3. علاقة صعوبات التعلم ببعض المفاهيم المشابهة
3-علاقة صعوبات التعلم ببعض المفاهيم المشابهة
يتقاطع مفهوم صعوبات التعلم بالعديد من المفاهيم أو المصطلحات المتشابهة، والتي نُوجزها في النقاط الآتية:
أ-صعوبات التعلم والعجز عن التعلم:
يُستخدم مصطلح صعوبات التعلم Learning Difficulties لوصف فئة معينة من الأفراد لديهم صعوبة تعلم في القراءة أو التهجي أو الكتابة أو الحساب، وقد تكون سيطرة لوظائف أحد نصفي المخ الكرويين على الآخر في معالجة المعلومات، أما مصطلح عدم القدرة على التعلم أو العجز عن التعلم فيصف فرد قد يكون لديه خلل أو اضطراب وظيفي في أحد نصفي المخ الكرويين. ويُعد مفهوم صعوبات التعلم Learning Difficulties من المفاهيم الأكثر تشابهاً مع مفهوم عدم القدرة على التعلم أو العجز عن التعلم Learning Disabilities وهو مصطلحٌ شائعٌ الاستخدام في انجلترا وأمريكا، وتُرجم إلى اللغة العربية ليُشير إلى صعوبات التعلم. وقد يكون هذا راجع إلى الترجمة الحرفية. ويُعتبر هذين المصطلحين مترادفين عند البعض بينما يذهب البعض الآخر إلى اعتبار أنَّ مشكلة التداخل بين المصطلحين هي في الأصل مشكلة في الترجمة ونقل المصطلحين إلى اللغة العربية. فكلمة Disabilities التي نقلت إلى اللغة العربية عليها أنها صعوبات، هي في الحقيقة تعني العجز، أما كلمة Difficulties فهي تعني بالدرجة الأولى صعوبات، مما يستلزم ترجمة مصطلح Learning Difficulties على وجه الدقة إلى صعوبات التعلم، فضلاً عن أنَّ صعوبات التعلم نعت ووصف الأفراد كبشر أخف وطأة وشدة من العجز عن التعلم، مما يجعل هناك اختلافاً بين المصطلحين الأجنبيين الأصليين.
ب-صعوبات التعلم ومشكلات التعلم:
يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم مشكلات التعلم Learning Problems في أنَّ صعوبات التعلم تُستخدم لوصف فئة من الأفراد لديهم صعوبة في فهم المعلومات التي تُقدم لهم، وفي استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة، ولا ترجع الصعوبة إلى اضطرابات سمعية أو بصرية أو تخلف عقلي، أما الأفراد ذوو مشكلات التعلم هم الذين يُعانون من انخفاض في التحصيل الدراسي بسبب قصور في السمع أو الرؤية أو اضطراب الانتباه، أو إلى الإعاقة العقلية كما أنَّ الأفراد الذين لديهم مشكلات في التعلم أكثر قابلية للاضطرابات السلوكية الناتجة عن الفشل في الدراسة، كما أنهم أكثر بعداً عن الأنشطة التربوية بالمدرسة.
وعلى الجانب الآخر نجد أنَّ مفهوم صعوبات التعلم يُستخدم في انجلترا ليصف تلميذاً يُعاني من مشكلات تعلم مقارنة بأقرانه، تجعله لا يُواصل تعليمه بصورة جيِّدة، وهذه المشكلات ترجع إلى المنهاج ومحتواه وطبيعته ومستواه، ويُستخدم هذا المفهوم في أمريكا بديلاً لمفهوم صعوبات التعلم، عندما يكون هناك فرقٌ في الإنجاز أو التحصيل أو في القدرة العقلية العامة (الذكاء) مقارنة بالأقران من نفس العمر.
ج-صعوبات التعلم واضطرابات التعلم:
يُشير مصطلح اضطرابات التعلم Learning Disorders إلى إعاقة أو تلف في الجهاز العصبي ترجع إلى تباين اختلاف في الجينات الوراثية، أو إصابة مخية، أو تلف في المخ أثناء الولادة، أو إلى الحرمان الحسي، أو لعيوب التغذية، بينما تدل صعوبات التعلم على عدم القدرة الفعلية على إنجاز مهمة معينة في حين أنَّ الفرد يمتلك قدرة عقلية كافية لإنجازها. وقد يستخدم بعض الباحثين مصطلح اضطرابات التعلم للإشارة إلى جميع مشكلات التعلم على اختلاف أنواعها، بينما يقتصر البعض استخدام هذا المصطلح للإشارة إلى الأطفال الذين يُعانون من إصابات مخية إلا ما يُؤخذ على هذا الاستخدام هو التداخل الواضح بين هذا المصطلح، ومصطلحات أخرى مثل: الإعاقة العقلية، ومصطلح المضطربين انفعالياً.
وعليه، فإنَّ مصطلح اضطرابات التعلم تُشير إلى مجموعة من الاختلالات الناجمة عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي الناتج بدوره عن ضرر أو عطب في الدماغ أو تشوه جيني أو عن طفرة في نمو الجهاز العصبي لذلك فهو يتصف بالديمومة ومقاوم لمحاولات التدخل العلاجي.
وقد أطلق هذا المصطلح Edgar Doll ليُشير إلى ما يُطلق عليهم الآن الأطفال ذوي صعوبات التعلم، لذلك نجد الباحثين في مجال صعوبات التعلم قد انقسموا إلى فئتين، منهم من يُطلق مصطلح اضطرابات التعلم على التلاميذ ذوي صعوبات التعلم ومنهم من يخص به الأطفال الذين يُعانون من إصابات دماغية.
د-صعوبات التعلم والتأخر الدراسي:
يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم التأخر الدراسيUnder Achievement ، فمصطلح صعوبات التعلم ينطبق على الأفراد الذين يتمتعون بذكاء عادي (متوسط أو فوق المتوسط) ترجع إلى أسباب نمائية أو أكاديمية أما مصطلح التأخر الدراسي فيُعرف على أنه تدني مستوى تحصيل التلميذ في مادة دراسية واحدة أو أكثر نتيجة لأسباب متنوعة ومختلفة، منها ما يتعلق بالمتعلم نفسه (مشكلات صحية، جسمية، نفسية، عقلية)، ومنها ما يتعلق ببيئة المتعلم (الأسرية، المدرسية، الاجتماعية، جماعة الأقران). وقد ارتبط مصطلح صعوبات التعلم بالتأخر الدراسي لتماثل فئتي صعوبات التعلم والتأخر الدراسي من حيث المشكلات الدراسية وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي، وهما يُمثلان المظهر الخارجي لهاتين الفئتين.
كما يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم التأخر الدراسي الذي يتميز بالعمومية والشمولية، وأنَّ مصطلح التأخر الدراسي يعني أنَّ عجلة الإنجاز في المواد الدراسية تُعاني من وجود بعض المشكلات التي تُؤخر المتعلم عن مسايرة محطات الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، ويحدث التأخر الدراسي نتيجة لوجود أسباب متعددة من بينها وجود صعوبات التعلم أي أنَّ التأخر الدراسي مظهر من مظاهر صعوبات التعلم.
هــ-صعوبات التعلم وبطء التعلم:
رغم أنَّ الأفراد ذوي صعوبات التعلم يُظهرون انخفاضاً في التحصيل الدراسي في بعض المواد أو كل المواد ادراسية، فإنَّ قدراتهم العقلية تكون عادة متوسطة أو فوق المتوسطة، أما الأفراد بطيئي التعلم Slow Learning فتُعد قدراتهم عن التعلم في كل المواد الدراسية متأخرة بأقرأنهم في نفس المستوى العمري لكنهم ليسوا متخلفين عقلياً، كما أنَّ لديهم مستويات ذكاء تترأوح بين الحد الفاصل وأقل من المستوى المتوسط للذكاء مع بطء التعلم في التقدم والتحصيل الدراسي، ومن هنا لا يُمكن اعتبار بطيئي التعلم كحالات صعوبات التعلم بسبب عدم وجود تباعد وتباين واضح بين قدراتهم العقلية وتحصيلهم الفعلي. ولكن إتباع برامج علاجية تربوية قد يُؤدي إلى تحصيل أفضل بالنسبة لذوي صعوبات التعلم عنه عند بطيئي التعلم. وهناك من يعتبر بطء التعلم فئة حدية لا هي صعوبات تعلم ولا هي تأخر دراسي، بل هي وسطهما. وعليه فإنَّ مشكلة بطء التعلم تتمثل في الوقت، فهو يستغرق وقت أكثر من زملائه في اكتساب المهارة المراد تعلمها، أما بالنسبة للذكاء فهو يُعاني من انخفاض طفيف (أكبر من 70 وأقل من 85).
و-صعوبات التعلم والتخلف العقلي:
يختلف مفهوم صعوبات التعلم عن مفهوم التخلف العقلي Mental Retardation، وبخاصة فيما يتعلق بنسبة الذكاء فذوو صعوبات التعلم يكون ذكاؤهم عادة في المتوسط أو فوق المتوسط، مما يُفرقهم تماماً عن ذوي التخلف العقلي أو الإعاقة العقلية الذين ينخفض ذكاؤهم بدرجة كبيرة عن المتوسط، إذ يرجع إلى عدم اكتمال النمو العقلي الذي يظهر بشكل واضح في نسبة الذكاء، وفي الأداء العقلي بحيث يكون الفرد عاجزاً عن التعلم والتوافق مع البيئة والحياة، ولذلك فإنَّ المتخلفين عقلياً أقل تعلماً ويصعب توافقهم اجتماعياً. وبالتالي فإنَّ مفهوم صعوبات التعلم يُستخدم للإشارة إلى مجموعة من الأفراد الذين لا يستطيعون الاستفادة من الخبرات والأنشطة الدراسية المتاحة داخل وخارج القسم بحيث لا يُمكنهم الوصول إلى المستوى الذي تُؤهله لهم قدراتهم، ويُستبعد من ذلك الأفراد المتخلفين عقلياً أو المعاقون جسمياً أو حسياً.