1. تعاريف ومفاهيم
1.1- مصطلح النوع وعلاقته بمفردات الجنس والصنف:
لقد أولى علماء اللغة العرب أهمية خاصة للفروق اللغوية بين المفردات والألفاظ وفي مقدمتهم "أبو الهلال العسكري" الذي وضع كتابا في هذا الشأن، وقدم فروقا لغوية بين مفردات الجنس والنوع والصنف، ويرى أن"الجنس أعم من النوع والصنف" (أبو هلال العسكري، الفروق في اللغة، الدار العربية للكتاب، ط1، طرابلس، 1983، ص 157).
الصنف: الصنف في المنطق الحديث هو "مجموعة من الأشياء أو المعاني تلتقي في مميزاتها بخاصية مشتركة"، وهو كذلك "تقسيم الأشياء أو المعاني وترتيبها في نظام خاص، وعلى أساس معين بحيث تبدو متصلة ببعضها البعض ومنه تصنيف الكائنات وتصنيف العلوم" (يوسف خياط، معجم المصطلحات العلمية والفنية، دار لسان العرب، بيروت، ص 390).
النوع: هو"المعنى المشترك بين كثيرين متفقين بالحقيقة"، والنوع الصحفي من المفردات الأكثر استعمالا في القاموس الإعلامي أثناء الحديث عن الكتابات الصحفية، ويقابله بالنسبة للكتابة الأدبية مصطلح الجنس، وباعتبار أن"الصحافة نشاط فكري إبداعي له خصوصيته، وله قوانينه، وله أساليبه، وطرق إبداعه، وهي كأي نشاط إبداعي لها جانبها المهني والحرفي، لذلك فإن الطابع المهني الحرفي للصحافة حقيقة قائمة وهامة" (أديب خضور، النظرية العامة في الصحافة، سلسلة المكتبة الإعلامية، دمشق، ص 05).
وعند الفلاسفة ذو الجنس أعم من النوع وذلك أن العرب لا تفرق الأشياء كلها فتسميها بذلك وأصحابنا يقولون السواد جنس واللون نوع ويستعملون الجنس في نفس الذات فيقولون التأليف جنس واحد...ويقولون في الأشياء المتماثلة أنها جنس واحد" (أديب خضور، مرجع سابق، ص 138).
وعليه نجد أن النوع مرادفا للصنف، والجنس هو الأعم عند البعض من الباحثين.
2.1- المعنى اللغوي للمصطلح:
- كلمة النوع تقابلها "GENRE" بالفرنسة ونفسها في اللغة الانجليزية.
- تترجم كلمة "GENRE" باللغة الإنجليزية بـ "النتاج الأدبي" (كرم شلبي، معجم المصطلحات الإعلامية: انجليزي- عربي، دار الشروق، ط1، بيروت، 1989، ص 255).
- وتترجم الكلمة نفسها باللغة الفرنسية إلى "نوع، جنس، صنف" (محمود إبراقن، المبرق، منشورات المجلس الأعلى للغة العربية، ط1، الجزائر، 2004، ص 327).
- والصنف في اللغة العربية هو النوع أو الصفة وجمعها أصناف (عزة عجان، المفضل، قاموس عربي، دار هومة، ط1، الجزائر، 2001، ص311)،
وتستخدم مفردات "النوع والجنس والصنف والشكل" للحديث عن شتى أشكال التعبير في الصحافة والأدب، فالأدب يستعمل مصطلح "الأجناس الأدبية" للتعبير عن مختلف أوجه نشاط الإبداع والكتابة الأدبية، والصحافة تلجأ إلى مصطلح الأنواع الصحفية للتعبير عن أصناف الكتابة في الصحافة المكتوبة".
- والأجناس الإعلامية يقصد بها" قوالب عامة فنية تختلف فيما بينها" (عبد العزيز شرف الدين، فن التحرير الإعلامي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998، ص 62).
إن عملية التمييز بين الأجناس الإعلامية حسب الوسيلة الإعلامية تؤدي في النهاية إلى قيام وحدات فنية قد لا تخدم النظرية العامة للأنواع الصحفية، صحيح أن النوع الإعلامي يختلف من وسيلة لأخرى، ولكن هذا الاختلاف مرتبط بجمهور الوسيلة وليس بالقالب الفني الذي تصب فيه المادة الإعلامية، فإذا كانت الصحافة تخاطب قراء لهم القدرة على الاستيعاب أو الاعتماد على تفاسير أخرى تساهم في الاستيعاب، فإن الاختلاف بين هؤلاء القراء يكون في مستوى التعليم والتفكير والتحليل والفهم.
واعتبار الأجناس الإعلامية "صيغا أو قوالب فنية عامة" (روبرت ديمون، صناعة الصحافة، دار العلم، ط1، 1962، ص 19)، مستمد من النقاد الغربيين أمثال بوالو "boileau" وهذا الرأي يستند إلى أن الصحافة في أوروبا كانت تعتبر "مهنة أدبية" والإعداد كان يبدأ في الخبر الأدبي وكثيرا ما كان يقف عنده ولا يتعداه" (عبد العزيز شرف، مصدر سابق، ص 62).
3.1- محاولة تعريف الأنواع الصحفية:
في الحقيقة لا يوجد إجماع على تعريف موحد للأنواع الصحفية، ويوعز "نصر الدين لعياضي" صعوبة وضع تعريف محدد للأنواع الصحفية إلى اختلاف الآراء حول ذلك:
- الخلط الواضح في توظيف المصطلحات والمفاهيم وفي استخدامها في مجال الصحافة خاصة بين مصطلحات "النوع، والجنس والصنف".
- ترسيخ الممارسة أشكالا محددة من الكتابة الصحفية وعممتها فأعطت لهذا النوع الصحفي تسمية معينة بدل من تسمية أخرى مثل الفرنسيون يطلقون اسم الرواقيون "couloiristes" على الصحفيين المكلفون بالنقل المستمر للمناقشات العامة لمجلس النواب.
- يرى البعض بأن الصحافة نشاط حرفي يخضع لتراكمات الممارسة فقط، وليس له ضوابط نظرية، ويرفضون وجود نظرية خاصة بالأنواع الصحفية ويعبرون عنها بصيغة عملية عامة وهي الكتابة الصحفية.
- لا يزال المجهود النظري حول تطور الأنواع الصحفية في مرحلة الصياغة رغم أنه استطاع خلال حقبة تاريخية أن يحدد بعض المتغيرات المتحكمة في اختلاف وتمايز الأنواع الصحفية. (نصر الدين لعياضي، الخطاب الصحفي الاستعماري في ظروف الأزمة، المجلة الجزائرية للاتصال، العدد 3، جامعة الجزائر، 1989، ص 18).
من جهته، يتساءل الدكتور "محمد لعقاب": ما معنى الأنواع الصحفية؟ ويجيب: "بكل بساطة فإن الأنواع الصحفية التي تسمى أيضا الأجناس الصحفية، هي الطرق الفنية أو الأشكال التي يلجأ إليها الصحفي للتعبير عن الواقع ونقله إلى الجمهور المتلقي عبر وسائل الاتصال والإعلام المختلفة، لذلك تسمى في علوم الإعلام والاتصال فنيات التحرير الصحفي أو فن الكتابة الصحفية أو فنيات التعبير" (محمد لعقاب، الصحفي الناجح دليل عملي للطلبة والصحفيين، دار هومة، ط1، الجزائر، 2004، ص 48).
ويمكن أخد تعريف "نصر الدين لعياضي" أفضل تعرف للأنواع الصحفية نظرا لشموليته والذي يرى بأنها "ﺃشكال تعبيرية لها ﺒﻨﻴﺔ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻤﺘﻤﺎﺴﻜﺔ، ﻭﺘﺘﻤﻴﺯ ﺒﻁﺎﺒﻊ الثبات ﻭﺍﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ، ﺘﻌﻜﺱ ﺒﺸﻜل ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻭﻭﺍﻀﺢ ﻭﺴﻬل وتسعى إلى تقديم وتحليل وتفسير الأحداث والظواهر والتطورات مستهدفة بذلك إيصال رسالة محددة للقارئ لتخاطب بها ذهنه ومشاعره قصد ترسيخ قناعة محددة لديه ومن ثم تمكينه من أن بفهم الواقع على ضوء هذه القناعة وبالتالي دفعه لأن يسلك سلوكا في المجتمع يتوافق مع هذه القناعة". (نصر الدين لعياضي، إقترابات نظرية في الأنواع الصحفية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1999، ص 08).
فالأنواع الصحفية هي أشكال أو قوالب يستخدمها الصحفي في عمله، على غرار الخبر الصحفي، التقرير الصحفي، التحقيق الصحفي، الحديث الصحفي، المقال الصحفي، بالإضافة إلى أنواع أخرى كالعمود الصحفي والافتتاحية والبورتري والربورتاج، وهذه الأنواع تعكس الواقع بشكل مباشر وبطريقة واضحة سهلة، غايتها تقديم وصف وتحليل وتفسير للأحداث والظواهر والتطورات في مختلف مجالات الحياة بأسلوب متفاوت في عمقه وشموليته، والهدف هو إيصال رسالة إلى القارئ قصد إمداده بالمعرفة، والمساهمة في تكوين أفكاره، وتوجيه سلوكه نحو الأفضل، وهي تتصف بالاستمرارية، وتقوم بتقديم واقع انتقائي، بمعنى أنها تقوم بعملية انتقاء واختيار للأحداث والتطورات والوقائع على حسب درجة أهميتها وسياقها الاجتماعي والمتلقي الذي تسعى للوصول إليه.
وعليه تبدوا دراسة الأنواع الصحفية لها اهمية بالغة بالنسبة لطلاب تخصص الاعلام والاتصال باعتبارهم مشاريع مستقبلية لان يكونوا صحفيين، وقد أبرز الدكتور نصر الدين لعياضي في دراسة اهمية ورهانات تدريس الأنواع الصحفية، للإطلاع على هاته الدراسة يمكن الدخول إلى الرابط التالي:
http://platform.almanhal.com/Files/?ID=T2-22394-MLA0005243.PDF