تعاظمت في العقود الاخيرة ظاهرة الإرهاب سواء من حيث مظاهرها او على مستوى النطاق الذي تمارس فيه والوسائل المستخدمة فيها، وكذا بالنسبة للقائمين بها والدوافع التي تغديها[20].
عرف المغرب في يوم 16 ماي 2003 احداثا اخرجته من دائرة الاستثناء الذي كان ينعم به في المجال الأمني وادخلته في غمار الحرب على الإرهاب ومكافحة تمويله، ورغم ان المواجهة بين السلطات المغربية وتنظيم القاعدة لم تتم بالشكل الذي شهدته بلدان اخرى عربية واجنبية، فقد بدأ التماس بين المغرب وهذا التنظيم المتطرف اثر اعتقال بعض اعضاء الخلية القائمة خلال سنة 2002[21].
لذلك قام المغرب بالتوقيع على اتفاقيات وبروتوكولات في مجال الحرب على الإرهاب ومنها الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب في 14 اكتوبر 2001، والإتفاقية الدولية لقمع الإرهاب الموقعة بنيويورك في 19 اكتوبر 2002.
اضافة الى هذا قام المغرب بسن تشريعات خاصة بالإرهاب اهمها القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب والمؤرخ في 28 ماي 2003.
وفي علاقته بالإتحاد الأوربي فقد انخرط الطرفين في استراتيجية لمكافحة هذه الآفة التي مست المغرب في 16 ماي 2003 واسبانيا في 11 مارس 2004، وقد اتخذ هذا التعاون اشكالا ثنائية واخرى جماعية، فقد عمل المغرب على عقد اتفاقيات ثنائية مع اسبانيا سنة 2004 والتي تضمنت نقاطا تتعلق بتبادل المعلومات والخبرات بين الأجهزة الأمنية للبلدين وتعقب الشبكات والخلايا الإرهابية، وكذلك مع فرنسا في سنة 2003 تحدد بموجبها مجال التعاون بين البلدين لمحاربة الإرهاب والإجراءات الوقائية من هذه الآفة.
اضافة الى هذا فإن المؤتمر الوزاري لدول خمسة زائد خمسة المنعقد عام 2004 تم التأكيد فيه على تظافر الجهود من اجل تعاون امني لمواجهة كل اشكال الإرهاب، وفي دورته الرابعة عشر المنعقدة بالرباط سنة 2012 اشار الوزير التونسي رفيق عبد السلام ان اهتمامات منطقة المتوسط اصبحت اهتمامات مشتركة اكثر من ذي قبل مثل الحرب ضد المنظمات الإرهابية الناشطة في الساحل.
وفي اطار التعاون الأورومغربي قال العاهل المغربي الملك محمد السادس:" وفي هذا الصدد نود التنويه بالمستوى النموذجي للتعاون الفعال والشامل والتنسيق المحكم بين المغرب وجارته اسبانيا، وكافة شركائه لمحاربة الإرهاب والحرص على ان يظل حوض المتوسط فضاء للأمن والسلام والتقدم ومهدا لتفاعل الحضارات بل وتحالفها، وفي هذا الصدد فإننا نؤكد دعمنا... لكل الإقتراحات الصادرة في هذا الشان عن دول شقيقة وصديقة، خاصة منها انشاء هيئة متخصصة للوقاية من الإرهاب ومكافحته، واحداث صندوق لتعويض ضحايا هذه الآفة، وذلك بموازاة مع قيام منظمة الأمم المتحدة بدور فعال في هذا الشأن، واذ نجدد الإعراب عن وفاء المملكة المغربية الدائم بالتزاماتها الثنائية الإقليمية والمتعددة الأطراف، وانخراطها الفاعل في الجهود الدولية الرامية لمحاربة الإرهاب واستباق مخاطره وتطويقها، فإننا نهيب بالقوى المحبة للسلام ان تولي العناية الكاملة لايجاد حلول سلمية ومنصفة لمختلف بؤر التوتر في العالم، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط لما لها من تأثير على تغذية الإرهاب.
وقد اثمر التعاون المغربي الأوروبي في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية وتوافد عدد من المسئولين الأوروبيين الأمنيين والقضائيين على المغرب في تبادل للزيارات، وتم انشاء العديد من المراكز الإقليمية للتدريب والتكوين وتبادل الخبرات بهدف تعزيز اواصر التضامن، نذكر من بينها تنظيم اعمال تكوينية وتدريبية لصالح المغرب من قبل ايطاليا في يناير وفبراير 2006 وذلك في اطار المبادرات المنسقة من قبل الإتحاد الأوربي.
وكسائر الظواهر الأمنية التي تؤرق بال الأوروبيين فقد تم مقاربة ظاهرة الإرهاب بدعم التوجه الأمني المحض من طرف الإتحاد الأوروبي فيما تدعم دول جنوب حوض المتوسط ومنها المغرب المقاربة التنموية للتصدي للظاهرة واجتثاتها من جذورها مع الفصل بين الإرهاب السياسي والنضال المسلح من اجل التحرر الوطني.
هذا وقد شهدت الاشهر القليلة الماضية حالة نزاع مسلح داخل مالي ،هذا النزاع حركته اطماع انفصالية سرعان ما اختلط بحركات ارهابية بالمنطقة،جعلت التكهن بمستقبل المنطقة شبه ضبابي.
حيث أتاح التدخل الفرنسي في شمال مالي فرصة جديدة لإعادة تجميع شتات ورثة أسامة بن لادن في شمال أفريقيا، فكل الشروط تبدو اليوم مواتية لسيناريو محتمل بدأت تتضح معالمه بأن يتحول شمال مالي إلى «أفغانستان تحت أقدام المنطقة المغاربية»، التي يبدو أنها مرشحة لأن تتحول إلى «باكستان شمال أفريقيا» يمتد تحتها شريط من موريتانيا إلى الصومال ومن موريتانيا إلى «خنادق» سيناء في الصحراء المصرية. ثمة أسباب متعددة تدفع إلى ترجيح فرضية تحول شمال مالي إلى «أفغانستان جديدة إلى الجنوب من المنطقة المغاربية، فالتدخل الفرنسي غير المحدد إلى اليوم بأجندة زمنية مضبوطة للانسحاب، وهناك حضور القوى العسكرية الأفريقية لبعض الدول المجاورة، وتطلعات الأميركيين للوجود في المنطقة، كما تؤشر عليها تصريحات المسؤولين العسكريين الأميركيين بحجج مختلفة.[22]