كان النظام الملكي في بلاد النهرين أساس الإدارة السياسية، كما هو الحال في مصر، غير أن النظام الملكي في بلاد النهرين كان أكثر صعوبة في إداراته للبلاد نظرا لأنها لم تكون موحدة على غرار مصر بل وجدت فيها عدة دويلات مستقلة.
بالنسبة إلى النظام السياسي فإنه كان مختلفا بين عصر وأخر، كما أن الألقاب التي كان يحملها الملوك تظهر مفهوم الدولة في هذه ا البلاد، ففي أور و أوروك ولاجاش برز لقب ملك البلاد، بينما ظهر في عصور أخرى لقب ملك المناطق الأربع التي تعنى ملك سومر وأكاد وأمورو و سوبارتو.
وكان الملك يستند في حكمه على أساس إلهي، ولذا يسمى أحيانا ( نائب الآلهة)فالملوك الأشوريون بالإضافة إلى ألقابهم اعتبروا أنفسهم (نواب الإله أشور).
أما فيما يختص بتنصيب وتعيين الملك، فللاعتبارات الدينية أهمية كبرى في هذا المجال، ودور رجال الدين والكهنة واضح في موضوع تنصيب الملك، لأن المعتقدات الدينية يفترض فيها أن تنظر إلى الآلهة كصاحبة الحق في التنصيب ، وكان الملك عادة من أصل ملكي لأن النظام الوراثي هو الذي كان سائدا في منطقة الشرق الأدنى القديم.
والحقيقة فإن الملك عندما يتولى منصبه لا يتمتع بالامتيازات فحسب، وإنما على عاتقه واجبات دينية واجتماعية وعسكرية، فعليه أن يتصف بالتدين والورع وبالواجبات الدينية والطقوس، واعتبر في وقت من الأوقات بأنه الكاهن الأكبر للدولة.
كما إن عليه واجبات إدارية تختص بإدارة البلاد وصيانة أموالها وإقامة العدالة والمساواة والقضاء على الأشرار، ولعّل قانون حمورابي يمثل قمة التنظيم الإداري والاجتماعي في بابل وفي المنطقة بأكملها، ومن واجباته أيضا حماية الشعب لأنه يعتبر القائد الأعلى للجيش.
الإدارة
كانت الإدارة متمركزة في يد الملك فهو الحكام المطلق في تدبير أمور البلاد ، غير أنه اضطر للاستعانة بإدارة مكوّنة من عدد من الموظفين لإدارة شؤون المقاطعات والأقاليم، وكان أمور الدولة تدار من قبل الموظفين وكأنها أملاك خاصة بالملك، وفي الوقت الذي فشلت فيه الإدارة الأشورية في تنظيم وإدارة البلاد، نجد أن الإدارة البابلية كانت أكثر دقة وتنظيما لاسيما في عهد حمورابي، فقد استطاعت السلطة المركزية البابلية إخضاع كافة الأقاليم والمقاطعات لإداراتها وأبقت ولاتها كحكام تابعين للملك مباشرة، فهو الذي يعينهم ويعزلهم، كما استطاع حمورابي استغلال سلطاته القضائية ليدعم نظامه المركزي وسلطاته المركزية.