الجزء الأول:
تعريف الادراك:
يعرف الإدراك بأنه: هناك عدة تعاريف للادراك
ـ عملية تجميع الانطباعات الحسية وتحويلها إلى صور عقلية(Coon (1986
ـ عملية تفسير وفهم للمعلومات الحسية(1989 (Ashcraft
ـ هو عملية التوصل إلى المعاني من خلال تحويل الانطباعات الحسية التي تأتي بها الحواس عن الأشياء الخارجية إلى تمثلات عقلية معينة، وهي عملية لا شعورية ولكن نتائجها شعورية.
كما ان هناك من يعرفه بأنه: سيرورة انتقاء وتنظيم وتفسير المعطيات الحسية في شكل تصورات عقلية قابلة للاستعمال،
وهو العملية التي تتم بها معرفتنا للعالم الخارجي والتعرف على الإحساسات وإعطائها معنى.
ونستخلص أن الادراك هو:
ـ تعرف Reconnaitreعلى المثيرات الحسية والمعلومات التي تم استقبالها.
ـ فهم compréhension للمعلومات والمواقف والأحداث والمثيرات
ـ تفسير explicationكل ما يتم استقباله من معلومات ومثيرات خارجية وداخلية.
ـ تصنيف selection للمعلومات حسب خصائصها ومميزاتها.
ـ إعطاء معنى ودلالة donner un sensلكل ما يقع على مستوى الحواس.
الفرق بين الإحساس والإدراك:
هما عمليتان مترابطتان ومتكاملتان حيث:
لا يمكن أن يحدث الإدراك دون وجود إحساس
كما أن الإحساس ليس له معنى دون وجود عملية إدراكية
1ـ فالإحساس هو عملية فيزيولوجية : تتمثل في استقبال لمثيرات خارجية وتحويلها إلى تيارات كهروعصبية في الجهاز العصبي.
2ـ بينما الادراك هو عملية عقلية معرفية تعطي دلالات خاصة للمثيرات الحسية.
مثال: عندما تنظر إلى سيارة معينة على بعد ثلاثة امتار ثم على بعد 20 مترا فسوف تلاحظ ان الخيال الواقع على الشبكة(صورة السيارة) هو إحساس.
ويختلف حجم الخيال باختلاف المسافة،
لكن رغم اختلاف المسافة فإننا نجد أن الشيء المدرك هو (سيارة) ولا يختلف باختلاف المسافة.
وعند ركوب طائرة يمكن لنا تمييز المباني عن الشوارع والوديان بالرغم انها ذات حجم صغير.
فالاحساس هنا يتمثل في تلك الصور الذهنية أو الإنطباع الحسي عما نشاهده.
بينما الادراك هو ذلك التفسير التي نقدمه لذلك الانطباع المحسوس.
خصائص عملية الادراك: ويقصد بها ما يميزه عن غيره من العمليات العقلية.
1ـ يعتمد الادراك على المعرفة والخبرات السابقة:
تعتبر المعرفة والخبرات السابقة الاطار المرجعي الذي يمكن الفرد من العودة إليه، للقدرة على التمييز بين الأشياء التي يتفاعل معها وبدونها يصعب عليه تنفيذ عملية الإدراك. مثال على ذلك: عندما يرى الإنسان شيئا جديدا لأول مرة في حياته سيعجز عن التعرف عليه لغياب معارف سابقة حول ذلك الشيء، أو سيحاول تشبيهه بشيء موجود في خبراته السابقة انطلاق من بعض الخصائص المتشابهة في الشكل او اللون او الذوق او الحجم...
2ـ الادراك عملية استدلالية:
كثيرا ما يجد الإنسان نفسه أمام معلومات أو مثيرات حسية ناقصة أو غامضة أو غير مكتملة
لذلك يعمل نظامنا الإدراكي على توظيف المعلومات المتوفرة للقيام بعمليات الاستنتاج والاستدلال من أجل تفسيرها أو تعريفها: مثال عندما نقرأ جملة ناقصة او غامضة أرسلت إلينا من قبل بعض زملائنا إلكترونيا (الحالة راهي سخونة) سنحاول أن نفهمها بالاستنتاج والاستدلال من خلال السياق العام.
او مثلا عندما تسمع شخص يشكر صديقه قائلا له : "يعطيك الصحة أنت وفي جدا" في سياق اخلاله بالموعد معه نستنتج انه يوبخه ولا يمدحه.
3ـ الادراك عملية تصنيفية:
فالإنسان يلجأ عموما إلى عملية تجميع للإحساسات المختلفة في فئات معينة وفق تصنيف واعتمادا على خصائص مشتركة بينها حتى يسهل عليه عملية الإدراك.
مثال على ذلك: عندما ترى لأول مرة حيوان له جناحان ورجلان فإنك سوف تقول مباشرة بانه ..... طائر. فمثل هذه الخاصية تساعدنا على إدراك وتمييز الأشياء الجديدة وغير المألوفة انطلاقا من بعض الخصائص المشتركة. لان نظامنا الادراكي يعمل على استخدام المعلومات المتوفرة ومطابقتها مع خصائص الأشياء المحسوسة وبالتالي وضعها في خانة لانتماء لصنف معين من الحيوانات أو الخضروات أو النباتات أو الأشياء الأخرى المحسوسة.
4 ـ الادراك عملية علائقية وارتباطية:
فكثيرا ما نجد صعوبة في إدراك أشياء بمجرد بعض الخصائص العامة، لذلك يعمل نظامنا الادراكي على تحديد طبيعة العلاقات بينها ليسهل التعرف عليها. مثال: تمييز الطائر عن الحيوانات البرية الأخرى كالقط مثلا: يستند إلى
1ـ وجود خصائص تربطها علاقات متماسكة في كل منها: فالطائر مثلا: له جناحان ورأس وذيل ورجلان.
2ـ بينما القط له ذيل ورأس وأربعة ارجل بمخالب.
5ـ الادراك عملية تكيفية:
فنظامنا المعرفي يمتاز بالمرونة التي تسمح لنا بتوجيه الانتباه والتركيز ليس على كل المعلومات التي ترد إلينا، وإنما على معلومات أو خصائص معينة من موقف لها أهمية خاصة بالنسبة إلينا لمعالجتها من اجل اتخاذ موقف ورد فعل سريع لأي مصدر تهديد .
فمثلا: عندما نجلس إلى جانب مدفأة نتبادل اطراف الحديث وأثناءها نشتم مثلا رائحة مميزة، فإننا سنحاول التركيز عليها لنميزها(ندركها) وعندما نكتشف بأنها شبيهة برائحة الغاز
فإننا نقوم برد فعل سريعة لفتح النوافذ او غلف حنفيات الغاز او الخروج من الغرفة. للتكيف مع الوضعيات الطارئة.
6ـ الادراك عملية أتوماتيكية:
عملية الإدراك تتم بطريقة آلية ولا شعورية حيث لا نستطيع تحديد أو ملاحظة عملية الإدراك أثناء حدوثها.إلا اننا يمكن ملاحظة نتائجها بشكل شعوري ومباشر من خلال ردة الفعل اتجاه مثير معين او من خلال تصرف الفرد اتجاه موقف مستفز او مزعج...
أبعاد عملية الإدراك: تتشكل عملية الادراك من ثلاث أبعاد مترابطة وهي:
1ـ العمليات الحسية: ويقصد بها انه عند استثارة المنبهات الحسية تعتمد أساسا على:
ـ شدة الطاقة المنبعثة عن المثيرات الخارجية.
ـ فإذا كانت هذه الطاقة أقل من مستوى عتبة الاحساس
فمن الصعب استثارة عضو الحس وبالتالي صعوبة التمييز والادراك.
لكي يحدث الإحساس يجب أن يصل المثير إلى عتبة معينة تستطيع استثارة الحواس.
2ـ العمليات الرمزية:
الاحساسات يتم التعامل معها من خلال تحويلها إلى معاني ورموز وصور ذهنية. بحيث تحل هذه المعاني والرموز محل الخبرة الأصلية. يعني أن عقل الإنسان يقوم بوضع ترميز للمثيرات والمحسوسات المدركة الدال والمدلول، أو بين الشيء واسمه.
3ـ العمليات الانفعالية:
الإحساس عموما يتبعه مشاعر وحالات انفعالية أي تحدد لنا طبيعة الشعور نحو الأشياء اعتمادا على الخبرات السابقة أو ذكريات مؤلمة أو سارة. لذلك يتأثر الادراك بالحالة النفسية للانسان سلبا وايجابا.
Modifié le: Wednesday 29 April 2020, 10:05