2. التنمية الإنسانية المستدامة

لقد تطور مفهوم التنمية مع تطور البعد البشري في الفكر الإقتصادي السائد حيث خلال الخمسينيات اهتم بمسائل الرفاه الإجتماعي لينتقل خلال الستينيات إلى الإهتمام بالتعليم والتدريب ثم خلال السبعينيات إلى التركيز على تخفيف حدة الفقر وتأمين الحاجات الأساسية للبشر غير أنه خلال الثمانينيات نجد إغفال الجانب البشري حيث تم التركيز على سياسة التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي، ومع بداية التسعينيات بادر برنامج الأمم المتحدة إلى إعادة الجــــانب البري فـــــــي التنمية وفي هذا السياق خلال التسعينيات شهد مفهوم التنمية عدة تطورات فقد ظهر مفهوم التنمية البشريــة ليتحول فيما بعد إلى التنمية المستدامة

1-تعريف التنمية الإنسانية المستدامة

 وضعت العديد من التعريفات للتنمية المستدامة وبطرق مختلفة ولكن يستند التعريف الشائع المستخدم على نطاق واسع إلى تقرير '' مستقبلنا المشترك'' الذي نشر أثناء عقد لجنة بروتنلاند  عام 1987 والذي نص بشكل أساسي على '' أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة. أما اللجنة العالمية للتنمية المستدامة فقد عرفتا على أنها '' التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المجازفة بموارد أجيال المستقبل.

      فهذا المفهوم الجديد يهدف إلى تحسين نوعية حياة الإنسان من منطلق العيش في إطار القدرة الإستعابية للبيئة المحيطة أي من منطلق الاهتمام بالبيئة الذي هو الأساس الصلب لتنمية بجميع جوانبها ويجسد العلاقة بين النشاط الاقتصادي واستخدامه للموارد الطبيعية في العملية الإنتاجية عن طريق الرشادة البيئية التي تقوم على استدامة وسلامة الموارد الطبيعية

2-أبعاد التنمية المستدامة:

التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق التوافق والتكامل بين البيئة والتنمية من خلال ثلاثة أنظمة أو ركاز أو أبعاد هي  نظام حيوي للموارد، نظام اقتصادي و نظام اجتماعي.

-البعد البيئي للتنمية المستدامة: ويقوم على مايلي:

*المحافظة على الأراضي الزراعية من التوسيع العمراني، التصحر، الانجراف، ولا يتأتى ذلك إلا بالمحافظة على الغطاء النباتي والغابات من خلالا عدم الإفراد في استخدام المبيدات.

*المحافظة على المياه السطحية والجوفية وموارد المياه العذبة بما يضمن إمداد كاف ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية.

*حماية المناخ من الاحتباس الحراري بما يكفل عدم تغير أنماط سقوط الأمطار والغطاء النباتي وزيادة سطح البحر وزيادة الأشعة فوق البنفسجية هذا بغرض زيادة فرص الأجيال المقبلة للمحافظة على استقرار المناخ والنظم الجغرافية والبيولوجية والفيزيائية

البعد الإقتصادي للتنمية المستدامة: يعني القدرة على تحقيق معادلة التوازن بين الاستهلال والإنتاج لتحقيق التنمية المنشودة التي تهدف إلى تحسين المستمر من نوعية الحياة، القضاء على الفقر بين فئات المجتمع و المشاركة العادلة في تحقيق المكاسب المتنوعة للجميع، وتحسين إنتاجية الفقراء وتبني أنماط إنتاجية وإستهلاكية مستحدثة والإنشباط في الأساليب والسلوكيات الحياتية.  

كتغير أسلوب الإنتاج بتغير مدخلاته (المصادر الطبيعية ) حيث تعتبر المدخلات احد الإصلاحات الأساسية المطلوبة لإدراج حامية النظام الطبيعي ضمن الاقتصاد الكلي مثل التحول من استخدام الوقود الأحفوري ( النفط) إلى استخدام الطاقات المتجددة.

البعد الإجتماعي للتنمية المستدامة: يشير هذا البعد على العلاقة الموجودة بين الطبيعة والبشر وغلى النهوض برفاهة الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية والوفاء بالحد الأدنى من معايير الأمن واحترام حقوق الإنسان.

فالتنمية المستدامة تعتمد على مشاركة جميع الأفراد المجتمع لذلك يمكن القول بأنها تنمية الناس من اجل الناس وبواسطة الناس كما وسبق القول عند الحديث عن تعريف التنمية البشرية .

التنمية المستدامة تعالج الإنصاف داخل الجيل الواحد ومابين الأجيال مما يمكن الأجيال الحاضرة والمقبلة من توظيف قدراتها الممكنة أفضل توظيف مع مراعاة عدم تجاهل التوزيع الفعلي للفرص إذا يكون من الغريب الانشغال البالغ برفاه الأجيال المقبلة بينما نتجاهل محنة الفقراء الموجودين