1. تعريف البيئة

تباين الباحثون والقانونيون في وضع تعريف محدد ودقيق للبيئة على اختلاف تخصصاتهم وتشريعاتهم

-التعريف الاصطلاحي للبيئة: تباين الباحثون فيما بينهم حول وضع تعريف محدد ومفهوم يتفق عليه الجميع كمصطلح علمي وعملي لذلك يذهب البعض إلى القول بأن اصطلاح البيئة لا يوجد أحد لا يعرفه من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه ليس من السهولة إعطاء تعريف محدد له

     يرى البعض من الفقه أنّ البيئة هي "المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية ومنشآت أقامها لإشباع حاجاته''. والبعض الآخر يرى بأن البيئة هي "مجموعة العوامل الحيوية وغير الحيوية التي تؤثر بالفعل على الكائن الحي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أي فترة من فترات حياته، ويقصد بالعوامل الحيوية جميع الكائنات الحية (المرئية وغير مرئية) الموجودة في الأوساط المختلفة، والعوامل غير الحيوية (ماء، هواء، تربة، شمس ...)

وعلى هذا الأساس تحتوي البيئة وفقا لهذه المفاهيم على عنصرين أساسيين هما:

العنصر الطبيعي: هو العنصر الذي يكون من صنع الخالق، يتطلب المحافظة عليه لاستمرارية الحياة وقوامه الماء، الهواء، الفضاء، التربة وما عليها من كائنات وغير ذلك.

العنصر البشري: هو العنصر الذي من صنع الإنسان في البيئة الطبيعية من مرافق ومنشآت وإستغلال للموارد الطبيعية من أجل إشباع الحاجيات، مع أنّه يجب أن تتلاءم مع اعتبارات حماية البيئة والتنمية المستدامة

2-التعريف القانوني للبيئة: وجود اتجاهين بصدد تعريف البيئة: فالاتجاه الأول: (الاتجاه الضيق) في هذا المنحى نجد أن المشرع عند تحديده لمعنى البيئة يقصرها على العناصر الطبيعية المكونة للوسط الطبيعي التي تخرج عن تدخل الإنسان في وجودها كالماء، الهواء، التربة. وهذا الإتجاه تسلكه بعض التشريعات فقط، كالتشريع الفرنسي المتعلق بالمنشآت المصنفة من أجل حماية البيئة طبقا للقانون الصادر في 19 يونيو 1976، فحسب هذا القانون البيئة تقتصر على الطبيعة فقط دون أن تمتد إلى العناصر الأخرى

أما الإتجاه الثاني: )الاتجاه الموسع) رؤية المشرع في هذا الإتجاه للبيئة وتحديد معناه يكون بشكل موسع فهو يعترف بالبيئة الطبيعية والبيئة المشيدة ، وهو اتجاه غالبية التشريعات

فالمشرع الجزائري: بالرجوع إلى المادة 4 من القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة عرف البيئة بأنه "تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء، الجو، الماء، الأرض، باطن الأرض، النبات، والحيوان بما في ذلك التراث الوراثي، وأشكال التفاعل بين هذه المواد، وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية".

    فالقراءة السطحية للمادة تجعلنا نحكم على المشرع الجزائري بأنه انتهج المنهج الضيق في تعريفه للبيئة، وهو نفس المنهج الذي انتهجه المشرع الفرنسي في المادة الأولى من القانون 10/07/1976 المتعلقة بحماية الطبيعة بقولها "البيئة مجموعة من العناصر التي تتمثل في الطبيعة، الفصائل الحيوانية النباتية، الهواء، الأرض، الثروة المنجمية، والمظاهر الطبيعية المختلفة".

    فالمشرع الجزائري اكتفى بحصر العناصر الطبيعية المكونة للبيئة دون العناصر التي يتدخل الإنسان في تشييدها. لكن المتمعن في المصطلح الذي أورده المشرع في نفس المادة "التراث الوراثي" يجعلنا نتساءل حول ما هو قصد المشرع من مصطلح التراث الوراثي؟ فكلمة التراث الوراثي يعني بمفهومها البسيط ما خلفته الأجيال السابقة للأجيال الحاضرة، لكن أي تراث مورث قصده المشرع، هل هو التراث الشعبي من عادات وتقاليد وأمثال؟ أم هو التراث الثقافي المادي "الآثار المشيدة"؟.لذلك كان على المشرع الجزائري أن يضبط هذا المصطلح بالتراث الثقافي، والذي يقصد به التراث المادي واللامادي للنشاط الإنساني. فالمشرع الجزائري بهذا المنحى يوسع من مفهوم ومدلول البيئة، ويتجاوز بذلك وجود التناقض بين هذه المادة وغيرها من النصوص القانونية الأخرى التي تهدف إلى حماية العناصر الطبيعية والاصطناعية على حد سواء، وما جاءت به الفقرة 8، 9 من المادة 04  ويتجانس مع مفهوم المنشأة المصنفة ومقتضيات الحماية الواردة في المادة 18 من نفس القانون. ويساير المنهج الذي أخذ به المشرع المصري في تحديده لمعنى البيئة، إلا أنّ المشرع المصري كان أكثر دقة ووضوح. 

    لذلك ما يمكن قوله أن تعريف البيئة في المجال القانوني يأخذ في الإعتبار العناصر التي تشملها هذه الأخيرة، والتي تكون كقيمة اجتماعية في ذهن رجل الشارع، وفي وجدان المشرع والتي عبر عنها بوجوب حمايتها قانونيا، سواء تمثلت هذه الحماية من خلال قوانين خاصة تحضر النيل من هذه العناصر وتقرير الجزاء بشأنها، أو من خلال نصوص القانون العام للمسؤولية التي توجب الامتناع عن إتيان أي فعل من شأنه الأضرار بقيمة يسعى النظام القانوني للحفاظ عليها، وعلى ضوء ذلك يمكن تعريف البيئة بأنها ذلك الإطار الطبيعي الذي يستوعب الإنسان والحيوان والنبات والعوامل الطبيعية للمحافظة على هذه الكائنات وعناصر تقدمها والمحافظة عليها من خلال توازن بينها  نحو حياة أفضل وبقاء لها، والتي تحرص النظم القانونية على الحفاظ عليها

ب-عناصر البيئة: تتكون البيئة من عنصرين

1-العناصر الطبيعية:

الماء: هو من أهم العناصر البيئية فأهميته القصوى تتجلى في أنه مرادف للحياة، فهو مكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين، يوجد في الأرض على ثلاث حالات سائلة، غازية، صلبة ومن خصائصه أنه شفاف لا لون له ولا طعم ولا رائحة له وهذا أمر مهم في تحديد ما إذا كان قد تعرض لفعل التلوث أم هي حالات تغير أحد هذه الخصائص.

الهواء: هو مجموع الغازات التي تشكل المجال الحيوي للأرض ويحيط بالأرض غلى ارتفاع 880 كلم حيث توجد في الغلاف الجوي 4 طبقات مختلفة السمك، ويتكون الهواء من 78% غاز نيتروجين و21% أكسجين وبعض الغازات منها ثاني أكسيد الكربون.

التربة: هي الطبقة السطحية التي تغطي القشرة الأرضية تتكون مواد صخرية ومفتتة كما أن باطن الأرض هو محل حماية قانونية لأن له دور في الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظام الايكولوجي والحفاظ على الطاقات غير المتجددة.

الحيوان: والتي لها أهمية قصوى من الناحية الاقتصادية هي عبارة عن أموال، ومن الناحية الغذائية هو عنصر مغذي ومن ناحية ايكولوجية يساهم في التنوع البيولوجي.

النبات: هو الآخر عنصر مهم في المحافظة على التوازن الايكولوجي.

2-عناصر البيئة المنشأة:

العمران والمنشآت: المبنى والبناء هو ما يشمل مكان به بناء مثل: المنزل، المسجد، فندق  فإضافة هذا الماكن إلى البيئة يجب أن يكون وفق شروط ملائمة يراعى منها النسق البيئي بحيث لا يساهم في التدهور البيئي.

الآثار: "من الأعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني والعناصر أو التكوين ذات الصفة الأثرية والنقوش والكهوف ومجموعة المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم" عرفت اتفاقية باريس سنة 1976 لحماية الآثار في المادة 1.