تمثل الأسرة أساس البناء الاجتماعي، وتعتبر العادات والتقاليد و والمثل الخلفية والسلوكية التي تسود الأسرة عن طبيعة الحياة الاجتماعية لأي مجتمع من المجتمعات والتي على أساسها تتشكل مفاهيم هذا المجتمع وعلاقة أفراده ببعضهم ولقد عبر أدب الحكم والنصائح عن الأحوال الاجتماعية التي سادت المجتمع العراقي القديم بشكل واضح وفي جميع المجالات

أ‌-      الزواج: ويشمل الركنان الأساسيان في بناء الأسرة في الرجل والمرأة اللذين يصبحان بعد تسجيل اتفاقهما على الزواج في عقد قانوني زوجا وزوجة وتتضمن هذه النقطة للمراة مجموعة من الحقوق الاجتماعية، ونظرا لأهمية الزواج في المجتمع العراقي القديم، حرص المجتمع على قيام هذه العلاقة، وأنكروا على الشخص الذي يرفض الزواج سواء امرأة أو رجل فقد قال أحد الحكام السومريون: ''إن الشخص الذي ليس له زوجة وأولادا لا تحمل أنفه القيد'' أما عن المرأة فقال: ''إن المرأة من غير زوج كالحقل من غير زرع'' كما جرت العادة أن يختار الزوج المرأة التي يريدها على أن يكون والديه موافقين كما للفتاة نوع من الحرية في اختيار زوجها ومن الأمثال الآشورية التي تشير إلى ذلك: ''من الموسر؟ من الموقر؟ الدي أصون له نفسي، وتوجد العديد من الأدلة الأدبية التي تشير إلى وجود عواطف بين الفتى والفتاة قبل الزواج ومن أقدم ما وصلنا من شعر الغزل قصيدة عنوانها: <<الحب يجد الطريق>>  وكانت مراحل المفاوضات الخطبة وتقديم الهدايا نوع من انواع الإعلان عن الزواج ومن المظاهر التي تقبع في اجراءات الخطبة أن يرسل لإلى بيت والد العروس بعض الأثاثكما يقدم الشاب أو والده << التيرهاو>> وهو مبلغ من المال إضافة إلى الهدايا التي تقدم من أبقار وخراف وحملان وزبد وفطائر ودواجن وأخشاب غير إجبارية عكس<<التيرهاتو>> وبعد عقد الزواج شفويا يصاحبه بعض المراسيم الشكلية والرمزية فضلا عن أداء القسم الخاص بالزواج وقد تستغرق حفلة الزفاف أيام او عدة أسابيع.

ولقد وردت العديد من القوانين التي تعالج العديد من المشاريع أثناء الخطبة.

أما فيما يتعلق بحدود الزواج من المحارم فيلاحظ أن مجتمع بلاد الرافدين حدد العديد من حالات الاتصال بالمحارم عقوبات جد قاسية وفي مقدمتها المرأة المتزوجة فهي حرام على حرام على غير زوجها وينزل القانون عقوبة الموت على من يغتصبها كما يحرم الزواج بالأخت وابنة الأخت والابنة ووالدة الزوجة والأم بعد وفات الوالد، كما يلاحظ أن هذه القرارات تشبه إلى حد بعيد ما جاء به الإسلام.

أما تعدد الزوجات فهي حالة جد نادرة وفي هذا الصدد أشارت النصوص القانونية البابلية إلى انه فقط في حالات استثنائية جدا يمكن للرجل أن يتزوج من امرأة ثانية فقد نصت المادة (148) من قانون حمورابي على انه يحق للرجل ان يتزوج من إمرأة ثانية، إذا ثبت العجز التام لزوجته أو عقمها ولكن لا يستطيع أن يطلقها ويعد مجبرا على إعالتها حتى وفاتها.

ب‌-    الطلاق: يعتبر الطلاق فسخا للعلاقة القانونية التي تربط المرأة والرجل ولقد عرف مجتمع بلاد الرافدين وكان من حق الرجل في كل الحالات إلا في حالة واحدة من حق المرأة فيها ان تطلب الطلاق وذلك إن كانت شريفة وربة بيت صالحة واعتاد زوجها الحط من شأنها، لكن إن تركت الزوجة زوجها من دون سبب وقالت: <<أنت لست زوجي>> فعقوبتها الإعدام، وكان الطلاق يرد بقول: <<أنت لست زوجتي>>، أو ان يقوم الرجل بقطع حواشي ثوب زوجته ويعتبر رمزا لإعلان الطلاق ومن الحالات التي توجب على الرجل تطليق زوجته: تفريط الزوجة بعفتها وسمعتها، أو العقم أما إن طلقها دون أن تكون قد اقترفت إثما عليه أن يدفع لها غرامات حسب كل حالة.

ت‌-    الأطفال: التبني: اهتم المجتمع العراقي منذ القديم مثله مثل باقي المجتمعات الزراعية بإنجاب الأطفال وكثرة الذرية وكانوا يعرفون باسم والدهم وجدهم وقد سنت عقوبات لمن يتسبب في إجهاض امرأة وتوضع الحكم والأمثال رغبة إنسان هذا العصر في الإنجاب وسعادته البالغة لذلك وتقديره الخاص للمرأة المنجبة وقد استخدم بدرجة كبيرة السحر للعناية بالمرأة قبل الولادة ويتضمن ذلك استخدام الوفيات والطقوس والتعاويذ، فكانت المرأة تلبس أحجارا حول الخصر لتسهيل عملية الولادة ومعظم الأطفال الذين ينتمون إلى طبقة الأغنياء يوجهون للتعليم أما أطفال الأسر الفقيرة فيوجهون للعمل، كما نجد أن التلميذ في هذه العصور البعيدة لم يختلف حاله عن رفيقه الحالي في كل الأحوال فهو مهموم بدروسه مع ما يلاقيه من عنف من بعض معلميه وشدة من والديه لاستذكار دروسه وهناك العديد من الحكم التي تدور حول نوعيات غير صالحة من الأبناء وتوضع المعانات التي يعانيها الآباء جراء ذلك، أما أبناء الخطيئة يستعملون كعبيد أو تتكفل إحدى الأسر بتبنيهم وكانوا غير مرغوب فيهم وكان الهدف من التبني الإبقاء على الكيان الاجتماعي للأسرة وتضمنت علاقة التبني حقوق وواجبات للطرفين وكان الرجل المسن والمرأة العجوز يقومان بالتبني للحصول على مساعدين لهم ويقومون بخدمتهم وكانت تمر بعض حالات التبني بفترة تجربة ربما يتراجع بعدها المتبني عن رغبته إذا تأكد أن هذا الابن عاق .

ث‌-    الميراث: اهتم قوانين العراق القديم بالميراث وتوزيع التركة وعرف العراقيون ثلاث أنواع من التركة وهي: الأموال غير المنقولة، الحقوق المالية (الديون) والأموال المنقولة، وكان يمنح للابن الأكبر بعض الامتيازات في الميراث وتنفذ وصية الأب قبل اقتسام الميراث، ويقتطع مبلغ من التركة يساوي هدية الزواج للصبية الصغار وبالنسبة للإناث فلم يخصص لهن في التركة سوى قيمة الأغراض التي تأخذها لبيت زوجها عند زواجها كما لم تكن للزوجة نصيب من التركة سوى الهدايا التي قدمها لها زوجها قبل وفاته، وتورثها لمن تشاء إن توفيت، إما أن توفيت الأخت المتزوجة فلا يرثها إخوتها ويعود مهرها إلى أبيها وإن تزوج الرجل بامرأتين فإن حقوق أولاد الزوجتين متساوية وإذا توفي أحد الأبناء قبل والده فإن أولاده يقتسمون حصة أبيهم بعد وفات جدهم وكانت تقسم التركة عن طريق المحاكم مع تثبيت الملكية في اللوح ولقد تناولت التشريعات مشاكل الميراث كما جاء (في المادة 25) من قانون لبيت عشتار: <<إذا تزوج رجل وأنجبت زوجته أولادا ثم أنجبت إحدى إيمائه أطفالا منه ثم أعتق الزوج الآمة وأولادها فإنه لا يقتسم أولاد الآمة التركة مع أولاد سيدهم السابق في حال وفاته>> . 

Modifié le: Thursday 23 February 2017, 11:31