3. مميزات المشكلة الجيدة

مميزات المشكلة الجيدة:

كل مشروع بحث يبتدئ بسؤال وهذا السؤال يُعبر عن اهتمامات الباحث و على ما يريده هذا الأخير فيما يخص محاولة فهم الظاهرة المعنية بالأمر، ولهذا يُعتبر السؤال كآلة أو كأداة مُسّيرة  يقود ويوجه الباحث في خطواته نحو إيجاد حل لهذه الظاهرة المدروسة. فما هي في الواقع إلا عنصرا موجها يقود الباحث نحو وضع خطة لإيجاد حل لهذه الظاهرة.

بما أن هذا السؤال مهم جدا فيتميز بصفات أساسية ومنها:

 الجدة والأصالة :

من الضروري أن تهتم المشكلة بجانب لم تتطرق إليه من قبل بحوث أخرى لأن من خصائص المشكلة الجيدة الجدة والأصالة أي على الباحث أن يميز بحثه عن البحوث الأخرى.

يجب على الباحث أن لا يُضيع وقته في دراسة مشكلة قد وُجد لها حل من قبل من خلال بحوث أخرى وتجنب هذا التكرار يستلزم على الباحث مطالعة عميقة وثقافة علمية في الميدان المختص به.

 الوضوح :

يجب على السؤال أن يكون واضحا ويتميز بالدقة في صياغته، وطرح المشكل عن طريق سؤال ُمحدد يستلزم بالضرورة جواب دقيق. واجتناب الغموض والالتباس في المصطلحات المستعملة في صياغة السؤال يكون ممكن عن طريق تحديد وتعريف المصطلحات والمفاهيم حتى تصبح واضحة إجرائية قابلة للقياس باستعمال طريقة المحكمين (Les juges). هذه الوسيلة البسيطة تحتوي على استعمال مجموعة من الحكام وطرح السؤال على هذه المجموعة بدون تعليق والمطلوب من كل واحد منهم إعطاء تفسير لهذا السؤال. و يمكن اعتبار هذا السؤال دقيقا و بالتالي مقبولا إذا كانت كل هذه التفسيرات تُقارب converger  تفسيرات الباحث. وكلما كانت هذه الأسئلة دقيقة كلما حقق الباحث خطوة معتبرة في سعيه إلى تحقيق هدفه بكل جدية.

الواقعية:  

يجب على هذا السؤال أن يتميز بالواقعية أي قابل للإنجاز، حينما يطرح الباحث سؤالا يجب أن يتأكد بأن معلوماته وقدراته وأيضا إمكانياته الزمنية والمادية تسمح له بالقيام بهذا البحث وإنجازه في الوقت المطلوب.

إن المنظمات ذات المخابر العلمية والوسائل المادية والبشرية المتعددة التخصصات هي القادرة بالقيام بتجارب بمعنى الكلمة لأنها تملك الإمكانيات المعتبرة لتحقيق طموحاتها.

ولهذا فأي بحثٍ في أي ميدان يكاد أن يكون ممكنا ومعقولا بالنسبة لهذه المراكز ذات الإمكانيات المادية والبشرية الضخمة ولكن هذا غير ممكن بالنسبة لباحث منفرد بإمكاناته البسيطة.

مثلا: دراسة مقارنة فيما يخص مرد ودية التعليم في البلدان الصناعية والنامية والبحث عن أسباب الاختلاف.

لذلك يجب على الباحث الجامعي المنفرد بمستوى اللسانس والماجستير أو الدكتوراه أن يختار مشكلة قابلة للإنجاز معقولة بالنسبة لإمكانيته الشخصية بما فيها من قدرات علمية، مادية و(ظرفية) زمنية ضرورية لإعداد هذا البحث. لا يمكن لباحث منفرد أن يقوم بدراسة ظاهرة الجنوح في المغرب العربي مثلا.  

  النجاعة:

يجب على هذا السؤال أن يتصف بالنجاعة، أي أن يكون مهم نافع ومفيد ويضيف معلومات جديدة

للمعرفة بصفة عامة ويسمح بفهم الظاهرة المعنية بالأمر وإيجاد حل لها.

 وبالتالي يجب على الباحث أن يتجنب الأسئلة ذات الطابع الأخلاقي الفلسفي والميتافيزيقي التي هي من اختصاص رجال الدين والفلاسفة وليست مجالا للبحث العلمي التربوي الذي يهتم أكثر بالهياكل، البرامج، التكوين والتقييم ويهمل أهداف التربية.

 والهدف منه هو تفسير الظواهر وليست الحكم عليها أو التفلسف فيها.