1. نبذة تاريخية عن صعوبات التعلم

1-نبذة تاريخية عن صعوبات التعلم:

شهد القرن التاسع عشر تطورات مهمة في ميدان صعوبات التعلم نظراً لزيادة الوعي لدى أفراد المجتمعات وشعورهم بأهمية وأحقية التعلم وتوفير فرص تعليمية متكافئة لجميع الأفراد. ويُعتبر مجال صعوبات التعلم من المجالات المهمة في دراسة التعلم.
وترجع الجذور التاريخية، وبالتحديد بداية العمل العلمي في هذا المجال إلى الدراسات والأبحاث التي أجريت في مجال الطب وعلى الأخص علم الأعصاب على أيدي الطبيب الألماني (Francise Gall (1802 حيث أوضح أنَّ هناك مناطق محددة في المخ تتحكم في أنماط معينة من الأنشطة العقلية المعرفية، كما أشار إلى أنَّ هناك علاقة بين الإصابات المخية واضطرابات اللغة والكلام، وصاغ فكراً مؤداه أنَّ الإصابة المخية تُؤثر على بعض هذه المناطق في المخ، وتُؤدي إلى اضطراب النطق واللغة. في حين اكتشف العالم الفرنسي(Broca (1860 المنطقة المسؤولة عن إنتاج الكلام والتي تقع في الفص الأمامي الأيسر من الدماغ، غير أنَّ العالم (Wernicke (1872 توصل إلى تحديد منطقة في الفص الصدغي الأيسر من المخ مسؤولة عن فهم الأصوات والألفاظ وربطها باللغة المكتوبة، إلا أنَّ كل تلك الأبحاث كانت تتم على الراشدين الذين يُعانون من إصابات مخية.
وفي القرن العشرين بدأت الدراسات تهتم أكثر بالأطفال الذين يُعانون من اضطرابات في التعلم من بينها أعمال طبيب العيون Hinshelwood 1917 الذي كانت تُحوَّل إليه العديد من حالات التلاميذ الذين يُعانون صعوبات في القراءة لاعتقاد مدرسيهم وجود عجز بصري لديهم، إلا أنَّ هذا الأخير اكتشف أنَّ ذلك الفشل لا يعود إلى مشكلات بصرية فيزيولوجية، بالإضاف إلى أعمال الأمريكي (Somuel Orton (1937 الذي أرجع صعوبة تعلم القراءة لدى التلاميذ إلى خلل في تناسق عمل نصفي الدماغ.
وقد شهد مطلع الستينات من القرن الماضي كما يرى Hallahan & Kauffman (2003 تقديم اقتراح من جانب Somuel Kirk يتمثل في مصطلح صعوبات التعلم ليكون بمثابة حل وسط لذلك الكم الكبير من التسميات التي استخدمت آنذاك في سبيل وصف أولئك الأفراد الذي يتسمون بمعدل ذكاء متوسط أو فوق المتوسط ولكنهم يُواجهون العديد من المشكلات التعلمية. ويُؤيد Johnson (1980) أنَّ مجال صعوبات التعلم بدأ ينتشر منذ عام 1963، وأيَّد ذلك العديد من الأوائل في استخدام ذلك المصطلح، بتحديد الأطفال ذوي صعوبات التعلم وتصنيفهم، وكيف يُمكن تصنيف وعلاج تلك الصعوبات، ويعود الفضل إلى Somuel Kirk في اشتقاق مصطلح صعوبات التعلم كمفهوم تربوي جديد، وقد طرحه أثناء المؤتمر القومي الذي انعقد في مدينة شيكاغو في أفريل عام 1963 بالولايات المتحدة الأمريكية وحضره العديد من المشتغلين بالمجال، وفي هذا المؤتمر أكد Kirk أنَّ مصطلح صعوبات التعلم هو مصطلح تربوي بالدرجة الأولى يجب النظر إليه من هذه الزاوية.
ومنذ ذلك التاريخ ومجال صعوبات التعلم يلقى اهتماماً متزايداً على مستوى الباحثين وعلى المستوى الرسمي، فتم إنشاء هيئات متخصصة مثل تكوين الإتحاد الوطني للأطفال ذوي صعوبات التعلم عام 1965، وإصدار مجالات علمية متخصصة مثل مجلة صعوبات التعلم Journal of Learning Disabilities كدورية متخصصة اهتمت بدراسة الأطفال الذين صنفوا على أنَّ لديهم صعوبات تعلم، وكذا توالت التعريفات التي تنأولت مصطلح صعوبات التعلم حتى بلغت أكثر من إحدى عشر تعريفاً ذو صيغة رسمية، بعضها قوبل بالرفض، أو النقد والآخر حظي بالقبول، إلا أنَّ أكثر التعريفات قبولاً من المتخصصين هو التعريف الفيدرالي في القانون العام الأمريكي أو ما يُعرف بقانون 94-142 الصادر في 29 نوفمبر 1975 والذي أعطى حق التعليم لجميع الأفراد ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، ثم كان تحديد المصطلح -صعوبات التعلم- خلال الفترة من 1975-1977 وذلك في صورة قواعد تنفيذية للقانون من قبل المكتب الأمريكي للتربية  (USOE).

للإطلاع أكثر على تاريخ صعوبات التعلم