Résumé de section

  • تعلمية النص؛ الأدبي، العلمي‏ 

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: مناقشة مفهوم النص، وبيان أنواعه، وتحليل كيفية تعليمه وتعلمه.  

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تعرّف النص بأنواعه.

    - تحلّل كيفية تعليمه وتعلّمه. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- ابن منظور. لسان العرب.

    2- بشير إبرير. تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق.  

    3- أحمد سعيد مغزي. النص الأدبي وتعليمية اللغة العربية في التعليم الثانوي.

    4- بدر الدين بن تريدي. قاموس التربية الحديث.

    5- إيمان البقاعي. المتقن، معجم تقنيات القراءة والكتابة والبحث للطلاب.

     

    تمهيد:

        حمل نظام المقاربة بالكفاءات في طياته أفكارا جديدة تحت اصطلاحات حديثة مستمدة من حقول ‏معرفية متعددة، منها مصطلح المقاربة النصية، الذي يعنى بطرح كيفية معالجة النصوص في ضوء المنظومة ‏التعليمية الحالية، حيث يستدعي الأمر النظر إلى النص كنسيج تطرّز خيوطه عن طريق مجموع الروافد ‏‏(المهارات اللغوية الفنية والنقدية) التي تصب فيه.‏

        اهتمّ الباحثون بدراسة النّصّ دراسة لسانيّة، واختلف مستوى هذه الدّراسات باختلاف مستويات النّصّ، ممّا ‏جعل النّصّ مضمارا خصبا قطع فيه اللّسانيّون شوطا كبيرا ،كونه اللّبنة الكبرى التي تحمل اللّغة في جميع مستوياتها، ‏وبِعدِّه منهل الفكر والمعرفة والقالب الذي تنصهر في بوتقته اللّغة، وظهرت اللّسانيّات النّصّيّة لتتكفّل بدراسة النّصّ، ثم ‏انتقل هذا النّوع من الدّراسات إلى المجال التّربويّ التّعليميّ ليُطبَّق ميدانيا فيما يسمّى بـ: " المقاربة النّصّيّة "، هذه المقاربة ‏بمثابة الوجه التّطبيقيّ والتّعليميّ الّذي نتعرّف من خلاله على أبعاد النّصّ ومستوياته ومكوّناته، بغضّ النّظر عن طبيعته ‏وأنماطه. ‏

     

    من لسانيّات الجملة إلى لسانيّات النّصّ:  

        إنّ تجاوز حدود الدّرس اللّغويّ القديم الّذي توقّف عند الجملة بعدّها أكبر وحدة دلاليّة دالّة على معنى وبوصفها ‏القاعدة واللّبنة الأساسيّة الّتي يقوم عليها النّظام اللّغويّ، إلى النّصّ ليصبح هو الآخر أكبر وحدة دلاليّة ولكنّها تحمل ‏أفكارا ومعارفا، إذ هو القالب الّذي تجتمع فيه مستويات اللّغة كافّة، هذا التّجاوز هو من سبيل المغامرة العلمية - إن ‏صحّ التّعبير- في غيّاب التّحديد الدّقيق لمصطلحي الجملة والنّصّ، والأمر بينهما ليس سيّاناً، ولكنّه مع ذلك يظلّ أمرا ‏حتميّا لا بدَّ منه، فقد تبيّن للمختصين أنّه ينبغي عليهم، بل حان الوقت لكي يتجاوزوا الجملة الّتي كان يعتقد جل اللّغويّين ‏البنيويّين، أنّها الوحدة القاعديّة للنّظام اللّغويّ،  وأن يعتبروا النّصّ هو الوحدة القاعديّة للخطاب ‏اللّغويّ.

    مفهوم النص‏:

       جاء في (لسان العرب): "النص: رفعك الشيء. نصّ الحديث ينصه نصا: رفعه. .. والنص والنصيص: السير الشديد والحثّ.. وأصل النص أقصى الشيء وغايته... قال الأزهري: النص أصله منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها، ومنه قيل: نصصتُ الرجل إذا استقصيت مسألته عن الشيء حتى تستخرج كل ما عنده... وفي حديث هرقل: ينصهم أي يستخرج رأيهم ويظهره؛ ومنه قول الفقهاء: نص القرآن ونص السنة أي ما دل ظاهر لفظهما عليه من الأحكام"([1]).  وكذا جاء في (تاج العروس) للزبيدي، وفي (النهاية في غريب الحديث والأثر) لابن الأثير، وفي (الصحاح) للجوهري*.

       فالنّصّ هو المرتكز الأساسيّ للمقاربة التعليمية، كونه محور بناء التّعلّمات وحقلا خصبا لها، ويمكن تحديد مفهوم النّصّ على ‏مستويين:‏

    أ- في المستوى اللّسانيّ:‏

         إن مقاربة لمفهوم مصطلح النص تزعم لنفسها التعريف الجامع والمانع، ستظل تغري الدارسين بالمحاولة، رغم أنها ما زالت تتمنع عليهم؛ لاختلافهم في المنطلقات وفي التوجهات البحثية. وعليه، سيصبح من المنطقي القبول بتعدد التعريفات.     

         ومن جملة التّعريفات التي أحاطت به ما يأتي: ‏

    1.   هو علامة كبرى تتكوّن من دالّ ومدلول ومرجع.‏

    2.   هو سلسلة دالّة من العلامات اللّغويّة، تفيد في تحديد أنّ النّصّ تركيب لغويّ يتألّف من مجموعة من الوحدات ‏والجمل تربط بينها روابط.‏

    3.   وحدة طويلة متغيِّره كخلاصة صفحة من مؤلّف ما، أو فصل أو كتاب أو رواية.‏

    4.   هو سلسلة دالّة من العلامات اللِّسانيّة، توجد بين انقطاعات تواصليّة ظاهرة ‏.‏

    5.   ‏ نستنبط من هذه التّعريفات جملة من الخصائص الّتي يجب توفّرها حتّى يكون النّصّ نصًّا هيّ:‏

    6.   النّصّ وحدة دلاليّة كبرى، ويخرج من هذا التّعريف كلّ ما كان كلمة أو جملة.‏

    7.   يعكس النّصّ جملة من الأفكار والمعلومات والمفاهيم المترابطة فيما بينها.‏

    8.   يضمّ النّصّ مجموعة من الجمل والتّراكيب، ترتبط فيما بينها بمجموعة روابط تحقّق التّرابط النّصّي.‏

    9.   النّصّ معنى أو عدّة معاني متراكمة تتسلسل بانتظام وفق منطق التّدرُّج بالأفكار.‏

    ب- في المستوى البيداغوجيّ: ‏

        النص التعليمي (الأدبي أو العلمي)؛ إنما هو بناء لغوي وفني مختار، مشحون بخطاب بيداغوجي هادف، ومتصرف فيه بأدوات منهاجية لتوليد معرفة معدلة، في حقل تواصلي مصطنع[2]. هكذا رأت البيداغوجيا؛‎ ‎هو سند تعليمي، يمثل محورا تلتقي فيه المعارف اللغوية المتعلقة بالنحو والصرف ‏والبلاغة والعروض وعلوم أخرى كعلم النفس وعلم التاريخ وعلم‎ ‎الاجتماع؛ أي يعدّ النّصّ في الحقل البيداغوجيّ محورا ‏أساسيّا لبناء التّعلمّات ومنبعا رئيسا لها، حيث يستقي الدّرس التّعليمي روافده منه ويستند إليه في الوضعيّات المختلفة، ‏ويمثّل أحد المرتكزات الأساسيّة الّتي تقوم عليها الحياة الاجتماعيّة، إذ لا يمكن تصوّر مجتمع منسجم ومتماسك دون ‏نصوص تنظّم مختلف مؤسّساته وتضبط قوانين استغلالها، وتقنّن التّعامل بين أفرادها بما يضمن لها الثّبات ‏والاستقرار‏.‏

           كما يعرَّف بأنه: نقطة انطلاق عدّة أنشطة في مواد مختلفة، تتّخذه محورا تدور حوله لتحقيق كفاءات أربع‏:

    ‏‏1- الفهم.                 2- الاستماع.‏

    ‏3- التّعبير الشّفويّ.      4- التّعبير الكتابيّ.‏

         وبناء على ما سبق نقول: إنّ النّصّ مجموعة من التّراكيب الّتي تتحقّق فيما بينها خاصّيّة التّناسق والانسجام، ويحمل في ‏ثناياه مجموعة من الأفكار والمعاني الّتي تعكس غرضا تبليغيّا، بغضّ النّظر عن طوله، فهو وحدة دلاليّة كبرى متكاملة ‏المستويات شاملة لها ولجميع مكوّناتها، وهو القالب الّذي تتجلّى فيه اللّغة في جميع مستوياتها وخصائصها.‏

    أنواع النصوص: ‏

    ‏‏      تجدر الإشارة إلى أن مناهج اللغة العربية في المؤسسات التعليمية قد اختارت نوعين من النصوص:  

    ‏1-النص التواصلي (الوظيفي): هو النص التقني الذي تكون لغته لغة الصفر أي لغة عامة المجتمع ‏وغرضه‎ ‎التواصل مع المجتمع.

    ‏2-النص الإبداعي: هو النص الأدبي الراقي.‏

    وقد اقترح (بشير إبرير) أن يتم تصنيف النصوص بالشكل الآتي([3]):‏

    -       نصوص أدبيّة: يتميّز بلغتِه الخلاقة والمبّدعَة التي تهاجِر وتعبر وترحل بين الدَلالات المختلفة، ولذلك تتعدد قراءته وتتسع لوجوه ‏التأويل كما يتميّز بطاقته المنفتحة على الوصف الذي يُتيح للقارئ المتعلم فرصة تصَوّر الأماكن وتمثيلها بعناصِرها المشكلة ‏للنّص، ومن الأنواع الأدبيّة التي يشتمل عليها الشعرِ والقصة والسرد والوصف ‏ ‏.‏

    والنصوص الأدبية أيضا: «قطع تختار من التراث الأدبي، يتوافر عليها خط من الجمال الفني، تعرض على الطلاب فكرة ‏متكاملة، أو عدة أفكار مترابطة، يمكن اتخاذها أساسا للتذوق الأدبي، كما يمكن اتخاذها مصدرا لبعض الأحكام الأدبية ‏التي تدخل في بناء تاريخ الأدب، تقرأ للاستمتاع بجما أسلوبها، وروعة التعبير الأدبي فيها...»‏([4]).

         وعليه ندرك بأن هذا النوع من النصوص يمتاز بتوظيفه للغة المجازية، فيخرج القارئ المتعلم من دائرة الحقيقة إلى المجاز ‏والعاطفة والخيال والإيحاء. والواضح أيضا أن النص الأدبي ينقسم كذلك إلى نص شعري يحتوي على قصائد منظمَة ‏تحتوي على الخيال والعناصر الفنية وله أنواع عديدة حسب موضوع القصيدة والغرض منها، ونص نثري يفتقد إلى القافية ‏يمتلأ بالعناصر الفنيّة والموضوعيّة وله أنواع وموضوعات عديدة. ‏

    -       نصوص علميّة: يتميّز النَّص العلمي بكَونِه «يُقدم حقيقة لا يوجد فيها اختِلاف بين الناس، وإنما يستَعينُون في فَهمِها باختبار ‏نتائجها اختباراً يخضَع لوسائل ماديّة محسُوسة ومعايير الحُكم على مثل هذه الحقائق لا يترك مجَالا للصفاتِ الفرديّة ‏الخاصَة التي تختلف بين الأفراد وإنما تكتسِب معاييرهَا صفة علميَّة لما لها من واقعيَّة يُؤكِدها المنطِق وتُثبتها التجربَة ‏العلميَّة»[5]‏. ‏

    والجدير بالذكر أن النص العلمي يقدّم معلومات واضحة موضوعية قد تكون معلومات رقمية ورسومات بيانية ‏وإحصائيات أو غيرها، قصد شرح ظاهرة وتفصيلها.‏

    -       نصوص إعلامية: ‏يتمثل هذا النوع من النصوص في الصحافة والإشهار، ونحصل عليها من المكتبات والأكشاك والمراكز الثقافية وغيرها، ‏وقد اقترح (بشير إبرير) أن يدرج هذا النص ضمن النصوص التعليمية ليشكل ألفة بينه وبين المتعلم، فيطلع من خلاله على ‏مختلف ما ينشر من خلاله من أخبار ومعلومات وأحداث وطنية ودولية، ويمكن أن يكون الغرض من عرضه عليه هو ‏عقد مقارنة بينه وبين أنواع النصوص السابقة والتعرف على خصائص كل نص([6]). ‏

    -       نصوص حجاجية برهانية: هي نصوص مهمة وصبت الدراسات بشأنها إلى نتائج جد متقدمة، ويبدو أن الهدف منها ‏والبراهين المختلفة واضح، وهو الإقناع وحمل المخاطب على الاعتقاد بالرأي، والتأثير عليه بتقديم الأدلة([7])‏. ‏

    -       نصوص وظيفية إدارية: هي نصوص غرضها وظيفي؛ تتعلق بأداء الوظائف المختلفة، أو تنفيذ مهام إدارية أو تقارير أو ‏تعليمات، ويبدو أن هذه النصوص أيضا تستحق أن تدخل في دائرة النصوص التعليمية، لأنها جزء من حياة ‏المتعلمين الاجتماعية، وهي وسيلة نافعة في قضاء حاجاته اليومية ، وكثيرا ما يتعثر حتى المثقفون أمام هذا ‏النوع من النصوص([8]). 

    طرائق تدريس النصوص في ضوء المقاربة بالكفاءات:

        لقد أصبح تدريس النص الأدبي في الجزائر مرتكزا على مبادئ التدريس بالكفاءات، وبالتالي على استراتيجية التدريس ‏بالمقاربة النصية، وفيما يأتي عرض لهذه الطريقة.‏

    ‏1- طريقة المقاربة النّصّيّة:  

    1-1.مفهومها:

         مفهوم المقاربة إنما يقوم على أساس تقرب المتعلم المستمر من المقصود حتى يتحقق المطلوب. جاء في (المنجد في اللغة والأعلام)؛ أن المقاربة في اللغة لها مدلول الدنو والاقتراب، مع السداد وملامسة الصواب، فيقال: " قارب مقاربة ه: داناه / .. / وقارب في الأمر: ترك الغلو وقصد السداد والصدق "([9]).

    وتتحقق دراسة النص بالمقاربة؛ (بالكيفية وجملة المباديء)، عندما يتحقق الدنو من سطح النص، والتعامل مع بنياته اللغوية المكونة له، والمنغلقة على ذاتها، بهدف تحري المعرفة والرأي السديد، بصدق؛ أي، دون إضمار لخلفيات جاهزة ومشحونة بأحكام مسبقة. فهي مقاربة تعمل على ربط دراسة اللغة بالنصوص؛ أي أنها تأخذ بيد المتعلم لاكتشاف قواعد وقوانين اللغة (نحو النص) في صورة المنجز، والمتحقق فعليا، بدلا من فرضها عليه قسرا (نحو الجملة)، وهذا من خلال نصوص السجل اللغوي الراقي للأدب والفكر، مما يدفع إلى إنجاز القراءة الفاعلة. فـ " المقاربة النصية في التربية تقتضي تناول النص من عدة زوايا: 1. زاوية دلالة النص ومحتواه. 2. زاوية بنى النص اللغوية والتركيبية. 3. زاوية نمط النص ( أهو حكاية، قصة قصيرة، خطبة، رسالة، مقال،؟...). 4. زاوية نية صاحب النص وأهدافه من إنجازه. 5. زاوية السياق التاريخي الذي يندرج ضمنه النص... المقاربة النصية لا تعترف بالجمل؛ فالجملة في نظر هذه المقاربة عبارة عن نص ولو كانت مجرد حرف معنى. إنما هناك جمل تم إنتاجها بناء على نيات تواصلية محددة؛ فقولك لضيفك: (تفضل) ليس جملة وإنما نص يرتبط بسياق محدد، يعبر عن نية المتكلم ويتعلق بمخاطب بعينه. والتعليم بوسـاطة الـمقاربة الـنصـية يعـني: تـناول الـنص في شتى مظاهره على أساس أنه وحدة "([10]). بل يذهب بعض الباحثين إلى اعتبار المقاربة النصية هي ذاتها دراسة النص.

    جاء في معجم (المتقن) أن مقاربة النص: " هي دراسة النص وفقا لمستويات، هي:

    أ- موضعة النص ضمن ظروفه.                    

    ب- استقراء هيأة النص.                       

    ج- تحليل النص من خلال مكوناته من لغة، وتركيب، وأسلوب، ونحو،...

    د- إعادة تركيب النص بعد تنظيم الأجوبة وتصنيفها وجمعها في أحكام كلية.

    هـ - التعليل باستخدام أسلوب المحاججة "([11]).

         والمقاربة النّصّيّة اختيّار بيداغوجيّ، يقتضي الرّبط بين التّلقّي والإنتاج، ويجسّد النّظر إلى اللّغة ‏باعتبارها نظاما ينبغي إدراكه في شموليّة، حيث يُتَّخذ النّصّ محورا أساسيّا تدور حوله جميع فروع اللّغة، ويمثّل البنية الكبرى ‏الّتي تظهر فيها كلّ المستويات اللّغويّة؛ الصّوتيّة والدّلاليّة والنّحويّة والصّرفيّة والأسلوبيّة، وبهذا يصبح النّصّ (المنطوق ‏والمكتوب) محور العمليّة التّعلّميّة؛ فهي إذا تعتمد النّصّ سندا لها وتنطلق منه لبناء محاور الدّرس، ولفهمه ينبغي ‏استحضار الخلفيّات المعرفيّة والثّقافيّة للمتعلّمين بما يحقّق الرّبط بين المدخلات والمخرجات؛ كون النّصّ لا يفسّر بعضه ‏بعضا.‏

    1- 2. مستويات المقاربة النصية: ‏

         تسعى المقاربة النصية إلى استغلال المقروء في تعلمات جديدة، ولتمكين المتعلم من تحقيق هذه الكفاءة ‏لابد أن تغطي مستويين مهمين هما‏:‏

    أ- المستوى الدلالي(الفكري): فمبدؤها الانطلاق من النص كمحور لكل التعلمات، وفيه تصب كل الروافد، ‏من قراءة، تعبير، مطالعة، ظواهر لغوية، ومبادئ عروضية وبلاغية؛ وعليه فهي تسعى إلى جعل المتعلم يثري ‏رصيده اللغوي بدلالات جديدة، وينمي رصيده الفكري من خلال اكتشاف معطيات النص ومناقشتها، مع ‏تفحص تركيب فقراته ومدى اتساقها وانسجامها.‏

    ب- المستوى البنائي: تقتضي المقاربة النصية التحكم في الإنتاج الشفوي والكتابي وفق منطق البناء لا التراكم ‏‏-كما أشرنا سابقا-، وعليه ينبغي أن يكون المتعلم قادرا على نسج نص على منوال النص المدروس مع ‏احترام خصائص نمطه ومميزاته.‏

         والجدير بالذكر في هذا المقام هو أن تدريس روافد النص كلها متضمن في هذه المقاربة، وأن أهم ما ينبغي ‏إلحاقه بتدريس النص هو البلاغة والنقد الأدبي والعروض وموسيقى الشعر. ‏

    أسس اختيار النصوص التعليمية: ‏

         تقاس كفاءة المناهج التعليمية بما تحققه من كفايات لغوية ومعارف، ولكي يتم تحقيق ذلك لابد من اختيار ‏نصوص تعليمية مناسبة للمواقف التعليمية، ذلك أن النصوص وفق المقاربة النصية هي المنبع الرئيس الذي ‏تصب فيه مختلف الأنشطة اللغوية، ومن الضروري أيضا ان يتم هذا الاختيار وفق أسس تربوية وعلمية دقيقة، ‏أهمها:‏

    ‏- أن يكون النص مرتبطا بما يجري في المجتمع من أحداث مهمة.‏

    ‏- أن يكون بعيدا عن التعقيد في المعنى، والصعوبة في التركيب، والغرابة في اللفظ، بل يجب أن تراعى فيه ‏قدرات المتعلمين وميولاتهم واهتماماتهم.‏

    ‏- أن يكون مناسبا لمرحلة نمو المتعلم وحاجاته فكرة وخيالا وأسلوبا، لينجذب إليه دون ملل.‏

    ‏- أن يكون متنوعا يشمل أهم الأغراض والفنون، كما ينبغي أن يمس مختلف القضايا الاجتماعية والفكرية ‏والأدبية والعلمية والاقتصادية، حتى يتم الإلمام بمختلف أنواع النصوص ‏.‏

    ‏- أن يكون النص متنوع الصيغ والتعابير والأدوات، سواء على مستوى الألفاظ أم على مستوى التركيب أم ‏من ناحية المعاني.‏

    خاتمة:‏

        النّص عبارة عن مَادة ثقافيّة إنسانيّة ومجال لتنميّة خبرات الفرد من جميع النواحي، فالنّص محور رئيس تدور في فلكه ‏كل النشاطات اللّغويَة خدمة لملكَة التعبيّر، يتصف بالذَوق الأدبي الذي يُرغب التلميذ في الإقبال عن القراءة، و يجذبُ ‏انتبَاهه ليُحفزه على التعلُم، كما تشتَغل النصُوص من أجل تمكيّن المتعلميّن من قراءة مسترسَلة ومعبِّرة، وتكون القراءة وفق ‏قواعد متتَبعة من أجل الإدراك والفهم، ومن أهم وظّائف النَص التأثير الفعَّال والكشف عن التفاعل بين القارئ والنص ، ‏فالعمليّة التواصليّة تقتصر على فعاليَة القارئ والتحكم في النّص للوُصول إلى المغزى المطلُوب.‏

         ومما لاشك فيه أن الإجراء النصي المعروف بـ( المقاربة النصية) له من الأهمية ما له، حيث يمكن أن يحافظ ‏على ترابط الأنشطة وتفاعلها، الأمر الذي يكسب المتعلم جملة من المعارف والقدرات والخبرات الرامية إلى ‏تنمية كفاءته في التواصل الشفوي والكتابي سواء داخل المدرسة  أم خارجها؛ كما تكمن أهميته في جعل ‏المتعلم قادرا على بناء معارفه بنفسه، عن طريق المشاركة والحوار أثناء إنجاز الدرس؛ كما يعمل على تدريب ‏المتعلم على دراسة النص بشكل واف (معجمه، تراكيبه، دلالاته، تذوقه)،ويساعده أيضا على الانفتاح على ‏مبادئ النقد، وإبداء الرأي، واستخدام العقل أثناء تقرير الأمور.‏

     الهوامش:

    [1] أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. لسان العرب. ط3. مجلد7. دار صادر. بيروت. 1414هـ /1994م. ص: 97/99.

    *. تنظر هذه المعاجم. مادة (ن،ص).

     [2]  أحمد سعيد مغزي. النص الأدبي وتعليمية اللغة العربية في التعليم الثانوي دراسة وصفية لواقع التفاعل اللغوي لدى تلميذ التعليم الثانوي العام في الجزائر. أطروحة دكتوراه. قسم اللغة والأدب العربي. كلية الآداب واللغات. جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2. الجزائر. 2016. ص: 66.

    [3]  ينظر، بشير إبرير، تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق. ط1، عالم الكتب الحديث. إربد، الأردن، 2007. ص: 114 وما بعدها.

    [4]  بشير إبرير، تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق. ص: 114.

    [5]  المرجع نفسه. ص: 115.

    [6]  بشير إبرير، تعليمية النصوص بين النظرية والتطبيق. ص: 115.

    [7]  المرجع نفسه. ص: 116.

    [8]  المرجع نفسه. ص: 117.

    [9]  المنجد في اللغة والأعلام. ط 29. دار المشرق. بيروت. 1987م. ص: 617. 

    [10]  بدر الدين بن تريدي. قاموس التربية الحديث. منشورات المجلس الأعلى للغة العربية. دار راجعي للنشر والطباعة. الجزائر.  2010م. ص: 335.

    [11]  إيمان البقاعي. المتقن، معجم تقنيات القراءة والكتابة والبحث للطلاب. دار الراتب الجامعية. بيروت. لبنان. ص: 225.