المحاضرة7
المحاضرة 7: مشكلات المصطلح في اللغة والأدب العربي . تظهر المشكلات المصطلحية عندما نجد المصطلح المقترح لا يؤدي وظيفته في التواصل بين العلماء،
في داخل التخصص، إنها ليست مشكلة نابعة من الصحة اللغوية للمصطلح، فما أسهل أن يثبت كثير من
اللغويين صحة مصطلحاتهم الفردية،ولكن ضرورة الوضوح والدقة في التواصل العلمي بين أهل التخصص، ويمكن
أن نتبين المشكلات المصطلحية التالية :• استخدام المصطلح التراثي لمفهوم جديد مختلف في التراث، فيحدث لبس عند ورود المصطلح
ويجعل القارئ يتردد في فهم المصطلح بين الدلالة القديمة والدلالة الجديدة، وقد يؤدي هذا
اللبس إلى سوء فهم .• استخدام كلمتين مختلفتين أو عدة كلمات لمفهوم واحد على نحو يع دّ هدرا للرصيد المعجمي
العربي؛ ومثال هذا تعدد المصطلحات الدالة على Structuralism : بنائية، بنيوية، هيكلية،
تركيبية، بنيانية، وهذا التعدد يوهم القارئ بتعدد في المفاهيم، فليس من اقتصاديات اللغة أن يكون
لكل باحث فرد ولكل فئة صغيرة من الباحثين مصطلحاتهم المتعددة والمفهوم العلمي الواحد .• استخدام الكلمة العربية الواحدة لمفهومين مختلفين أو أكثر من مفهومين، ومعنى هذا أن
المفهومين المختلفين ينبغي أن نعبر عنهما بمصطلحين متميزين، ولا يجوز أن نستخدم كلمة
عربية واحدة لهما معا؛ ومثال هذا : استخدام كلمة سياق والنسبة إليها سياقي، نجدها تقابل عند
بعض اللغويين مصطلح (Associative) أي اقتراني، وتقابل أيضا مصطلح (Syntagmatic)
أي تركيبي، وتقابل أيضا مصطلح (Contextual) وهذا هو الصحيح .• عدم الإفادة من التراث العربي في علوم اللغة من حيث النظرية والمصطلح، وذلك عند محاولة
إيجاد المقابل العربي لمصطلحات أوروبية، يتضح هذا الأمر عندما يخلط أصحاب المعاجم بين
علم الدلالة بالمفهوم الحديث وعلم المعاني بوصفه أحد علوم البلاغة العربية، وعندما لا يميز علم
البلاغة وعلم البيان ويجعلهما مترادفين، مع أن علم البلاغة يشتمل على علم البيان وغيره .• هناك أسماء لعلوم إنسانية استقرت في أكثر المؤسسات العربية بأسمائها الأجنبية منها مصطلح
الأنثروبولوجيا . ومع هذا فلا تخلو معاجم المصطلحات اللغوية من مقترحات لإيجاد كلمة غربية لا
يستخدمها أهل ذلك التخصص مثل كلمة الأناسية . وأمثال هذه المقترحات تبدو غريبة، إذ لوحظ
استقرار المصطلح المقترض عند أهل التخصص على نحو يكاد يكون ثابتا .• ضرورة التوحيد المعياري لترجمة المصطلحات المركبة في علوم اللغة جزء من الاتجاه الدولي إلى
التوحيد المعياري لترجمة السوابق واللواحق في المصطلحات العلمية بصفة عامة . ولقد ثبتت ترجمة
السابقة (Uni) في اللاتينية و (Mono) في اليونانية بكلمة أحادي في العربية : أحادي اللغة،
أحادي الجانب، أحادي البعد، أحادي المعنى، أحادي المقطع . ويتطلب التوحيد المعياري أيضا
تدوين المصطلحات المقرضة بطريقة موحدة لا تعكس بالضرورة نطق كل المناطق العربية،
فاللبنانيون ينطقون الفتحة الطويلة ممالة ويكتبونها بالألف، يتضح هذا في أسماء الأعلام فبدلا من
ميشيل يكتبون ميشال، ولكن المشكلة تظهر عند كتابة مصطلح (phoneme) يكتبها أكثر
العرب فونيم ويكتبها بعض اللبنانين فونام . ولما كانت أسماء الأشخاص غير قابلة للتغير من هذا
الجانب فإن التوحيد المعياري لنظام كتابة المصطلحات يعد ضرورة من أجل سهولة التواصل وعدم
اللبس .• هناك مصطلحات تتجاوز مجال علم اللغة العام، وإن كانت مألوفة عند المتخصصين في علم اللغة
المقارن وعند المعنيين باللغات وتوزيعها في العالم القديم والمعاصر . وما أكثر الأخطاء التي تضمها
المعجمات المتخصصة في مصطلحات علم اللغة عند ذكرها لأسماء اللغات، نجد من أمثلة هذه
الأخطاء تسمية الجماعات اللغوية المحلية في داخل المنطقة العربية بأسماء ليست لها، تقلا عن
اسمها عن الأوروبيين، من هؤلاء البجة أو البجاة الذين يعيشون في شمال شرق السودان ومنهم
جماعات قليلة في مصر، فقد ذكر هؤلاء على أنهم البدجية، وفي معجم آخر : لغة البيجا، ومثل
هذا عند ذكر الدنقلاوية نسبة إلى دنقلة فقد ذكرها أحد المعاجم الدنغولية (Dongolais) • تتطلب الترجمة المعيارية الدقيقة لكتب علم اللغة إلى العربية توحيد الطريقة التي تدون بها أسماء
الأعلام من اللغويين . ويلاحظ في الكتب القليلة المترجمة عدم مراعاة الضوابط التي أقرها مجمع
اللغة العربية بالقاهرة وعدم وجود طريقة أخرى موحدة تجعل للشخص الواحد اسما واحدا يمكن
أن يذكر به دون لبس . ويكفي أن نشير مثلا إلى ثلاث ترجمات لكتاب دي سوسير وفيها ذكر
اسم عالم واحد بثلاث صيغ مختلفة ( قارن : فريدرش أغسطس وولف، فردريك أوكست ولف،
فردريك وجست وولف، وهو عالم ألماني واحد وليس ثلاثة رجال ) وفي هذا الصدد لا يجوز نطق
أسماء الأعلام من الشخصيات التاريخية والمؤلفين، ونظلم القارئ إذا طالبناه أن يتصور أن بلوتس
بلوط هما شخص واحد وأ نّ ديز وديتز ودياز أسماء لعالم واحد هو diez ، ولهذا يعد إيجاد
طريقة معيارية موحدة لنقل أسماء الأعلام الأجنبية إلى الحرف العربي ضرورة مهمة عند صنع معجم
يهتم بالأعلام في إطار اهتمامه .• تخلط بعض الترجمات والمؤلفات بين المادة التي تبحث والباحثين المتخصصين فيها، فثمة فرق
بين علم اللغة العربية وفيه يسهم باحثون من العرب وغيرهم، وعلم اللغة العربي أي جهود العرب في
البحث اللغوي، أ ما علم اللغة الغربي أو علم اللغة الحديث، أو علم اللغة المقارن فالوصف هنا
للعلم نفسه وليس للغة .أفاق توحيد المصطلح :يتطلب النهوض بعلم اللغة في المنطقة العربية مقومات كثيرة نقتصر هنا على ما يتصل بالمصطلحات .
أ - ثبت أ نّ المصطلحات التراثية تشكل رصيدا مشتركا لابد من الإفادة منه على نحو واضح في إيجاد
المصطلحات اللغوية الحديثة . ولهذا فمن الضروري أن تستمر الجهود الجادة التي بدأت في جامعة القاهرة
للدراسة المفصلة لقطاعات محددة من المصطلحات اللغوية في التراث العربي . لقد تجاوز البحث تلك
الرؤية العامة للمصطلحات في إطار بحث المدارس النحوية : وأصبح الاتجاه الحالي إلى عمل بحوث
متخصصة تحصر مصطلحات البحث الصوتي من مظانها في كتب النحاة واللغويين وتبحث أيضا ما يتصل
بالأداء النطقي في كتب البلاغيين إلى جانب المصطلحات الواردة في كتب التجويد أما مصطلحات
الصرفية والنحوية والدلالية والأسلوبية، فلها مصادرها الكثيرة التي يعتمد عليها العمل المعجمي المتخصص .ب - اتضح أن أكثر الجهود التي بذلت في العصر الحديث بالجامعات العربية اقتصرت على المصطلحات
الأساسية ولم تتجاوزها إلى مصطلحات أكثر عمقا وتخصصا، فما أكثر المصطلحات التي لم توضح لها
مقابلات على الإطلاق . أكثر الباحثين يبدأون من الصفر وينتهون قريبا منه . وقد أدى هذا الموقف إلى تعثر
جهود ترجمة الكتب الأساسية في علوم اللغة، واكتفى من كان يريد الترجمة بأن يقتبس الأفكار البسيطة
في الكتب المترجمة ويتجنب التفصيلات التي لم توضع للتعبير عنها مصطلحات مناسبة . ولن يتقدم
البحث العلمي في اللغة بهذا الرصيد المحدود من المصطلحات الحديثة، ولذلك فمن المفيد أن تقتحم
هذه المشكلة بخطة موحدة لاستكمال الرصيد الحالي من المصطلحات وفي تدوين المصطلحات وفي
تدوين أسماء اللغات وأسماء الباحثين . ويكون التنفيذ على أساس توزيع واضح لمجالات علم اللغة
والمجالات المتصلة به .ج - لم يعد من المفيد النظر الجزئي في المصطلح المفرد بهدف إيجاد المقابل العربي له . فإن الكلمة
الواحدة قد تختار عند النظر في مصطلح ما ثم تختار مرة أخرى عند بحث مصطلح آخر . وبذلك تكون
لمفهومين مختلفين أو أكثر، ولهذا فمن الضروري الإفادة من الفكرة الأساسية في علم المصطلح العام،
والتي نقول بضرورة حصر مصطلحات التخصص الدقيق الواحد ووضع مصطلح لها على النحو الذي يحقق
التخالف المنشود ويوضح العلاقات الدلالية المختلفة بين المصطلحات المنتمية إلى مجال واحد أو إلى
مستويات التحليل .د - تعددت التخصصات الدقيقة في إطار علم اللغة العام وفي إطار علم اللغة العام التطبيقي وفي المجالات
التي تربط علم اللغة بالعلوم الأخرى وما أكثر هذه الفروع، ولهذا فقد يكون من الضروري في هذه المرحلة
التخطيط لحصر المصطلحات في داخل كل تخصص دقيق وإيجاد المقابل العربي لكل منها . وليس من
المفيد أن يتصدى باحث واحد لكل هذه القطاعات والفروع التي يزيد عددها عن عشرين فرعا متخصصا،
وقد آن الأوان للقيام بمشروع طموح لترجمة مصطلحات تتكامل، وتراجع، لتصبح ذات قيمة مرجعية أمام
المتخصصين والمعنيين .
ه - تع دّ المعجمات التي تخلو من التعريفات غير مفيدة للقارئ، فالمعجمات المتخصصة التي تكتفي
بالكلمة ومقابلها تجعل القارئ يحمل في حالات كثيرة دلالة كلمة في لغة ما على كلمة أخرى في لغة
ثانية متوهما أنه فهم المعنى، ولهذا فإن بعض المعجمات الأوروبية المتخصصة في علوم اللغة تذكر
المصطلح بأكثر من لغة مع بيان دقيق للمحتوى، وهي في الواقع معجمات موسوعية متخصصة، ولم يصدر
بالعربية معجم متخصص من هذا النوع لمصطلحات العلوم اللغوية .و - من المفيد أن يستمر العمل التسجيلي لتدوين المصطلحات اللغوية المتخصصة والدوريات الثقافية،
ومنها أيضا تلك المصطلحات التي أصبحت جزء من اللغة العامة . وهذا العمل مختلف عن وضع معجمات
معيارية، وإن كان عمل هذه المعجمات لا يتيسر قبل القيام بالعمل التسجيلي .ز - من الضروري وضع المصطلحات المعيارية موضع التنفيذ في إطار خطة متكاملة لترجمة المؤلفات الأساسية
في علم اللغة إلى العربية، إلى جانب الكتب الأساسية في المجالات المتصلة به وفي مقدمتها : علم اللغة
التطبيقي، وعلم الأسلوب، وعلم اللغة الاجتماعي، وعلم اللغة النفسي، وعلم المصطلح . وفي هذا كله فإن
توسيع قاعدة القراء المعنيين باللغة بحثا وتطبيقا من شأنه أن ينشر هذه المصطلحات الموحدة ويهذب شوائبها
ويصقلها بشكل نهائي .ج - هناك مصطلحات ترد في كتب علم اللغة كما ترد في كتب العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهناك
مصطلحات تصل علم اللغة ببعض العلوم الطبية والفيزياء، وعلم الحاسب الآلي . ومن المفيد هنا أن تكون
الإفادة متبادلة في هذه المجالات، وقد آن الأوان لأن تخطط المؤسسات المعنية بالمصطلحات في الدول
العربية لإنشاء بنك للمصطلحات منعا لتكرار الجهود وحرصا على تكامل التخصصات، ولن يمكن هذا التكامل
إلا إذا تحدث المتخصصون بمصطلحات يفهمونها فيما بينهم ويتحدثون بها مع غيرهم، وحتى لا يجدوا
أنفسهم يعقدون ندوة سنوية في علوم اللغة تناقش فيها قضايا اللغة العربية، وتكون كل بحوثها ومناقشاتها بغير
اللغة العربية، على نحو ما يحدث على سبيل المثال في إحدى جامعات المشرق العربي . وق دم عبد الرحمان الحاج صالح مشروعين علميين يرميان إلى حل جذري لمشكلة المصطلح وهما :1- مشروع تكوين اختصاصيين في علم المصطلحات والترجمة المتخصصة : وقد بي ن أ نّ المقصود من هذا
المشروع هو تكوين اختصاصيين في علم المصطلح، واختصاصيين في علم من علوم اللسان التطبيقية ألا وهو
علم اللغة المطبق على الترجمة وتدريس اللغات وما يتدرج في ذلك من مصطلحات علمية وتقنية وغيرها، وهم
في نفس الوقت خبراء في علم معين تخصصوا في ترجمة النصوص المتعلقة بهذا العلم .2- شمولية البحث شرط لنجاعته : وقد اقترح الحاج صالح شمولية بحثية بطرحه بمشروع الذخيرة اللغوية العربية
يمكن إجماله فيما يأتي :
* المسح الشامل لكل ما يجري استعماله في جميع المؤسسات العلمية كالجامعات، والمعاهد ومراكز البحث
والمصانع، وسائر الأماكن التي يختص فيها التخاطب بلغة فنية معينة، وذلك بإجراء التحريات الميدانية الواسعة،
وتكون هذه التحريات على الشكل الآتي :- إيفاد فوج من الباحثين إلى كل بلد عربي، أو أن تخصص حكومة هذا البلد جماعة من الباحثين للقيام بمهمة
المسح على أن يوزع أفراده على المناطق والمؤسسات المعنية .- تجريد الفوج ك لّ الكتب العلمية والتقنية، والدراسات التي صدرت في السنوات العشر الأخيرة .- استنطاق عدد كبير من الاختصاصين في العلوم أو الفنون، وذلك بملء المستنطقات مكتوبة أو الإجابة عن
أسئلة شفاهية منظمة، وحفظها بأجهزة التسجيل الحديثة .- تغطية أكبر عدد من الناس بواسطة الصحافة المقروءة، أو المسموعة، أو المرئية إضافة إلى وسائل التواصل
الاجتماعية .- تفريغ المعطيات على جذاذات، وتخزينها في ذاكرة الحواسيب .تخزن في ذاكرة الحاسب أهم ما صدر من أمهات الكتب في جميع ميادين المعرفة والفنن وغيرها، ويشترك في
ذلك أكبر عدد ممكن من المؤسسات العلمية