أ- التلوث:

    التلوث مشكلة بيئية برزت بوضوح بمجيء عصر الثورة الصناعية، وقد حظيت بالدراسة والإهتمام لأن آثارها الضارة شملت الإنسان نفسه وممتلكاته، كما أخلت بالكثير من الأنظمة البيئية، فالتلوث يعتبر الوريث الذي حل محل المجاعات والأوبئة بحكم خطورته، وأذاه الذي أدّى إلى حالة تعرف "بالتمزق البيئي"، فطغى التلوث على كل القضايا البيئية حتى رسخ في أذهان الكثيرين أنه المشكلة الوحيدة، وفي مكافحته يستقيم الحال

    فيعرف التلوث على "أنه إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته، مما يؤدّي إلى ظهور بعض الموارد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي، ويؤدّي إلى اختلاله." وفي المعاجم المتخصصة في الاصطلاحات البيئية، يعرّف التلوث بأنه "أي إفساد مباشر للخصائص العضوية أو الحرارية أو البيولوجية والإشعاعية لأي جزء من البيئة، مثلا بتفريغ أو إطلاق أو إيداع نفايات أو مواد من شأنها التأثير على الاستعمال المفيد، أو بمعنى آخر، تسبب وضعا يكون ضارا أو يحتمل الإضرار بالصحة العامة أو سلامة الحيوانات والطيور والحشرات والسمك والموارد الحية والنباتات". أما المشرع الجزائري فقد عرف التلوث في المادة 04 من قانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة كما يلي: "التلوث هو كل تغير مباشر أو غير مباشر للبيئة، يتسبب فيه كل فعل يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة وسلامة الإنسان والنبات والحيوان والهواء والجو والماء والأرض والممتلكات الجماعية والفردية".

المدلول القانوني للتلوث ينبغي أن يحتوي على مكونات تعد أساسية له وهي:

-إدخال مواد ملوثة في الوسط البيئي: حيث يترتب على إدخال هذه المواد أو العوامل الملوثة اختلال التوازن الإلاهي القائم بين مكونات الوسط البيئي، ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى عوامل فيزيائية مثل: الضوضاء، الحرارة، الإشعاعات الذرية، وعوامل كيمياوية مثل: الكربون، الكبريت، الغازات المنبعثة من المصانع ...الخ.

حدوث تغيير بيئي يسبب ضرر بالبيئة: لا يعتبر إدخال الملوثات إلى الوسط البيئي تلوثا، بل لا بد من أن يحدث تغير في أحد الأوساط البيئية، وهو ما عبر عنه المشرع الجزائري بقوله: "كل تغير مباشر أو غير مباشر للبيئة، كما أنه ليس مجرد التغير كافي للحكم بالتلوث بل لابد من أن تحدث تلك المواد الملوثة تغير مضر بالإنسان والبيئة الطبيعية على حد سواء، وهو ما عبر عنه المشرع الجزائري بقوله "مضرة بالصحة وسلامة الإنسان والنبات والحيوان، وعناصر البيئة من ماء، هواء، أرض

-أن يكون التلوث بفعل شخص قانوني:  يستوي في ذلك أن يكون شخصا طبيعيا (الإنسان) أو شخص معنوي (كالمنشأة المصنفة، مصنع، شركات...الخ) ولما كان الشخص يحتاج دائما إلى شخص طبيعي يمثله، فإنه يمكن القول أنه غالبا ما يكون فعل الإدخال للملوثات عن طريق شخص طبيعي يمثله  ويمتلك إرادة الفعل الذي يؤدي إلى التلوث كقيام مستغل المنشأة المصنفة أو أحد العمال بهذا الفعل.

ب- استنزاف الموارد البيئية: يقصد به التقليل من قيمة الموارد أو اختفائه من أداء دوره العادي في شبكة الحياة والغذاء، ولا تكمن خطورة استنزاف الموارد عند حد اختفائه أو التقليل من قيمته وإنما الأخطر من كل هذا تأثير الاستنزاف على توازن النظام البيئي.

وهذا الاستنزاف يمس الموارد المتجددة، فبالنسبة للموارد المتجددة وهي الموارد التي لا يفنى رصيدها بمجرد الاستخدام بل إن هذا الرصيد قابل للانتفاع به مرات ولعصور زمنية طويلة إذا أحسن استغلاله غير أن الإنسان سعى جاهدا لاستنزاف ما يمكنه الحصول عليه من موارد متجددة سواء الحيوانية أو الأحياء النباتية، حيث تشير الدراسات إلى انقراض حوالي مليون كائن حي حيواني مع نهاية القرن 20، أما الموارد غير المتجددة: هي الموارد البيئية ذات المخزون المحدود فتتعرض للنضوب لأن معدل استهلاكها يفوق معدل نضوبها أو أن عملية تعويضها بطيئة جدا لا يدركها الإنسان في عمره القصير ومنها النفط، الغاز الطبيعي، الفحم والمعادن.

ج- ارتفاع حرارة الأرض: يتوقع بعض العلماء ارتفاع درجة حرارة العالم بحلول منتصف القرن 21 على سطح الكرة الأرضية بمقدار 1.5 إلى 4.5 درجة مئوية سيؤدي إلى إرتفاع مستوى سطح البحر والمحيطات بمقدار 0.5 إلى 2 متر أو أكثر حال تمدد المياه في المحيطات نتيجة تدمير المدن الساحلية والهجرة العشوائية للسكان والإخلال البيئي في العديد من النظم البيئية المائية واليابسة مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي والحيواني العالمي وخلق العشرات من اللاجئين البيئيين الجدد في العالم.

د- تدمير الغابات: تعد الغابات أكثر المنظومات البيئية انتشارا على البيئة البرية من الأرض وهي تغطي 50% من إجمالي مساحة اليابسة إلا أن الدراسات قد أكدت على أن إزالة الغابات قد ارتفعت مما أدى إلى اختفاء 15% من الغابات الاستوائية عام 2000، حيث يعتبر تدهور الغطاء النباتي في مناطق الغابات من أكثر أشكال التصحر في المناطق الرطبة وشبه الجافة.

حيث تلجأ الدول إلى إزالة الغابات لأغراض كثيرة أهمها الزراعة، الحصول على الأخشاب وحطب للوقود.

    وقد يرجع السبب الرئيسي لإزالة الغابات هو فقر الشعوب التي تعيش داخليا ويؤدي إزالة الغابات إلى تعرضها للإصابة بالأمراض والأوبئة والتلوث والانجراف الحاد للتربة كما يسهم حرق الغابات في انبعاثات CO2 الذي  يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة العالم.

Modifié le: Wednesday 19 April 2017, 17:51