Résumé de section

  • تعليم مهارة الكتابة ‏

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: تحليل كيفية تنمية مهارة الكتابة في اللغة العربية، في المراحل التعليمية الأولى.

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تبيّن مفهومي الكتابة والخط.

    - تعدّد أنشطة التدريب على تنمية مهارة الكتابة. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- عبد المجيد عيساني في كتابه: نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة.

    2- عليّان، أحمد فؤاد: المهارات اللغويّة ماهيّتها وطرائق تدريسها.

    3- عطا، إبراهيم محمد. طرق تدريس اللغة العربية.

    4- محمد صالح، الشنطي: فن التحرير العربيّ.

     

    مفهوم الكتابة:‏

    لغة: الكتابة في اللغة لها معانٍ عدّة، هي: الجمع (ضم شيء إلى شيء)، والشدّ (إحكام الشيء)، والتنظيم (تأليف الشيء)، والحرّيّة في التعبير، والقضاء، والإلزام، والإيجاب. والكتابة صناعة الكاتب([1]).قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. [سورة المجادلة/ 21]

    وفي الاصطلاح هي: " أداءٌ لغويٌّ رمزيٌّ يعطي دلالاتٍ متعدّدة، تُراعى فيه القواعدُ اللغويّة المكتوبة، ويُعبّر من خلاله عن فكر الإنسان ومشاعره، ويكون دليلاً على وجهة نظره، وسبباً في حكم الناس عليه "([2]). فالكتابة عملية ناجمة عن قدرة فكرية تنقل اللغة من عالم التجريد والتخيّل إلى عالم الترميز بالحروف والكلمات المخطوطة في الواقع الماديّ، على أن تخضع لقواعد اللغة في تراكيبها وأساليبها، ويميز هذا التعريف بين مستويين للكتابة:

    ‏ - مستوى شكلي؛ يهتم بالخط والتهجي وتنظيم الجمل والفقرات والتهميش والترقيم. ومن ذلك: حمل التلميذ على ‏اتباع القواعد والصفات الخاصة بكل حرف، من حيث حجمه، وكيفية اتصاله بغيره، وامتلاء الأجزاء أو رقتها، وميلها ‏واستقامتها، وطولها وقصرها وغير ذلك من الأصول الفنية، أي؛ تمكن المتعلم من الكتابة بسرعة معقولة في وقت ‏معقول بخط واضح تسهل قراءته، وذلك بتمرين اليد والأعصاب الحركية فيها التي تمكنه من رسم الحرف رسما ييسر فهمه، ‏وكتابة كلمات موافقة للقواعد الإملائية وتكوين العبارات والجمل والفقرات المعبرة.  

    ‏- ومستوى تجريدي؛ يهتم بالمحتوى وبناء الأفكار. فالكتابة قدرة ومهارات: عقلية وجسمية وحس حركية.

    أهمّيّة الكتابة في حياة الإنسان:

         ترجع أهمّيّة الكتابة في الحياة إلى الأمور الآتية:

    أ- هي وسيلة تواصلٍ بين البشر، وأداة اتّصال الحاضر بالماضي، والقريب بالبعيد، ونقل المعرفة والثقافة عبر الزمان والمكان، فالكتابة طريق لِوَصْل خبرات الأجيال بعضُها ببعضِها الآخر، وأداة لحفظ التراث ونقله.

    ب- هي أداة رئيسة للتعلُّم بجميع أنواعه ومراحله، والأخذ عن الآخرين، فكرهم وخواطرهم.

    ج- هي شهادة وتسجيل للوقائع والأحداث والقضايا والمعاملات، تنطق بالحقّ وتقول الصدق.

    د- هي وسيلة للتعبير عمّا يجول في خاطر الإنسان.

    هـ- إنَّها تستلزم الرويّة والأناة والتمهّل، وتعطي صاحبَها فرصةً لتصحيح أخطائه وتعديلها.

    و- إنَّها - غالباً - ما تستخدم الفصحى في أدائها، فتساعد على رقيّ اللغة، وجمال الصياغة([3]).

    أنواع الكتابة:

       ‏ تتميز مهارة الكتابة هي الأخرى بجملة من الأنواع، وذلك بحسب معايير: الغرض، الأسلوب، الأداء.‏

    ‏1- من حيث الغرض: ‏

    ‎ ‎‏ يمكن تصنيفها وفقا لآراء المختصين كالآتي:‏

    ‏1-1.الكتابة التعبيرية: ‏

         ‏تدور حول مشاعر الكاتب وخبراته، وانطباعاته، فهي ترتبط بالتجارب والخبرات الذاتية للكاتب، والتي تكشف ‏عن شخصيته ومشاعره، وتهدف إلى مساعدة القارئ على فهم شيء ما عن الكاتب، وعن أسلوب إدراكه للأشياء. ‏وينحصر هدف الكاتب في التعبير عن نفسه، وما يدور بداخله للآخرين. ومن أمثلتها: المجلات‏.‏‎ ‎أي أنها تشكل ‏همزة وصل بين الكاتب وجمهور المتلقين، ورسالة الكاتب هنا غرضها تعبيري، وهدفها رواية تجاربه، والتعبير عن أحواله.‏

    ‏1-2.الكتابة الإقناعية: ‏

         تهدف إلى إقناع القارئ بقبول وجهة نظر، أو رأي، أو فكرة معينة. وهنا تكون ردود فعل القراء؛ بمثابة عنصر ‏أساسي يرتكز عليه الكاتب عند تأليفه أو كتابته للنص. ومن أمثلتها: الكتابات السياسية. بمعنى أن؛ أفكار ‏الكاتب في هذا النوع تولد جدلا لدى المتلقين، لتكون ردودهم بمثابة آراء نقدية. ويبدو أن نجاح هذه الكتابة مرهون ‏بكثرة توظيف الحجج والبراهين المقنعة من طرف الكاتب.‏

    1-3. الكتابة الأدبية:‏‎ ‎

         يسعى الكاتب من خلالها إلى جلب نظر القارئ وإمتاعه باستخدام التعبيرات الجميلة والصور الخيالية والأسلوب ‏المعبر ومن أمثلتها: الروايات، القصائد، والمسرحيات ‏. وهذا النوع إنما يغلب عليه: الطابع الخيالي، والتعابير المجازية ‏بكثرة.‏

    1-4.الكتابة الأكاديمية:‏‎ ‎

        يهدف الكاتب من خلالها إلى: مناقشة الحقائق والنظريات والأفكار ووصف العالم من حوله. ومن أمثلتها: المقالات، ‏الموسوعات والأطروحات العلمية‏. وهي محاولة لتفسير ظاهرة ما بشكل منهجي أكاديمي.‏

    1-2. من حيث الأسلوب:‏‎ ‎

    أ ـ الكتابة الإبداعية:‏

       نوع من الكتابة يثير قضية أو دعوى للإيضاح والتمييز، ويتم ذلك في إطار جمال المبنى والمعنى، علاوة على قدرته ‏البالغة في التأثير الانفعالي على المتلقي ‏. وهنا نلمح مصطلح التأثير، فمتى أحدث الكاتب تأثيره في القارئ؛ يمكننا ‏القول حينها: إنه أبدع. كما يرى ماهر شعبان أن: الكاتب المبدع هو ذلك الشخص الذي لديه القدرة على إنتاج ‏أفكار مستحدثة تتسم بالجرأة والشجاعة على إذاعة هاته الأفكار‏. وحسبه أن من سمات المبدعين؛ الاستعداد ‏للمخاطر والبحث الدؤوب عن الإثارة.

    ب ـ الكتابة الوظيفية: ‏

         هي التي تتعلق بالمعاملات، والمتطلبات الإدارية، وإنجاز الأعمال بالشركات والدواوين الحكومية. وهي رسمية لها ‏قواعد وقوالب لغوية‏. ومعنى ذلك؛ أنها: تتعلق أكثر شيء بالوظائف، ولها مجموعة من المجالات من بينها: ملء ‏الاستمارات، إعداد الكلمات الافتتاحية والختامية، الطلبات الخطية وغيرها.‏

    1-3.من حيث الأداء([4]):‏

    أ ـ الكتابة الآلية: ‏

         يذكر(عبد المجيد عيساني) في كتابه: (نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة) الكتابة الآلية، قائلا: «والشق الآلي يحتوي ‏على المهارات الآلية الحركية الخاصة برسم حروف اللغة العربية، ومعرفة التهجئة والترقيم في العربية. أي؛ النواحي الشكلية ‏في لغة الكتابة»‏([5])‏. أي أن الجانب الآلي يتوجه نحو الأمور الشكلية للكتابة؛ من ترقيم، وكيفية وضع الحركات وغيرها.

    ب ـ الكتابة العقلية: ‏

         يصف (عبد المجيد عيساني) هذا النوع من الكتابة بقوله: «أما الجانب العقلي فيتطلب المعرفة الجيدة بالنحو، والمفردات، ‏واستخدام اللغة»([6])‏‏، أي؛ أنها كتابة متعلقة أكثر شيء بالتركيب داخل الجمل والنصوص.‏

         وبصورة أخرى يمكن أن نفهم بأن الكتابة الآلية لا تتطلب تفكيرا لأنها شكلية بحتة، في حين أن الكتابة العقلية تستدعي ‏نشاطا عقليا أثناء توظيف الكلمات، وتركيبها في نظام متكامل.‏

    مهارات الكتابة:‏

         إن عملية تعليم الكتابة تستهدف أول ما تستهدف، تكوين المهارات والقدرات الآتية ‏:‏

    ‏-المهارة في رسم الحروف رسما واضحا ودقيقا يجعلها سهلة القراءة ممكنة الفهم.‏

    ‏- المهارة في كتابة الكلمات بحسب القواعد الإملائية المعروفة.‏

    ‏- القدرة على تكوين العبارات والجمل والفقرات التي تؤدي المعاني والأفكار.‏

    ‏- القدرة على تنظيم الأفكار تنظيما تقتضيه طبيعة كل لون من ألوان الكتابة.‏

    ‏- وضع الخطط التنسيقية للكتابة، بحيث تبرز معانيها بوضوح، وتبين تسلسل الأفكار خاصة من حيث الهوامش وكتابة ‏الفقرات.‏

    ‏- استقامة مسار الكتابة ‏.‏

         إضافة إلى:‏

    ‏-القدرة على التكيف مع الوقت المحدد للتحرير.‏

    ‏- الالتزام بعدد الأسطر المحدد.‏

    وعليه؛ فإنه إذا لامس أي معلم هاته القدرات لدى تلاميذه، سيمكّنه ذلك من الحكم على تمكنهم من مهارة الكتابة ‏ومدى إتقانهم لها.‏

    أشكال الكتابة وخطوات تدريسها:‏

    ‏1-أشكال الكتابة:‏

       تنقسم الكتابة إلى أشكال عدة، وتتلون بألوان مختلفة، سبق وأن تطرقنا إليها. وللكتابة أيضا أشكال يمكن ربطها ‏بالجانب التدريسي للتلميذ داخل الصفوف التعليمية. نذكرها كالآتي:‏

    ‏- التعبير الكتابي، الإملاء، والخط.‏

    1ـ 2.التعبير الكتابي:

    ‏1-2-1.مفهوم التعبير الكتابي:‏هو التحرير الكتابي لمجموعة من الأفكار، وخلجات النفس، حول موضوع معين. وهو "  الوسيلة الثانية بعد المحادثة لنقل ما لدينا من أفكار و أحاسيس إلى الآخرين، وهو بالإضافة إلى ذلك إحدى المهارات التي يبرز من خلالها الجانب الإبداعي لدى المتعلمين، تبدأ مراحلها بالقدرة على كتابة الكلمات العربية بحروفها مع تمييز أشكال الحروف، وتنتهي بالقدرة على مراعاة القواعد النحوية واللغوية، وعرض الأفكار بوضوح ودقة وشمول، باستخدام التعابير السليمة المناسبة للمقصود "([7]). ويعتبر التعبير الكتابي آخر حلقة بالنسبة لباقي المهارات الأخرى التي تسبقها لأن المتعلم ينطلق في التعبير الكتابي من عبارات سبق له وأن سمعها وفهمها ونطق بها، وقرأها "([8]).

         والتعبير الكتابي أنواع متعددة، إذ ينفرد ‏كل نوع من هاته الأنواع بمفهوم خاص.‏

    ‏1-2-2.أنواع التعبير الكتابي:‏

    أ ـ التعبير الكتابي الوظيفي:‏

         يعرف التعبير الوظيفي على أنه: التعبير الذي يؤدي غرضا وظيفيا تقتضيه حياة المتعلم داخل المدرسة وخارجها، ‏مثل: كتابة الخطابات الرسمية، والتقارير، والبرقيات‏.‏ ومعنى ذلك أن التعبير الوظيفي بهذا المفهوم؛ هو ما أدى إلى قضاء حاجات المتعلم، وأعانه في حياته اليومية الدراسية ‏منها والاجتماعية.‏

    ب ـ التعبير الكتابي الإبداعي:‏

         التعبير الإبداعي يخص مشاعر الأفراد وأفكارهم بالضرورة. لذا يمكن تعريفه على أنه: "التعبير الذي يعبر فيه الناثر ‏أو الشاعر عن مشاعره وأفكاره، وذلك لكي تنتقل من ذهنه إلى ذهن الآخرين بتأثير قوي وفعال. ويشمل: نظم ‏القصائد، وكتابة المقالات، والمذكرات الشخصية، والتراجم والسير، تأليف القصص والتمثيليات، وكتابة اليوميات"‏ ‏.‏

    أي أن التعبير الإبداعي لدى المتعلم هو مقدرته على إخراج طاقاته الإبداعية كتابيا؛ خاصة فيما تعلق بالكتابات الأدبية ‏كالقصص مثلا.‏

    ج ـ التعبير الكتابي الابتكاري: ‏

      التعبير الابتكاري هو الذي يتميز بالجدة في الفكرة، ويتطلب أفكارا جديدة غير معروفة، وأساليب غير مألوفة وذلك ‏لحل المشكلات‏.‏

    1-2-3.أهمية التعبير الكتابي: للتعبير الكتابي أهمية قصوى في حياة المتعلم خاصة، ولدى الفرد على وجه العموم. ‏ويمكن أن نلخص هذه الأهمية في كونه ‏:‏

    ‏- طريقة اتصال الفرد بغيره، وأداة فعالة لتقوية الروابط الاجتماعية والفكرية بين الأفراد والجماعات.‏

    ‏- أداة للتعلم والتعليم.‏

    ‏- وسيلة تساعد على حل المشكلات الفردية والاجتماعية عن طريق تبادل الآراء ومناقشتها.‏

    2ـ الإملاء:‏

    ‏2-1. مفهومه:

       الإملاء؛ في المتعارف عليه بالمؤسسة المدرسية، نشاط تعلّميّ، يقوم على تدريب المتعلّم على كيفية ترسيخ النظام الترميزي الخطّي للغة، في ذهن المتعلّم، وبالمهارة اليدوية اللازمة لنقل المنطوق من صورته المسموعة إلى الصورة المرسومة، ووفق القواعد المتواضع عليها. وشرط المهارة اليدوية هنا، هو الوصول إلى النقل الجميل. فبعضهم يربط صحّة الكتابة بجمال الخط، حيث يرى (المصطفى بن عبد الله بوشوك) أنّ الإملاء، هو: " الكتابة الصحيحة للحروف. والخطُّ جمالُها، ولا يخفى ما للخطّ الجميل من أثر واضح على نفسية القارئ "([9]). كما عدّوه فرعا من فروع اللغة " يبحث في صحّة بناء الكلمة، من حيث وضع حروفها في مواضعها، حتى يستقيم اللفظ والمعنى "([10]). وعلى هذا، فإنّ هذا البناء لا يتحقّق في اللغة العربية إلا بالكتابة الصحيحة والخطّ الجميل. ولهذا قال (ابن خلدون) في مقدمته: " فالخطّ المجرّد كماله أن تكون دلالته واضحة، بإبانة حروفه المتواضَعَة ورسمها، كلّ واحد على حدة متميّز عن الآخر؛ إلا ما اصطلح عليه الكتّاب من إيصال حرف الكلمة الواحدة بعضها ببعض، سوى حروف اصطلحوا على قطعها، مثل الألف المتقدمة في الكلمة، وكذا الراء والزاي والدال والذال وغيرها؛ بخلاف ما إذا كانت متأخّرة، وهكذا إلى آخرها "([11]). ثمّ إنّ كون " الإملاء فرع من فروع اللغة، فيجب أن يحقق نصيبا من الوظيفة الأساسية للغة، وهي الفهم والإفهام "([12]). ولا يخفى ما في هذا التعلّم من بذل للجهد بالنسبة للمتعلّم؛ فهو بحاجة إلى اكتساب المهارة اللازمة، ليقدّم المكتوب واضح الدلالة، والمعرفة الكافية بقوانين وقواعد الكتابة والخط، والتدرّب على كلّ ذلك. وبالنظر إلى هذه الحاجة ومتطلّباتها، لم يسمّها بعضهم إملاء، يقول (أحمد علي مذكور): " والأجدر بنا أن نتخلّى كلية عن استخدام كلمة (إملاء)، عندما نتحدث عن مهارات التحرير العربي، التي هي التهجّي السليم، ووضع علامات الترقيم في مواضعها، ورسم الكلمات والجمل بطريقة واضحة جميلة، وهو ما نسميه عادة بـ (الخط). ويمكن استخدام مصطلح (مهارات التحرير العربي)، أو (مهارات الكتابة الواضحة)، أو (المهارات الكتابية)، أو غير ذلك من التعبيرات التي ليس فيها (إملاء) "([13]).  وقد أثار (داود عبده) إشكالات عديدة، وهو يعرض لمفهوم الإملاء المدرسي التقليدي، الذي يقوم على إسماع المتعلمين نصّا (جملة أو فقرة)، ثمّ إملائه عليهم ليكتبوه على دفاترهم كتابة خالية من الأخطاء، بدعوى أن هذا السلوك التعليمي يخدم مجموعة من المهارات. وملخّص هذه الإشكالات، لعله يمكن طرحها في السؤال الجامع الآتي: ما الفائدة الوظيفية التي يمكن للمتعلم أن يحصّلها، إذا كان مجرّد ناسخ لصورة ذهنية لكلمة أو جملة يسمعها، عندما يطلب منه ذلك؟ " أليس الهدف هو جعل التلميذ قادرا على الكتابة الصحيحة حين يريد أن يعبّر عن نفسه خطّيا؟ "([14]) يتساءل الباحث. أو لا يُلزَمُ المتعلّم في المدرسة بكتابة ما يملى عليه؟ ثم يردف قائلا: " ليس هناك شكّ في أنّ التلميذ يتدرّب على بعض الأمور المفيدة في الموقف الإملائي التقليدي، كالانتباه إلى ما يقال، والاحتفاظ في ذاكرته بما يسمعه ريثما يكتبه، وكالسرعة في الكتابة في بعض الحالات. ولكن هذه الأمور ليست من المهارات الإملائية. فالمهارات الإملائية التي تكوّن الكتابة الصحيحة، يحتاج إليها الإنسان في المواقف الطبيعية التي يكتب فيها ما يريد هو، وبالسرعة التي تناسبه، فهي وسيلة من وسائل التعبير الكتابي، لا غاية في حدّ ذاتها. ولهذا فإنّ الأخطاء الإملائية فيما يكتبه التلميذ في الموقف الإملائي التقليدي، لا تعكس بشكل دقيق ضعف التلاميذ في الإملاء"([15]). 

       والحقيقة البيداغوجية، هي: " أن تلاميذنا الصغار يجدون صعوبة في التفكير في شيئين في آن واحد. فلو أنك سألتهم أن يعبّروا عن الأفكار والمعاني التي لديهم كتابة، وأن يتذكروا الفواصل، والنقاط، وعلامات الاستفهام، وعلامات التعجب، والهجاء الصحيح للكلمات، والرسم السليم للحروف والكلمات في آن واحد، فهذا يعني أنك تطلب منهم الكثير الذي لا يطيقونه... "([16])، وإدراكا من الباحثين لهذه الصعوبة، فقد حاولوا: " تخفيف الوضع على التلاميذ، والاتجاه بالعملية وجهة تربوية صحيحة، فقسموا الإملاء إلى؛ الإملاء المنقول، والإملاء المنظور، والإملاء الاختباري. ويهدف النوعان الأوليان إلى تدريب التلاميذ على عدد من المشكلات الإملائية، أما النوع الثالث فيهدف إلى قياس مدى سيطرة التلاميذ على هذه المشكلات "([17]). إلا أن الحقيقة البيداغوجية أيضا، هي التي تؤكّد أنّ الإملاء " لا يعدو أن يكون مثيرا صوتيا يعين على استدعاء الصور المكتوبة للكلمات، الصور التي اختزنها التلميذ في ذاكرته نتيجة مشاهدتها، وربما نتيجة نسخها. فالكتابة الصحيحة تتم بالاستعانة بهذه الصور الذهنية، وبمجموعة من القواعد الكتابية التي استخلصت من مشاهدة أمثلة متعددة من الكلمات المكتوبة التي تشترك في تلك القواعد. فالتلميذ يميّز بين (دعا) و(سعى) لأنه رأى الأولى مكتوبة بألف طويلة والثانية بألف مقصورة... وهو في المراحل الدراسية الأولى يستخلص الكثير من القواعد الكتابية بنفسه "([18]). وعليه، فلن يكون درس الإملاء درسا ناجعا، إذا ظلّ يعتمد على تقدير المعلم للمشكلة الكتابية، وتقديره هو لعلاجها بنص يقترحه. فالواقع التعليميّ ما زال يثبت أن درس الإملاء التقليدي، ليس وظيفيا، " بمعنى أنه غير مرتبط بالمواقف التي يُحتاج إليه فيها، أي المواقف الطبيعية للكتابة... فإذا صحّ كلّ هذا، فإنّ من الأفضل أن يُدَرّب التلاميذ على الكتابة الصحيحة في مواقف شبيهة بالمواقف الطبيعية.. "([19]).

    2-2. أنواع الإملاء:

    ‏أـ الإملاء المنقول: هو أن ينقل التلاميذ القطعة من الكتاب أو اللوح بعد قراءتها وفهمها وتهجي بعض كلماتها هجاء ‏شفويا‏. وهو نقل حرفي خالص.‏

    ب ـ الإملاء المنظور: هو أن تعرض القطعة على التلاميذ لقراءتها وفهمها وهجاء بعض كلماتها، ثم تحجب عنهم وتملى ‏عليهم بعد ذلك‏. وفي هذا النوع من الإملاء تبرز قدرات المتعلم في القدرة على التوظيف الصحيح للكلمات.‏

    جـ ـ الإملاء الاستماعي: وفيه يستمع التلاميذ إلى القطعة، وبعد مناقشتهم في معناها وهجاء كلمات مشابهة لما فيها ‏من الكلمات الصعبة تملى عليهم‏. ويعد الاستماع الجيد من أكثر العوامل المؤدية إلى نجاح هذا النوع.‏

    د ـ إملاء الاختبار: هدفه اختبار التلاميذ لمعرفة مستواهم عن طريق إملاء القطعة عليهم دون مساعدتهم في ‏الهجاء‏.‏

         ويعدّ الإملاء المنقول أكثر الأنواع تدريسا في المؤسسات التربوية التعليمية.‏

    2-3.أهمية الإملاء:

         للإملاء أهمية كبيرة، تتجلى في حياة الكاتب عموما ولدى المتعلم بوجه خاص، إذ أنه: الأداة الرئيسة لنقل الفكرة ‏من الكاتب إلى القارئ نقلا سليما إذا صاغها الكاتب صياغة لغوية، وراعى فيها جانب التركيب والأسلوب، ثم كتبها ‏بالطريقة التي اتفق عليها أبناء هذه اللغة، وكان نقل الفكرة نقلا أمينا وشاملا، أي؛ إنه العقد الذي يربط المعلم ‏والمتعلم في نقل الفكرة، وكذا التخلص من عديد الأخطاء الإملائية؛ خاصة الشائعة منها.‏

    3ـ الخط:‏

    ‏3-1.مفهومه:‏ هو فن تحسين شكل الكتابة وتجويدها. لإضفاء الصفة الجمالية عليها، وهو وسيلة الاتصال الكتابية ‏الأولى وإحدى وسائل تجويد التواصل بين الكاتب والقارئ. وبالخط يكون الانتقال من الصوت المسموع إلى الرمز ‏المكتوب‏. أي؛ إن الإملاء مجال تدريب يستطيع المتعلم من خلاله أن يحسن صور الحروف، ويجيد رسمها. ‏

    أنواع الخطوط: تتنوع الخطوط العربية وتتعدد أشكالها حيث يمكن لكل متعلم للعربية أن يختار ما شاء منها، فهناك مثلا: ‏خط النسخ، خط الرقعة، الخط الكوفي، الخط العروضي، خط الثلث أو الفارسي أو غير ذلك.‏

    أهمية الخط:‏للخط أهمية كبرى منذ القديم؛ فقد كان مرجع الكتاب والمؤلفين، ووسيلتهم في التعبير والإبداع. إذ أنه يسهم في ‏تنمية قدرة الفرد على التخيّل وتطويرها، وزيادة الانتباه، وقوة الملاحظة. والخط الجيد يضمن لصاحبه جذب القراء. كما أنه محل ‏اهتمام ودراسة في عملية التحليل النفسي، وهو من أساليب تفسير وتحليل الشخصية‏. ‏

         وتبرز أهميته فيما يخص الجانب التعليمي للمتعلم من خلال القدرة على تحسين كتاباته نتيجة عمليات النسخ المتكررة ‏لبعض القطع.‏

    خطوات تدريس الكتابة:

         تتمثل أهم الخطوات الإجرائية الواجب اتباعها أثناء تدريس هاته الأشكال أو النشاطات فيما يأتي:‏

    ‏1- خطوات تدريس التعبير الكتابي:‏

    أ. التمهيد: ويكون بإثارة نشاط التلاميذ بالتحدث عن الموضوع، ومن ثمة الكتابة فيه وتشويقهم إلى ذلك.‏

    ب. كتابة عنوان الموضوع على السبورة من خلال شرح بعض المفردات الغامضة وإعطاء التلاميذ الفرصة للتفكير.‏

    جـ. العرض: يعرض الموضوع بتقسيمه إلى نقاطه الأساسية، وطرح بعض الأسئلة على التلاميذ والإجابة عنها. وهنا تظهر ‏المعالم الأساسية للتلاميذ.‏

    د. الخاتمة: وهنا يطلب من التلاميذ الكتابة حول الموضوع، بعدما اتضحت عناصره ‏.‏

    2- خطوات تدريس الإملاء:‏

         سنتطرق في هذا المقام إلى مجموع الخطوات المتبعة في تدريس أحد أنواع الإملاء، وهو الإملاء المنقول؛ وقد وقع ‏اختيارنا على هذا النوع تحديدا؛ باعتباره الأكثر اعتمادا في التدريس داخل الصفوف التعليمية، في المراحل الابتدائية ‏المتقدمة. والتي تتمحور في التالي:‏

    ‏- التمهيد: وذلك من خلال استخدام بعض الصور والأسئلة الممهدة للدرس.‏

    ‏- عرض القطعة: من خلال تدوينها باستخدام السبورة أو البطاقات. ويتجنب نقلها دون ضبط كلماتها.‏

    ‏- القراءة النموذجية للقطعة من طرف المعلم، ثم تليها في ذلك قراءات المتعلمين.‏

    ‏- مساءلة التلاميذ من خلال طرح أسئلة شفوية والإجابة عنها.‏

    ‏- الإشارة إلى الكلمات الصعبة من خلال كتابتها بألوان مغايرة وتهجيها من طرف التلاميذ.‏

    ‏-كتابة القطعة.‏

    ‏- القراءة الثانية للقطعة من طرف المعلم، حتى يستدرك التلاميذ بعض الأخطاء التي وقعوا فيها.‏

    ‏- جمع الدفاتر.‏

    ‏- استغلال ما تبقى من الحصة في أعمال أخرى ذات الصلة بنشاط الإملاء. كتحسين الخط وغيرها ‏.‏

    3- خطوات تدريس الخط:‏

    ‎ ‎يسير نشاط الخط وفق جملة من الخطوات، يمكن إجمالها فيما يأتي:‏

    ‏- تمهيد: يمهد المعلم لتعليم الخط بتقسيم السبورة إلى قسمين: الأول للنموذج، والثاني للشرح والتوضيح.‏

    ‏-قراءة النموذج: يقرأ المعلم النموذج المكتوب قراءة جهرية وواضحة أمام التلاميذ. ثم يشرح المعنى شرحا ميسرا مع مناقشة ‏التلاميذ بمعانيه.‏

    ‏-كتابة النموذج وشرحه، ولفت المعلم انتباه التلاميذ، ويطلب منهم ملاحظته في أثناء كتابة النموذج على السبورة.‏

    ‏-المحاكاة: يحاكي التلاميذ المعلم بكتابة النموذج في أوراق، أو كراسات أخرى غير كراسات النماذج، مع مراعاة التأني ‏والدقة في هذه المحاكاة.‏

    ‏-يكلف المعلم في هذه الخطوة التلاميذ بكتابة النموذج في الكراسات المخصصة للخط، وتشجيعهم على التجويد ‏والتحسين ‏.‏

    ‏6- ومن هنا نجد أن هذه الخطوات متسلسلة، ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض أو بتر جزء منها. إذ أنه من خلالها؛ ‏يستطيع المعلم تحقيق الفائدة المرجوة من الخط.‏

     

    الهوامش: 

    [1] ينظر: ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.ق، ج5، مادّة "كتب"، ص158-159، ابن منظور، سالم بن مكرم: لسان العرب، نشر ادب حوزه، 1405هـ.ق، مادّة "كتب"، ج1، ص698-702، الأصفهاني، الحسين (الراغب): مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، ط2، قم، سليمان زاده، طليعة النور، 1427هـ.ق، مادّة "كتب"، ص699.

    [2] عليّان، أحمد فؤاد: المهارات اللغويّة ماهيّتها وطرائق تدريسها، الرياض، دار المسلم للنشر والتوزيع، 1413هـ.ق، ص156.

    [3] ينظر، عطا، إبراهيم محمد. طرق تدريس اللغة العربية، ط2، مكتبة النهضة المصريّة، ص175-176، محمد صالح، الشنطي: فن التحرير العربيّ، ط5، السعوديّة، دار الأندلس، 1422هـ.ق/ 2001م، ص15.

    [4] عبد المجيد عيساني. نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة. ص: 90- 91.

    [5] عبد المجيد عيساني. نظريات التعلم وتطبيقاتها في اللغة. ص: 97.

    [6] المرجع نفسه. ص: 99.  

    [7]  زهور شتوح. تعليمية التمارين اللغوية في كتاب اللغة العربية للسنة الرابعة من التعليم المتوسط دراسة وصفية تحليلية. مذكرة ماجستير في اللسانيات التطبيقية. قسم اللغة العربية وآدابها. كلية الآداب والعلوم الإنسانية. جامعة الحاج لخضر باتنة. الجزائر. 2010- 2011. ص: 97.

    [8]  محمد صالح سمك. فن التدريس للتربية اللغوية وانطباعاتها المسلكية وأنماطها العملية. ط جديدة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998 م. ص: 328. 

    [9] المصطفى بن عبد الله بوشوك. تعليم وتعلم اللغة العربية وثقافتها. ص: 282/ 283.

    [10] فتحي الخولي. دليل الإملاء وقواعد الكتابة العربية. مكتبة رحاب. الجزائر. ط 6. 1409هـ/ 1989م. ص: 5.

    [11] ابن خلدون. مقدمة ابن خلدون. ص: 333.

    [12] عبد العليم إبراهيم. الموجه الفني لمدرّسي اللغة العربية. ص: 193.

    [13] علي أحمد مدكور. تدريس فنون اللغة العربية. دار الفكر العربي. القاهرة. 1427هـ/ 2006م. ص: 285.

    [14] داود عبده. نحو تعلم اللغة العربية وظيفيا. مؤسسة دار العلوم. الكويت. ط1. 1979م. ص: 37.

    [15] المرجع نفسه. ص: 37/ 38.

    [16] علي أحمد مدكور. تدريس فنون اللغة العربية. ص: 284.

    [17] المرجع نفسه. ص: 285.

    [18] داود عبده. نحو تعلم اللغة العربية وظيفيا. ص: 42.

    [19] المرجع نفسه. ص: 44.