الاهلية
الفرع الاول
شرط الأهلية م 78-80 ق م
1-تعريف الأهلية: يقصد بالأهلية صلاحية الشخص لكسب الحقوق والتحمل بالالتزامات، وصلاحيته لإبرام التصرفات القانونية على الوجه الذي يعتد به قانوناً، وبهذا تنقسم الأهلية وتتنوع الى نوعان: أهلية وجوب وأهلية أداء.
أهلية الوجوب: وهي صلاحية الشخص لكسب الحقوق التحمل بالالتزامات التي يقرها ويرتبها القانون، وبهذا ترتبط أهلية الوجوب بالشخصية القانونية طبيعية كانت أو معنوية دون الإرادة، بحيث تثبت لكل شخص من اللحظة التي يكون فيها حملا الى تاريخ تصفية تركته وسداد ديونه بعد موته (نفس الحكم تقريبا بالنسبة للشخص المعنوي).
أما أهلية الأداء: فهي صلاحية الشخص لإعمال إرادته في مباشرة التصرفات القانونية بالعقد أو الإرادة المنفردة، والتي تكسبه حقوقاً وتحمله بالالتزامات، وذلك على وجه يعتد به قانوناً وهي بهذا متعلقة بالإرادة خلافا لأهلية الوجوب.
ولما كانت أهلية الأداء متعلقة بالإرادة فإنها تنعدم بانعدام الإرادة، وتكون وناقصة بنقصانها، وتكتمل بكمالها، وبهذا لا تثبت أهلية الأداء مطلقاً لمن كان عديم الارادة، وتكون أهلية أداء ناقصة بالنسبة لمن كان مميزا فقط وتثبت اهلية أداء كاملةً لمن كان راشدا، لهذا يقصد بأهلية التعاقد أهلية الأداء لا أهلية الوجوب.
2-تدرج الأهلية مع السن: تمر أهلية الأداء بحسب السن بثلاث مراحل وهي:
مرحلة الصبي غير المميز: الصبي عديم التمييز هو الشخص الذي لم يبلغ بعد سن التمييز المحددة قانونا بالمادة 40 من القانون المدني وهي 13 سنة كاملة، ويأخذ حكم الصبي غير المميز كل من بلغ سن التمييز أي 13 سنة فما فوق وكان مجنونا أو معتوها.
ولما كان مناط أهلية الأداء هو التمييز والإدراك يعتبر الصبي غير المميز عديم الأهلية أي ليست له القدرة على إبرام التصرفات القانونية بشكل يعتد قانونا، فتكون جميع تصرفاته باطلة بطلاناً مطلقاً لانعدام الإرادة لديه المعدم للأهلية (ينوب عن هذا الشخص في إبرام التصرفات القانونية الولي او الوصي او المقدم على حسب الأحوال طبقاً للمادة 81 من قانون الأسرة) حتى ولو كانت نافعة له طبقاً للمادة 42 من القانون المدني والمادة 82 من قانون الأسرة.
مرحلة الصبي المميز: المميز هو كل شخص بلغ سن التمييز 13 سنة كاملة دون أن يبلغ سن الرشد الذي هو 19 سنة ولم يكن مجنونا او معتوها، أو من بلغ سن الرشد وكان سفيها او ذا غفلة، وتثبت للصبي المميز اهلية اداء ناقصة لعدم اكتمال ارادته بعد.
وفي شأن حكم تصرفات المميز ناقص الأهلية يميز المشرع بموجب المادة 83 من قانون الأسرة بين ثلاث حالات (مع ملاحظة أن القانون المدني لم يتعرض لحكم تصرفات ناقص الأهلية):
الحالة الاولى: إذا كانت التصرفات التي يجريها الصبي المميز ضارة به ضرراً محضاً ومؤكدا بحيث تتسبب في خروج مال من ذمته دون مقابل كالتبرع، فإنها تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً وعليه ليس لعديم التمييز أهلية التبرع طبقا للمادة 83 من قانون الأسرة.
الحالة الثانية: إذا كانت تصرفات الصبي المميز نافعةً له نفعاً محضاً ومؤكدا بحيث يترتب عنها دخول مال في ذمته المالية دون مقابل كقبول الهبة، فإنها تعتبر تصرفات صحيحة ومنه نقول تثبت له أهلية الاغتنام بمجرد بلوغه مرحلة التمييز.
الحالة الثالثة: إذا كانت تصرفات الصبي المميز دائرة بين النفع والضرر بحيث تحتمل بحسب طبيعتها الربح والخسارة، أي يأخذ فيها كل متعاقد مقابلا لما يعطيه للمتعاقد الآخر وهذا ما يكون في عقود المعاوضة فإن حكمها مختلف فيه بين القانون المدني وقانون الأسرة كما يلي:
- بالرجوع الى القانون المدني فإنه وطبقا للمادة 101 فقرة الثانية منه تعتبر تصرفات المميز الدائرة بين النفع والضرر قابلة للأبطال لمصلحة ناقص الأهلية المميز، اي انها صحيحة ومنتجه لجميع آثارها إلا أنها مهددة بالبطلان إذا تمسك به ناقص الأهلية بعد بلوغه سن الرشد او عن طريق وليه.
- وبالرجوع الى قانون الأسرة وطبقا للمادة 83 منه تعتبر تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر موقوفة وليست قابلة للإبطال، فهي تصرفات صحيحة إلا أنها موقوفة النفاذ والسريان، بحيث يتوقف نفاذ آثارها على إقرارها من قبل ولي ناقص الأهلية او ناقص الأهلية نفسه بعد ان يصبح كامل الأهلية ببلوغه مرحلة الرشد.
ويختلف العقد القابل للإبطال عن العقد الموقوف في أن العقد القابل للإبطال عقد صحيح ونافذ بين المتعاقدين غير أنه مهدد بالإبطال مستقبلا إذا تمسك بالإبطال من تقرر البطلان لمصلحته وهو ناقص الأهلية المميز او من يقوم مقامه، أما العقد الموقوف فهو عقد صحيح مثله مثل العقد القابل للإبطال إلا أنه غير النافذ حيث يتوقف نفاذه على اقراره من قبل ناقص الأهلية اوليه، وبهذا الوصف الاخير اخذت الشريعة الإسلامية والقانون المدني العراقي.
وفي هذا الشأن الأولى بالترجيح اعتبار العقد موقوفا اعتمادا على قانون الأسرة لأنه قانون لاحق بالنسبة الى القانون المدني والقاعدة تقضي بان اللاحق يقيد السابق، كما أن قانون الأسرة يعتبر القانون الخاص والمختص بمسائل الأحوال الشخصية ومنها الأهلية بالمقارنة مع القانون المدني الذي يعتبر الشريعة العامة، والقاعدة تقضي بأن الخاص يقيد العام وبالتالي لا يجوز طلب إبطال العقد لنقص الأهلية ولا يكون نافذا الا بعد اقراره من قبل ولي ناقص الاهلية او من هذا الاخير بعد ان يصبح كامل الأهلية.
مرحلة الرشد: يعتبر راشدا طبقاً للمادة 40 من القانون المدني كل من بلغ 19 سنة كاملة وكان متمتعا بكامل قواعد العقلية فلم يكن لا مجنونا او معتوها ولا سفيها ولا به غفلة وهو بهذا يعتبر كامل الأهلية باعتباره كامل الإرادة، وهو ما ينتج عنه أن تعتبر جميع تصرفاته صحيحة سواءً كانت ضارة به أو نافعة له او تدور بين النفع والضرر وذلك لأن إدراكه لمصالحه أصبح كاملاً فلم يعد في حاجة للحماية القانونية.
ويلاحظ اخيرا انه يمكن ان يُلحق الصبي المميز بالشخص الراشد ويأخذ حكم كامل الأهلية بناء على ما يصطلح عليه بالترشيد حيث يمكن للقاضي أن يأذن لمن بلغ سن التميز في التصرف جزئيا او كليا (اذن مقيد او مطلق) في امواله بناء على طلب من له مصلحة، وللقاضي الرجوع في هذا الاذن إذا ثبت له ما يبرر ذلك طبقا للمادة 84 من القانون الاسرة.
وبموجب هذا الترشيد يصبح المرشد في حكم كامل الأهلية وتعتبر جميع تصرفاته صحيحة حتى ولو كانت ضارة به، هذا ويلاحظ أن القانون المدني لم يأذن للقاضي بالترشيد إلا بالنسبة لمن بلغ سن 18 سنة طبقا للمادة 38 الفقرة الثانية خلافا لقانون الأسرة الأولى بالاعتبار هو حكم قانون الأسرة(والجدير بالذكر هنا أن المشرع المدني قد تدارك هذا الخلل بموجب التعديل الأخير للقانون المدني بالقانون 05-10 المؤرخ في 20 ماي 2005 المتضمن تعديل القانون المدني حيث ربط الترشيد بسن التمييز وبهذا يتناغم القانون المدني مع قانون الأسرة).
وأساس الترشيد هو اقتناع القاضي بعدم صحة الافتراض القانوني القائل بأن الشخص لا يصبح كامل الإدراك والتمييز إلا ببلوغه سن 19 سنه كاملةً، فله أن يرشد كل مميز اقتنع بأنه أصبح راشدا على الرغم من عدم بلوغه هذا السن.
3- عوارض الأهلية: عوارض الأهلية أمور يتعرض لها شخص فتحد من قدرة التمييز لديه أو تعدمها وتجعله عديم الأهلية كما في حالة الجنون والعته أو نقص الأهلية كما في حالة السفه والغفلة.
أ- الجنون: مرض عقلي يصيب الشخص يؤدي الى زوال إدراكه وتمييزه، وعليه يعتبر المجنون عديم التمييز حتى ولو كان قد بلغ سن الرشد، وقد يكون هذا الجنون دائم يستوعب كل اوقات المريض به، وهذا ما يسمى بالجنون المطبق وقد يكون مؤقت فيجن المريض فترة من الزمن ثم يفيق في أخرى وهذا ما يسمى بـ الجنون المتقطع.
والأصل بطلان جميع تصرفات المجنون لانعدام الإدراك والأهلية لديه، إلا إذا وقعت منه في فترة الإفاقة فتعتبر صحيحة إذا كان بالغ سن الرشد، غير أن القانون المدني سوى بين الجنون المطبق والجنون المتقطع في الحكم.
ب- العته: هو مرض عقلي يصيب الشخص فيجعله قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير (لا يضرب ولا يشتم) ينتج عادة بسبب التقدم في السن أو المرض كتصلب الشرايين مثلا.
والعته كما في الفقه الاسلامي اما ان يؤدي الى إنقاص الإدراك والتمييز فيأخذ المصاب به حكم الصبي المميز، وإما ان يؤدي الى انعدام الإدراك والتمييز كما في الجنون، فيأخذ المصاب به حكم عديم التمييز غير أن القانون المدني قد جعل حكمه واحد وهو حكم عديم التمييز.
حكم تصرفات المجنون والمعتوه: طبقا للمادة 42 من القانون المدني تعتبر جميع تصرفات المجنون والمعتوه باطلة بطلاناً مطلقاً لانعدام الإدراك لديهما حتى قبل الحكم عليهما بالحجر، غير انه بالرجوع الى قانون الأسرة نجد المشرع يميز في الحكم بين ما اذا كانت قبل صدور الحكم بالحجر أو بعده، حيث وطبقا للمادة 101 و 107 منه تعتبر تصرفات المجنون و المعتوه باطلة بطلاناً مطلقاً إذا صدرت عنه بعد الحكم عليه بالحجر، اما اذا كانت قبل الحكم عليه بالحجر فإنها تعتبر صحيحة إن كان راشدا، إلا إذا كانت حالة الجنون او العته ظاهره و فاشية فيه وقت صدورها فتكون حينئذ باطلة بطلاناً مطلقاً.
ج- السفه: وهو من يبذر المال في غير ما يقضي به العقل والشرع، وبالتالي يأخذ حكم ناقص الأهلية لنقصان إدراكه وعدم اكتماله.
د- الغفلة: هي عاهة نفسية وليست عقلية تتمثل في نقص في الملكات النفسية تجعل المصاب بها سيئ التقدير بحيث لا يهتدي إلى التصرفات المربحة فيغبن في تصرفاته غبنا فاحشاً وهو بهذا يعتبر ناقص الاهلية.
حكم تصرفات السفيه وذو الغفلة: طبقاً للمادة 43 من القانون المدني يعتبر السفيه وذو الغفلة ناقص الأهلية، وبالتالي تأخذ تصرفاتهم حكم تصرفات ناقص الأهلية المميز، فتعتبر صحيحة إذن كانت نافعة له نفعاً محضاً وتكون باطلة بطلاناً مطلقاً إذا كانت ضارةً به ضرراً محضاً وتكون موقوفة إذا كانت دائرة بين النفع والضرر.
أما قانون الأسرة فنجده قد ألحق السفيه بالمجنون والمعتوه وجعل تصرفاته باطلة طبقا للمادة 85 منه دون أن يتعرض لحكم ذو الغفلة وبهذا تختلف أحكام قانون الأسرة مع القانون المدني والقوانين الأجنبية الأخرى التي تجعل السفيه وذو الغفلة في حكم الصبي المميز بعد تسجيل قرار الحجر وليس في حكم الصبي عديم التمييز.
متى يحجر على الشخص؟ طبقا للمادة 101 من قانون الأسرة يحجر على الشخص متى بلغ سن الرشد وهو مجنون او معتوه او سفيها أو طرأت عليه احدى الحالات المذكورة بعد رشده، وهذا بموجب حكم قضائي بناءً على طلب أحد الأقارب أو من كانت له مصلحة أو من النيابة العامة طبقا للمادة 102 من قانون الأسرة.
وان لم يكن لهذا المحجور عليه ولي الوصي وجب على القاضي أن يعين في حكم الحجر مقدماً او قيماً لرعايته والقيام بشؤونه، وللقاضي أن يستعين بأهل الخبرة لإثبات السبب الموجب للحجر، ويجب نشر الحكم بالحجر للإعلام (نظم المشرع الجزائري أحكام الحجر بموجب المواد من 101 إلى 108 من قانون الأسرة).
ملاحظة: تبعا لما تقدم ترتبط أهلية الأداء -أهلية التعاقد-التي هي شرط لصحة التراضي ومن ثم صحة العقد بالإرادة والإدراك والتمييز، فلا تتأثر إلا بالسن، وبعوارض الجنون، العته، السفه والغفلة، إلا أنه قد يمنع الشخص من التعاقد قانونا رغم أنه يتمتع بأهلية أداء كاملة وهذا لاعتبارات معينة (حالات الحد من الأهلية بحكم القانون طبقا للمادة 78 من القانون المدني) ومن ذلك:
ü لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة يمنع القانون التعاقد حول بعض الأموال وإخراجها من دائرة التعامل منها الأملاك الوطنية، الأملاك الوقفية، الأشياء والأموال المخالفة للنظام العام.
ü طبقاً المادة 402 يمنع المشرع القضاة من شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون فيها أعمالهم وإلا كان البيع باطلا وهذا لأجل الضمان حياد القاضي.
ü طبقاً للمادة 403 يمنع المشرع المحامين من التعامل في الحقوق المتنازع فيها والتي تولوا الدفاع عنها وإلا كان هذا التعامل باطلا، وهذا لحماية حقوق الأصيل وشرف مهنة المحاماة.
ü لا يجوز طبقاً لـلمادة 411 المدني للسماسرة ولا للخبراء ان يشتروا الاموال المعهود بها إليهم لبيعها او تقدير قيمتها، سواء بأنفسهم او باسم مستعار وإلا كان البيع باطلا وهذا حمايةً لحقوق صاحب هذه الأموال.
4- موانع الأهلية: قد يكون الشخص كامل الأهلية لكن ومع ذلك قد توجد موانع تحول دون قدرته على مباشرة التصرفات القانونية بالعقد والإرادة المنفردة بنفسه، أو تحول دون قدرته على مباشرته لها منفردا، فيتدخل القانون ليقرر ضرورة تعيين شخص آخر يباشر عنه هذه التصرفات أو يساعده في ذلك، ومن هذه الموانع العاهة المزدوجة، الغيبة، الحكم بعقوبة جنائية.
أ-العاهة المزدوجة: طبقا للمادة 80 من القانون المدني إذا كان الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم، وتعذر عليه بسبب هاتين العاهتين التعبير عن إرادته، جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً (ليس وصي) يُعينه ويساعده في إبرام التصرفات التي تقتضيها مصلحته، ويكون قابلاً للإبطال كل تصرف عُين لأجله مساعداً قضائياً إذا صدر عن الشخص الذي تقررت مساعدته دون حضور هذا المساعد بعد تسجيل قرار المساعدة.
وما يلاحظ بداية انا نص المادة 80 من القانون المدني يسري على شخص الذي اجتمعت فيه عاهتان من العاهات الثلاث العمى البكم والصم، وتعذر عليه بسبب هاته العاهات الجسمانية (ليست العقلية) التعبير عن إرادته، وبهذا يعتبر هذا الشخص كامل الأهلية والإرادة إن كان راشدا لأن تأثير العاهات السابقة يتوقف عند التعبير عن الإرادة فلا ينقص ولا يعدم الإدراك والتمييز خلاف لعوارض الأهلية سالفة الذكر.
وحتى يتمكن ذو العاهتين من التعبير عن الإرادة ومن ثمة التعاقد في الحالات التي يتعذر فيها عليه ذلك، أجاز المشرع للقاضي أن يعين له مساعدا قضائيا وليس وصيا لان الوصي يعين لناقص الأهلية إن لم يكن له ولي، وعندها لا يجوز له القيام بهذه التصرفات وحده والا كانت قابلة للإبطال كما لا يجوز للمساعد القيام بهذه التصرفات وحده إلا إذا أذنت له المحكمة يذلك.
وتبعا لما تقدم وحتى يقع باطلا تصرف ذو العاهتين يجب ما يلي:
- ان تجتمع لدى المتصرف عاهتين من العاهات الثلاث العمي، البكم، الصم.
- أن يتعذر على ذي العاهتين التعبير عن إرادته بسببهما.
- أن يكون التصرف من التصرفات التي عينتها المحكمة عند تعيين المساعد القضائي.
- أن يقوم ذو العاهتين بالتصرف لوحده دون حضور المساعد القضائي وبعد تسجيل حكم المساعدة.
ب-الغيبة والفقد: الغائب هو من منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى محل إقامته وتعذر عليه بسبب ذلك إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة شخص معين لمدة سنة، وتسبب غيابه في ضرر للغير، وطبقا للمادة 110 من قانون الأسرة يأخذ هذا الغائب حكم المفقود.
أما المفقود فهو الشخص الغائب الذي لا يُعرف مكان تواجده ولا يعرف حياته من موته بعد صدور الحكم بفقده، طبقا للمادة 109 من قانون الأسرة.
وطبقا للمادة 111 من قانون الأسرة على القاضي عندما يصدر الحكم بالفقد أن يعين مقدما (يسمى أيضا بالقيم أو وكيل الغائب) من الاقارب أو غيرهم لتسيير أموال المفقود وإدارتها.
فالغيبة مانع مادي يحول دون قدرة الشخص على التعاقد على الرغم من كون الغائب والمفقود كامل الأهلية فيعين القانون عن طريق القاضي من ينوبهما في ذلك.
ج- الحكم بعقوبة جزائية (سلب الأهلية طبقا للمادة 78 من القانون المدني): استنادا الى نص المادتين 09 و09 مكرر ومكرر01 من قانون العقوبات لا يجوز لمن يحكم عليه بعقوبة جنائية أن يتولى بنفسه ادارة امواله والتصرف فيها مدة اعتقاله، حيث يسلب القانون منه اهلية التعاقد كعقوبة تبعية للعقوبة الأصلية (السجن او الحبس) رغم كونه كامل الأهلية (أهلية الأداء)، وتعتبر كل تصرفاته في فترة سجنه باطلة بطلاناً مطلقاً وينوب عنه في ابراها وليه أو وصيه أو مقدم تعينه المحكمة.
5- اثبات انعدام الأهلية أو نقصها: طبقا للمادة 78 من القانون المدني يعتبر كل شخص أهلا للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون، لهذا يقع عبء اثبات نقص الأهلية أو انعدامها حتى يكون العقد قابلاً للإبطال أو باطلا بطلاناً مطلقاً على من يدعي ذلك، وبهذا إذا أراد شخص إبطال العقد الذي أبرمه عليه اثبات نقص أهليته أو انعدامها وقت التعاقد وبالضبط وقت صدور التعبير عن الإرادة عنه بالإيجاب او القبول.
وإذا ثبت أنه أخفى نقص أهليته بطرق إحتيالية عن المتعاقد الآخر ثم تمسك بذلك لطلب إبطال العقد فإنه يجوز للمتعاقد الآخر المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب إبطال العقد (يكون من مصلحة ناقص طلب الإبطال لنقص أهليته طبقا لما هو وارد بنص المادة 103 من القانون المدني الذي لا يلزم ناقص الأهلية في حالة إبطال العقد برد إلا ما عاد عليه من نفع).