    ‏4ـ ضبط الحركات الإعرابية.‏

    ‏5ـ ضبط الحركات داخل الكلمة (الجانب الصرفي ضبطا سليما).‏

    ‏6ـ القدرة على نطق الكلمة نطقا جيدا.‏

    ‏7ـ القدرة على التفريق بين الأصوات اللغوية المتشابهة.‏

    ‏8ـ إخراج الأصوات من مخارجها الصحيحة.‏

    ‏9ـ القدرة على نطق الصفات الصوتية لبعض الحروف ‏.‏

    ‏10ـ تمثيل المعنى ومعايشته بالصوت والحركة ‏.‏

    طرائق تنمية مهارة القراءة للمبتدئين([8]):

    - النظريات التقليدية المعرّفة للقراءة على أنها تهجئة وفك رموز:

    1.  الطرق التحليلية ( المقطعية) في تعلم القراءة :

         تنطلق هذه الطرق من المسلمة القائلة بأن القراءة تقوم أساسا على الربط بين الرمز المكتوب و الصوت الموافق له، و أن عملية التصويت تتم بتجميع الأصوات إلى بعضها البعض لذلك فأن تعلم القراءة وفق هذه الطرق يتم من الحرف إلى المقطع إلى الكلمة أي من البسيط إلى المركب و من السهـل إلى الصعب و نجد هذا التوجه في تصور القراءة وكيفية تعليمها صدى لدى الباحث الفرنسي Marrou 1948 Henri Iréné الذي يقول في هذا الإطار "يسير التعليم من البسيط إلى المركب و من السهل إلى الصعب... لذلك يجب أن نبدأ في تعلم القراءة بتعلم الحروف ثم المقاطع ثم الكلمات منعزلة ثم الجمل و أخيرا النصوص"
    فمنذ القديم يبدأ الأطفال في تعلم الحروف الهجائية منغمة ثم يتعلمون مختلف المقاطع ليمروا في مرحلة ثالثة إلى تعلم قراءة النصوص المتدرجة في عدد الجمل و المعاني. وتتم القراءة دائما في هذا الإطار جهرية لأنها تتمثل في إطار هذا التصور تمرينا ضروريا لإيجاد التمفصل المناسب بين الرمز والصوت المناسب له .

    2. الطرق اللسانية في تعلم القراءة :

         وهي طرق جديدة مقارنة بالطرق التحليلية ظهرت خلال الستينات من القرن العشرين تأثرا باللسانيات الهيكلية وقد تأثرت هذه الطرق بالمعارف اللغوية الجديدة في مظهريها الشفوي والكتابي بما مكنها من تجاوز التصور الذي تقوم عليه الطرق التقليدية القائمة على التحليل.

         إن المتأمل في مختلف الطرق التقليدية في تعلم القراءة يلاحظ تركيزها على التصويت كمرحلة أساسية للتعلم فالتصويت يمثل في هذا التوجه المجهود الأكبر الذي يجب أن يقوم به المتعلم، واعتمادا على ذلك تعرف القراءة على أنها القدرة على فك الرموز، والتهجئة، والتصويت، وحتى المجلوبات اللسانية لم تكن صالحة إلا لإعادة تجديد نظرية قديمة تعتمد التصويت.

    - النظريات الحديثة لتعلم القراءة والمؤكدة على بناء المعنى([9]):

         تعرف النظريات الحديثة الفعل القرائي بالاعتماد على ملاحظة القارئ الخبير الذي يمكن اعتباره نموذجا يمكن دراسته لتحديد الكفايات الواجب امتلاكها من قبل القارئ المبتدئ.

    1- النظريات الشاملة :

         لقد تأثر أول المنظرين المحدثين والمهتمين بالقراءة بالنظرية القشطلتية ( أو بعلم نفس الشكل) التي يصفها(Edouard Claparède) بالنظرية التي تعتبر الظواهر المركبة لا مجرد تجميع للعناصر التي يجب أن تعزل، وتحدد، وتحلل، بل هي مجموع عناصر تؤلف وحدات مستقلة تتميز بتماسك داخلي وعلاقات منظمة لها ...لقد كان الباحث التربوي(Ovide Decroly)  سنة 1901 يعتمد بيداغوجيا جديدة تتأسس على النشاط الشامل الذي يعتبره الجسر الرابط بين النشاط الحدسي والنشاط الذهني الذكي، وتتميز هذه البيداغوجيا الجديدة بطابع عام حيث يمكن تطبيقها في كل الأنشطة بما في ذلك القراءة .

    وتتمثل الطريقة الشاملة لتعلم القراءة كما يقترحها Ovide Decroly في عرض جمل مكتوبة في قصاصات تستجيب لحاجات التلاميذ بما يسهل حفظها بصفة شاملة. ذلك أن الإدراك البصري للكلمات المعروضة هو الذي يمكن القارئ من بلوغ معنى المكتوب , ويرى هذا الباحث أن هذه المرحلة الشاملة يجب أن تدوم عدة أسابيع أو أشهر حتى يتمكن المتعلمون بصفة مرنة و حسب نسق تعلمهم من تحليل المقروء , لذلك فان مرحلة التحليل لا تدرس بصفة آلية بل تأتي مباشرة بعد التحقق من الإدراك الشامل للجمل المقروءة و في هذا الإطار يؤكد Robert Dottrens أن العمل التحليلي يبقى ضروريا و يجب أن يفضي إلى بناء جداول مقاطع و انجاز تمارين لغوية .

         وتعتبر جل الدراسات النقدية اليوم أن الطريقة الشاملة كانت منطلق الطريقة المزدوجة المعتمدة اليوم والمنتشرة في أقسامنا كما كانت أيضا سببا مباشرا لاختلالات القراءة.

    2- النظريات الجديدة التي تعرف القراءة على أنها إنتاج للمعنى :

         لقد ظهرت هذه النظريات خلال السبعينات متأثرة بمجلوبات علم النفس اللساني فأكدت المكانة الهامة التي يحظى بها المتعلم فكما يتعلم الطفل و هو يتكلم مدفوعا فقط بالحاجة إلى التواصل و دون التحكم في القواعد اللغوية المنظمة لإنتاج الكلام فانه يتعلم القراءة أيضا و هو يقرأ ليبحث عن معاني يخفيها النص المكتوب داخل المجلة أو الكتاب.

       بعض التعريفات التي تؤكد على أن القراءة نشاط ذهني يقوم به القارئ ليبني معاني من المكتوب:
    - تعريف((Louis Legrand: " القراءة تعني بلوغ فكر الآخر بالاعتماد فقط على موارد القارئ نفسه ".

    - تعريف François Richaudeau)): " القراءة تعني القدرة على إنتاج المعنى ".

    - تعريف (Faucombert): " القراءة نشاط إدراكي يؤدي بالقارئ إلى إعطاء معاني للنص المقروء وذلك بالجمع بين هذه المعاني و التجارب الشخصية للقارئ و الرموز المكتوبة المدركة بهدف تخزين ذكرى النص المقروء في شكل انطباع أو حكم أو أفكار". 

         فالقراءة تعني في كل الأحوال أخذ معلومات من سند مكتوب وما يختلف من وضعية قرائية إلى أخرى هو ما نفعله بتلك المعلومات وما يصل إليه القارئ من تأويلات ...        " القراءة نشاط ذهني ذو معنى لأنه يندرج ضمن مشروع قرائي خاص بالقارئ ". ويلاحظ المتأمل في كل هذه التعريفات اشتراكها في اعتبار القراءة نشاطا ذهنيا يقوم على الإدراك ويهدف إلى بناء معنى النصوص المقروءة في إطار مشاريع قرائية يبنيها القارئ نفسه.

         تقوم القراءة على فعل إدراكي تؤمنه عين القارئ من خلال مسح بصري من اليمين إلى اليسار ومن الأعلى إلى الأسفل، مع تكرار العودة إلى الوراء في مرات متتالية. ولا تقوم العين خلال هذه العملية بقراءة كل الحروف بل يتثبت البصر في محطات محددة عادة ما يختارها القارئ وذلك لـ : " إدراك مجموعة من الرموز تكون أكثر أو أقل من الكلمات، ولا تكون بالضرورة مساوية لها ". وبالاعتماد على هذه الرموز، ومجموعة أخرى من المؤشرات يتم إنتاج أصوات ومعاني: معاني أراد الكاتب أن يبلغها، ومعاني يصل إليها القارئ من خلال تأويله للكلمات المقروءة. 

         ويلخص (Georges Belbenoit) هذه التعريفات المعاصرة للقراءة بقوله "كل قراءة هي بحث نشيط عن معنى قد يختلف باختلاف سن القارئ و ثقافته كما تتمثل القراءة أيضا في إدراك معنى واحد وهو المعنى الذي أراد الكاتب أن يبلغه من خلال نصه. وهذا ما يجعل القراءة فعلا تواصليا مع الآخر فالقراءة بناء نشيط للمعنى يتم من خلال وضع فرضيات و التثبت منها لبناء إدراك موضوعي : كل هذه الأنشطة تؤلف الفعل القرائي[10].

    أهداف تنمية مهارة القراءة:‏

         لكل أمر إذا ما تم هدف معين، ولتدريس مهارة القراءة أهداف وجب تحقيقها، منها:‏

    ‏- اكتساب القدرة على القراءة السليمة، مع صحة النطق، وفهم الفكرة العامة.‏

    ‏- اكتساب القدرة على الاستماع.‏

    ‏- إجادة فهم ما نقرأ، ما يؤدي بالذهن إلى القيام بعمليات عقلية لفهم المادة المقروءة على مستوى الذهن.‏

    ‏- تنمية الميل إلى القراءة، وتوسع الخبرات.‏

    ‏- توسيع مدارك التلميذ، وزيادة ثقافته العامة بالإضافة إلى زيادة الثروة اللغوية ‏.‏

    أما فيما يخص القراءة الصامتة؛ فإنها: «توفر جوا من الهدوء يساعد على استيعاب المعاني وترسيخها»‏‏. ‏

    بالإضافة إلى جملة أهداف أخرى ورد ذكرها عند "حاتم البصيص"، على النحو الآتي:‏

    ‏- ينطق في القراءة الجهرية ليحقق حسن الأداء، ومراعاة الترقيم والسرعة الملائمة.‏

    ‏- يميز الرئيس والثانوي فيما يسمع ويقرأ.‏

    ‏- يعرف آداب الحديث والحوار والمناظرة.‏

    ‏- يتذوق جمال الأسلوب فيما يقرأ من القرآن الكريم، والحديث، والشعر، والنثر الفني ‏.‏

    زيادة على ذلك:‏

    اكتساب القيم الفاضلة، وتعديل السلوكيات والاتجاهات السلبية.‏

    تنمية القدرة على التخيل والإبداع.‏

    إكساب المتعلم القدرة على نقد المادة المقروءة والحكم عليها.‏

    الاستفادة من المادة المقروءة في حل المشكلات.‏

    استغلال وقت الفراغ في القراءة المثمرة والاطلاع.‏

    الانتفاع بالمادة المقروءة في الحياة العملية، كقراءة الخطابات، والإعلانات وقوائم الأسعار، واللافتات والتعليمات. ‏

         وللقراءة مهارتان أساسيتان هما: التعرف، والفهم. والمهارات الأساسية للتعرف هي:‏

    ‏1 – ربط المعنى المناسب بالرمز (الحرف) الكتابي.‏

    ‏2 – التعرف إلى أجزاء الكلمات من خلال القدرة على التحليل البصري.‏

    ‏3 – التمييز بين أسماء الحروف وأصواتها.‏

    ‏4 – ربط الصوت بالرمز المكتوب.‏

    ‏5 – التعرف إلى معاني الكلمات من خلال السياقات.‏

    خاتمة:‏

         مهارة القراءة من أهم المهارات المكتسبة، وهي مفتاح أبواب العلوم والمعارف المختلفة، وبناء على ذلك ‏قسمها الباحثون أنواعا شتى، وصنفوها تصنيفات عدة ليسهم كل صنف في خدمة تلك العلوم، وتنمية ‏حصيلة المتعلمين من الألفاظ والتراكيب وسلامة النطق وحسن الأداء.‏ 

     

    الهوامش:

    [1] Renald Legendre. Dictionnaire actuel de l’éducation. 2² édition. Guérin.Québec1993. p: 787

    [2] حسني عبد الهادي عصر. مهارات القراءة. المكتب العربي الحديث للطباع والنشر. ص: 114.

       * الأصل في لفظة قرأ أنها بمعنى الجمع عند معظم اللغويين . فقد جاء في "معجم مفردات ألفاظ القرآن": "قول أهل اللغة إن القرء من قرأ أو جمع، فإنهم اعتبروا الجمع بين زمن الطهر وزمن الحيض – لاجتماع الدم في الرحم. والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، وليس يقال ذلك لكل جمع، لا يقال قرأت القوم إذا جمعتهم، ويدل على ذلك أنه لا يقال للحرف الواحد إذا تفوّه به قراءة". للعلامة الراغب الأصفهاني. معجم مفردات ألفاظ القرآن. تحقيق: نديم مرعشلي . دار الكتاب العربي . 28/11/1972 م/22 شوال 1392هـ. ص : 414.

    كما جاء في كتاب "النهاية في غريب الأثر" في تفسير قرأ أنه : "تكرر في الحديث ذكر القراءة والاقتراء والقارئ والقرآن . والأصل في هذه اللفظة الجمع وكل شيء جمعته فقد قرأته وسمي القرآن قرآنا لأنه جمع القصص والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضها إلى بعض . وهو مصدر كالغفران والكفران وقد يطلق على الصلاة لأن فيها قراءة تسمية للشيء ببعضه وعلى القراءة نفسها يقال قرأ يقرأ قراءة وقرآنا ، والاقتراء افتعال من القراءة. وقد تحذف الهمزة منه تخفيفا فيقال قرآن" .[أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري /النهاية في غريب الحديث والأثر. تحقيق : طاهر أحمد الزاوي ، محمود محمد الطناحي. المكتبة العلمية. بيروت. 1399 هـ/ 1979م ج 4. ص : 30].

    "وقد وردت مشتقات لفظة القراءة في القرآن الكريم في سبع عشر آية. وجاءت كلمة القرآن في واحدة وسبعين آية" . [فخري محمد صالح /دعوة الإسلام إلى إجادة القراءة والكتابة. ط1. دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع مصر. 1415هـ/ 1995 م. ص: 33].

     و(قرأ) على وزن ( فعل ) بالإضافة إلى دلالته على غلبة المقابل ونيابته عن (فعُل) يجيء على معان أخرى   منها: " الجمع والتفريق والإعطاء والمنع والامتناع والإيذاء والغلبة والتحويل والاستقرار والسير والستر والتجريد والرمي والإصلاح والتصويت ". ينظر، أبو أوس إبراهيم الشمسان. أبنية الفعل، دلالاتها وعلاقاتها. ط1. دار المدني. جدة.  1407هـ/ 1987 م. ص: 14.  

    [3] Philipe Pigallet. Méthodes et stratégies de lecture. Pour un art de lire. Partie Connaissance du problème. E.S.F.éditeur. Paris. 1996. P: 28.

    [4] Nicole Gueunier. Lecture des textes et enseignement du français. Hachette 1974. p: 22.

    [5] حسين الواد . نظرية الخطاب مدخلا إلى بناء منهجي القراءة والتعبير باللغة العربية لغة أما . مؤتمر مناهج تعليم اللغة العربية ، آفاق التجديد والتطوير ، من18 إلى 20 أفريل 2004 . مجلة التربية . البحرين 13/12/2004 . ص : 72 .  

    [6]Francine Cicurel. Lectures interactives en langues étrangères . Hachette . Paris 1991. p :14 .   

    [7]Marlène Guillou. Comment une école pour tous les élèves peut assurer pleinement Sa mission d’enseignement de la langue française. Séminaire (La maitrise de la langue une  responsabilité partagée). Ministère de la culture et de la communication. Délégation générale à la langue française et aux langues de France. Centre International d’études pédagogiques en collaboration avec le ministère de la jeunesse, de l’éducation nationale et de la recherche. 8 / 9 décembre 2003. p :124.   

    [8]  ينظر، مجموعة لسانية نقدية https://www.facebook.com/people

    [9]  ينظر، مجموعة لسانية نقدية https://www.facebook.com/people

    [10] ينظر، مجموعة لسانية نقدية https://www.facebook.com/people

     
  • تعليم مهارة الكتابة ‏

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تنمية مهارة الكتابة في اللغة العربية، في المراحل التعليمية الأولى.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تبيّن مفهومي الكتابة والخط.

    - تعدّد أنشطة التدريب على تنمية مهارة الكتابة. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- عبد المجيد عيساني في كتابه: نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة.

    2- عليّان، أحمد فؤاد: المهارات اللغويّة ماهيّتها وطرائق تدريسها.

    3- عطا، إبراهيم محمد. طرق تدريس اللغة العربية.

    4- محمد صالح، الشنطي: فن التحرير العربيّ.

     

    مفهوم الكتابة:‏

    لغة: الكتابة في اللغة لها معانٍ عدّة، هي: الجمع (ضم شيء إلى شيء)، والشدّ (إحكام الشيء)، والتنظيم (تأليف الشيء)، والحرّيّة في التعبير، والقضاء، والإلزام، والإيجاب. والكتابة صناعة الكاتب([1]).قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. [سورة المجادلة/ 21]

    وفي الاصطلاح هي: " أداءٌ لغويٌّ رمزيٌّ يعطي دلالاتٍ متعدّدة، تُراعى فيه القواعدُ اللغويّة المكتوبة، ويُعبّر من خلاله عن فكر الإنسان ومشاعره، ويكون دليلاً على وجهة نظره، وسبباً في حكم الناس عليه "([2]). فالكتابة عملية ناجمة عن قدرة فكرية تنقل اللغة من عالم التجريد والتخيّل إلى عالم الترميز بالحروف والكلمات المخطوطة في الواقع الماديّ، على أن تخضع لقواعد اللغة في تراكيبها وأساليبها، ويميز هذا التعريف بين مستويين للكتابة:

    ‏ - مستوى شكلي؛ يهتم بالخط والتهجي وتنظيم الجمل والفقرات والتهميش والترقيم. ومن ذلك: حمل التلميذ على ‏اتباع القواعد والصفات الخاصة بكل حرف، من حيث حجمه، وكيفية اتصاله بغيره، وامتلاء الأجزاء أو رقتها، وميلها ‏واستقامتها، وطولها وقصرها وغير ذلك من الأصول الفنية، أي؛ تمكن المتعلم من الكتابة بسرعة معقولة في وقت ‏معقول بخط واضح تسهل قراءته، وذلك بتمرين اليد والأعصاب الحركية فيها التي تمكنه من رسم الحرف رسما ييسر فهمه، ‏وكتابة كلمات موافقة للقواعد الإملائية وتكوين العبارات والجمل والفقرات المعبرة.  

    ‏- ومستوى تجريدي؛ يهتم بالمحتوى وبناء الأفكار. فالكتابة قدرة ومهارات: عقلية وجسمية وحس حركية.

    أهمّيّة الكتابة في حياة الإنسان:

         ترجع أهمّيّة الكتابة في الحياة إلى الأمور الآتية:

    أ- هي وسيلة تواصلٍ بين البشر، وأداة اتّصال الحاضر بالماضي، والقريب بالبعيد، ونقل المعرفة والثقافة عبر الزمان والمكان، فالكتابة طريق لِوَصْل خبرات الأجيال بعضُها ببعضِها الآخر، وأداة لحفظ التراث ونقله.

    ب- هي أداة رئيسة للتعلُّم بجميع أنواعه ومراحله، والأخذ عن الآخرين، فكرهم وخواطرهم.

    ج- هي شهادة وتسجيل للوقائع والأحداث والقضايا والمعاملات، تنطق بالحقّ وتقول الصدق.

    د- هي وسيلة للتعبير عمّا يجول في خاطر الإنسان.

    هـ- إنَّها تستلزم الرويّة والأناة والتمهّل، وتعطي صاحبَها فرصةً لتصحيح أخطائه وتعديلها.

    و- إنَّها - غالباً - ما تستخدم الفصحى في أدائها، فتساعد على رقيّ اللغة، وجمال الصياغة([3]).

    أنواع الكتابة:

       ‏ تتميز مهارة الكتابة هي الأخرى بجملة من الأنواع، وذلك بحسب معايير: الغرض، الأسلوب، الأداء.‏

    ‏1- من حيث الغرض: ‏

    ‎ ‎‏ يمكن تصنيفها وفقا لآراء المختصين كالآتي:‏

    ‏1-1.الكتابة التعبيرية: ‏

         ‏تدور حول مشاعر الكاتب وخبراته، وانطباعاته، فهي ترتبط بالتجارب والخبرات الذاتية للكاتب، والتي تكشف ‏عن شخصيته ومشاعره، وتهدف إلى مساعدة القارئ على فهم شيء ما عن الكاتب، وعن أسلوب إدراكه للأشياء. ‏وينحصر هدف الكاتب في التعبير عن نفسه، وما يدور بداخله للآخرين. ومن أمثلتها: المجلات‏.‏‎ ‎أي أنها تشكل ‏همزة وصل بين الكاتب وجمهور المتلقين، ورسالة الكاتب هنا غرضها تعبيري، وهدفها رواية تجاربه، والتعبير عن أحواله.‏

    ‏1-2.الكتابة الإقناعية: ‏

         تهدف إلى إقناع القارئ بقبول وجهة نظر، أو رأي، أو فكرة معينة. وهنا تكون ردود فعل القراء؛ بمثابة عنصر ‏أساسي يرتكز عليه الكاتب عند تأليفه أو كتابته للنص. ومن أمثلتها: الكتابات السياسية. بمعنى أن؛ أفكار ‏الكاتب في هذا النوع تولد جدلا لدى المتلقين، لتكون ردودهم بمثابة آراء نقدية. ويبدو أن نجاح هذه الكتابة مرهون ‏بكثرة توظيف الحجج والبراهين المقنعة من طرف الكاتب.‏

    1-3. الكتابة الأدبية:‏‎ ‎

         يسعى الكاتب من خلالها إلى جلب نظر القارئ وإمتاعه باستخدام التعبيرات الجميلة والصور الخيالية والأسلوب ‏المعبر ومن أمثلتها: الروايات، القصائد، والمسرحيات ‏. وهذا النوع إنما يغلب عليه: الطابع الخيالي، والتعابير المجازية ‏بكثرة.‏

    1-4.الكتابة الأكاديمية:‏‎ ‎

        يهدف الكاتب من خلالها إلى: مناقشة الحقائق والنظريات والأفكار ووصف العالم من حوله. ومن أمثلتها: المقالات، ‏الموسوعات والأطروحات العلمية‏. وهي محاولة لتفسير ظاهرة ما بشكل منهجي أكاديمي.‏

    1-2. من حيث الأسلوب:‏‎ ‎

    أ ـ الكتابة الإبداعية:‏

       نوع من الكتابة يثير قضية أو دعوى للإيضاح والتمييز، ويتم ذلك في إطار جمال المبنى والمعنى، علاوة على قدرته ‏البالغة في التأثير الانفعالي على المتلقي ‏. وهنا نلمح مصطلح التأثير، فمتى أحدث الكاتب تأثيره في القارئ؛ يمكننا ‏القول حينها: إنه أبدع. كما يرى ماهر شعبان أن: الكاتب المبدع هو ذلك الشخص الذي لديه القدرة على إنتاج ‏أفكار مستحدثة تتسم بالجرأة والشجاعة على إذاعة هاته الأفكار‏. وحسبه أن من سمات المبدعين؛ الاستعداد ‏للمخاطر والبحث الدؤوب عن الإثارة.

    ب ـ الكتابة الوظيفية: ‏

         هي التي تتعلق بالمعاملات، والمتطلبات الإدارية، وإنجاز الأعمال بالشركات والدواوين الحكومية. وهي رسمية لها ‏قواعد وقوالب لغوية‏. ومعنى ذلك؛ أنها: تتعلق أكثر شيء بالوظائف، ولها مجموعة من المجالات من بينها: ملء ‏الاستمارات، إعداد الكلمات الافتتاحية والختامية، الطلبات الخطية وغيرها.‏

    1-3.من حيث الأداء([4]):‏

    أ ـ الكتابة الآلية: ‏

         يذكر(عبد المجيد عيساني) في كتابه: (نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة) الكتابة الآلية، قائلا: «والشق الآلي يحتوي ‏على المهارات الآلية الحركية الخاصة برسم حروف اللغة العربية، ومعرفة التهجئة والترقيم في العربية. أي؛ النواحي الشكلية ‏في لغة الكتابة»‏([5])‏. أي أن الجانب الآلي يتوجه نحو الأمور الشكلية للكتابة؛ من ترقيم، وكيفية وضع الحركات وغيرها.

    ب ـ الكتابة العقلية: ‏

         يصف (عبد المجيد عيساني) هذا النوع من الكتابة بقوله: «أما الجانب العقلي فيتطلب المعرفة الجيدة بالنحو، والمفردات، ‏واستخدام اللغة»([6])‏‏، أي؛ أنها كتابة متعلقة أكثر شيء بالتركيب داخل الجمل والنصوص.‏

         وبصورة أخرى يمكن أن نفهم بأن الكتابة الآلية لا تتطلب تفكيرا لأنها شكلية بحتة، في حين أن الكتابة العقلية تستدعي ‏نشاطا عقليا أثناء توظيف الكلمات، وتركيبها في نظام متكامل.‏

    مهارات الكتابة:‏

         إن عملية تعليم الكتابة تستهدف أول ما تستهدف، تكوين المهارات والقدرات الآتية ‏:‏

    ‏-المهارة في رسم الحروف رسما واضحا ودقيقا يجعلها سهلة القراءة ممكنة الفهم.‏

    ‏- المهارة في كتابة الكلمات بحسب القواعد الإملائية المعروفة.‏

    ‏- القدرة على تكوين العبارات والجمل والفقرات التي تؤدي المعاني والأفكار.‏

    ‏- القدرة على تنظيم الأفكار تنظيما تقتضيه طبيعة كل لون من ألوان الكتابة.‏

    ‏- وضع الخطط التنسيقية للكتابة، بحيث تبرز معانيها بوضوح، وتبين تسلسل الأفكار خاصة من حيث الهوامش وكتابة ‏الفقرات.‏

    ‏- استقامة مسار الكتابة ‏.‏

         إضافة إلى:‏

    ‏-القدرة على التكيف مع الوقت المحدد للتحرير.‏

    ‏- الالتزام بعدد الأسطر المحدد.‏

    وعليه؛ فإنه إذا لامس أي معلم هاته القدرات لدى تلاميذه، سيمكّنه ذلك من الحكم على تمكنهم من مهارة الكتابة ‏ومدى إتقانهم لها.‏

    أشكال الكتابة وخطوات تدريسها:‏

    ‏1-أشكال الكتابة:‏

       تنقسم الكتابة إلى أشكال عدة، وتتلون بألوان مختلفة، سبق وأن تطرقنا إليها. وللكتابة أيضا أشكال يمكن ربطها ‏بالجانب التدريسي للتلميذ داخل الصفوف التعليمية. نذكرها كالآتي:‏

    ‏- التعبير الكتابي، الإملاء، والخط.‏

    1ـ 2.التعبير الكتابي:

    ‏1-2-1.مفهوم التعبير الكتابي:‏هو التحرير الكتابي لمجموعة من الأفكار، وخلجات النفس، حول موضوع معين. وهو "  الوسيلة الثانية بعد المحادثة لنقل ما لدينا من أفكار و أحاسيس إلى الآخرين، وهو بالإضافة إلى ذلك إحدى المهارات التي يبرز من خلالها الجانب الإبداعي لدى المتعلمين، تبدأ مراحلها بالقدرة على كتابة الكلمات العربية بحروفها مع تمييز أشكال الحروف، وتنتهي بالقدرة على مراعاة القواعد النحوية واللغوية، وعرض الأفكار بوضوح ودقة وشمول، باستخدام التعابير السليمة المناسبة للمقصود "([7]). ويعتبر التعبير الكتابي آخر حلقة بالنسبة لباقي المهارات الأخرى التي تسبقها لأن المتعلم ينطلق في التعبير الكتابي من عبارات سبق له وأن سمعها وفهمها ونطق بها، وقرأها "([8]).

         والتعبير الكتابي أنواع متعددة، إذ ينفرد ‏كل نوع من هاته الأنواع بمفهوم خاص.‏

    ‏1-2-2.أنواع التعبير الكتابي:‏

    أ ـ التعبير الكتابي الوظيفي:‏

         يعرف التعبير الوظيفي على أنه: التعبير الذي يؤدي غرضا وظيفيا تقتضيه حياة المتعلم داخل المدرسة وخارجها، ‏مثل: كتابة الخطابات الرسمية، والتقارير، والبرقيات‏.‏ ومعنى ذلك أن التعبير الوظيفي بهذا المفهوم؛ هو ما أدى إلى قضاء حاجات المتعلم، وأعانه في حياته اليومية الدراسية ‏منها والاجتماعية.‏

    ب ـ التعبير الكتابي الإبداعي:‏

         التعبير الإبداعي يخص مشاعر الأفراد وأفكارهم بالضرورة. لذا يمكن تعريفه على أنه: "التعبير الذي يعبر فيه الناثر ‏أو الشاعر عن مشاعره وأفكاره، وذلك لكي تنتقل من ذهنه إلى ذهن الآخرين بتأثير قوي وفعال. ويشمل: نظم ‏القصائد، وكتابة المقالات، والمذكرات الشخصية، والتراجم والسير، تأليف القصص والتمثيليات، وكتابة اليوميات"‏ ‏.‏

    أي أن التعبير الإبداعي لدى المتعلم هو مقدرته على إخراج طاقاته الإبداعية كتابيا؛ خاصة فيما تعلق بالكتابات الأدبية ‏كالقصص مثلا.‏

    ج ـ التعبير الكتابي الابتكاري: ‏

      التعبير الابتكاري هو الذي يتميز بالجدة في الفكرة، ويتطلب أفكارا جديدة غير معروفة، وأساليب غير مألوفة وذلك ‏لحل المشكلات‏.‏

    1-2-3.أهمية التعبير الكتابي: للتعبير الكتابي أهمية قصوى في حياة المتعلم خاصة، ولدى الفرد على وجه العموم. ‏ويمكن أن نلخص هذه الأهمية في كونه ‏:‏

    ‏- طريقة اتصال الفرد بغيره، وأداة فعالة لتقوية الروابط الاجتماعية والفكرية بين الأفراد والجماعات.‏

    ‏- أداة للتعلم والتعليم.‏

    ‏- وسيلة تساعد على حل المشكلات الفردية والاجتماعية عن طريق تبادل الآراء ومناقشتها.‏

    2ـ الإملاء:‏

    ‏2-1. مفهومه:

       الإملاء؛ في المتعارف عليه بالمؤسسة المدرسية، نشاط تعلّميّ، يقوم على تدريب المتعلّم على كيفية ترسيخ النظام الترميزي الخطّي للغة، في ذهن المتعلّم، وبالمهارة اليدوية اللازمة لنقل المنطوق من صورته المسموعة إلى الصورة المرسومة، ووفق القواعد المتواضع عليها. وشرط المهارة اليدوية هنا، هو الوصول إلى النقل الجميل. فبعضهم يربط صحّة الكتابة بجمال الخط، حيث يرى (المصطفى بن عبد الله بوشوك) أنّ الإملاء، هو: " الكتابة الصحيحة للحروف. والخطُّ جمالُها، ولا يخفى ما للخطّ الجميل من أثر واضح على نفسية القارئ "([9]). كما عدّوه فرعا من فروع اللغة " يبحث في صحّة بناء الكلمة، من حيث وضع حروفها في مواضعها، حتى يستقيم اللفظ والمعنى "([10]). وعلى هذا، فإنّ هذا البناء لا يتحقّق في اللغة العربية إلا بالكتابة الصحيحة والخطّ الجميل. ولهذا قال (ابن خلدون) في مقدمته: " فالخطّ المجرّد كماله أن تكون دلالته واضحة، بإبانة حروفه المتواضَعَة ورسمها، كلّ واحد على حدة متميّز عن الآخر؛ إلا ما اصطلح عليه الكتّاب من إيصال حرف الكلمة الواحدة بعضها ببعض، سوى حروف اصطلحوا على قطعها، مثل الألف المتقدمة في الكلمة، وكذا الراء والزاي والدال والذال وغيرها؛ بخلاف ما إذا كانت متأخّرة، وهكذا إلى آخرها "([11]). ثمّ إنّ كون " الإملاء فرع من فروع اللغة، فيجب أن يحقق نصيبا من الوظيفة الأساسية للغة، وهي الفهم والإفهام "([12]). ولا يخفى ما في هذا التعلّم من بذل للجهد بالنسبة للمتعلّم؛ فهو بحاجة إلى اكتساب المهارة اللازمة، ليقدّم المكتوب واضح الدلالة، والمعرفة الكافية بقوانين وقواعد الكتابة والخط، والتدرّب على كلّ ذلك. وبالنظر إلى هذه الحاجة ومتطلّباتها، لم يسمّها بعضهم إملاء، يقول (أحمد علي مذكور): " والأجدر بنا أن نتخلّى كلية عن استخدام كلمة (إملاء)، عندما نتحدث عن مهارات التحرير العربي، التي هي التهجّي السليم، ووضع علامات الترقيم في مواضعها، ورسم الكلمات والجمل بطريقة واضحة جميلة، وهو ما نسميه عادة بـ (الخط). ويمكن استخدام مصطلح (مهارات التحرير العربي)، أو (مهارات الكتابة الواضحة)، أو (المهارات الكتابية)، أو غير ذلك من التعبيرات التي ليس فيها (إملاء) "([13]).  وقد أثار (داود عبده) إشكالات عديدة، وهو يعرض لمفهوم الإملاء المدرسي التقليدي، الذي يقوم على إسماع المتعلمين نصّا (جملة أو فقرة)، ثمّ إملائه عليهم ليكتبوه على دفاترهم كتابة خالية من الأخطاء، بدعوى أن هذا السلوك التعليمي يخدم مجموعة من المهارات. وملخّص هذه الإشكالات، لعله يمكن طرحها في السؤال الجامع الآتي: ما الفائدة الوظيفية التي يمكن للمتعلم أن يحصّلها، إذا كان مجرّد ناسخ لصورة ذهنية لكلمة أو جملة يسمعها، عندما يطلب منه ذلك؟ " أليس الهدف هو جعل التلميذ قادرا على الكتابة الصحيحة حين يريد أن يعبّر عن نفسه خطّيا؟ "([14]) يتساءل الباحث. أو لا يُلزَمُ المتعلّم في المدرسة بكتابة ما يملى عليه؟ ثم يردف قائلا: " ليس هناك شكّ في أنّ التلميذ يتدرّب على بعض الأمور المفيدة في الموقف الإملائي التقليدي، كالانتباه إلى ما يقال، والاحتفاظ في ذاكرته بما يسمعه ريثما يكتبه، وكالسرعة في الكتابة في بعض الحالات. ولكن هذه الأمور ليست من المهارات الإملائية. فالمهارات الإملائية التي تكوّن الكتابة الصحيحة، يحتاج إليها الإنسان في المواقف الطبيعية التي يكتب فيها ما يريد هو، وبالسرعة التي تناسبه، فهي وسيلة من وسائل التعبير الكتابي، لا غاية في حدّ ذاتها. ولهذا فإنّ الأخطاء الإملائية فيما يكتبه التلميذ في الموقف الإملائي التقليدي، لا تعكس بشكل دقيق ضعف التلاميذ في الإملاء"([15]). 

       والحقيقة البيداغوجية، هي: " أن تلاميذنا الصغار يجدون صعوبة في التفكير في شيئين في آن واحد. فلو أنك سألتهم أن يعبّروا عن الأفكار والمعاني التي لديهم كتابة، وأن يتذكروا الفواصل، والنقاط، وعلامات الاستفهام، وعلامات التعجب، والهجاء الصحيح للكلمات، والرسم السليم للحروف والكلمات في آن واحد، فهذا يعني أنك تطلب منهم الكثير الذي لا يطيقونه... "([16])، وإدراكا من الباحثين لهذه الصعوبة، فقد حاولوا: " تخفيف الوضع على التلاميذ، والاتجاه بالعملية وجهة تربوية صحيحة، فقسموا الإملاء إلى؛ الإملاء المنقول، والإملاء المنظور، والإملاء الاختباري. ويهدف النوعان الأوليان إلى تدريب التلاميذ على عدد من المشكلات الإملائية، أما النوع الثالث فيهدف إلى قياس مدى سيطرة التلاميذ على هذه المشكلات "([17]). إلا أن الحقيقة البيداغوجية أيضا، هي التي تؤكّد أنّ الإملاء " لا يعدو أن يكون مثيرا صوتيا يعين على استدعاء الصور المكتوبة للكلمات، الصور التي اختزنها التلميذ في ذاكرته نتيجة مشاهدتها، وربما نتيجة نسخها. فالكتابة الصحيحة تتم بالاستعانة بهذه الصور الذهنية، وبمجموعة من القواعد الكتابية التي استخلصت من مشاهدة أمثلة متعددة من الكلمات المكتوبة التي تشترك في تلك القواعد. فالتلميذ يميّز بين (دعا) و(سعى) لأنه رأى الأولى مكتوبة بألف طويلة والثانية بألف مقصورة... وهو في المراحل الدراسية الأولى يستخلص الكثير من القواعد الكتابية بنفسه "([18]). وعليه، فلن يكون درس الإملاء درسا ناجعا، إذا ظلّ يعتمد على تقدير المعلم للمشكلة الكتابية، وتقديره هو لعلاجها بنص يقترحه. فالواقع التعليميّ ما زال يثبت أن درس الإملاء التقليدي، ليس وظيفيا، " بمعنى أنه غير مرتبط بالمواقف التي يُحتاج إليه فيها، أي المواقف الطبيعية للكتابة... فإذا صحّ كلّ هذا، فإنّ من الأفضل أن يُدَرّب التلاميذ على الكتابة الصحيحة في مواقف شبيهة بالمواقف الطبيعية.. "([19]).

    2-2. أنواع الإملاء:

    ‏أـ الإملاء المنقول: هو أن ينقل التلاميذ القطعة من الكتاب أو اللوح بعد قراءتها وفهمها وتهجي بعض كلماتها هجاء ‏شفويا‏. وهو نقل حرفي خالص.‏

    ب ـ الإملاء المنظور: هو أن تعرض القطعة على التلاميذ لقراءتها وفهمها وهجاء بعض كلماتها، ثم تحجب عنهم وتملى ‏عليهم بعد ذلك‏. وفي هذا النوع من الإملاء تبرز قدرات المتعلم في القدرة على التوظيف الصحيح للكلمات.‏

    جـ ـ الإملاء الاستماعي: وفيه يستمع التلاميذ إلى القطعة، وبعد مناقشتهم في معناها وهجاء كلمات مشابهة لما فيها ‏من الكلمات الصعبة تملى عليهم‏. ويعد الاستماع الجيد من أكثر العوامل المؤدية إلى نجاح هذا النوع.‏

    د ـ إملاء الاختبار: هدفه اختبار التلاميذ لمعرفة مستواهم عن طريق إملاء القطعة عليهم دون مساعدتهم في ‏الهجاء‏.‏

         ويعدّ الإملاء المنقول أكثر الأنواع تدريسا في المؤسسات التربوية التعليمية.‏

    2-3.أهمية الإملاء:

         للإملاء أهمية كبيرة، تتجلى في حياة الكاتب عموما ولدى المتعلم بوجه خاص، إذ أنه: الأداة الرئيسة لنقل الفكرة ‏من الكاتب إلى القارئ نقلا سليما إذا صاغها الكاتب صياغة لغوية، وراعى فيها جانب التركيب والأسلوب، ثم كتبها ‏بالطريقة التي اتفق عليها أبناء هذه اللغة، وكان نقل الفكرة نقلا أمينا وشاملا، أي؛ إنه العقد الذي يربط المعلم ‏والمتعلم في نقل الفكرة، وكذا التخلص من عديد الأخطاء الإملائية؛ خاصة الشائعة منها.‏

    3ـ الخط:‏

    ‏3-1.مفهومه:‏ هو فن تحسين شكل الكتابة وتجويدها. لإضفاء الصفة الجمالية عليها، وهو وسيلة الاتصال الكتابية ‏الأولى وإحدى وسائل تجويد التواصل بين الكاتب والقارئ. وبالخط يكون الانتقال من الصوت المسموع إلى الرمز ‏المكتوب‏. أي؛ إن الإملاء مجال تدريب يستطيع المتعلم من خلاله أن يحسن صور الحروف، ويجيد رسمها. ‏

    أنواع الخطوط: تتنوع الخطوط العربية وتتعدد أشكالها حيث يمكن لكل متعلم للعربية أن يختار ما شاء منها، فهناك مثلا: ‏خط النسخ، خط الرقعة، الخط الكوفي، الخط العروضي، خط الثلث أو الفارسي أو غير ذلك.‏

    أهمية الخط:‏للخط أهمية كبرى منذ القديم؛ فقد كان مرجع الكتاب والمؤلفين، ووسيلتهم في التعبير والإبداع. إذ أنه يسهم في ‏تنمية قدرة الفرد على التخيّل وتطويرها، وزيادة الانتباه، وقوة الملاحظة. والخط الجيد يضمن لصاحبه جذب القراء. كما أنه محل ‏اهتمام ودراسة في عملية التحليل النفسي، وهو من أساليب تفسير وتحليل الشخصية‏. ‏

         وتبرز أهميته فيما يخص الجانب التعليمي للمتعلم من خلال القدرة على تحسين كتاباته نتيجة عمليات النسخ المتكررة ‏لبعض القطع.‏

    خطوات تدريس الكتابة:

         تتمثل أهم الخطوات الإجرائية الواجب اتباعها أثناء تدريس هاته الأشكال أو النشاطات فيما يأتي:‏

    ‏1- خطوات تدريس التعبير الكتابي:‏

    أ. التمهيد: ويكون بإثارة نشاط التلاميذ بالتحدث عن الموضوع، ومن ثمة الكتابة فيه وتشويقهم إلى ذلك.‏

    ب. كتابة عنوان الموضوع على السبورة من خلال شرح بعض المفردات الغامضة وإعطاء التلاميذ الفرصة للتفكير.‏

    جـ. العرض: يعرض الموضوع بتقسيمه إلى نقاطه الأساسية، وطرح بعض الأسئلة على التلاميذ والإجابة عنها. وهنا تظهر ‏المعالم الأساسية للتلاميذ.‏

    د. الخاتمة: وهنا يطلب من التلاميذ الكتابة حول الموضوع، بعدما اتضحت عناصره ‏.‏

    2- خطوات تدريس الإملاء:‏

         سنتطرق في هذا المقام إلى مجموع الخطوات المتبعة في تدريس أحد أنواع الإملاء، وهو الإملاء المنقول؛ وقد وقع ‏اختيارنا على هذا النوع تحديدا؛ باعتباره الأكثر اعتمادا في التدريس داخل الصفوف التعليمية، في المراحل الابتدائية ‏المتقدمة. والتي تتمحور في التالي:‏

    ‏- التمهيد: وذلك من خلال استخدام بعض الصور والأسئلة الممهدة للدرس.‏

    ‏- عرض القطعة: من خلال تدوينها باستخدام السبورة أو البطاقات. ويتجنب نقلها دون ضبط كلماتها.‏

    ‏- القراءة النموذجية للقطعة من طرف المعلم، ثم تليها في ذلك قراءات المتعلمين.‏

    ‏- مساءلة التلاميذ من خلال طرح أسئلة شفوية والإجابة عنها.‏

    ‏- الإشارة إلى الكلمات الصعبة من خلال كتابتها بألوان مغايرة وتهجيها من طرف التلاميذ.‏

    ‏-كتابة القطعة.‏

    ‏- القراءة الثانية للقطعة من طرف المعلم، حتى يستدرك التلاميذ بعض الأخطاء التي وقعوا فيها.‏

    ‏- جمع الدفاتر.‏

    ‏- استغلال ما تبقى من الحصة في أعمال أخرى ذات الصلة بنشاط الإملاء. كتحسين الخط وغيرها ‏.‏

    3- خطوات تدريس الخط:‏

    ‎ ‎يسير نشاط الخط وفق جملة من الخطوات، يمكن إجمالها فيما يأتي:‏

    ‏- تمهيد: يمهد المعلم لتعليم الخط بتقسيم السبورة إلى قسمين: الأول للنموذج، والثاني للشرح والتوضيح.‏

    ‏-قراءة النموذج: يقرأ المعلم النموذج المكتوب قراءة جهرية وواضحة أمام التلاميذ. ثم يشرح المعنى شرحا ميسرا مع مناقشة ‏التلاميذ بمعانيه.‏

    ‏-كتابة النموذج وشرحه، ولفت المعلم انتباه التلاميذ، ويطلب منهم ملاحظته في أثناء كتابة النموذج على السبورة.‏

    ‏-المحاكاة: يحاكي التلاميذ المعلم بكتابة النموذج في أوراق، أو كراسات أخرى غير كراسات النماذج، مع مراعاة التأني ‏والدقة في هذه المحاكاة.‏

    ‏-يكلف المعلم في هذه الخطوة التلاميذ بكتابة النموذج في الكراسات المخصصة للخط، وتشجيعهم على التجويد ‏والتحسين ‏.‏

    ‏6- ومن هنا نجد أن هذه الخطوات متسلسلة، ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض أو بتر جزء منها. إذ أنه من خلالها؛ ‏يستطيع المعلم تحقيق الفائدة المرجوة من الخط.‏

     

    الهوامش: 

    [1] ينظر: ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.ق، ج5، مادّة "كتب"، ص158-159، ابن منظور، سالم بن مكرم: لسان العرب، نشر ادب حوزه، 1405هـ.ق، مادّة "كتب"، ج1، ص698-702، الأصفهاني، الحسين (الراغب): مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، ط2، قم، سليمان زاده، طليعة النور، 1427هـ.ق، مادّة "كتب"، ص699.

    [2] عليّان، أحمد فؤاد: المهارات اللغويّة ماهيّتها وطرائق تدريسها، الرياض، دار المسلم للنشر والتوزيع، 1413هـ.ق، ص156.

    [3] ينظر، عطا، إبراهيم محمد. طرق تدريس اللغة العربية، ط2، مكتبة النهضة المصريّة، ص175-176، محمد صالح، الشنطي: فن التحرير العربيّ، ط5، السعوديّة، دار الأندلس، 1422هـ.ق/ 2001م، ص15.

    [4] عبد المجيد عيساني. نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة. ص: 90- 91.

    [5] عبد المجيد عيساني. نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة. ص: 97.

    [6] المرجع نفسه. ص: 99.  

    [7]  زهور شتوح. تعليمية التمارين اللغوية في كتاب اللغة العربية للسنة الرابعة من التعليم المتوسط دراسة وصفية تحليلية. مذكرة ماجستير في اللسانيات التطبيقية. قسم اللغة العربية وآدابها. كلية الآداب والعلوم الإنسانية. جامعة الحاج لخضر باتنة. الجزائر. 2010- 2011. ص: 97.

    [8]  محمد صالح سمك. فن التدريس للتربية اللغوية وانطباعاتها المسلكية وأنماطها العملية. ط جديدة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998 م. ص: 328. 

    [9] المصطفى بن عبد الله بوشوك. تعليم وتعلم اللغة العربية وثقافتها. ص: 282/ 283.

    [10] فتحي الخولي. دليل الإملاء وقواعد الكتابة العربية. مكتبة رحاب. الجزائر. ط 6. 1409هـ/ 1989م. ص: 5.

    [11] ابن خلدون. مقدمة ابن خلدون. ص: 333.

    [12] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرّسي اللغة العربية. ص: 193.

    [13] علي أحمد مدكور. تدريس فنون اللغة العربية. دار الفكر العربي. القاهرة. 1427هـ/ 2006م. ص: 285.

    [14] داود عبده. نحو تعلم اللغة العربية وظيفيا. مؤسسة دار العلوم. الكويت. ط1. 1979م. ص: 37.

    [15] المرجع نفسه. ص: 37/ 38.

    [16] علي أحمد مدكور. تدريس فنون اللغة العربية. ص: 284.

    [17] المرجع نفسه. ص: 285.

    [18] داود عبده. نحو تعلم اللغة العربية وظيفيا. ص: 42.

    [19] المرجع نفسه. ص: 44.

  • تعلمية النص؛ الأدبي، العلمي‏ 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: مناقشة مفهوم النص، وبيان أنواعه، وتحليل كيفية تعليمه وتعلمه.  

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تعرّف النص بأنواعه.

    - تحلّل كيفية تعليمه وتعلّمه. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- ابن منظور. لسان العرب.

    2- بشير إبرير. تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق.  

    3- أحمد سعيد مغزي. النص الأدبي وتعليمية اللغة العربية في التعليم الثانوي.

    4- بدر الدين بن تريدي. قاموس التربية الحديث.

    5- إيمان البقاعي. المتقن، معجم تقنيات القراءة والكتابة والبحث للطلاب.

     

    تمهيد:

        حمل نظام المقاربة بالكفاءات في طياته أفكارا جديدة تحت اصطلاحات حديثة مستمدة من حقول ‏معرفية متعددة، منها مصطلح المقاربة النصية، الذي يعنى بطرح كيفية معالجة النصوص في ضوء المنظومة ‏التعليمية الحالية، حيث يستدعي الأمر النظر إلى النص كنسيج تطرّز خيوطه عن طريق مجموع الروافد ‏‏(المهارات اللغوية الفنية والنقدية) التي تصب فيه.‏

        اهتمّ الباحثون بدراسة النّصّ دراسة لسانيّة، واختلف مستوى هذه الدّراسات باختلاف مستويات النّصّ، ممّا ‏جعل النّصّ مضمارا خصبا قطع فيه اللّسانيّون شوطا كبيرا ،كونه اللّبنة الكبرى التي تحمل اللّغة في جميع مستوياتها، ‏وبِعدِّه منهل الفكر والمعرفة والقالب الذي تنصهر في بوتقته اللّغة، وظهرت اللّسانيّات النّصّيّة لتتكفّل بدراسة النّصّ، ثم ‏انتقل هذا النّوع من الدّراسات إلى المجال التّربويّ التّعليميّ ليُطبَّق ميدانيا فيما يسمّى بـ: " المقاربة النّصّيّة "، هذه المقاربة ‏بمثابة الوجه التّطبيقيّ والتّعليميّ الّذي نتعرّف من خلاله على أبعاد النّصّ ومستوياته ومكوّناته، بغضّ النّظر عن طبيعته ‏وأنماطه. ‏

     

    من لسانيّات الجملة إلى لسانيّات النّصّ:  

        إنّ تجاوز حدود الدّرس اللّغويّ القديم الّذي توقّف عند الجملة بعدّها أكبر وحدة دلاليّة دالّة على معنى وبوصفها ‏القاعدة واللّبنة الأساسيّة الّتي يقوم عليها النّظام اللّغويّ، إلى النّصّ ليصبح هو الآخر أكبر وحدة دلاليّة ولكنّها تحمل ‏أفكارا ومعارفا، إذ هو القالب الّذي تجتمع فيه مستويات اللّغة كافّة، هذا التّجاوز هو من سبيل المغامرة العلمية - إن ‏صحّ التّعبير- في غيّاب التّحديد الدّقيق لمصطلحي الجملة والنّصّ، والأمر بينهما ليس سيّاناً، ولكنّه مع ذلك يظلّ أمرا ‏حتميّا لا بدَّ منه، فقد تبيّن للمختصين أنّه ينبغي عليهم، بل حان الوقت لكي يتجاوزوا الجملة الّتي كان يعتقد جل اللّغويّين ‏البنيويّين، أنّها الوحدة القاعديّة للنّظام اللّغويّ،  وأن يعتبروا النّصّ هو الوحدة القاعديّة للخطاب ‏اللّغويّ.

    مفهوم النص‏:

       جاء في (لسان العرب): "النص: رفعك الشيء. نصّ الحديث ينصه نصا: رفعه. .. والنص والنصيص: السير الشديد والحثّ.. وأصل النص أقصى الشيء وغايته... قال الأزهري: النص أصله منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها، ومنه قيل: نصصتُ الرجل إذا استقصيت مسألته عن الشيء حتى تستخرج كل ما عنده... وفي حديث هرقل: ينصهم أي يستخرج رأيهم ويظهره؛ ومنه قول الفقهاء: نص القرآن ونص السنة أي ما دل ظاهر لفظهما عليه من الأحكام"([1]).  وكذا جاء في (تاج العروس) للزبيدي، وفي (النهاية في غريب الحديث والأثر) لابن الأثير، وفي (الصحاح) للجوهري*.

       فالنّصّ هو المرتكز الأساسيّ للمقاربة التعليمية، كونه محور بناء التّعلّمات وحقلا خصبا لها، ويمكن تحديد مفهوم النّصّ على ‏مستويين:‏

    أ- في المستوى اللّسانيّ:‏

         إن مقاربة لمفهوم مصطلح النص تزعم لنفسها التعريف الجامع والمانع، ستظل تغري الدارسين بالمحاولة، رغم أنها ما زالت تتمنع عليهم؛ لاختلافهم في المنطلقات وفي التوجهات البحثية. وعليه، سيصبح من المنطقي القبول بتعدد التعريفات.     

         ومن جملة التّعريفات التي أحاطت به ما يأتي: ‏

    1.   هو علامة كبرى تتكوّن من دالّ ومدلول ومرجع.‏

    2.   هو سلسلة دالّة من العلامات اللّغويّة، تفيد في تحديد أنّ النّصّ تركيب لغويّ يتألّف من مجموعة من الوحدات ‏والجمل تربط بينها روابط.‏

    3.   وحدة طويلة متغيِّره كخلاصة صفحة من مؤلّف ما، أو فصل أو كتاب أو رواية.‏

    4.   هو سلسلة دالّة من العلامات اللِّسانيّة، توجد بين انقطاعات تواصليّة ظاهرة ‏.‏

    5.   ‏ نستنبط من هذه التّعريفات جملة من الخصائص الّتي يجب توفّرها حتّى يكون النّصّ نصًّا هيّ:‏

    6.   النّصّ وحدة دلاليّة كبرى، ويخرج من هذا التّعريف كلّ ما كان كلمة أو جملة.‏

    7.   يعكس النّصّ جملة من الأفكار والمعلومات والمفاهيم المترابطة فيما بينها.‏

    8.   يضمّ النّصّ مجموعة من الجمل والتّراكيب، ترتبط فيما بينها بمجموعة روابط تحقّق التّرابط النّصّي.‏

    9.   النّصّ معنى أو عدّة معاني متراكمة تتسلسل بانتظام وفق منطق التّدرُّج بالأفكار.‏

    ب- في المستوى البيداغوجيّ: ‏

        النص التعليمي (الأدبي أو العلمي)؛ إنما هو بناء لغوي وفني مختار، مشحون بخطاب بيداغوجي هادف، ومتصرف فيه بأدوات منهاجية لتوليد معرفة معدلة، في حقل تواصلي مصطنع[2]. هكذا رأت البيداغوجيا؛‎ ‎هو سند تعليمي، يمثل محورا تلتقي فيه المعارف اللغوية المتعلقة بالنحو والصرف ‏والبلاغة والعروض وعلوم أخرى كعلم النفس وعلم التاريخ وعلم‎ ‎الاجتماع؛ أي يعدّ النّصّ في الحقل البيداغوجيّ محورا ‏أساسيّا لبناء التّعلمّات ومنبعا رئيسا لها، حيث يستقي الدّرس التّعليمي روافده منه ويستند إليه في الوضعيّات المختلفة، ‏ويمثّل أحد المرتكزات الأساسيّة الّتي تقوم عليها الحياة الاجتماعيّة، إذ لا يمكن تصوّر مجتمع منسجم ومتماسك دون ‏نصوص تنظّم مختلف مؤسّساته وتضبط قوانين استغلالها، وتقنّن التّعامل بين أفرادها بما يضمن لها الثّبات ‏والاستقرار‏.‏

           كما يعرَّف بأنه: نقطة انطلاق عدّة أنشطة في مواد مختلفة، تتّخذه محورا تدور حوله لتحقيق كفاءات أربع‏:

    ‏‏1- الفهم.                 2- الاستماع.‏

    ‏3- التّعبير الشّفويّ.      4- التّعبير الكتابيّ.‏

         وبناء على ما سبق نقول: إنّ النّصّ مجموعة من التّراكيب الّتي تتحقّق فيما بينها خاصّيّة التّناسق والانسجام، ويحمل في ‏ثناياه مجموعة من الأفكار والمعاني الّتي تعكس غرضا تبليغيّا، بغضّ النّظر عن طوله، فهو وحدة دلاليّة كبرى متكاملة ‏المستويات شاملة لها ولجميع مكوّناتها، وهو القالب الّذي تتجلّى فيه اللّغة في جميع مستوياتها وخصائصها.‏

    أنواع النصوص: ‏

    ‏‏      تجدر الإشارة إلى أن مناهج اللغة العربية في المؤسسات التعليمية قد اختارت نوعين من النصوص:  

    ‏1-النص التواصلي (الوظيفي): هو النص التقني الذي تكون لغته لغة الصفر أي لغة عامة المجتمع ‏وغرضه‎ ‎التواصل مع المجتمع.

    ‏2-النص الإبداعي: هو النص الأدبي الراقي.‏

    وقد اقترح (بشير إبرير) أن يتم تصنيف النصوص بالشكل الآتي([3]):‏

    -       نصوص أدبيّة: يتميّز بلغتِه الخلاقة والمبّدعَة التي تهاجِر وتعبر وترحل بين الدَلالات المختلفة، ولذلك تتعدد قراءته وتتسع لوجوه ‏التأويل كما يتميّز بطاقته المنفتحة على الوصف الذي يُتيح للقارئ المتعلم فرصة تصَوّر الأماكن وتمثيلها بعناصِرها المشكلة ‏للنّص، ومن الأنواع الأدبيّة التي يشتمل عليها الشعرِ والقصة والسرد والوصف ‏ ‏.‏

    والنصوص الأدبية أيضا: «قطع تختار من التراث الأدبي، يتوافر عليها خط من الجمال الفني، تعرض على الطلاب فكرة ‏متكاملة، أو عدة أفكار مترابطة، يمكن اتخاذها أساسا للتذوق الأدبي، كما يمكن اتخاذها مصدرا لبعض الأحكام الأدبية ‏التي تدخل في بناء تاريخ الأدب، تقرأ للاستمتاع بجما أسلوبها، وروعة التعبير الأدبي فيها...»‏([4]).

         وعليه ندرك بأن هذا النوع من النصوص يمتاز بتوظيفه للغة المجازية، فيخرج القارئ المتعلم من دائرة الحقيقة إلى المجاز ‏والعاطفة والخيال والإيحاء. والواضح أيضا أن النص الأدبي ينقسم كذلك إلى نص شعري يحتوي على قصائد منظمَة ‏تحتوي على الخيال والعناصر الفنية وله أنواع عديدة حسب موضوع القصيدة والغرض منها، ونص نثري يفتقد إلى القافية ‏يمتلأ بالعناصر الفنيّة والموضوعيّة وله أنواع وموضوعات عديدة. ‏

    -       نصوص علميّة: يتميّز النَّص العلمي بكَونِه «يُقدم حقيقة لا يوجد فيها اختِلاف بين الناس، وإنما يستَعينُون في فَهمِها باختبار ‏نتائجها اختباراً يخضَع لوسائل ماديّة محسُوسة ومعايير الحُكم على مثل هذه الحقائق لا يترك مجَالا للصفاتِ الفرديّة ‏الخاصَة التي تختلف بين الأفراد وإنما تكتسِب معاييرهَا صفة علميَّة لما لها من واقعيَّة يُؤكِدها المنطِق وتُثبتها التجربَة ‏العلميَّة»[5]‏. ‏

    والجدير بالذكر أن النص العلمي يقدّم معلومات واضحة موضوعية قد تكون معلومات رقمية ورسومات بيانية ‏وإحصائيات أو غيرها، قصد شرح ظاهرة وتفصيلها.‏

    -       نصوص إعلامية: ‏يتمثل هذا النوع من النصوص في الصحافة والإشهار، ونحصل عليها من المكتبات والأكشاك والمراكز الثقافية وغيرها، ‏وقد اقترح (بشير إبرير) أن يدرج هذا النص ضمن النصوص التعليمية ليشكل ألفة بينه وبين المتعلم، فيطلع من خلاله على ‏مختلف ما ينشر من خلاله من أخبار ومعلومات وأحداث وطنية ودولية، ويمكن أن يكون الغرض من عرضه عليه هو ‏عقد مقارنة بينه وبين أنواع النصوص السابقة والتعرف على خصائص كل نص([6]). ‏

    -       نصوص حجاجية برهانية: هي نصوص مهمة وصبت الدراسات بشأنها إلى نتائج جد متقدمة، ويبدو أن الهدف منها ‏والبراهين المختلفة واضح، وهو الإقناع وحمل المخاطب على الاعتقاد بالرأي، والتأثير عليه بتقديم الأدلة([7])‏. ‏

    -       نصوص وظيفية إدارية: هي نصوص غرضها وظيفي؛ تتعلق بأداء الوظائف المختلفة، أو تنفيذ مهام إدارية أو تقارير أو ‏تعليمات، ويبدو أن هذه النصوص أيضا تستحق أن تدخل في دائرة النصوص التعليمية، لأنها جزء من حياة ‏المتعلمين الاجتماعية، وهي وسيلة نافعة في قضاء حاجاته اليومية ، وكثيرا ما يتعثر حتى المثقفون أمام هذا ‏النوع من النصوص([8]). 

    طرائق تدريس النصوص في ضوء المقاربة بالكفاءات:

        لقد أصبح تدريس النص الأدبي في الجزائر مرتكزا على مبادئ التدريس بالكفاءات، وبالتالي على استراتيجية التدريس ‏بالمقاربة النصية، وفيما يأتي عرض لهذه الطريقة.‏

    ‏1- طريقة المقاربة النّصّيّة:  

    1-1.مفهومها:

         مفهوم المقاربة إنما يقوم على أساس تقرب المتعلم المستمر من المقصود حتى يتحقق المطلوب. جاء في (المنجد في اللغة والأعلام)؛ أن المقاربة في اللغة لها مدلول الدنو والاقتراب، مع السداد وملامسة الصواب، فيقال: " قارب مقاربة ه: داناه / .. / وقارب في الأمر: ترك الغلو وقصد السداد والصدق "([9]).

    وتتحقق دراسة النص بالمقاربة؛ (بالكيفية وجملة المباديء)، عندما يتحقق الدنو من سطح النص، والتعامل مع بنياته اللغوية المكونة له، والمنغلقة على ذاتها، بهدف تحري المعرفة والرأي السديد، بصدق؛ أي، دون إضمار لخلفيات جاهزة ومشحونة بأحكام مسبقة. فهي مقاربة تعمل على ربط دراسة اللغة بالنصوص؛ أي أنها تأخذ بيد المتعلم لاكتشاف قواعد وقوانين اللغة (نحو النص) في صورة المنجز، والمتحقق فعليا، بدلا من فرضها عليه قسرا (نحو الجملة)، وهذا من خلال نصوص السجل اللغوي الراقي للأدب والفكر، مما يدفع إلى إنجاز القراءة الفاعلة. فـ " المقاربة النصية في التربية تقتضي تناول النص من عدة زوايا: 1. زاوية دلالة النص ومحتواه. 2. زاوية بنى النص اللغوية والتركيبية. 3. زاوية نمط النص ( أهو حكاية، قصة قصيرة، خطبة، رسالة، مقال،؟...). 4. زاوية نية صاحب النص وأهدافه من إنجازه. 5. زاوية السياق التاريخي الذي يندرج ضمنه النص... المقاربة النصية لا تعترف بالجمل؛ فالجملة في نظر هذه المقاربة عبارة عن نص ولو كانت مجرد حرف معنى. إنما هناك جمل تم إنتاجها بناء على نيات تواصلية محددة؛ فقولك لضيفك: (تفضل) ليس جملة وإنما نص يرتبط بسياق محدد، يعبر عن نية المتكلم ويتعلق بمخاطب بعينه. والتعليم بوسـاطة الـمقاربة الـنصـية يعـني: تـناول الـنص في شتى مظاهره على أساس أنه وحدة "([10]). بل يذهب بعض الباحثين إلى اعتبار المقاربة النصية هي ذاتها دراسة النص.

    جاء في معجم (المتقن) أن مقاربة النص: " هي دراسة النص وفقا لمستويات، هي:

    أ- موضعة النص ضمن ظروفه.                    

    ب- استقراء هيأة النص.                       

    ج- تحليل النص من خلال مكوناته من لغة، وتركيب، وأسلوب، ونحو،...

    د- إعادة تركيب النص بعد تنظيم الأجوبة وتصنيفها وجمعها في أحكام كلية.

    هـ - التعليل باستخدام أسلوب المحاججة "([11]).

         والمقاربة النّصّيّة اختيّار بيداغوجيّ، يقتضي الرّبط بين التّلقّي والإنتاج، ويجسّد النّظر إلى اللّغة ‏باعتبارها نظاما ينبغي إدراكه في شموليّة، حيث يُتَّخذ النّصّ محورا أساسيّا تدور حوله جميع فروع اللّغة، ويمثّل البنية الكبرى ‏الّتي تظهر فيها كلّ المستويات اللّغويّة؛ الصّوتيّة والدّلاليّة والنّحويّة والصّرفيّة والأسلوبيّة، وبهذا يصبح النّصّ (المنطوق ‏والمكتوب) محور العمليّة التّعلّميّة؛ فهي إذا تعتمد النّصّ سندا لها وتنطلق منه لبناء محاور الدّرس، ولفهمه ينبغي ‏استحضار الخلفيّات المعرفيّة والثّقافيّة للمتعلّمين بما يحقّق الرّبط بين المدخلات والمخرجات؛ كون النّصّ لا يفسّر بعضه ‏بعضا.‏

    1- 2. مستويات المقاربة النصية: ‏

         تسعى المقاربة النصية إلى استغلال المقروء في تعلمات جديدة، ولتمكين المتعلم من تحقيق هذه الكفاءة ‏لابد أن تغطي مستويين مهمين هما‏:‏

    أ- المستوى الدلالي(الفكري): فمبدؤها الانطلاق من النص كمحور لكل التعلمات، وفيه تصب كل الروافد، ‏من قراءة، تعبير، مطالعة، ظواهر لغوية، ومبادئ عروضية وبلاغية؛ وعليه فهي تسعى إلى جعل المتعلم يثري ‏رصيده اللغوي بدلالات جديدة، وينمي رصيده الفكري من خلال اكتشاف معطيات النص ومناقشتها، مع ‏تفحص تركيب فقراته ومدى اتساقها وانسجامها.‏

    ب- المستوى البنائي: تقتضي المقاربة النصية التحكم في الإنتاج الشفوي والكتابي وفق منطق البناء لا التراكم ‏‏-كما أشرنا سابقا-، وعليه ينبغي أن يكون المتعلم قادرا على نسج نص على منوال النص المدروس مع ‏احترام خصائص نمطه ومميزاته.‏

         والجدير بالذكر في هذا المقام هو أن تدريس روافد النص كلها متضمن في هذه المقاربة، وأن أهم ما ينبغي ‏إلحاقه بتدريس النص هو البلاغة والنقد الأدبي والعروض وموسيقى الشعر. ‏

    أسس اختيار النصوص التعليمية: ‏

         تقاس كفاءة المناهج التعليمية بما تحققه من كفايات لغوية ومعارف، ولكي يتم تحقيق ذلك لابد من اختيار ‏نصوص تعليمية مناسبة للمواقف التعليمية، ذلك أن النصوص وفق المقاربة النصية هي المنبع الرئيس الذي ‏تصب فيه مختلف الأنشطة اللغوية، ومن الضروري أيضا ان يتم هذا الاختيار وفق أسس تربوية وعلمية دقيقة، ‏أهمها:‏

    ‏- أن يكون النص مرتبطا بما يجري في المجتمع من أحداث مهمة.‏

    ‏- أن يكون بعيدا عن التعقيد في المعنى، والصعوبة في التركيب، والغرابة في اللفظ، بل يجب أن تراعى فيه ‏قدرات المتعلمين وميولاتهم واهتماماتهم.‏

    ‏- أن يكون مناسبا لمرحلة نمو المتعلم وحاجاته فكرة وخيالا وأسلوبا، لينجذب إليه دون ملل.‏

    ‏- أن يكون متنوعا يشمل أهم الأغراض والفنون، كما ينبغي أن يمس مختلف القضايا الاجتماعية والفكرية ‏والأدبية والعلمية والاقتصادية، حتى يتم الإلمام بمختلف أنواع النصوص ‏.‏

    ‏- أن يكون النص متنوع الصيغ والتعابير والأدوات، سواء على مستوى الألفاظ أم على مستوى التركيب أم ‏من ناحية المعاني.‏

    خاتمة:‏

        النّص عبارة عن مَادة ثقافيّة إنسانيّة ومجال لتنميّة خبرات الفرد من جميع النواحي، فالنّص محور رئيس تدور في فلكه ‏كل النشاطات اللّغويَة خدمة لملكَة التعبيّر، يتصف بالذَوق الأدبي الذي يُرغب التلميذ في الإقبال عن القراءة، و يجذبُ ‏انتبَاهه ليُحفزه على التعلُم، كما تشتَغل النصُوص من أجل تمكيّن المتعلميّن من قراءة مسترسَلة ومعبِّرة، وتكون القراءة وفق ‏قواعد متتَبعة من أجل الإدراك والفهم، ومن أهم وظّائف النَص التأثير الفعَّال والكشف عن التفاعل بين القارئ والنص ، ‏فالعمليّة التواصليّة تقتصر على فعاليَة القارئ والتحكم في النّص للوُصول إلى المغزى المطلُوب.‏

         ومما لاشك فيه أن الإجراء النصي المعروف بـ( المقاربة النصية) له من الأهمية ما له، حيث يمكن أن يحافظ ‏على ترابط الأنشطة وتفاعلها، الأمر الذي يكسب المتعلم جملة من المعارف والقدرات والخبرات الرامية إلى ‏تنمية كفاءته في التواصل الشفوي والكتابي سواء داخل المدرسة  أم خارجها؛ كما تكمن أهميته في جعل ‏المتعلم قادرا على بناء معارفه بنفسه، عن طريق المشاركة والحوار أثناء إنجاز الدرس؛ كما يعمل على تدريب ‏المتعلم على دراسة النص بشكل واف (معجمه، تراكيبه، دلالاته، تذوقه)،ويساعده أيضا على الانفتاح على ‏مبادئ النقد، وإبداء الرأي، واستخدام العقل أثناء تقرير الأمور.‏

     الهوامش:

    [1] أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. لسان العرب. ط3. مجلد7. دار صادر. بيروت. 1414هـ /1994م. ص: 97/99.

    *. تنظر هذه المعاجم. مادة (ن،ص).

     [2]  أحمد سعيد مغزي. النص الأدبي وتعليمية اللغة العربية في التعليم الثانوي دراسة وصفية لواقع التفاعل اللغوي لدى تلميذ التعليم الثانوي العام في الجزائر. أطروحة دكتوراه. قسم اللغة والأدب العربي. كلية الآداب واللغات. جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2. الجزائر. 2016. ص: 66.

    [3]  ينظر، بشير إبرير، تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق. ط1، عالم الكتب الحديث. إربد، الأردن، 2007. ص: 114 وما بعدها.

    [4]  بشير إبرير، تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق. ص: 114.

    [5]  المرجع نفسه. ص: 115.

    [6]  بشير إبرير، تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق. ص: 115.

    [7]  المرجع نفسه. ص: 116.

    [8]  المرجع نفسه. ص: 117.

    [9]  المنجد في اللغة والأعلام. ط 29. دار المشرق. بيروت. 1987م. ص: 617. 

    [10]  بدر الدين بن تريدي. قاموس التربية الحديث. منشورات المجلس الأعلى للغة العربية. دار راجعي للنشر والطباعة. الجزائر.  2010م. ص: 335.

    [11]  إيمان البقاعي. المتقن، معجم تقنيات القراءة والكتابة والبحث للطلاب. دار الراتب الجامعية. بيروت. لبنان. ص: 225.

  • الاختبارات اللغوية 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحديد مفهوم الاختبار اللغوي، وبيان كيفية بنائه.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تحدّد مفهوم الاختبار اللغوي.

    - تبيّن كيفية بناء الاختبار اللغوي السليم.   

     

     القراءات المساعدة:

    1- جرجس ميشال جرجس. معجم مصطلحات التربية والتعليم.

    2- فاضل فتحي محمد والي. تدريس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية طرقه أساليبه قضاياه.

    3- دوايت إلويد وآخران. أساسيات التقييم في التعليم اللغوي. ترجمة الدامغ.

    4- عبد الكريم غريب. المنهل التربوي.

     

    تمهيد:

         يعد الاختبار أحد أهم وسائل التقويم والقياس في عملية التعليم والتعلم بصفة عامة، وتعليم اللغة بوجه خاص، لأنه ‏أداة للحكم على أداء المتعلم، ومدى تمكّنه من الكفاءات اللغوية المستهدفة، واتخاذ قرار بالنظر في مستواه التعلمي، ‏وتشخيص أخطائه.    

       وللاختبارات أهداف متعددة، لذا علينا أن نتساءل عند وضع كل اختبار: هل الهدف من الاختبار الوقوف على الكم ‏والكيف الذي درس من المقرر، والقدر الذي حصله الدارسون من هذا المقرر؟ أم هو اختبار يهدف إلى اختيار الأفضل ‏الدارسين؛ لوكل إليهم عمل معين في ضوء كفايتهم اللغوية؟ أم هو اختبار قصد منه تصنيف الدارسين الجدد، ووضع كل ‏واحد منهم حسب مستواه في المجموعة التي تناسبه؟  

    مفهوم الاختبار:

    لغة: اختبر الشيء: خبره، وخبره خبرا وخبرة ومخبرة: بلاه وامتحنه، و-: عرف خبره على حقيقته. فهو خابر. ‏

    ‏اصطلاحا: الاختبار " في لغة التعليم، هو الامتحان الخطّيّ أو الشفويّ أو العمليّ، يهدفُ الممتحِنُ من خلاله إلى معرفة قدرة المتعلّم على استيعاب الشرح، وفهم مضمون الدرس موضوع الاختبار، أو مدى قدرته على النجاح في تنفيذ عمل تقني أو رياضي معيّن "([1]). وكما يقع الاختبار في العمل التقنيّ، أو الرياضيّ، فإنه يكون في المادة اللغوية، وقد رأى بعض الباحثين أن تعريفه يكون وفق الآتي: " الاختبار اللغوي؛ هو أيّ إجراء منظم يستعمله المعلم في ملاحظة أداء متعلّميه في إحدى المهارات اللغوية، وتقدير هذا الأداء حسب مقياس عدديّ، يحدد للمعلم مستوى ما وصل إليه المتعلم من مهارة بقصد تحقيق غاية أو أهداف معينة "([2]).    

    مواصفات الاختبار الجيد:  

         " بغض النظر عن استعمالات نتائج الاختبارات، يتطلب الاختبار الجيد التفكير الواضح، كما ينبغي أن يكون شفافا، ومعتمدا على الإجماع، ومدارا بالمواصفات. وينبغي كذلك أن يكون متفاعلا حيث توجد له دورات بمرور الزمن للتغذية الراجعة، وذلك مع نمو الاختبار وتطوره. ويجب أن يكون منطلقا من الإجماع، عندما تكون نتائج المناقشات والحوارات حول تطويره خالية من التوجيهات التي تملى من الأعلى. ويقترح كذلك أن يكون مدارا بالمواصفات، حيث تعضد مواصفات الاختبار اكتشاف المستويات العليا من المعرفة "([3]).     

       وحتى يكون الاختبار ناجحا، فلا بد من اتسامه بجملة من السمات، نحو؛ الصدق، والثبات، والموضوعية. ونفصد بذلك: 

    - الثبات:‏  يقصد بالثبات عدم التذبذب في الاختبار إذا ما قصد به أن يكون بمثابة المقياس. فالمقياس المتري مثلاً يمكن أن ‏تقيس به الطول والعرض لعدة أشياء، ويمكن بعد فترة أن تقيس الأشياء نفسها بالمقياس المتري نفسه وتحصل على النتائج ‏نفسها دون تذبذب ما دام الطول والعرض كما هما لم يتغيرا. وعلى هذا فإن ثبات الاختبار يرتبط إلى حد كبير بثبات ‏التقدير العام أو حتى الدرجات التي يحرزها الدارس نفسه، فإذا ما تذبذبت درجاته فإن هذا يعني أن المقياس أو الاختبار ‏لا يتصف بالثبات. فمثلاً إذا قدمنا اختباراً معيناً لنخبة من الدارسين اليوم، وبعد تحصيل نوعي وكمي معلوم لدينا، ثم ‏قدمنا هذا الاختبار نفسه للنخبة نفسها تحت ظروف مطابقة أو مشابهة دون إضافة جديد ثم جاءت النتائج مختلفة ‏اختلافاً بيناً، فيمكن القول في هذه الحال بأن هذا الاختبار يفتقر إلى الثبات وبالتالي فهو اختبار غير جيد ‏. 

    - الصدق: ‏ إن صدق الاختبار يعني إلى أي مدى يقيس الاختبار الشيء الذي وضع من أجله. فإذا كان قد وضع لقياس ‏حصيلة الدارس في المفردات، فهل يقوم بقياس هذا العنصر حقاً أم أنه يقيس عنصراً آخر كالتراكيب أو الأصوات؟ إن ‏اختباراً صمم لقياس قدرة الدارس على الترجمة لا يعني إطلاقاً أنه يمكن أن يكون مقياساً تقاس به مقدرته على الكلام. ‏وكذلك اختبار الإملاء لا يصلح أن يكون مقياساً يقاس به النطق السليم ‏. ‏

    - سهولة التطبيق:‏  قد يتمتع الاختبار بدرجتي ثبات وصدق عاليتين إلا أنه لا يمكن تطبيقه لسبب من الأسباب التي تتصل بـ:‏

    ‏– التصحيح.‏

    ‏– أو الإمكانات المادية.‏

    ‏– أو عدم توافر الظروف التي يتطلّبها إجراء الاختبار من حيث الوقت.‏

    ‏– أو عدم توافر أجهزة بعينها يستلزمها تطبيق الاختبار وتخرج عن إمكانات وقدرات الجهة المنفّذة له ‏.‏

    ‏وكل اختبار يخرج عن ذلك لا يكون علميا، كأن يكون باهظ التكاليف، أو يتطلب عشر ساعات للإجابة، أو مراقبا ‏لكل طالب، أو وقتا طويلا لتصحيحه، أو يصعب تحديد الدرجات فيه إلا بالاستعانة بالحاسوب مثلا، أي أن القيمة الحقيقية للاختبار تكمن في قيمته التعليمية واستثماره في رفع قدرة المتعلمين على تلقي المعلومات، وعلى ‏تحليل بياناته تحليلا صحيحا.‏

    - التمييز:‏ من صفات الاختبار الجيّد أن تكمن فيه القدرة على التّمييز بين مختلف الدارسين من حيث الأداء؛ ففي كلّ صف ‏من الصفوف نجد تبايناً بين الدارسين، فهناك المتفوّق والضّعيف ومستويات بين هؤلاء وهؤلاء. ولكي يفرّق الاختبار بين ‏هذه الفئات، فإنّ على واضعي الاختبارات أن يتوخّوا الدقة قدر الإمكان في مدى سهولة الأسئلة وصعوبتها بحيث لا ‏تكون كلّها صعبة يبرز فيها المتفوّقون فقط، أو متوسّطة يجيب عنها المتفوقون والمتوسّطون دون الضعاف، أو سهلة كلها ‏بحيث لا تفرّق بين الجميع ‏. ‏

    - الموضوعية: من أهم صفات الاختبار الجيد أن يكون موضوعياً في قياسه النواحي التي أعد لقياسها. ويمكن أن تتحقق الموضوعية ‏في الاختبار عن طريق فهم أهداف الاختبار والتعليمات والتوجيهات فهما واحداً كما يريدها واضع الاختبار، وأن يكون ‏هناك تفسير واحد للأسئلة والإجابات المطلوبة منه، فلا تسمح صياغة السؤال بفهم معنى آخر غير المقصود به؛ لأن ‏الاختلاف في فهم المضمون نتيجة وجود لبس أو غموض في التعبير يؤثر في صدق الاختبار، وبالتالي في ثبات ‏نتائجه[4]‏.‏

    أنواع الاختبارات اللغوية: ‏

         يمكن تصنيف الاختبارات اللغوية بالشكل الآتي: ‏

    1-  بحسب المثير والاستجابة: وهي نوعان‏ ‏:‏

    ‏1-1.الاختبارات الإسقاطية: يكون المثير فيها غير محدد.‏

    ‏1-2.الاختبارات محددة البناء: يكون المثير فيها واضحا ومفتاح الإجابة محددا.‏

    2-  بحسب طبيعة الأداء: تسمى اختبارات الأداء، وتمثلها: الاختبارات التحريرية والاختبارات الشفوية ‏.‏

    3-  بحسب العدد: تضم‏:‏

    ‏3-1.اختبارات فردية: تطبق على متعلم واحد في المرة الواحدة؛ مثل: الاختبارات الشفوية.‏

    ‏3-2. اختبارات جماعية: وهي الاختبارات المقالية أو الموضوعية التي تؤدى عادة باستخدام الأوراق والأقلام.‏

    4-  بحسب جهة الإعداد: تنقسم إلى:‏

    ‏4-1. اختبارات رسمية مقننة: يصممها مجموعة من الخبراء المتخصصين، وهي تلك الاختبارات التي تكون طريقة ‏تطبيقها وموادها وتعليمات إجابتها وطريقة تصحيحها موحدة قدر الإمكان ‏ .‏

    ‏4-2. اختبارات شخصية أو غير مقننة: هي اختبارات يصممها المعلم بنفسه، ولا تخضع لكل معايير الاختبار ‏الناجح، ومثالها: الاختبارات الشهرية ‏. 

    5-  بحسب طريقة التصحيح ‏: ‏

    5-1. إنساني: يقوم المعلم بتصويبه بنفسه.‏

    5-2.محوسب: يصحح آليا.

    5-3. إلكتروني: يصمم ويدار ويطبق عبر الشابكة، ويصوب إلكترونيا فور إنهائه.‏

    6-  بحسب خطوات/أوقات التنفيذ:‏

    ‏6-1.اختبار السرعة واختبار التحصيل‏

    ‏6-2. اختبار تكويني واختبار نهائي.‏

    ‏6-3. اختبار قبلي واختبار بعدي.‏

    ‏6-4. اختبار معلن واختبار فجائي‏ ‏.‏

    7-  بحسب أهدافها اللغوية: تنقسم إلى

    ‏7-1.اختبار الاستعداد اللغوي:‏

    هو عبارة عن مقياس يفترض أن يتنبأ، ويفرق بين أولئك المتعلمين الذين لديهم استعداد لتعلم اللغة الأجنبية، أو ‏لتعلم اللغة القومية، وأولئك يقل لديهم هذا الإحساس أو ينعدم، فهو بذلك اختبار مصمم لقياس الأداء المحتمل ‏لدارس اللغة حتى قبل أن يشرع في تعلمها. ‏

    ‏7-2. اختبار التشخيص:‏

       يتم إعداد هذا الاختبار بغية مساعدة كل من المعلم والمتعلم على معرفة نقاط الضعف والقوة لدى الدارس، ومدى ‏تقدمه في تعلم عناصر بعينها في دورة اللغة، ويعقد هذا الاختبار عادة بعد نهاية كل وحدة في الكتاب المقرر، أو حتى بعد ‏كل درس في الوحدة.‏

        ومن هنا يتبين أن هذا النوع من الاختبارات يكتسي أهمية بالغة، ذلك أنه يعطي نتائج سريعة تشير إلى مواطن القوة ‏والضعف لدى دارس اللغة، ولما كانت أهدافه قصيرة المدى، وجب على مدرس الصف أن يكون منتبها ومستغلا لنتائج ‏متعلميه دائما، وأن يعتني ويأخذ بعين الاعتبار كل أوجه التحصيل التي يتوصل إليها عن طريق الاختبار التشخيصي.‏

    ‏7-3.اختبارات الكفاية اللغوية:‏

       ‏ تسمى أحيانا اختبارات قياس القدرة اللغوية، غايتها معرفة مدى استطاعة المتعلم في ضوء خبراته السابقة والمتراكمة ‏والقيام بأعمال يطلب منه أداؤها، وهي بهذا نقيض الاختبارات التحصيلية، إذ أنها تنظر للأمام؛ أي إلى كفاية الدارس في ‏القيام بأعمال تطلب منه مستقبلا، في حين نجد أن الاختبارات التحصيلية تنظر إلى الخلف ‏.‏

    ‏7-4.اختبار التصنيف:‏

      يصمم هذا الاختبار بهدف توزيع الدارسين الجدد، كل حسب مستواه في مجموعة من المجموعات التي تناسبه، حتى ‏يتسنى البدء في دورة اللغة، أو حتى لا يجلس في مجموعة أعلى من مستواه، فيضيع بينهم، أو مع مجموعة أدنى من مستواه ‏فيفقد الدافعية والحماس، وهدا النوع من الاختبارات لا يعالج نقاطا تعليمية معينة، ولكنه اختبار عام يختبر ما عند ‏الدارس وما حصله قبل أن يجلس إلى الاختبار

    ‏7-5. اختبار التحصيل:‏

       ‎ ‎يصمم الاختبار التحصيلي لقياس ما يكون الدارس قد درسه من دروس أو وحدات، أو لقياس ما درسه في دورة ‏دراسية بأكملها، ويقصد به اكتشاف المستوى الذي توصل إليه الدارس، مقارنة بزملائه الآخرين في المستوى ‏نفسه ‏.‏

    بحسب المهارات اللغوية: يقسمها الباحثون إلى ‏:‏

    اختبار مقالي إنشائي: (اختبارات مقالية ذات استجابة ممتدة، واختبارات مقالية ذات استجابة مقيدة).‏

    اختبار موضوعي: وينقسم بدوره إلى: ‏

    الإجابات المنتقاة: (أسئلة الاختيار من متعدد- أسئلة صواب/ خطأ- أسئلة المزاوجة).‏

    صيغ المفردات الموضوعية المنتجة من قبل المتعلمين: (أسئلة التتمة المنتظمة- أسئلة اختبار التكملة- أسئلة الترتيب).‏

    اختبار تحديد المستوى واختبار الكفاءة اللغوية.‏

    اختبار فهم المسموع.‏

    اختبار الإنتاج الشفوي.‏

    اختبار فهم المقروء.‏

    اختبار الإنتاج الكتابي.‏

    اختبار اللغة الإلكتروني واختبار اللغة المحوسب.‏

    وليس هذا فحسب، بل إن الباحثين استطاعوا أن يوجدوا عدة معايير أخرى من أجل تصنيف الاختبارات اللغوية، ‏لكننا لا نستطيع أن نفصل فيها كلها ضمن محاضرة واحدة. ‏

    خطوات إعداد الاختبار اللغوي السليم:

       يتطلب إعداد الاختبار قواعد منهجية ينبغي اتباعها، وفيما يأتي مشجر يختصر مجموع الخطوات المتبعة في إعداده ‏:‏

    -       تحديد الغرض من الاختبار

    -       تحليل المحتوى، صياغة الأهداف، إعداد جدول المواصفات

    -       تصميم/ بناء فقرات الاختبار

    -       إخراج الاختبار، ترتيب الفقرات، طباعة الاختبار، إعداد التعليمات، إرفاق ورقة الإجابة.‏

    -       تجريب الاختبار تجريبا أوّليّا

    -       تطبيق الاختبار، تنظيم الطلاب، توزيع الأوراق، المراقبة، جمع الأوراق.‏

    -       تصحيح الاختبار(يدوي، مثقب، كمبيوتر).‏

    -       تحليل النتائج وتفسيرها

    الأهداف التعليمية للاختبار:  

    _ تشخيص الصعوبات التي تواجه المتعلمين في دراسة موضوع معين.‏

    _ معرفة المهارات التي اكتسبها المتعلمون في موضوع معين، ليقوم المعلم بتحديد أهداف الموضوع المراد قياسه ‏.‏

    أسس قياس مهارات اللغة الأربعة:‏

    1- مهارة الاستماع: لا بد أن نراعي أثناء التدريب على هذه المهارة المدة اللازمة لتسميع النص، بحيث يتمكن المتعلمون ‏من استيعابه بأكمله، وأن يكون الصوت واضحا، والتسميع خاليا من الأخطاء.‏

    2- مهارة التعبير الشفوي: تهدف اختبارات هذه المهارة إلى قياس قدرة المتعلمين على الإنتاج الشفوي بمستوياته ‏المختلفة:( مستوى النطق-مستوى تكوين الجمل-مستوى الكلام المتصل)، ومن وسائل القياس الموظفة فيه ‏القراءة الجهرية والمقابلة الحرة والتعبير الحر واختبار التنغيم واختبار النبر وغيرها.‏

    3- مهارة القراءة: من الضروري أن تراعي هذه الاختبارات وضع أسئلة بمستويات لتقيس المهارات العقلية الدنيا والعليا ‏لدى المتعلمين قصد التمييز بينهم. ويتم ذلك بوضع عدد من الأسئلة: الأولى حرفية تكون إجابتها متضمنة ‏في النص، والثانية استنتاجية إجابتها غير مباشرة، وتتطلب التفكير، أما الثالثة فتختص بالتحليل الناقد، ‏حيث تعود المتعلم عل التخيل والتفكير العميق.‏

    4- مهارة الكتابة: هذا النوع من الاختبارات يكون مقاليا أو موضوعيا –كما ذكرنا سابقا-، وينبغي أن تقاس هذه ‏المهارة وفقا لأشكالها المختلفة، ويكون ذلك على مستويات؛ تبدأ عند الخط مرورا بكتابة الحروف، وكتابة ‏الكلمات والجمل والفقرات والمقالات وتنتهي عند كتابة بحث ‏. ‏

    أي أن إعداد اختبارات اللغة ليس أمرا يسيرا، بل إن كل مهارة تتطلب إجراءات معينة ينبغي على المعلم أو الجهات ‏الرسمية أن تأخذها بعين الاعتبار.‏

    خاتمة:‏

         لقد عرفنا من خلال ما سبق أن الاختبار اللغوي وسيلة رئيسة من وسائل تعليم اللغة، حيث إنه يمكننا من ‏تحديد مستويات الكفايات اللغوية التي يمتلكها متعلمو اللغة أو مدى تمكنهم من المحتوى اللغوي المقدم إليهم، ولا بد ‏لكل اختبار من شروط ومواصفات تحكم إعداده ليكون ناجحا ويحقق أهدافه تلك، حيث إن ذلك لا يتعلق ‏بالاختبار في ذاته، بل يتعداه إلى تكوين المعلم وخبراته اللغوية والمعرفية وحتى النفسية، لأن قياسه ليس بالمسألة الهينة، ‏لا سيما وان الموضوعية والصدق أهم مواصفات الاختبار الناجح. 

     

    الهوامش:

    [1]  جرجس ميشال جرجس. معجم مصطلحات التربية والتعليم. ط1. دار النهضة العربية. 1426هـ- 2005م. بيروت. لبنان. ص: 22. 

    [2]  فاضل فتحي محمد والي. تدريس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية طرقه أساليبه قضاياه. ط1. دار الأندلس للنشر والتوزيع. حائل. المملكة العربية السعودية. 1418هـ / 1998م. ص: 395- 396. 

    [3]  دوايت إلويد وآخران. أساسيات التقييم في التعليم اللغوي. ترجمة خالد بن عبد العزيز الدامغ. النشر العلمي والمطابع. جامعة الملك سعود. المملكة العربية السعودية. 1429هـ / 2008م. ص: 26.

    [4]  [4]  ينظر، فاضل فتحي محمد والي. تدريس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية طرقه أساليبه قضاياه. ص: 392.