الحكومة والإدارة
عثر في الموقع المصرية الأثرية على عدد من البرديات والفخاريات التي تضمنت بعض المراسيم والتشريعات والتقارير والقرارات والحسابات الملكية، وقد أثبتت الدراسات الحضارية بأن الملك كان يتولى أمور الحكومة المركزية ويتقصى أحوالها وكان يطلع على التقارير والمراسلات، غير أنه كان يتقبل الاستشارات والإرشادات من أعوانه ومن ذوي الخبرة والإدارة.
وإلى جانب الملك، عرفت مصر وزراء ومعانون للملك كان عليهم تنفيذ الأوامر وإطلاعه عليها، وقد أشارات النصوص الرسمية إلى هؤلاء الوزراء فتصفهم أحيانا ب(فم الملك) أو( عين الملك) أو (أذن الملك)، وكان يوجد من بين الوزراء الوزير الأول أو الوزير المميّز، ويكون عادة موضع ثقة، وفي عهد الأسرات ترأس الوزير الأول المجلس الأعلى للوزراء في حال اضطرار الملك إلى التغيب أو في حال إصدار الملك أمراً لِعقد مثل هذه الاجتماعات.
أما فيما يختص بالإدارة المحلية والإقليمية، فإنها لم تكن على الدوام قادرة على فرض النظام في كل المناطق، وذلك لأن عدم انتشار وسائل النقل والطرق المعبدة كان يؤخر إقرار النظام لاسيما في المناطق التي كانت تتأثر مباشرة بفيضانات النيل، حيث لم تكن الطرقات قائمة في تلك المناطق، بالإضافة إلى أن استخدام الحصان لم يكن أمرا ميسورا في تلك الفترة إلا للأغنياء وعَلِية القوم، غير أن مصر شهدت تقسيم المناطق إلى وحدات إدارية وصلت في بعض الأحيان إلى أربعين وحدة ، وكان يتولى إدارة هذه الإدارات أو الوحدات موظف يمثل الفرعون في الإقليم ، وكان هذا الموظف يعين بدوره صغار والمسؤولين في وحدته وكانوا بدورهم مسئولون أمامه، وهو بدوره يُسئَل أمام الفرعون، وقد شهدت الإدارات المراقبين والمفتشين والكتاب، كما أن كاهن الوحدات كان يعتبر من أصحاب المناصب الكبرى وله نفوذ كبير لما يتمتع به من قدسية، ولابد من الإشارة إلى أنه بالرغم من بعض فترات الفوضى في الإدارة المصرية، غير أن التاريخ المصري شهد دقة في التنظيم الإداري لاسيما في الإمبراطورية الوسطى، وقد جرى إحصاءات دقيقة حول عدد أفراد الجيش وأفراد الأسر وتبيان ما تملكه الأسرة من ماشية وعقارات والمراقبة على عمليات البيع والشراء والإرث التي خضعت للتسجيل في الدوائر الحكومية.
وكانت الإدارة تسهر على جباية الضرائب وتحدد أحكام الخراج ورسوم الماشية وضريبة الأعشار، وكان من نتيجة تنظيم الجهاز الإداري ورعايته للوضع المالي أن أنعمت مصر بغنى كبير، وكان هذا الغني الملكي من الأسباب التي دفعت بشعوب وغزاة في مناطق أخرى من العالم للتوجه نحو مصر لاحتلالها.
النظام العسكري
كان الجيش المصري عماد الحكم الفرعوني وإداراته العسكرية ولذا فقد حرص ملوك مصر على الاعتناء بالجيش لمعرفتهم بأنه حامي عرش الفرعون والمدافع عن مصر من الأخطار الخارجية، ولوحظ بأن بعض الجنود الممتازين تدرجوا في سلك الجندية وأصبحوا ضباطا وتولوا مناصب قيادية كبرى.
أما فيما يختص بقومية عناصر هذا الجيش فإنه لم يكن مصريا خالصًا، بل التحق فيه العديد من الغرباء الأجانب عن مصر وبعض المرتزقة، و كان الملك حريصًا على إعطاء كل مرتزق قطعة أرض يعنى بزراعتها واستثمارها تأمينا لحاجياته وحاجيات عائلته، وقد ذكر هيرودوت بأن عدد الجنود بلغ ما يقارب31 ألفًا في أوقات، كما لابد من الإشارة إلى أن الجنود غير المصريين تمصَّروا بمرور الزمن خاصة بعدما أورثوا أولادهم الإقطاعات الزراعية وسلك الجندية.