الخطوط العريضة للقسم

  • تعليم اللغة العربية في الطرائق التعليمية (تحليل ونقد)‏

    أهداف الدّرس:

    الهدف الخاص: التعرّف إلى طرائق تعليم اللغة العربية، ومناقشتها.  

    الهدفان الإجرائيان: 

    يتوقّع منك عزيزي الطالب، بعد فراغك من دراسة المحاضرة أن تكون قادرا على أن:

    - تتعرّف إلى طرائق تعليم اللغة العربية.

    - تحلل العملية التعليمية وأن تنتقد طرائقها. 

     

     القراءات المساعدة:

    1- أحمد مختار عمر. معجم اللغة العربية المعاصرة.

    2- حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية.

    3- رشدي أحمد طعيمة. الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية.

    4- صالح بلعيد. دروس في اللسانيات التطبيقية.

     

    الدرس

    تمهيد:‏

         يسعى خبراء التعليم إلى إيجاد التوازن الموضوعي والمنهجي لعناصر المنظومة التعليمية، بدءا بالغايات وانتهاء بالتقويـم.‏ وإدراكا منهم لأهمية العملية التعليمية في بناء الإنسان، وتحقيق أهدافه وآماله، يجتهدون لتيسير أسباب الاستيعاب لدى المتعلمين، وبالتالي تبليغ المادة المعرفية عن طريق أساليب ‏هادفة، ومجدية. وقد عرف تعليم اللغة ممارسات تحتكم إلى طرائق مختلفة ومتنوّعة، تتناسب مع طبيعة المواد المقررة، وطبيعة المقولات والنظريات العلمية المعروفة في عصرها. 

    مفهوم الطرائق:

       تذكر معظم المعاجم العربية القديمة، أنّ الطريقة هي الطّريق، أو المذهب، أو المسلك،  وجمعها طرائق. فقد ورد في لسان العرب: " الطّريقة: السّيرة. وطريقة الرّجل: مذهبه.. والطّريقة وجمعها طرائق: نسيجة تُنْسج من صوف أو شعر.. "([1]). وفي (أساس البلاغة):     " هذا دأبُك وطُرْقَتُك أي طريقتك ومذهبك "([2]). كما جاء في (المعجم الوسيط): " الطريقة: الطريق. و- السّيرة. و- المذهب "([3]). وجاء في (معجم اللغة العربية المعاصرة): " طريقة [مفرد]: جمع طرائق وطرق: نهج؛ أو أسلوب ومسلك ومذهب. طريقة علمية: طريقة منظّمة تقوم على جمع المعلومات بالملاحظة والتجريب، وصياغة الفرضيات واختبارها"([4]).

       والطريقة " من بين المصطلحات التّربوية الغامضة شديدة المرونة، ولمّا يستقرّ العرف التّربوي على تعريفها... فمن الباحثين من [يراها] الأسلوب، أو النّهج الذي يسلكه المعلّم مع متعلميه في عملية التّدريس، ومنهم من يراها عملية فنّية، تحتمل اختلاف الآراء، وتعدّد وجهات النّظر... وثمّة من يراها مجموعة الأساليب التي يتمّ بواسطتها تنظيم المجال الخارجيّ بها للتّعليم من أجل تحقيق أهداف تربوية معيّنة. فهي بذلك أكثر من مجرّد وسيلة لتوصيل المعرفة "([5]). لهذا رأى بعضهم أنّها تعني " الخطّة الإجمالية الشّاملة لعرض وترتيب مواد تعليم اللّغة "([6]) تعليما يحقّق الأهداف التّعليمية المسطّرة. 

         كما عرّفها بعض الباحثين بأنّها " تلك الخطوات المنظّمة في مجال معيّن من المجالات الفكرية أو العملية للوصول إلى الهدف بسرعة بأكثر ما يمكن من الدّقّة والضبط. [ومردّ هذا التعريف / التّصوّر الذي وضعه] (فريدريك هربارت) الألماني في القرن التاسع عشر، حينما صاغ طريقته التعليمية ذات الخطوات الخمس التي استلهمها من مبادئ علم النّفس الترابطي"([7]).

         ويعد مفهوم الطرائق في التدريس من أهم أركان العملية التعليمية، إذ عبرها يتم الحكم على نجاح هذه العملية، كما أن اختيار الطريقة المناسبة يُمَكن المدرس من معالجة صعوبات المادة المدروسة، والوقوف على نقاط الضعف والقوة فيها، وتحديد نواحي القصور في المنهج، وتبسيط القواعد وتسهيل عملية تدريسها.

       ويشير مفهوم طريقة التدريس إلى كل ما يتبعه المدرس مع المتعلمين من إجراءات وخطوات متتالية، ومترابطة لتنظيم المعلومات، والمواقف، والخبرات، ولتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف التعليمية المحدّدة. كما يحيل إلى النهج أو الأسلوب الذي يتبعه المدرس في تبسيط ونقل المعلومات من المقررات الدراسية إلى أذهان المتعلمين.

       وعليه، فلقد كانت، وسوف تبقى طرائق التدريس من الوسائل النّاجعة والفعّالة التي تحفظ للعملية التّعليمية الحدّ المطلوب من إمكانية تحقيق الأهداف المرصودة، بالتّدرّج في تقديم الحصص من خلال الاهتمام بتنظيمها، وتبسيط المادة العلمية عند عرضها، أو إنجاز التطبيقات لترسيخها. ولهذا، لا يمكن للمعلم إلاّ أن يحدّد ما يناسب موضوعه التعليميّ منها، ويعمل على تنشيط متعلّميه من خلالها.

       نلاحظ من خلال التعاريف السابقة، أنّ  الطّريقة في التدريس، هي مجموعة من الخطوات، تمارس بها أنشطة أو إجراءات، يفعّلها المعلّم أثناء العملية التعليمية، بهدف الدّفع بالمتعلّم إلى بناء المعرفة، أو تمكينه من تحصيلها، أو إحداث تغيّر مرغوب في سلوكه، أو إيصال معلومات، أو تشكيل مهارات وتحقيق مردود أعلى.

    مفهوم الطّريقة التّقليدية:

       " وهي في مجملها عبارة عن مجموعة من الخطوات والإجراءات التي يمارسها المعلّم، معلّم اللّغة، تقف بأهدافها عند حفظ قواعد اللّغة وفهمها، والتّعبير بأشكال لغوية تقليدية، وتدريب الطّلاّب على الكتابة بدقّة، وتزويد الدّارس بحصيلة لغوية أدبية واسعة "([8]). وهي أكثر طرق التّدريس امتدادا في الزّمان والمكان، فهي قديمة عتيقة، وكانت تلقى انتشارا جغرافيا واسعا. وما يمكن ملاحظته، هو عدم ارتباطها بأيٍّ من علماء التّربية والتّعليم. كما أنّها لم تتأسّس على نظريات سيكولوجية، أو لسانية. بل " تجمع في ثناياها أساليب تدريسيّة متعدّدة تراكمت عبر قرون، وعبر ممارسات متباينة "([9]). وهي تتمظهر في طرائق مختلفة، كلها تقليدية قديمة، نذكر منها([10]):  

    1- الطريقة الإلقائية: ‏

         هي: «طريقة تقليدية. وفيها يلقي المعلم الدرس إلقاء يعتمد فيه على نفسه دون مشاركة من المتعلم. بمعنى ‏أن النّشاط فيها قاصر على المعلّم وحده، وما على المتعلم إلا الإنصات الكامل والالتزام بما يقال له»‏ ‏. ومن أمثلة هذه ‏الممارسات نذكر: ‏

    ‏- يتحدث المعلم محاضرا، بينما يصغي الدارسون في خضوع.‏

    ‏- يختار المعلم ما يريد، ويطبق رغباته، وعلى الدارسين أن يرضخوا لتلك الرغبات.‏

    ‏- المعلم هو محور العملية التعليمية، والمصدر الوحيد للمعرفة فيها.  

    ‏ - خطوات طريقة الإلقاء: لهذه الطريقة خمس خطوات، نلّخصها فيما يأتي:‏

    أ- المقدّمة: فهي مدخل مادته، وسبيل لفت الانتباه لما سيقدم.

    ب- العرض: يتضمن تغطية المعلّم جوانب الموضوع وتنظيم المعلومات، وممارسة استراتيجيات تساعد على التعلّم، وعليه ‏في هذه الخطوة أن:‏

    ‏- أن يقوم بتجزئة الدرس إلى عناصر، ثم يرفق كل عنصر بالشرح الذي يراه مناسبا.

    ‏- أن تكون اللّغة التي تعرض بها المادة العلمية فصيحة، سهلة وواضحة، وأن يعرف المدرس متى يرفع صوته ومتى يخفضه، ‏وأين يوجه السّؤال، وأن يسّخر كل حركاته للتعبير عما يريد. ‏

    ‏- أن يضمِّن الدرس بعضا من الفكاهة حتى لا يملّ المتعلّم‏.‏

    ج- الرّبط: وتسمى هذه الخطوة الموازنة، والغرض منها البحث عن الصّلة بين الجزئيات والموازنة بينها، كما يربط فيها ‏حقائق الدّرس الجديد بالحقائق السّابقة التي درسها التلاميذ.‏

    د- الاستنباط: وتعدّ من أهم مراحل هذه الطريقة يمكن الوصول إليها بسهولة إذا سار المعلّم في الخطوات السّابقة سيرا ‏طبيعيا، إذ بعد أن يفهم التلاميذ الجزئيات يمكنهم استنباط التعاريف، والقواعد والقوانين والتعميمات.‏

    هـ- التطبيق: وفيها يستخدم المعلم ما وصل إليه في الخطوة السّابقة من تعميمات وقوانين ويطبقها في جزئيات جديدة

    ‏ حتى يتأكد من ثبوتها في أذهان التلاميذ كما يقف على مدى فهم التلاميذ للدرس، ويكون هذا التطبيق في صورة أسئلة ‏أو إعطاء تمارين للحل تتضمن موضوع الدرس ‏.‏

    ‏- مزايا وسلبيات طريقة الإلقاء:‏

    أ- المزايا: لطريقة الإلقاء مزايا متعددة نذكر منها:‏

    ‏- توفير الجهد والوقت.‏

    ‏- تناسب بعض المواد الدراسية كالأدب والتاريخ.‏

    ‏- مناسبة في المواقف التي يكثر فيها عدد المتعلمين. ‏

    ‏- مناسبة للمناهج الطويلة.‏

    ‏- تنمي في المتعلمين حب الاستماع وحب القراءة ‏.‏

    ‏- المادة العلمية يتم تقديمها بأسلوب منطقي مباشر. ‏

    ‏- قد تكون مشجعة لبعض الطّلاب ومحبطة للآخرين ‏.‏

    ب- السّلبيات: وفي مقابل المزايا نجد العديد من العيوب أبرزها:‏

    ‏- مملة للمتعلمين.‏

    ‏- الطلبة لا يكادون يسهمون بشيء إلا التلقي، وكثيرا ما يتركون المدرس في واد ويسرحون في واد آخر. ‏

    ‏- كذلك أنّ التّلقي نفسه لا يجعل المادة عميقة في نفوس الطّلبة، لأن دورهم فيها سالب ‏.‏

    ‏- لا تراعى بها الفروق الفردية بين المتعلمين.‏

    ‏- تعد طريقة مجهدة للمعلم ‏.‏

    2- طريقة التسميع: (الحفظ والاستظهار): ‏

         وهي إحدى الطّرائق القديمة التي ينصبّ الاهتمام فيها على إتقان حفظ المتعلّم لموضوع محدد، من قبيل حفظ السور ‏القرآنية أو بعض القصائد الشّعرية، أو بعض القوانين والقواعد المتعلقة بالعلوم واللغات. وكان المعلم يلجأ إلى أسلوب ‏الحفظ، لأنه في نظره طريقة من طرائق تحصيل دراسة المواد، ولأنه يعوّد المتعلم على مواجهة الآخرين ويستثمر ما تعلم في ‏مثل هذه المواقف.  

    3- طريقة الاستقراء:

        تستند الطريقة الاستقرائية إلى أساس فلسفي مفاده أن الاستقراء والأسلوب الذي يملكه العقل في تتبع ‏مسار المعرفة ليصل به إلى المعرفة في صورتها الكلية بعد تتبع أجزائها، وعليه فهدف الطريقة هو الكشف عن ‏القواعد والحقائق واستخدام الاستقصاء في تتبعها والوصول إليها.‏

    ‏- خطوات الطريقة الاستقرائية:‏

       ‏ لهذه الطريقة خمس خطوات، هي كآلاتي:‏

    ‏* التمهيد: وفيه يهيئ المعلم تلاميذه للدرس عن طريق بسط الفكرة أو إلقاء أسئلة، ليثير فيهم التذكر الذي يشدهم للتعلق بالدرس.

    ‏* العرض: هو لب الدرس، إذ يعرض فيه المعلم الحقائق الجزئية أو المقدمات في شكل جمل أو أمثلة نحوية ‏كانت أم صرفية، وتستقرأ الأمثلة –عن طريق المناقشة -  عادة من طرف التلاميذ أنفسهم بمساعدة المعلم.‏

    ‏* الربط والموازنة: بحيث تربط الأمثلة ببعضها، وتعني أيضا الربط بين ما تعلمه التلميذ اليوم وبين ما تعلمه ‏بالأمس، فالهدف منها هو أن تتداعى المعلومات وتتسلسل في ذهن المتعلم ليصبح مهيئا لاستنتاج القاعدة.‏

    ‏* التعميم (استنتاج القاعدة): وهنا يستنتج التلميذ القاعدة بمساعدة المعلم.

    ‏*التطبيق: ويعد خطوة مهمة لأن دراسة القواعد لا تؤتي ثمارها إلا بالتطبيق عليها. فالتطبيقات هي ‏الجانب العملي لمعرفة مدى استيعاب التلاميذ للدرس ‏. ‏

    لكن رغم ذلك لا تخلو هذه الطريقة من النقائص كالاعتماد على الحفظ المسبق ودعم التقليد دون الابتكار.‏

    4- الطّريقة القياسية:‏

         تعد الطّريقة القياسية من أقدم الطّرق، حيث إنها أدت دورا كبيرا في التعليم قديما، «والأساس الذي تقوم عليه هذه ‏الطريقة هو القياس، حيث ينتقل الفكر فيها من الحقيقة العامة إلى الحقائق الجزئية، ومن المبادئ إلى النتائج، ومن المعلوم ‏إلى المجهول.»‏ ، وهي طريقة «تقوم على حفظ القاعدة منذ البداية ثم الإتيان بشواهد، وأمثلة تثبتها، وهذا يعني أنها تقوم ‏على الحفظ فالمتعلم ملزم بحفظ القواعد أولا، ثم تعرض عليه الأمثلة التي توضح هذه القاعدة أي أن الذهن يبدأ من الكل ‏إلى الجزء»‏ ‏.‏

    - خطوات الطريقة القياسية:   

       تتبع الطريقة القياسية الخطوات الآتية:‏

    أ- التمهيد: وهو خطوة يتم فيها التطرق إلى الدرس السّابق، ليتكوّن لدى ‏المتعلمين الدافع للدرس الجديد والانتباه إليه.‏

    ب- عرض القاعدة: تكتب القاعدة كاملة محددة وبخط واضح ويوجه انتباه المتعلمين نحوها، بحيث يشعرون أن هناك ‏مشكلة تتحدى تفكيرهم، وأنه يجب أن يبحثوا عن الحل، ويؤدي المعلّم هنا دورا بارزا ومهما في التوصل إلى الحل معهم.

    ج- تفصيل القاعدة: بعد أن يشعر المتعلمون بالمشكلة يطلب المعلم منهم الإتيان بأمثلة تنطبق عليها القاعدة انطباقا ‏تاما، فإذا عجزوا ساعدهم على ذلك، بأن يعطي الجملة الأولى ليقدم الطلبة أمثلة ‏أخرى قياسا على مثال أو أمثلة المعلم، وهكذا يعمل هذا التفصيل على تثبيت القاعدة ورسوخها في ذهن المتعلم وعقله.‏

    د- التطبيق: بعد شعور المتعلمين بصحة القاعدة وجدواها نتيجة للأمثلة التفصيلية الكثيرة حولها، فإنهم يمكن أن ‏يطبقوا عليها، ويكون ذلك بإثارة المعلّم للأسئلة التي لها علاقة بفحصها،  واكتشاف نضجها في أذهانهم. 

    ‏- مزايا الطريقة القياسية وسلبياتها:‏

    أ- المزايا: تتمتع هذه الطريقة بمزايا عديدة أهمها:‏

    ‏- توفر الوقت مما يسمح بإعطاء المزيد من أساسيات العلم، كما تساعد المعلّم على أن ينتهي من المقرر في الوقت المحدد.‏

    ‏- تدرب المتعلمين على تفسير المواقف الجزئية من خلال الموقف العام، أو تصنيف الحقائق الفرعية طبقا للقانون العام.‏

    ‏- تدرب المتعلمين على تحليل الموقف الكلي إلى مكوناته الأصلية، وهذا يساعد المتعلم في تحليل الأمور الحياتية التي ‏يواجهها يوميا ‏.‏

    ‏- تصلح للمحاضرات.                                               

    ‏- تشرك التلميذ في تنفيذ المنهج.‏

    ‏- تساعد هذه الطريقة كذلك على تدريب الطلاب مهارة الإصغاء والإنصات.‏

    ‏- سهولة إعدادها وتطبيقها.‏

    ب- السّلبيات: نذكر منها ما يلي:‏

    ‏- وقوف المتعلم موقفا سلبيا منها، فكل همّه الحفظ والمحاكاة العمياء.‏

    ‏- منافاتها لمبدأ التدرج فهي تقدم الصّعب في تقديم القاعدة والتدريب على السّهل من الأمثلة والتّطبيقات ‏.‏

    ‏- غير مناسبة في المراحل الأولى من التعليم.‏

    ‏- نسيان التلاميذ للقاعدة لأنهم لم يبذلوا جهدا في استنتاجها.‏

    ‏- تبعد المتعلمين عن اكتشاف القواعد العامة بأنفسهم، لأنهم سيأخذونها مباشرة من المعلم ويحفظونها.‏

        ومن خلال ما سبق نصل إلى أنّ الطريقة القياسية هي إحدى طرائق التفكير التي ينتهجها العقل، في سبيل الوصول من ‏المجهول إلى المعلوم، وهذه الطريقة تتطلب عمليات معقدة، وذلك لأنها تبدأ بالمجرد أي بذكر القاعدة كاملة ثم الانتقال ‏بعد ذلك إلى القضايا الجزئية. ‏

    5- طريقة الحوار (السّقراطية):‏

    أ- مفهومها: ‏

        تنسب هذه الطريقة إلى الفيلسوف الشّهير سقراط، لأنّه أوّل من استعمل الحوار على مرحلتين: مرحلة التهكّم، التي ‏تمكّنه من زعزعة ما في نفس صاحبه من يقين يعتقده، ويواصل العمل على ذلك إلى أن يبين له موضع خطئه، ومن ثم ‏يصل بصاحبه إلى مرحلة توكيد الأفكار، إذ بعد أن يبيّن لصاحبه مقدار عجزه عن كشف الحقيقة، يأخذ في إلقاء أسئلة ‏أخرى تتكشّف من خلالها الحقيقة النّهائية؛ أي أنه كان يولد الأفكار بالمحاورة‏. ‏

    ب- مراحل الحوار: ‏

    أ- مرحلة اليقين الذي لا أساس له من الصحة؛ وهي مرحلة يراد بها إظهار جهل الخصم وغروره وادعائه العلم وقبوله لما ‏يلقى عليه من غير احتكام إلى المنطق والذوق السليم.‏

    ب- مرحلة الشك؛ وهي أن تتوالى الأسئلة والأجوبة بما لا يترك للمتكلم مجالا للثقة في حقيقة ما يعرفه، مما يوقعه في ‏حيرة، ويفتح باب التناقض في عباراته، فيغضب، ثم تشتد رغبته في طلب الحقيقة والعلم.‏

    جـ- مرحلة اليقين بعد الشك؛ هي المرحلة التي يتم فيها البحث من جديد في الموضوع، ومعرفة الأمثلة التي توضح الحقيقة ‏وتميزها عن غيرها، وملاحظة ما بينها من أوجه التشابه والاختلاف، والتوصل إلى تعريف منطقي جامع لا سبيل إلى ‏الشك فيه ‏.‏

    جـ - محاسن طريقة الحوار: ‏

         تكمن أهمية طريقة الحوار في كونها مفيدة في جميع مراحل التعليم، حيث إنّ ما فيها من الحرية والتبسيط وعدم ‏التكلف والسرور يجعلها مفيدة للمتعلمين، ومن أهم مميزات طريقة الحوار ‏:‏

    تعين المدرس على معرفة مقدار المعلومات والحقائق عند الطلاب.‏

    تساعد المدرس على اكتشاف ما في أذهان التلاميذ من تساؤلات أو أفكار.‏

    يتحقق بها المدرس من مدى فهم الطلاب للدروس السابقة.‏

    تعين المدرس على إعمال فكر الطلاب، وربطهم بالخبرات السابقة.‏

    ‏ تعين المدرس على إثارة مشاركة الطلاب، وإقناعهم بضرورة متابعة التعليم وتحصيل المعلومات.‏

    د- عيوب طريقة الحوار:‏

         من محاذير هذه الطريقة أنها تجعل المعلم مصدر المعرفة الوحيد، وأنها قد تكون سببا لنفور التلاميذ من الدرس والمدرس، ‏ولا سيما إذا كانت الأسئلة تسبب لهم السخرية أو تكشف عجزهم، كما قد تكون سببا في ضياع الوقت لكثرة أسئلة ‏الطلاب بقصد إشغال المعلم، وقد تكون أيضا سببا لانعدام الأهداف الخاصة للمعلم، إما لإطالة الإجابة عن الأسئلة أو ‏الإجابة عن أسئلة بعيدة الموضوع المقرر ‏. ‏

     

    الهوامش:


    [1] أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. لسان العرب. ط3. ج10. دار صادر. بيروت. 1414هـ /1994م. ص: 264.

    [2] الزمخشري. أساس البلاغة. ص: 279.

    [3] مجمع اللغة العربية بالقاهرة. المعجم الوسيط. ص: 556.

    [4] أحمد مختار عمر. معجم اللغة العربية المعاصرة. ج 2. ص: 1398.

    [5] حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية. مركز الإسكندرية للكتاب. مصر. 2005. ص: 107.

    [6] رشدي أحمد طعيمة. الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية. دار الفكر العربي. القاهرة. 1998. ص: 34.

    [7] جماعة من الأساتذة. الدرس اللغوي التربوي للمراكز التربوية. ط 1. دار الثقافة. الدار البيضاء. المغرب. 1403هـ / 1983م. ص: 109.

    [8] حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية. ص: 113.

    [9] نايف خورما. علي حجاج. اللّغات الأجنبية تعليمها وتعلّمها.  المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. الكويت. ص: 171.   

    [10] ينظر، حسني عبد الباري عصر. الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثّانوية. ص: 113 وما بعدها. ومحمد الدريج. تحليل العملية التعليمية وتكوين المدرسين. و صالح بلعيد. دروس في اللسانيات التطبيقية. ط5. دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع. الجزائر. 2009.