1-أنواع البحوث :

ذكر المنهجيون عديد الأصناف والأنواع وتقاسيم،وذلك باختلاف المعايير،التي على أساسها يتمّ التقسيم.

1-1حسب الشكل:

وهناك من يُصطلح على الشكل المستوى،وهذه أيضا تسمية سليمة،لأنّها تتعلق بالتدرج العلمي للباحث/ الطالب.

1-1-1البحوث/العروض الفصلية :

بحوث صغيرة الحجم،أي معدودة الصفحات لا تتجاوز عشرين صفحة،تهدف إلى تدريب وتمرين الطالب على جمع وتقميش المعلومات،ومختلف تقنيات التوثيق؛«لأنّ المقصود من هذه المرحلة هو تدريب الطالب على منهجية البحث،وممارسة المصادر،والقدرة على اختيار المادة العلمية المطلوبة والمناسبة،ثمّ تنظيمها،والتوفيق بينها،وصياغتها في أسلوبه الخاص،وأمثال هذه البحوث في حقيقتها لا تعدو أن تكون تقارير علمية .»،لقد اختلفت التسميات؛بين عرض بحثي وبُحيث،وبحث فصلي،وتقرير،ووريقات بحثية،غير أنّ الاتفاق كان حول فائدة ووظيفة هذه البحوث،التي لا تخرج عن دربة البحث وممارسته في خطواته الأولى والتمهيدية،فيكفي الطالب المبتتدئ أن يتعلم إعادة الصياغة بأسلوبه،وهو ينظر في الكتب،ويكتسب تقنية التأليف والجمع بين عدة كتب في فكرة ما،بالإضافة إلى تقنيات التهميش والتقميش المختلفة .

1-1-2مشروع البحث/المذكرة:

تتراوح عدد الصفحات في هذا النوع؛ ما بين خمسين وسبعين صفحة،وهي أعمق من البحوث الفصلية،وهي ثمرة الممارسة التطبيقية،يتناول الطالب فيها موضوعا/فكرة واحدة تتبلور في عنوان محدد ومضبوط،تُصاغ في إشكالية،ينظر المشرف إلى مدى تحكمه في الإشكالية والجوانب المعرفية والتوثيقية .وفي هذا الموضع يترقى الباحث/ طالب العلم درجة،فتزيد خبرته مقارنة بالمرحلة السابقة،فيُطلب من الباحث،تحكما تاما في المنهجية،ولاسيما تقنيات التوثيق،وحسن تبويب البحث،فصولا وفقرات،وهنا يتعلم الطالب طرائق نقاش الآراء والمقارنة بينها،والتأمل فيها لمجاوزتها،ولكيفيات الاستنباط.وفي هذا المقام نتوقف عند المقصود بالرسالة العلمية و«لعلّ أجمل تعريف للرسالة هو ما ذكره Arthur Cole من أنّها تقرير واف يقدّمه باحث عن عمل تعهّده وأتمّه ،على أن يشمل التقرير كلّ مراحل الدراسة، منذ كانت فكرة حتى صارت نتائج مدوّنة مرتبة، مؤيدة بالحجج والأسانيد.»[1] وهذه الرسالة العلمية بهذه الشروط والمعايير تنطبق على مذكرات التخرج الأكاديمية،ليسانس وماستر،والتي يُشرف عليها أساتذة متخصصون،يأخذون بأيدي الطلبة،لتحقيق الجودة العلمية .

كما ينبغي تمييز البحث العلمي عن التقرير،وإن اتصفا معا،بمنهجية جمع المعلومات وترتيبها وتصنيفها،فإنّ التقرير يختلف عن البحث من حيث الأهداف وطريقة البناء والهيكلة .«ويختلف التقرير عن البحث أيضا في الأهداف إذ Convencing،والإقناع influenceوالتأثيرchange أن هدف التقرير التغيير

وهدف البحث الكشف،والخلق والإبداع.ويختلفان من حيث المصادر،والطريقة،فمصادر التقرير بيانات ومعلومات،وإحصاءات موجودة،ومصادر البحث كتب ووثائق ،ومقابلات»[2] وما وضعنا هذه الفروق في هذا الموضع،إلاّ رغبة في ضبط المصطلحات والمفاهيم،التي تصادفنا في محاضرات منهجية البحث .ولما كان البحث العلمي يرتبط بالجامعات ومراكز البحث –كما أشرنا سابقا-،فقد ذكرنا تقسيم البحوث بالنظر إلى الدرجات العلمية[3]

 1-1- 3بحوث الدكتوراه والبحوث المعمقة:

بحث الدكتوراة كما هو معلوم،هو أعلى درجة علمية،وفي هذا النوع من البحوث،نُطالب طالب الدكتوراة بالإضافة النوعية في مجال تخصصه؛فغني عن البيان أنّ باحث الدكتوراة في هذا المستوى،قد أحاط إحاطةَ تمكُنٍ من مختلف تقنيات المنهجية،كما أنّه حصّل مختلف المناهج العلمية المشتغل بها،ويعرفها معرفة الحصيف،والأكثر من ذلك نتوقع من طالب الدكتوراة أن يقدّم الجديد في مجال تخصصه،من حيث المنهج،والقراءة الناقدة الفاحصة،أمّا من حيث عدد الصفحات فأوراق الدكتوراة فوق مئتي صفحة وصولا إلى الألف ورقة أو يزيد،وتجدر الإشارة أنّ قيمة البحث لا تتحدد بعدد صفحاته،فقد يكون حشوا لا طائل منه .«والميزات التي تمتاز بها بحوث الدكتوراة كالآتي:

العمل على إثراء المعرفة الإنسانية بما تُقدّمه من نظريات جديدة وأفكار مبتكرة تُطوّر المعرفة وتدفع بها إلى الأمام،(...) أطروحة الدكتوراة تعتمد على مراجع أوسع وبراعة في التحليل والتنظيم أعمق لتكون عنوانا لصاحبها،وتدلّ على مدى استقلاله في البحث ومقدرته على الإنتاج العلمي. »[1] هذا الكلام؛الذي قد يراه بعضهم مثاليا؛لكن ههنا نتحدث عما ينبغي أن يكون بعيدا عن رداءة بعض البحوث،وضعفها،أو غياب جودتها.

ونقصد بالبحوث المعمقة؛هي تلك البحوث المتخصصة للاستزادة،مثلا بعد الدكتوراة،من أجل الترقية العلمية،لدرجة جامعية ما،وقد تعد هذه البحوث أوراقا علمية لمؤتمرات تجمع المتخصصين في مسائل دقيقة .



 عبد الله محمد الشريف، مناهج البحث العلمي،دليل الطالب في كتابة الأبحاث والرسائل العلمية،مطبعة الإشعاع(مصر) ،  ط1 ،1996ص.27 [1]



[1]  أحمد شلبي، كيف تكتب بحثا أو رسالة،دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراة،ط21،1992،ص.13

[2] هادي نهر ،المرجع السابق،ص.13

[3] «وكان أحد التغيرات الرئيسية ظهور الدرجات العلمية مثل درجة دكتوراة الفلسفة ،وكانت أوّل جامعة تمنح هذه الدرجة الأكاديمية جامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1861»يُنظر: رجاء محمود أبوعلام ،المرشد في إعداد الرسائل الجامعية ،دار النشر للجامعات (مصر)،ط1،2009،ص.10

 

 

Last modified: Tuesday, 4 January 2022, 1:57 AM