يعد البحر المتوسط من أحسن البحار حيث وصفه قولتزGlotz (G.)" قائلا: "أنه يتشكل من عدة عناصر حيوية تساعد على الملاحة كانعدام الحواجز وقلة التيارات القوية، مما يساعد على سير السفن التي تبحر قرابة الساحل، فضلا عن تميزه بكثرة الموانئ والجزر بحوضه الشرقي، مما يجعل هذه الأخيرة نقاط استدلال".
وعليه، فقد كان البحر المتوسط مدرسة للملاحة البحرية في العصور القديمة لذا عرف العديد من الرحلات البحرية والتي تطرقت لها بعض المصادر الإغريقية والرومانية، وكذا ماورد على يد البحارة الفينيقيين الذين حرصوا على إقامة علاقات وطيدة مع الشعوب التي وصلوها.
ومنه فإن نشأة الكيانات السياسية في مدن الساحل الفينيقي شكلت العناصر الأولى للامتداد الفينيقي خارج الوطن الأصلي الوطن الأم فينيقيا في ظل عوامل متعددة تفاعلت فيما بينها لتدفع بالعنصر الفنيقي نحو الهجرة والبحث عن مراكز استيطان جديدة، توفر للمجتمع حاجياته، وتفتح له الطريق نحو نقل كل ما هو حضاري نحو المناطق التي عرفت استقرار الفينيقيين بها