ماهية البيئة والتنمية والتنمية المستدامة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: قانون البيئة والتنمية المستدامة
Livre: ماهية البيئة والتنمية والتنمية المستدامة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 29 April 2024, 15:16

Description

تتكون البيئة من عنصرين أساسيين إحداهما طبيعي والآخر بشري، في حين ترتكز التنمية المستدامة على ثلاثة أبعاد هي البعد البيئي، البعد الإقتصادي والبعد الإجتماعي 

1. تعريف البيئة

تباين الباحثون والقانونيون في وضع تعريف محدد ودقيق للبيئة على اختلاف تخصصاتهم وتشريعاتهم

-التعريف الاصطلاحي للبيئة: تباين الباحثون فيما بينهم حول وضع تعريف محدد ومفهوم يتفق عليه الجميع كمصطلح علمي وعملي لذلك يذهب البعض إلى القول بأن اصطلاح البيئة لا يوجد أحد لا يعرفه من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه ليس من السهولة إعطاء تعريف محدد له

     يرى البعض من الفقه أنّ البيئة هي "المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية ومنشآت أقامها لإشباع حاجاته''. والبعض الآخر يرى بأن البيئة هي "مجموعة العوامل الحيوية وغير الحيوية التي تؤثر بالفعل على الكائن الحي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أي فترة من فترات حياته، ويقصد بالعوامل الحيوية جميع الكائنات الحية (المرئية وغير مرئية) الموجودة في الأوساط المختلفة، والعوامل غير الحيوية (ماء، هواء، تربة، شمس ...)

وعلى هذا الأساس تحتوي البيئة وفقا لهذه المفاهيم على عنصرين أساسيين هما:

العنصر الطبيعي: هو العنصر الذي يكون من صنع الخالق، يتطلب المحافظة عليه لاستمرارية الحياة وقوامه الماء، الهواء، الفضاء، التربة وما عليها من كائنات وغير ذلك.

العنصر البشري: هو العنصر الذي من صنع الإنسان في البيئة الطبيعية من مرافق ومنشآت وإستغلال للموارد الطبيعية من أجل إشباع الحاجيات، مع أنّه يجب أن تتلاءم مع اعتبارات حماية البيئة والتنمية المستدامة

2-التعريف القانوني للبيئة: وجود اتجاهين بصدد تعريف البيئة: فالاتجاه الأول: (الاتجاه الضيق) في هذا المنحى نجد أن المشرع عند تحديده لمعنى البيئة يقصرها على العناصر الطبيعية المكونة للوسط الطبيعي التي تخرج عن تدخل الإنسان في وجودها كالماء، الهواء، التربة. وهذا الإتجاه تسلكه بعض التشريعات فقط، كالتشريع الفرنسي المتعلق بالمنشآت المصنفة من أجل حماية البيئة طبقا للقانون الصادر في 19 يونيو 1976، فحسب هذا القانون البيئة تقتصر على الطبيعة فقط دون أن تمتد إلى العناصر الأخرى

أما الإتجاه الثاني: )الاتجاه الموسع) رؤية المشرع في هذا الإتجاه للبيئة وتحديد معناه يكون بشكل موسع فهو يعترف بالبيئة الطبيعية والبيئة المشيدة ، وهو اتجاه غالبية التشريعات

فالمشرع الجزائري: بالرجوع إلى المادة 4 من القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة عرف البيئة بأنه "تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء، الجو، الماء، الأرض، باطن الأرض، النبات، والحيوان بما في ذلك التراث الوراثي، وأشكال التفاعل بين هذه المواد، وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية".

    فالقراءة السطحية للمادة تجعلنا نحكم على المشرع الجزائري بأنه انتهج المنهج الضيق في تعريفه للبيئة، وهو نفس المنهج الذي انتهجه المشرع الفرنسي في المادة الأولى من القانون 10/07/1976 المتعلقة بحماية الطبيعة بقولها "البيئة مجموعة من العناصر التي تتمثل في الطبيعة، الفصائل الحيوانية النباتية، الهواء، الأرض، الثروة المنجمية، والمظاهر الطبيعية المختلفة".

    فالمشرع الجزائري اكتفى بحصر العناصر الطبيعية المكونة للبيئة دون العناصر التي يتدخل الإنسان في تشييدها. لكن المتمعن في المصطلح الذي أورده المشرع في نفس المادة "التراث الوراثي" يجعلنا نتساءل حول ما هو قصد المشرع من مصطلح التراث الوراثي؟ فكلمة التراث الوراثي يعني بمفهومها البسيط ما خلفته الأجيال السابقة للأجيال الحاضرة، لكن أي تراث مورث قصده المشرع، هل هو التراث الشعبي من عادات وتقاليد وأمثال؟ أم هو التراث الثقافي المادي "الآثار المشيدة"؟.لذلك كان على المشرع الجزائري أن يضبط هذا المصطلح بالتراث الثقافي، والذي يقصد به التراث المادي واللامادي للنشاط الإنساني. فالمشرع الجزائري بهذا المنحى يوسع من مفهوم ومدلول البيئة، ويتجاوز بذلك وجود التناقض بين هذه المادة وغيرها من النصوص القانونية الأخرى التي تهدف إلى حماية العناصر الطبيعية والاصطناعية على حد سواء، وما جاءت به الفقرة 8، 9 من المادة 04  ويتجانس مع مفهوم المنشأة المصنفة ومقتضيات الحماية الواردة في المادة 18 من نفس القانون. ويساير المنهج الذي أخذ به المشرع المصري في تحديده لمعنى البيئة، إلا أنّ المشرع المصري كان أكثر دقة ووضوح. 

    لذلك ما يمكن قوله أن تعريف البيئة في المجال القانوني يأخذ في الإعتبار العناصر التي تشملها هذه الأخيرة، والتي تكون كقيمة اجتماعية في ذهن رجل الشارع، وفي وجدان المشرع والتي عبر عنها بوجوب حمايتها قانونيا، سواء تمثلت هذه الحماية من خلال قوانين خاصة تحضر النيل من هذه العناصر وتقرير الجزاء بشأنها، أو من خلال نصوص القانون العام للمسؤولية التي توجب الامتناع عن إتيان أي فعل من شأنه الأضرار بقيمة يسعى النظام القانوني للحفاظ عليها، وعلى ضوء ذلك يمكن تعريف البيئة بأنها ذلك الإطار الطبيعي الذي يستوعب الإنسان والحيوان والنبات والعوامل الطبيعية للمحافظة على هذه الكائنات وعناصر تقدمها والمحافظة عليها من خلال توازن بينها  نحو حياة أفضل وبقاء لها، والتي تحرص النظم القانونية على الحفاظ عليها

ب-عناصر البيئة: تتكون البيئة من عنصرين

1-العناصر الطبيعية:

الماء: هو من أهم العناصر البيئية فأهميته القصوى تتجلى في أنه مرادف للحياة، فهو مكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين، يوجد في الأرض على ثلاث حالات سائلة، غازية، صلبة ومن خصائصه أنه شفاف لا لون له ولا طعم ولا رائحة له وهذا أمر مهم في تحديد ما إذا كان قد تعرض لفعل التلوث أم هي حالات تغير أحد هذه الخصائص.

الهواء: هو مجموع الغازات التي تشكل المجال الحيوي للأرض ويحيط بالأرض غلى ارتفاع 880 كلم حيث توجد في الغلاف الجوي 4 طبقات مختلفة السمك، ويتكون الهواء من 78% غاز نيتروجين و21% أكسجين وبعض الغازات منها ثاني أكسيد الكربون.

التربة: هي الطبقة السطحية التي تغطي القشرة الأرضية تتكون مواد صخرية ومفتتة كما أن باطن الأرض هو محل حماية قانونية لأن له دور في الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظام الايكولوجي والحفاظ على الطاقات غير المتجددة.

الحيوان: والتي لها أهمية قصوى من الناحية الاقتصادية هي عبارة عن أموال، ومن الناحية الغذائية هو عنصر مغذي ومن ناحية ايكولوجية يساهم في التنوع البيولوجي.

النبات: هو الآخر عنصر مهم في المحافظة على التوازن الايكولوجي.

2-عناصر البيئة المنشأة:

العمران والمنشآت: المبنى والبناء هو ما يشمل مكان به بناء مثل: المنزل، المسجد، فندق  فإضافة هذا الماكن إلى البيئة يجب أن يكون وفق شروط ملائمة يراعى منها النسق البيئي بحيث لا يساهم في التدهور البيئي.

الآثار: "من الأعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني والعناصر أو التكوين ذات الصفة الأثرية والنقوش والكهوف ومجموعة المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم" عرفت اتفاقية باريس سنة 1976 لحماية الآثار في المادة 1.  

2. التنمية الإنسانية المستدامة

لقد تطور مفهوم التنمية مع تطور البعد البشري في الفكر الإقتصادي السائد حيث خلال الخمسينيات اهتم بمسائل الرفاه الإجتماعي لينتقل خلال الستينيات إلى الإهتمام بالتعليم والتدريب ثم خلال السبعينيات إلى التركيز على تخفيف حدة الفقر وتأمين الحاجات الأساسية للبشر غير أنه خلال الثمانينيات نجد إغفال الجانب البشري حيث تم التركيز على سياسة التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي، ومع بداية التسعينيات بادر برنامج الأمم المتحدة إلى إعادة الجــــانب البري فـــــــي التنمية وفي هذا السياق خلال التسعينيات شهد مفهوم التنمية عدة تطورات فقد ظهر مفهوم التنمية البشريــة ليتحول فيما بعد إلى التنمية المستدامة

1-تعريف التنمية الإنسانية المستدامة

 وضعت العديد من التعريفات للتنمية المستدامة وبطرق مختلفة ولكن يستند التعريف الشائع المستخدم على نطاق واسع إلى تقرير '' مستقبلنا المشترك'' الذي نشر أثناء عقد لجنة بروتنلاند  عام 1987 والذي نص بشكل أساسي على '' أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة. أما اللجنة العالمية للتنمية المستدامة فقد عرفتا على أنها '' التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المجازفة بموارد أجيال المستقبل.

      فهذا المفهوم الجديد يهدف إلى تحسين نوعية حياة الإنسان من منطلق العيش في إطار القدرة الإستعابية للبيئة المحيطة أي من منطلق الاهتمام بالبيئة الذي هو الأساس الصلب لتنمية بجميع جوانبها ويجسد العلاقة بين النشاط الاقتصادي واستخدامه للموارد الطبيعية في العملية الإنتاجية عن طريق الرشادة البيئية التي تقوم على استدامة وسلامة الموارد الطبيعية

2-أبعاد التنمية المستدامة:

التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق التوافق والتكامل بين البيئة والتنمية من خلال ثلاثة أنظمة أو ركاز أو أبعاد هي  نظام حيوي للموارد، نظام اقتصادي و نظام اجتماعي.

-البعد البيئي للتنمية المستدامة: ويقوم على مايلي:

*المحافظة على الأراضي الزراعية من التوسيع العمراني، التصحر، الانجراف، ولا يتأتى ذلك إلا بالمحافظة على الغطاء النباتي والغابات من خلالا عدم الإفراد في استخدام المبيدات.

*المحافظة على المياه السطحية والجوفية وموارد المياه العذبة بما يضمن إمداد كاف ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية.

*حماية المناخ من الاحتباس الحراري بما يكفل عدم تغير أنماط سقوط الأمطار والغطاء النباتي وزيادة سطح البحر وزيادة الأشعة فوق البنفسجية هذا بغرض زيادة فرص الأجيال المقبلة للمحافظة على استقرار المناخ والنظم الجغرافية والبيولوجية والفيزيائية

البعد الإقتصادي للتنمية المستدامة: يعني القدرة على تحقيق معادلة التوازن بين الاستهلال والإنتاج لتحقيق التنمية المنشودة التي تهدف إلى تحسين المستمر من نوعية الحياة، القضاء على الفقر بين فئات المجتمع و المشاركة العادلة في تحقيق المكاسب المتنوعة للجميع، وتحسين إنتاجية الفقراء وتبني أنماط إنتاجية وإستهلاكية مستحدثة والإنشباط في الأساليب والسلوكيات الحياتية.  

كتغير أسلوب الإنتاج بتغير مدخلاته (المصادر الطبيعية ) حيث تعتبر المدخلات احد الإصلاحات الأساسية المطلوبة لإدراج حامية النظام الطبيعي ضمن الاقتصاد الكلي مثل التحول من استخدام الوقود الأحفوري ( النفط) إلى استخدام الطاقات المتجددة.

البعد الإجتماعي للتنمية المستدامة: يشير هذا البعد على العلاقة الموجودة بين الطبيعة والبشر وغلى النهوض برفاهة الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية والوفاء بالحد الأدنى من معايير الأمن واحترام حقوق الإنسان.

فالتنمية المستدامة تعتمد على مشاركة جميع الأفراد المجتمع لذلك يمكن القول بأنها تنمية الناس من اجل الناس وبواسطة الناس كما وسبق القول عند الحديث عن تعريف التنمية البشرية .

التنمية المستدامة تعالج الإنصاف داخل الجيل الواحد ومابين الأجيال مما يمكن الأجيال الحاضرة والمقبلة من توظيف قدراتها الممكنة أفضل توظيف مع مراعاة عدم تجاهل التوزيع الفعلي للفرص إذا يكون من الغريب الانشغال البالغ برفاه الأجيال المقبلة بينما نتجاهل محنة الفقراء الموجودين