ارتبطت المعتقدات الدينية المصرية ببقية مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر، إذ ما من ظاهرة إلا وكانت تفسر وفق المعتقدات الدينية الكهنوتية ولهذا وجدنا أثر الدين في الفن والهندسة والطب والعمارة والحكم والزراعة.
والجدير بالذكر أن مصر قلَّما شهدت إلهاً واحداً، بل الطابع الديني المميز لها هي في تعدد الآلهة وتعدد الولاءات لها، بل ما يلاحظ في هذا المجال بأن مصر شهدت طبقية العبادة، فبعض الآلهة خصصت للطبقات الخاصة وبينما خصصت آلهة أخرى للطبقة العامة، بالإضافة إلى وجود آلهة حيوانية و طبيعية كالشمس والقمر والنيل أو كالأفعى أو الفيل أو البقرة، وهي من الآلهة المرتبطة باستمرار الحياة على غرار ما شهدته بعض مناطق الشرق القديم من عبادات، وقد وجدت تماثيل تؤكد صحة هذا القول وذلك لارتباطها باستمرار الحياة ( آلهة الخصوبة).
غير أن(اوزريس) أي اله السماء والأرض ، يبقى الإله الأكثر شعبية، وكان إلها لزراعة النبات لاسيما زراعة القمح، وكانت عبادته أملا بالبعث لجميع من اعتقدوا به، فإله الزرع وإله الارض والسماء والقمر كلها أسماء مختلفة لِإله واحد هو – أوزريس- ويدل على تجدده واستمرار حياته وحياة المزروعات واستفاقتها وتجدد الفيضان كل عام.
بالإضافة إلى هذا الإله هناك المذاهب الدينية التي انتشرت في هليوبوليس بالقرب من مدينة منف، فقد كانت الشمس هي الإله المميز في المنطقة فهي خالقة كل شيء حتى ذاتها، وكان هذا الإله يسمى أيضا الإله ( رع) ، كما شهدت مصر آلهة أخرى هامة مثل (أمون) و (أمون رع)، وكان أمون الإله العائلي للملوك، وقد استقرت عبادته في طيبة في مصر العليا.
وشهدت الديانة المصرية تطورا جديدا بوجود الإله ) أتون( إله الشمس الذي قام بثورة دينية لتوحيد الآلهة المصرية، فعمّت عبادته وأُلقي في كل المناطق العبادات الأخرى، فما كان من كهنة ) أمون( إلا أن رفضوا هذا التوحيد مٌصرِّين على ديانتهم، ثم أبدل فرعون اسمه )أمنوفيس( باسم ) أخناتون( وحذا حذوه كل رجال بلاطه والمقربين إليه بأن أبدلوا أسماءهم الآمونية بأسماء أخرى وبذلك فقدت طيبة مركزها كعاصمة وحلّت محلها مدينة اخناتون في مصر الوسطى.
وحول علاقة المصريين بالديانات والآلهة المصرية القائمة لابد من الإشارة إلى أن هذه الديانات تضمنت معتقدات بالحياة بعد الموت، لذلك فإن جثث الموتى أحيطت بعناية خاصة ووضعت أمامها الأدوات المنزلية والصور وأدوات السلاح والصيد، ولابد من القول بأن مصر عرفت أيضا عبادة الأموات بالإضافة إلى ألهتها التقليدية، والحقيقة فإن المصريين أخلصوا إخلاصا متفانياً لمعتقداتهم الدينية وما هندسة العمارة المصرية سوى الدليل الحقيقي على ذلك الإخلاص.
وقد كان كان الدافع وراء بناء الأهرامات اعتقاد المصريين بحياة أخرى بعد الموت، إذ أن الفرعون ينتقل بعد موته إلى السماء و يخلد مع الآلهة، ورجوع الروح إلى الجسد يتوقف على بقاء الجسد سالما دون تلف، لذلك اهتم فراعنة مصر بتحنيط أجسادهم، ويلاحظ أن اهتمام الفراعنة في بناء قبورهم دون الاهتمام لبناء بيوتهم بنفس الدرجة، بدلالة عدم وصول بنايات بيوت الفراعنة التي كانت تحتاج إلى ترميم على العكس من الأهرامات، والسبب اعتقادهم بأن الحياة الدنيا هي مؤقتة تدوم مدة معينة من الزمن، أما الحياة الأخرى فهي تحتاج إلى قبر يدوم للأبد.