:مفهوم الاقتباس 1- 

هو الأخذ  الشواهد والنصوص لدعم آراء الباحث/ الطالب،والدفاع عن وجهة نظره المتبناة.فيأتي الاقتباس بمثابة الحجة والدليل تفنيدا تارة وتعضيدا تارة أخرى .

2-ضوابطه الشكلية :

عدم التغيير في الاقتباس،مهما بدا للباحث أنّه تغيير بسيط،كأن يزيد فاصلة،أو نقطة أو حرف عطف،فكلّ هذه تُبدل الدلالة ومقصد صاحب الاقتباس،وكذلك لا يصحح الأخطاء باستثناء آيات القرآن الكريم،فيجب أن يُصححها في المتن،فلا يحق؛لأيّ كان أن يُخطىء في القرآن،ونُمثل بما أشار إليه شيخ المؤرخين الجزائريين أبي القاسم لما حدد خطأ في النصّ الذي اقتبسه ونقله بأمانة،قائلا:«(...)كلّ مجلس منها يشتل على خطبة حسنة،وفصول وعظية مستحسنة،وحكايات ضريفة(كذا) وأحاديث نبوية شريفة،(...)»[1] ويُمكن للباحث أن يُصحح الخطأ في الهامش،حتى يخلي مسؤوليته،وليُبيّن للمتلقين أنّه يُدرك الصواب والخطأ.

3- حدّ الاقتباس 

اختلف المنهجيون في حد الاقتباس،غير أنّهم أجمعوا في الاقتباس الحرفي ألا يتجاوز ستة أسطر.«أنّ كمية الاقتباس يجب أن لا تزيد على عشرين بالمئة من حجم الرسالة أو الأطروحة وإلاّ يحقُ لهم رفضها أو على الأقل إعطاؤها درجة علمية  

  متدنية. [2] «

4-أنواعه :

يُعدد الباحثون الاقتباس إلى أنواع هي : الاقتباس الحرفي،والاقتباس غير الحرفي؛الذي يكتفي بروح المؤلف وليس بكلماه،والاقتباس الموسع،الذي يصل إلى صفحة أو نصف صفحة،ويختلف توظيف الاقتباس حسب غرض الباحث

«وقد يكون الاقتباس في شكل اقتباس حرفي،أي نقل الجمل أو الفقرة كلمة بكلمة،كما وردت في نصّ

الكاتب،حتى بأخطائها،ويجب أن يضيف الباحث

وتعني وجود خطا في نفس المكان. »[3]    بمعنى "هكذا"Sic   كلمة

5-وظيفة الاقتباس:

الاقتباس الجيد القائم على الاستشهاد بأقوال الآخرين وتوظيفها في البحث، و يعبر عن الفهم الجيّد والاستيعاب العميق والقراءات الواسعة في المصادر والمراجع،هذا من جهة،ومن جهة أخرى،إذا لوحظ طول هذه الاقتباسات وعدم انسجامها دلّ ذلك على غياب شخصية الباحث واستلابه و يشبه بحاطب الليل الجمّاعة وليس البحّاث؛ الذي يقارن الأقوال ويناقشها ويضيف إليها ويعترض عليها، إلى غير ذلك من عمليات التحليل والتركيب واللف والبسط . فلا يرد الاقتباس إلاّ لضرورة موجبة كدعم رأي أو تفنيده، وزيادة في كسب ثقة القارئ ودفعا لاقتناعه أنّ هذا البحث ليس أمشاج خواطر متفقة وإنّما هو مبني ومؤسس على أقوال علماء ومختصين،من أهل الذكر .

كما يجب مراعاة في الاقتباس ليس الجانب الشكلي فقط والذي يتعلق بعدد السطور،وإنّما موقع الاقتباس وانسجامه مع عموم كلام البحث قبله وبعده،من الناحية الأسلوبية واللّغوية،فلا يشكل النصّ المقتبس بروزا ونتوءا  «وإذا كان هناك خطأ في النصّ المنقول،فإنّه يجب إضافة كلمة [هكذا] مباشرة بعد الخطأ، وعلى العموم،فأي إضافة مهما كان نوعها من طرف الباحث،داخل نص منسوخ حرفيا، يلزم الإشارة إليها بالمعكوفتين .»[4]

«الاقتباس المتصرف فيه :بأي شكل من أشكال التصرف وذلك بتغيير بعض التراكيب ،أو الزيادة عليها أو تصحيح بعض الألفاظ،أو العبارات بما يتفق واللّغة السليمة أو تصحيح سنة وفاة العلم المعين المذكور في المصدر المقتبس منه ،أو إجراء تقديم أو تأخير في بعض حلقاته ،أو غير ذلك .ويجب في هذه الحال الإشارة لهذا التصرف بكلمة :"بتصرف" وتوضع بعد ذكر اسم الكتاب ،ومؤلفه،والصفحة المنقولة عنها.»[5]

«ويمكن أن يكون الاقتباس مشارا إليه من الهامش لتدعيم وجهة الباحث أو لإظهار رأي مخالف لرأيه وعادة ما تكون الفقرة المقتبسة في الصفحة نفسها،أما إذا اضطر الباحث إلى الانتقال إلى الصفحة الموالية فعليه أن يشير إلى  )    في®)     بين قوسين في نهاية الصفحة الأولى،وآخر في الاتجاه المعاكس   (  ¬ذلك بوضع سهم(

بداية الصفحة الموالية،أو وضع العلامة الآتية(=) بين قوسين،في بداية ونهاية الصفحتين المذكورتين. »[6]

ومع تحديد الاقتباس الحرفي،ووضع حده،مع علامات التنصيص البارزة،أو الكتابة ببنط وخط مختلف

«ويستحسن أن يكون المقتبس في حدود معقولة لا تتجاوز الصفحة الواحدة بأي حال ،وإلاّ فخمسة أسطر،أو ستة أسطر ،أو أكثر من هذا بقليل هو الحد المقبول بالاقتباس(كذا) (...) لا يجوز الاقتباس من المراجع الثانوية بوجود المصادر الأصلية ،ولا من الكتب غير المحققة تحقيقا علميا جيّدا ،بوجود ما هو محقق ،ويسري ذلك على طبعات المصدرة ،فالطبعة التي تحتوي زيادات علمية جديدة أحسن من الطبعة القديمة.»[7] ومما تقدم يظهر أن المنهجيين كما اهتموا بعدد الأسطر المقتبسة،فقد أعطوا الأهمية لنوعية المصادر والمراجع وقيمتها المعرفية،فقدّموا المصادر القريبة من الحدث والظاهرة المدروسة،على المصادر البعيدة،والمراجع الأساسية على المراجع الثانوية،والأصلية على المترجمة ،والمحققة،على غير المحققة،وهكذا .

«وأحيانا يأخذ الباحث  اقتباسا ضمن اقتباس آخر ،بمعنى أن مؤلف الكتاب أبدى رأيا ،أو أعطى فكرة  ودعم ذلك بمقتبس ووجد الباحث نفسه بحاجة إلى هذه الفقرة على الرغم من كونها لشخصين ،فإنّه إمّا يضع قوسين مركنين  أو هلالين كبيرين  ويحصر... المقتبسان في الفقرة بين قوسين كبيرين ،مع محافظته على الشولتين المزدوجتين في الكتاب . »[8]

وهذا العمل الشكلي للتميز بين الاقتباس داخل الاقتباس ما هو إلاّ مظهر من مظاهر الحرص،وزيادة الأمانة والثقة،في تحديد نسبة النصوص والعزو السليم .



[1]  أبو القاسم سعد الله،تاريخ الجزائر الثقافي،عالم المعرفة(الجزائر)،دط،2017،ج1 ص.109

[2]  محمود مصطفى حلاوي،المرجع السابق،ص.84

[3]  سلاطنية بلقاسم، حسان الجيلاني، المرجع السابق،ص.47

[4]  أحمد طالب،المرجع السابق،ص.74

[5] هادي نهر،المرجع السابق،ص.122

[6]  سلاطنية بلقاسم،حسان الجيلاني ،المرجع السابق،ص.48

[7]  هادي نهر،المرجع السابق،ص.124

منصور نعمان،غسان ذيب النمري ،البحث العلمي،حرفة وفن،دار الكندي (الأردن)،ط1،1998، ص.63 [8]

آخر تعديل: Friday، 20 May 2022، 10:22 PM