بلاد ما بين النهرين تشمل الأراضي الواقعة بين نهري دجلة و الفرات, وكلاهما تقع منابعهما في جبال أرمينيا في تركيا الحديثة.وكلا النهرين تغذيها روافد عديدة, ومجمل نظام مياه النّهر تغذّي منطقة جبلية شاسعة,و الطرق البريّة في بلاد ما بين النّهرين عادة تتّبع نهر الفرات لأنّ ضفاف نهر دجلة عادة ما تكون حادّة و صعبة . ومناخ المنطقة شبه قاحل مع مدى صحراوي شاسع في الشمال الذّي يعطي طريقه الى المستنقعات والبحيرات و المسطحات الطينية، و ضفاف القصب في ذالجنوب، وفي أقصى الجنوب يتوحّد نهري الدجلة و الفرات في شط العرب و يصبفي الخليج العربي . 

هذه الخريطة تبين موقع بلاد الرافدين :

كان للزراعة مكانة هامة في الحياة الاقتصادية لبلاد الرافدين، و كان يعمل بها و يعيش منها غالبية السكان و قد هيأت الطبيعة الأرض الخصبة و المياه الوفيرة خاصة في المنطقة الوسطى و الجنوبية من البلاد، و قد شبه كثير من كتاب الإغريق و الرومان بلاد ما بين النهرين بأنها ألد رادو أي بلاد الذهب و الخير في الزراعة     و بالغ بعضهم في تصدير المحصول الزراعي الناتج حتى أن هيرودوت قدره بمائة أو مائتي مرة، و هذا يذكرنا بتسمية العرب لأرض العراق بأرض السواد، لكثرة زرعها، و لكن الشيء المهم هو أن هذه الشهرة لم تكن لتحصل إلا بعمل الإنسان وجهده ولاسيما في تنظيم الري الذي هو أساس الزراعة ومنذ أقدم العصور جرت عمليات مسح الأراضي وتقسيمها وتثبيت ملكيتها كما شقت الدولة الأقنية وحفرت الترع للري وأقامت المكاتب وفيها المهندسين المسئولين عن العناية بالشبكات المائية عموما ،اكتشف العراقيون الأوائل الزراعة ومارسوها منذ العصر الحجري الحديث في ميزوبوتاميا العليا ، حيث كانت كمية الأمطار تكفي لزراعة بدائية ،وقد استلزم شق القنوات وإقامة الخزانات والسدود ومصارف المياه سلسلة من المعلومات والدراسات والمسح والمخططات القائمة على الفن الهندسي يشهد على ذلك صور القطاعات والجداول والأنهار على ألواح الطين التي تناهت إلينا من عصر فجر السلالات ومنها قطعة من لوحة مثلث عليها قناة شقت بأمر من أياناتوم حاكم لاجاش ألحق بها خزان أزيد سعة على الألف هكتولتر ولم يكن الغرض من شق القنوات أن تستخدم في الري فقط بل استخدمت أيضا كوسائل للنقل والمواصلات وللتخفيف من وطأة الفيضان لاسيما فيضان الفرات ، ومما لاشك فيه أنهم استغلوا بعض المنخفضات الطبيعية القريبة من الضفاف الغربية للفرات وجعلوها خزانات ومصاريف للمياه كما استفادوا في الوقت نفسه من هذه الخزانات لأغراض الدفاع وكانت القنوات الأقل أهمية تحمل الماء إلى أطراف الحقول والمراعي من هناك تنسحب عن طريق أدوات رافعة تديرها ثيران أو بواسطة دلاء رافعة وذلك من عصر فجر السلالات و قد مثلت هذه الأدوات في منظر للحياة الزراعية على ختم أسطواني ، استخدم العراقيون القدماء أدوات زراعية و كان آلة ساذجة في عصور ما قبل التاريخ تستهدف حرث قطعة صغيرة من الأرض و تقليبها ، ويلي المحراث أيضا في الأهمية من ناحية تقليب الأرض أنواع من الفؤوس تختلف في حجمها باختلاف الغرض من استعمالها في الحقول و البساتين و من آلات الحصاد التي تناهت إلينا عن المواقع القديمة في العراق نماذج مختلفة من المناجل منها منجل من الصوان و منجت آخر مصنوع من الفخار و مناجل مصنوعة من النحاس  و البرونز ، و كان العراقيون يفرقون بين الحقل و البستان فالحقل يقصد به الأرض التي تزرع حبوبا و تحرث بالمحراث ، و أما البستان فهو الذي تزرع فيه الأشجار.

و من أهم المحاصيل الزراعية: نجد الحبوب كالذرة و القمح و الشعير و التمور و الفواكه المختلفة و الخضروات و السمسم و الزيتون . وقد كانت الحبوب تزرع على أراضي واسعة تابعة للمعبد أو للقصر الملكي  و تتولى إدارتها و الإشراف عليها جمعيات زراعية  كما زرعت الحبوب و محاصيل مختلفة في مساحات صغيرة حول المدن أجرها ملاك الأراضي الإقطاعيين الذين يعيشون في المدن لمزارعين فقراء نزلوا في تلك الجهات

Modifié le: Thursday 23 February 2017, 14:42