المحاضرة الأولى: مدخل إلى صعوبات التعلم
الموقع: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
المقرر: | صعوبات التعلم |
كتاب: | المحاضرة الأولى: مدخل إلى صعوبات التعلم |
طبع بواسطة: | Visiteur anonyme |
التاريخ: | Friday، 22 November 2024، 8:50 AM |
الوصف
تتضمن هذه المحاضرة نبذة تاريخية عن صعوبات التعلم وكذا مفهومها وعلاقتها ببعض المفاهيم المشابهة، وتصنيفاتها المختلفة فضلاً عن خصائص الأفراد صعيبي التعلم
1. نبذة تاريخية عن صعوبات التعلم
1-نبذة تاريخية عن صعوبات التعلم:
شهد القرن التاسع عشر تطورات مهمة في ميدان صعوبات التعلم نظراً لزيادة الوعي لدى أفراد المجتمعات وشعورهم بأهمية وأحقية التعلم وتوفير فرص تعليمية متكافئة لجميع الأفراد. ويُعتبر مجال صعوبات التعلم من المجالات المهمة في دراسة التعلم.
وترجع الجذور التاريخية، وبالتحديد بداية العمل العلمي في هذا المجال إلى الدراسات والأبحاث التي أجريت في مجال الطب وعلى الأخص علم الأعصاب على أيدي الطبيب الألماني (Francise Gall (1802 حيث أوضح أنَّ هناك مناطق محددة في المخ تتحكم في أنماط معينة من الأنشطة العقلية المعرفية، كما أشار إلى أنَّ هناك علاقة بين الإصابات المخية واضطرابات اللغة والكلام، وصاغ فكراً مؤداه أنَّ الإصابة المخية تُؤثر على بعض هذه المناطق في المخ، وتُؤدي إلى اضطراب النطق واللغة. في حين اكتشف العالم الفرنسي(Broca (1860 المنطقة المسؤولة عن إنتاج الكلام والتي تقع في الفص الأمامي الأيسر من الدماغ، غير أنَّ العالم (Wernicke (1872 توصل إلى تحديد منطقة في الفص الصدغي الأيسر من المخ مسؤولة عن فهم الأصوات والألفاظ وربطها باللغة المكتوبة، إلا أنَّ كل تلك الأبحاث كانت تتم على الراشدين الذين يُعانون من إصابات مخية.
وفي القرن العشرين بدأت الدراسات تهتم أكثر بالأطفال الذين يُعانون من اضطرابات في التعلم من بينها أعمال طبيب العيون Hinshelwood 1917 الذي كانت تُحوَّل إليه العديد من حالات التلاميذ الذين يُعانون صعوبات في القراءة لاعتقاد مدرسيهم وجود عجز بصري لديهم، إلا أنَّ هذا الأخير اكتشف أنَّ ذلك الفشل لا يعود إلى مشكلات بصرية فيزيولوجية، بالإضاف إلى أعمال الأمريكي (Somuel Orton (1937 الذي أرجع صعوبة تعلم القراءة لدى التلاميذ إلى خلل في تناسق عمل نصفي الدماغ.
وقد شهد مطلع الستينات من القرن الماضي كما يرى Hallahan & Kauffman (2003 تقديم اقتراح من جانب Somuel Kirk يتمثل في مصطلح صعوبات التعلم ليكون بمثابة حل وسط لذلك الكم الكبير من التسميات التي استخدمت آنذاك في سبيل وصف أولئك الأفراد الذي يتسمون بمعدل ذكاء متوسط أو فوق المتوسط ولكنهم يُواجهون العديد من المشكلات التعلمية. ويُؤيد Johnson (1980) أنَّ مجال صعوبات التعلم بدأ ينتشر منذ عام 1963، وأيَّد ذلك العديد من الأوائل في استخدام ذلك المصطلح، بتحديد الأطفال ذوي صعوبات التعلم وتصنيفهم، وكيف يُمكن تصنيف وعلاج تلك الصعوبات، ويعود الفضل إلى Somuel Kirk في اشتقاق مصطلح صعوبات التعلم كمفهوم تربوي جديد، وقد طرحه أثناء المؤتمر القومي الذي انعقد في مدينة شيكاغو في أفريل عام 1963 بالولايات المتحدة الأمريكية وحضره العديد من المشتغلين بالمجال، وفي هذا المؤتمر أكد Kirk أنَّ مصطلح صعوبات التعلم هو مصطلح تربوي بالدرجة الأولى يجب النظر إليه من هذه الزاوية.
ومنذ ذلك التاريخ ومجال صعوبات التعلم يلقى اهتماماً متزايداً على مستوى الباحثين وعلى المستوى الرسمي، فتم إنشاء هيئات متخصصة مثل تكوين الإتحاد الوطني للأطفال ذوي صعوبات التعلم عام 1965، وإصدار مجالات علمية متخصصة مثل مجلة صعوبات التعلم Journal of Learning Disabilities كدورية متخصصة اهتمت بدراسة الأطفال الذين صنفوا على أنَّ لديهم صعوبات تعلم، وكذا توالت التعريفات التي تنأولت مصطلح صعوبات التعلم حتى بلغت أكثر من إحدى عشر تعريفاً ذو صيغة رسمية، بعضها قوبل بالرفض، أو النقد والآخر حظي بالقبول، إلا أنَّ أكثر التعريفات قبولاً من المتخصصين هو التعريف الفيدرالي في القانون العام الأمريكي أو ما يُعرف بقانون 94-142 الصادر في 29 نوفمبر 1975 والذي أعطى حق التعليم لجميع الأفراد ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، ثم كان تحديد المصطلح -صعوبات التعلم- خلال الفترة من 1975-1977 وذلك في صورة قواعد تنفيذية للقانون من قبل المكتب الأمريكي للتربية (USOE).
للإطلاع أكثر على تاريخ صعوبات التعلم
2. مفهوم صعوبات التعلم
تُعد إحدى مناط الاهتمام لدى أي باحث أو قارئ يُريد أن يتعرف على أي مجال أو مفهوم علمي، هي أولاً التعرف على المعنى الدقيق لهذا المفهوم، والذي سوف يُوفر له الإطار العلمي الجيِّد الضابط لحركة بحثه، فمجال صعوبات التعلم شأنه شأن أي مجال آخر، نجده قد واجه المشكلة الخاصة بالتعريف والوصف الدقيق للأنماط السلوكية المختلفة لدى الأفراد ذوي صعوبات التعلم، فقد ظهرت العديد من التعريفات المقدمة لصعوبات التعلم. وفي ما يلي عرضاً للعديد من تعريفات صعوبات التعلم في البيئة الأجنبية والعربية لنُعطي القارئ فكرة شاملة عن مفهوم صعوبات التعلم والتي نُوجزها في النقاط التالية:
أ-التعاريف التربوية:
-تعريف Somuel Kirk (1962):
صعوبات التعلم: "مفهوم يُشير إلى تأخر أو اضطراب أو تخلف في واحدة أو أكثر من عمليات الكلام، اللغة، الكتابة، التهجي، وإجراء العمليات الحسابية الأولية نتيجة خلل وظيفي في الدماغ أو اضطراب عاطفي أو مشكلات سلوكية، ويُستثنى من ذلك الأطفال الذين يُعانون من مشكلات في التعلم الناجمة عن الإعاقة السمعية أو البصرية أو الحركية أو إعاقات التخلف العقلي أو الحرمان الثقافي أو الاقتصادي".
-تعريف Bateman (1965):
صعوبات التعلم: "هؤلاء الأطفال الذين يُظهرون اضطراباً تعلمياً واضحاً بين مستوى الأداء العقلي وبين المستوى الفعلي المرتبط بالاضطرابات الأساسية في العملية التعلمية، وقد تنشأ تلك الاضطرابات عن الاختلال الوظيفي للجهاز العصبي المركزي، في حين أنها لا ترتبط بالتخلف العقلي العام أو الاضطراب الوجداني أو الثقافي أو غياب الحواس".
جاء تعريف Bateman (1965) لاستكمال النقائص التي ظهرت في تعريف Somuel Kirk (1962)والجديد فيه هو طرحه لفكرة التفأوت بين الاستعدادات وبين التحصيل الفعلي للتلميذ -محك التباعد-، والذي يظهر من خلال اضطراب في عملية التعلم، لكنه لم يتطرق لأسباب صعوبات التعلم وأنماطها.
-تعريف سيد أحمد عُثمان (1990):
يُشير سيد أحمد عُثمان (1990) إلى أنَّ الأطفال ذوي صعوبات التعلم هم الذين لا يستطيعون الاستفادة من الخبرات التعليمية المتاحة في الفصل الدراسي أو خارجه ولا يستطيعون الوصول إلى مستوى زملائهم مع استبعاد المعاقين عقلياً وجسمياً والمصابين بأمراض عيوب السمع والبصر.
-تعريف نبيل حافظ (2006):
يُعرِّف نبيل حافظ (2006) صعوبات التعلم بأنها: "اضطراب في العمليات العقلية أو النفسية الأساسية التي تشمل الانتباه والإدراك وتكوين المفهوم والتذكر وحل المشكلة يظهر صداه في عدم القدرة على تعلم القراءة والكتابة والحساب وما يترتب عليه سواء في المدرسة الابتدائية أساساً أو فيما بعد من قصور في تعلم المواد الدراسية المختلفة".
-تعريف فردوس الكنزي (2006):
قدمت فردوس الكنزي (2006) تعريفاً لصعوبات التعلم ينص على أنَّ صعوبات التعلم هو: "مصطلح يُطلق على أولئك الذين يُعانون من وجود صعوبة أو أكثر في العمليات العقلية، وفي التحصيل، ولا يستطيعون الاستفادة من الأنشطة التعليمية داخل الفصل العادي، ولا يشمل هذا المصطلح الإصابات المخية، والإعاقات العقلية، والسمعية، والبصرية، والحركية".
ب-التعاريف الطبية:
-تعريف Climentes (1966):
يُعرِّف Climentes (1966) صعوبات التعلم على أنها: "خلل وظيفي مخي بسيط لدى الأطفال الذين يقتربون من المتوسط أو أعلى من المتوسط من الذكاء، والذين يُعانون من صعوبات تعلم ترتبط بانحرافات في وظائف الجهاز العصبي المركزي. وقد تظهر هذه الانحرافات في قصور الإدراك وفي تكوين المفاهيم وفي اللغة وفي الذاكرة وفي الوظائف الحركية".
-تعريف Braown et Al (1987):
يُعرِّف Braown et Al (1987)صعوبات التعلم على أنها: "الإعاقة الإدراكية وإصابات المخ والحد الأدنى لخلل المخ ...".
-تعريف Ebraham (1992):
يُعرِّف Ebraham (1992) صعوبات التعلم على أنها: "اختلال في وظائف الجهاز العصبي المركزي، وتعني مجموعة غير متجانسة من الحالات والتي ليس لها فئة واحدة ولا سبب واحد وتُبدي هذه الفئة مجموعة متعددة أو مختلفة من الصفات ويُظهرون تفأوتاً بين القدرة العقلية ومستوى التحصيل والفشل في بعض المهام وليس كل القدرات التعليمية وطرق تجهيزهم للمعلومات غير كافية".
ج-التعريفات الفيزيولوجية والنيورولوجية:
-تعريف السيد عبد الحميد (2003):
يُعرِّف السيد عبد الحميد (2003) صعوبات التعلم على أنها: "مفهوم يُشير إلى مجموعة غير متجانسة من الأفراد في الفصل العادي ذوي ذكاء متوسط أو فوق المتوسط لديهم اضطرابات في العمليات النفسية ويظهر آثارها في التباين الواضح بين التحصيل المتوقع منهم والتحصيل الفعلي في فهم واستخدام اللغة وفي المجالات الأكاديمية الأخرى، وهذه الاضطرابات ترجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي ولا ترجع إلى إعاقة حسية أو جسمية ولا يُعانون من الحرمان البيئي سواء كان يتمثل في الحرمان الثقافي أو الاقتصادي أو نقص فرص التعلم، كما لا ترجع إلى الاضطرابات الانفعالية الشديدة".
-تعريف سليمان عبد الواحد (2008):
يُعرِّف سليمان عبد الواحد (2008) صعوبات التعلم على أنها: "مصطلح يُشير إلى مجموعة غير متجانسة من الأفراد في الفصل الدراسي العادي ذوي ذكاء متوسط أو فوق المتوسط، يُظهرون تباعداً واضحاً بين أدائهم المتوقع وبين أدائهم الفعلي في مجال أو أكثر من المجالات الأكاديمية، وربما ترجع الصعوبة لديهم إلى سيطرة وظائف أحد نصفي الكرويين للمخ على الآخر، كما أنَّ هؤلاء لا يُعانون من مشكلات حسية سواء كانت (سمعية أم بصرية أم حركية)، وأنهم ليسوا متخلفين عقلياً ولا يُعانون من حرمان بيئي سواء كان (ثقافياً أو اقتصادياً أو تعليمياً) وأيضاً لا يُعانون من اضطرابات انفعالية حادة أو اعتلال صحي".
د-التعريفات الفيديرالية (الهيئات والمؤسسات):
-تعريف اللجنة الوطنية الاستشارية للأطفال المعاقين (1977):
NACHC
صدر التعريف عن اللجنة الوطنية الاستشارية للأطفال المعاقين عن مرسوم بقانون 91-230 سنة 1968 لتعريف صعوبات التعلم ونتيجة لكثير من الانتقادات التي وجهت لع صدر تعديل في 29 نوفمبر بقانون 94-142 سنة 1977 وينص على أنَّ صعوبات التعلم هي: "اضطراب في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية الموجودة في فهم أو استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة وإنَّ هذه الاضطرابات تظهر لدى الطفل في عجز القدرة لديه على الاستماع أو التفكير أو الكلام أو الكتابة أو التهجي أو القيام بالعمليات الحسابية، كما يحتوي التعريف مظاهر الإعاقة الإدراكية وإصابة المخ والخلل البسيط في وظائف المخ والعسر القرائي والأفازيا النمائية. ولا يشمل التعريف الأطفال الذين لديهم مشكلات في التعلم والتي لا ترجع إلى الإعاقات السمعية أو البصرية أو البدنية أو التخلف العقلي أو الحرمان البيئي أو الثقافي أو الاقتصادي".
-تعريف الهيئة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلم (1981)
N.J.C.L.D
ظهر هذا التعريف نتيجة للانتقادات التي وجهت إلى التعريف الفيدرالي الصادرة عام 1977، وقد رأت الهيئة الوطنية المشتركة وضع تعريفاً لتلافي سلبيات التعريف السابق وينص على أنَّ صعوبات التعلم هي: "مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات التي تظهر في المشكلات التي تتعلق بمجالات الاستماع والحديث والقراءة والكتابة والاستدلال وإجراء العمليات الحسابية والتي تكمن داخل الفرد والتي ترجع إلى الخلل الوظيفي في الجهاز العصبي المركزي والتي تُصاحبها بعض الإعاقات مثل (الإعاقة الحسية، التأخر العقلي، الاضطرابات الانفعالية الشديدة) أو بعوامل بيئية مثل (الفروق الثقافية والتعليم غير الملائم) إلا أنها غير ناتجة مباشرة لتلك الظروف.
-تعريف الهيئة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلم (1994):
N.J.C.L.D
في عام 1994 قامت اللجنة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلم بإدخال بعض التعديلات التي رأت ضرورة إدخالها على تعريفها السابق لسنة 1981 والتي تضمنت بعض المشكلات السلوكية المصاحبة لصعوبات التعلم أو المرتبطة بها مثل مشكلات الضبط الذاتي للسلوك، مشكلات الإدراك الاجتماعي، مشكلات التفاعل الاجتماعي. وهذا التعريف نص على أنَّ صعوبات التعلم هي: "مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات تُعبر عن نفها عن طريق صعوبة ملحوظة مكتسبة في السمع والكلام والقراءة والكتابة والاستدلال والقدرات العقلية، وهذه الاضطرابات قد ترجع إلى اضطراب وظيفي في الجهاز العصبي المركزي، ويُمكن أن يحدث على امتداد حياة الفرد ومن الممكن أن يكون مصحوباً باضطراب في السلوك والإدراك الاجتماع".NACHC
3. علاقة صعوبات التعلم ببعض المفاهيم المشابهة
3-علاقة صعوبات التعلم ببعض المفاهيم المشابهة
يتقاطع مفهوم صعوبات التعلم بالعديد من المفاهيم أو المصطلحات المتشابهة، والتي نُوجزها في النقاط الآتية:
أ-صعوبات التعلم والعجز عن التعلم:
يُستخدم مصطلح صعوبات التعلم Learning Difficulties لوصف فئة معينة من الأفراد لديهم صعوبة تعلم في القراءة أو التهجي أو الكتابة أو الحساب، وقد تكون سيطرة لوظائف أحد نصفي المخ الكرويين على الآخر في معالجة المعلومات، أما مصطلح عدم القدرة على التعلم أو العجز عن التعلم فيصف فرد قد يكون لديه خلل أو اضطراب وظيفي في أحد نصفي المخ الكرويين. ويُعد مفهوم صعوبات التعلم Learning Difficulties من المفاهيم الأكثر تشابهاً مع مفهوم عدم القدرة على التعلم أو العجز عن التعلم Learning Disabilities وهو مصطلحٌ شائعٌ الاستخدام في انجلترا وأمريكا، وتُرجم إلى اللغة العربية ليُشير إلى صعوبات التعلم. وقد يكون هذا راجع إلى الترجمة الحرفية. ويُعتبر هذين المصطلحين مترادفين عند البعض بينما يذهب البعض الآخر إلى اعتبار أنَّ مشكلة التداخل بين المصطلحين هي في الأصل مشكلة في الترجمة ونقل المصطلحين إلى اللغة العربية. فكلمة Disabilities التي نقلت إلى اللغة العربية عليها أنها صعوبات، هي في الحقيقة تعني العجز، أما كلمة Difficulties فهي تعني بالدرجة الأولى صعوبات، مما يستلزم ترجمة مصطلح Learning Difficulties على وجه الدقة إلى صعوبات التعلم، فضلاً عن أنَّ صعوبات التعلم نعت ووصف الأفراد كبشر أخف وطأة وشدة من العجز عن التعلم، مما يجعل هناك اختلافاً بين المصطلحين الأجنبيين الأصليين.
ب-صعوبات التعلم ومشكلات التعلم:
يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم مشكلات التعلم Learning Problems في أنَّ صعوبات التعلم تُستخدم لوصف فئة من الأفراد لديهم صعوبة في فهم المعلومات التي تُقدم لهم، وفي استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة، ولا ترجع الصعوبة إلى اضطرابات سمعية أو بصرية أو تخلف عقلي، أما الأفراد ذوو مشكلات التعلم هم الذين يُعانون من انخفاض في التحصيل الدراسي بسبب قصور في السمع أو الرؤية أو اضطراب الانتباه، أو إلى الإعاقة العقلية كما أنَّ الأفراد الذين لديهم مشكلات في التعلم أكثر قابلية للاضطرابات السلوكية الناتجة عن الفشل في الدراسة، كما أنهم أكثر بعداً عن الأنشطة التربوية بالمدرسة.
وعلى الجانب الآخر نجد أنَّ مفهوم صعوبات التعلم يُستخدم في انجلترا ليصف تلميذاً يُعاني من مشكلات تعلم مقارنة بأقرانه، تجعله لا يُواصل تعليمه بصورة جيِّدة، وهذه المشكلات ترجع إلى المنهاج ومحتواه وطبيعته ومستواه، ويُستخدم هذا المفهوم في أمريكا بديلاً لمفهوم صعوبات التعلم، عندما يكون هناك فرقٌ في الإنجاز أو التحصيل أو في القدرة العقلية العامة (الذكاء) مقارنة بالأقران من نفس العمر.
ج-صعوبات التعلم واضطرابات التعلم:
يُشير مصطلح اضطرابات التعلم Learning Disorders إلى إعاقة أو تلف في الجهاز العصبي ترجع إلى تباين اختلاف في الجينات الوراثية، أو إصابة مخية، أو تلف في المخ أثناء الولادة، أو إلى الحرمان الحسي، أو لعيوب التغذية، بينما تدل صعوبات التعلم على عدم القدرة الفعلية على إنجاز مهمة معينة في حين أنَّ الفرد يمتلك قدرة عقلية كافية لإنجازها. وقد يستخدم بعض الباحثين مصطلح اضطرابات التعلم للإشارة إلى جميع مشكلات التعلم على اختلاف أنواعها، بينما يقتصر البعض استخدام هذا المصطلح للإشارة إلى الأطفال الذين يُعانون من إصابات مخية إلا ما يُؤخذ على هذا الاستخدام هو التداخل الواضح بين هذا المصطلح، ومصطلحات أخرى مثل: الإعاقة العقلية، ومصطلح المضطربين انفعالياً.
وعليه، فإنَّ مصطلح اضطرابات التعلم تُشير إلى مجموعة من الاختلالات الناجمة عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي الناتج بدوره عن ضرر أو عطب في الدماغ أو تشوه جيني أو عن طفرة في نمو الجهاز العصبي لذلك فهو يتصف بالديمومة ومقاوم لمحاولات التدخل العلاجي.
وقد أطلق هذا المصطلح Edgar Doll ليُشير إلى ما يُطلق عليهم الآن الأطفال ذوي صعوبات التعلم، لذلك نجد الباحثين في مجال صعوبات التعلم قد انقسموا إلى فئتين، منهم من يُطلق مصطلح اضطرابات التعلم على التلاميذ ذوي صعوبات التعلم ومنهم من يخص به الأطفال الذين يُعانون من إصابات دماغية.
د-صعوبات التعلم والتأخر الدراسي:
يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم التأخر الدراسيUnder Achievement ، فمصطلح صعوبات التعلم ينطبق على الأفراد الذين يتمتعون بذكاء عادي (متوسط أو فوق المتوسط) ترجع إلى أسباب نمائية أو أكاديمية أما مصطلح التأخر الدراسي فيُعرف على أنه تدني مستوى تحصيل التلميذ في مادة دراسية واحدة أو أكثر نتيجة لأسباب متنوعة ومختلفة، منها ما يتعلق بالمتعلم نفسه (مشكلات صحية، جسمية، نفسية، عقلية)، ومنها ما يتعلق ببيئة المتعلم (الأسرية، المدرسية، الاجتماعية، جماعة الأقران). وقد ارتبط مصطلح صعوبات التعلم بالتأخر الدراسي لتماثل فئتي صعوبات التعلم والتأخر الدراسي من حيث المشكلات الدراسية وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي، وهما يُمثلان المظهر الخارجي لهاتين الفئتين.
كما يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم التأخر الدراسي الذي يتميز بالعمومية والشمولية، وأنَّ مصطلح التأخر الدراسي يعني أنَّ عجلة الإنجاز في المواد الدراسية تُعاني من وجود بعض المشكلات التي تُؤخر المتعلم عن مسايرة محطات الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، ويحدث التأخر الدراسي نتيجة لوجود أسباب متعددة من بينها وجود صعوبات التعلم أي أنَّ التأخر الدراسي مظهر من مظاهر صعوبات التعلم.
هــ-صعوبات التعلم وبطء التعلم:
رغم أنَّ الأفراد ذوي صعوبات التعلم يُظهرون انخفاضاً في التحصيل الدراسي في بعض المواد أو كل المواد ادراسية، فإنَّ قدراتهم العقلية تكون عادة متوسطة أو فوق المتوسطة، أما الأفراد بطيئي التعلم Slow Learning فتُعد قدراتهم عن التعلم في كل المواد الدراسية متأخرة بأقرأنهم في نفس المستوى العمري لكنهم ليسوا متخلفين عقلياً، كما أنَّ لديهم مستويات ذكاء تترأوح بين الحد الفاصل وأقل من المستوى المتوسط للذكاء مع بطء التعلم في التقدم والتحصيل الدراسي، ومن هنا لا يُمكن اعتبار بطيئي التعلم كحالات صعوبات التعلم بسبب عدم وجود تباعد وتباين واضح بين قدراتهم العقلية وتحصيلهم الفعلي. ولكن إتباع برامج علاجية تربوية قد يُؤدي إلى تحصيل أفضل بالنسبة لذوي صعوبات التعلم عنه عند بطيئي التعلم. وهناك من يعتبر بطء التعلم فئة حدية لا هي صعوبات تعلم ولا هي تأخر دراسي، بل هي وسطهما. وعليه فإنَّ مشكلة بطء التعلم تتمثل في الوقت، فهو يستغرق وقت أكثر من زملائه في اكتساب المهارة المراد تعلمها، أما بالنسبة للذكاء فهو يُعاني من انخفاض طفيف (أكبر من 70 وأقل من 85).
و-صعوبات التعلم والتخلف العقلي:
يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم التخلف العقلي Mental Retardation، وبخاصة فيما يتعلق بنسبة الذكاء فذوو صعوبات التعلم يكون ذكاؤهم عادة في المتوسط أو فوق المتوسط، مما يُفرقهم تماماً عن ذوي التخلف العقلي أو الإعاقة العقلية الذين ينخفض ذكاؤهم بدرجة كبيرة عن المتوسط، إذ يرجع إلى عدم اكتمال النمو العقلي الذي يظهر بشكل واضح في نسبة الذكاء، وفي الأداء العقلي بحيث يكون الفرد عاجزاً عن التعلم والتوافق مع البيئة والحياة، ولذلك فإنَّ المتخلفين عقلياً أقل تعلماً ويصعب توافقهم اجتماعياً. وبالتالي فإنَّ مفهوم صعوبات التعلم يُستخدم للإشارة إلى مجموعة من الأفراد الذين لا يستطيعون الاستفادة من الخبرات والأنشطة الدراسية المتاحة داخل وخارج القسم بحيث لا يُمكنهم الوصول إلى المستوى الذي تُؤهله لهم قدراتهم، ويُستبعد من ذلك الأفراد المتخلفين عقلياً أو المعاقون جسمياً أو حسياً.
4. تصنيفات صعوبات التعلم
4-تصنيفات صعوبات التعلم:
يرى كثيرٌ من المهتمين والمتخصصين في مجال صعوبات التعلم ضرورة تصنيف هذه الصعوبات بهدف تسهيل عملية دراسة هذه الظاهرة، واقتراح أساليب التشخيص والعلاج الملائمة، نظراً لتعدد واختلاف المشكلات التي يُظهرها الأطفال ذوي صعوبات التعلم باعتبارها مجموعة غير متجانسة. فقد حأول البعض تصنيف صعوبات التعلم بهدف تسهيل أساليب التشخيص والعلاج الملائمة لكل مجموعة حيث أنَّ الأسلوب الذي يصلح لإحدى الحالات التي تُعاني من صعوبة خاصة في التعلم قد لا يصلح لحالة أخرى.
أ-تصنيف كل من كيرك وكالفانت (1988):
صنف كل من كيرك وكالفانت (1988) صعوبات التعلم غلى ما يلي:
-صعوبات التعلم النمائية: وهي التي ترتكز على العمليات العقلية الأساسية التي يحتاجها الطفل أو التلميذ في تحصيله الدراسي، وينقسم إلى:
أ-الصعوبات الأولية: الانتباه، الإدراك، والذاكرة.
ب-الصعوبات الثانوية: اللغة، والتفكير.
-صعوبات التعلم الأكاديمية: وهي تلك المشكلات التي تتضمن كل من عسر القراءة والتهجي والتعبير والكتابة والحساب.
ب-تصنيف ميرسير (Mercer, 1992):
صنف ميرسير (Mercer, 1992; p. 53) صعوبات التعلم في ما يلي:
أ-المشكلات المعرفية: وتشتمل على:
*الانتباه قصير المدى.
*الإدراك.
*الذاكرة.
*حل المشكلات.
*ما وراء المعرفة.
ب-المشكلات الدراسية: وتشتمل على:
*مهارات القراءة.
*التعبير الكتابي.
*العمليات الحسابية.
*مهارات الكتابة.
ج-المشكلات الانفعالية والاجتماعية: وتشتمل على:
*العجز المتعلم أو المكتسب.
*التشتت الفكري.
*النشاط الزائد والإفراط الحركي.
*مفهوم الذات والدافعية والإدراك الاجتماعي.
ج-تصنيف سارانيل (Saranell, 1997):
صنف سارانيل (Saranell, 1997, pp. 177-181) صعوبات التعلم إلى ما يلي:
أ-الصعوبات المعرفية: وتضم:
*اضطرابات الانتباه مع فرط النشاط.
*اضطرابات الذاكرة.
*اضطرابات في الإدراك.
*صعوبات اللغة.
ب-الصعوبات الأكاديمية: وتضم:
*صعوبات القراءة.
*صعوبات التهجي.
*صعوبات التعبير الشفهي.
*صعوبات الكتابة.
*صعوبات الحساب.
د-تصنيف محمود منسي (2003):
صنف محمود منسي (2003) صعوبات التعلم إلى ما يلي:
أ-صعوبات التعلم المرتبة بالمدرسة: وتتمثل في مجموعة من الصعوبات:
*صعوبات التعلم المرتبطة بالمباني المدرسية.
*صعوبات التعلم المرتبطة بالمنهاج الدراسي.
ب-صعوبات التعلم المرتبطة بالمعلم: وتتمثل في مجموعة من الصعوبات:
*الإلمام بالمناهج الدراسي.
*الاتجاهات التربوية السليمة.
*طرائق التدريس المناسبة.
*الإعداد العلمي.
*التأهيل التربوي والتحديث.
ج-صعوبات التعلم المرتبطة بالمتعلم نفسه: وتتمثل في مجموعة من الصعوبات:
*صعوبات صحية كاللجلجة والتأتأة ... الخ.
*صعوبات تتعلق بعدم قدرة المتعلم على التعلم.
*صعوبات تتعلق بالميول والاتجاهات.
*صعوبات تتعلق بالتوافق.
*الاتجاه السلبي نحو المدرسة والتعلم.
*انخفاض مستوى الطموح.
د-صعوبات التعلم المرتبطة بالأسرة: وتتمثل في مجموعة من الصعوبات:
*التغذية غير الجيِّدة.
*قصور في النمو الاجتماعي.
*فقدان الاهتمام بالمتعلم.
*نقص ضروريات الدراسة.
*سوء الجو الدراسي بالمنزل.
*الخلافات الأسرية ... الخ.
تنبيه: إليك فيديو شارح لتصنيفات صعوبات التعلم.
5. خصائص الأفراد ذوي صعوبات التعلم
5-خصائص الأفراد ذوي صعوبات التعلم:
الأفراد ذوي صعوبات التعلم عبارة عن مجموعة غير متجانسة، ولديهم العديد من الخصائص المختلفة والمشتركة بينهم، وأيضاً يُوجد لكل فرد ما يُميِّزه من بعض الخصائص التي ينفرد بها عن الآخرين. ولقد اهتم العديد من الباحثين بتحديد خصائص الأفراد الذي يُعانون من صعوبات التعلم، والتي يُمكن توضيحها في المحاور التالية:
أ-الخصائص السلوكية:
تتمثل الخصائص السلوكية لذوي صعوبات التعلم في ما جاء به كل من Maker & Udal (2002) ، سليمان عبد الواحد (2005):
*العدوانية المرتفعة، والقلق، والاندفاعية أو التهور.
*العجز عن مسايرة الأقران.
*الاعتماد على الآخرين أو الاتكالية.
*النشاط الحركي الزائد (المفرط). (كثرة الحركة).
ب-الخصائص الحركية:
أورد سليمان عبد الواحد (2007) الخصائص الحركية لذوي صعوبات التعلم في ما يلي:
*مشكلات التوازن العام كالمشي والرمي والإمساك والقفز.
*مشكلات في استخدام اليدين في الرسم والتلوين، الكتابة، واستخدام المقص أو الشوكة أو السكين.
ج-الخصائص العقلية المعرفية:
وضح أحمد عبد الله (2002، ص: 114) الخصائص العقلية المعرفية لذوي صعوبات التعلم في ما يلي:
*قصور الانتباه والتآزر الحسي.
*اضطراب الانتباه والإدراك والذاكرة (عجز واضح في القدرة على تحويل وتشفير وتخزين المعلومات).
*تبني أنماط معالجة المعلومات غير مناسبة لمتطلبات القسم تتدخل وتُؤثر سلباً على مقدار تعلمهم للمهام الدراسية.
د-الخصائص اللغوية:
حدد سليمان عبد الواحد (2007) الخصائص اللغوية لذوي صعوبات التعلم في ما يلي:
*صعوبات في اللغة الاستقبالية واللغة التعبيرية.
*فقدان القدرة المكتسبة على الكلام وذلك بسبب وجود اضطراب بالنصف الكروي الأيسر للمخ والمسؤول عن اللغة.
*الحذف أو الإبدال أو التشويه أو الإضافة أو التكرار لبعض أصوات الحروف أو الأرقام. (ص، 23)
هــ-الخصائص النفسية الانفعالية:
أورد كل من العزب زهران وعبد الحميد علي (2002، ص: 120) الخصائص النفسية الانفعالية لذوي صعوبات التعلم فما يلي:
*انخفاض تقدير الذات والثقة بالنفس.
*تكرار خبرات الفشل لديهم.
*انخفاض الدافعية للتعلم أو الإنجاز.
*انخفاض مستوى الطموح.
*عدم إكمال المهام نظراً لشعوره بالملل.
و-الخصائص الاجتماعية:
ثبت كل من Dimitrovesky & AL (2000) و Kane & Joy (2002) وحسن مصطفى (2003، ص: 198-199) الخصائص التالية:
*انخفاض مستوى الذكاء الاجتماعي ومهارات الاتصال اللفظي وغير اللفظي.
*صعوبات في اكتساب أصدقاء جدد. (يتميزون بالسلوك الانسحابي، لا يرغبون في الحديث أو اللعب مع الآخرين).
*سوء التوافق الاجتماعي.
تنبيه: قصد تعميق تعلماتك في ما يخص خصائص الأطفال صعييبي التعلم شاهد هذا الفيديو.