مفهوم الاشكالية
الموقع: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
المقرر: | منهجية وتقنيات البحث |
كتاب: | مفهوم الاشكالية |
طبع بواسطة: | Visiteur anonyme |
التاريخ: | Friday، 22 November 2024، 9:03 AM |
الوصف
تتضمن هذه المحاضرة مفهوم الاشكالية ومصادرها بالاضافة الى كيفية طرح الاشكالية ومميزات الأشكالية الجيدة
1. مفهوم مشكلة البحث
مفهوم مشكلة البحث :
تعرف مشكلة البحث بأنها عبارة عن موضوع غامض وإنها ظاهرة تحتاج إلى التفسير والوضوح وإبراز الحقائق. وصرح جون ديوي بأن المشكلة تنبع من الشعور بصعوبة ما، شيء يحير الفرد ويُقلقه ولا يرتاح الباحث إلا إذا تعرف بدقة على هذه الظاهرة ووجد بعض الوسائل لحلها.
إن المشكلة تدفع الباحث إلى التفكير ولا ينتهي من هذه العملية إلا بانتهاء إعداد هذا البحث والوصول إلى جواب مقنع لحل هذه المشكلة.
يُعتبر تعيين المشكلة وتحليلها وإدراك العوامل التي أدت إلى حدوثها خطوة هامة في مرحلة البحث.
في غالب الأحيان كثير من الباحثين المبتدئين يهتمون بمشكلة يسودها الغموض ويقضون وقتا طويلا في تكديس وجمع المعطيات والمعلومات التي لها علاقة من بعيد أو من قريب مع هذه المشكلة ولكن قد تكون هذه المعلومات مُبعثرة ليس لها فائدة لأن المشكلة لم تُعّرف ولم تُحدد من قبل. فطالما لم يُحدد الباحث بدقة ما الذي يتصدّ لحله، فسيبقى الباحث بعيدا في محاولته لإيجاد حل لهذه المشكلة الغامضة.
إذا لا يمكن للباحث إنجاز بحث مفيد إلا إذا عرّف المشكلة التي يحاول حله.
خلاصة:
إن مشكلة البحث ما هي في الواقع إلا سؤال دون إجابة والبحوث الجيدة هي التي تلقي أضواء جديدة على ا لظاهرة المدروسة وتقترح في بعض الأحيان أفاقا جديدة لدراسات أخرى. (إذا لم تؤكد الفرضية من خلال البحث، فهذا يؤدي إلى إنجاز بحث أخر لاكتشاف عوامل تفسيرية أخرى).
2. مصادر اختيار الاشكالية
-الملاحظات التلقائية:
قد تنطلق التساؤلات والأبحاث من خلال ملاحظات تلقائية لظواهر غير عادية حيث لوحظ مثلا أثناء الاستراحة كثرة وتكثف السلوك العدواني لدى الأطفال وتساؤل الباحث عن الأسباب وأكتشف بأنه في اليوم السابق أهتم الأطفال بحصة تلفزيونية يسودها مشاهد عنيفة.
هذه الملاحظة دفعت الباحث لطرح سؤال فيما يخص العلاقة بين تأثير بعض الحصص التلفزيونية على الأطفال فيما يخص ظاهرة العنف.
- قد ينطلق أيضا البحث من خلال ملاحظات تلقائية أقلقت الباحث، فحب الابتكار والاستطلاع العلمي دفع مثلا" نيوتن" عندما رأى تفاحة تقع من شجرة إلى الأرض بالشعور بمشكلة تحتاج إلى تفسير آخر يعارض النظريات والاعتقادات السائدة في ذلك الحين.
-ملاحظات ضمن أبحاث معينة:
قد تنطلق أيضا التساؤلات والمشكلات من خلال ملاحظات ضمن أبحاث معينة حيث لاحظ متخصص بالطيور حين دراسته لطير معين، أن هذا الأخير يهاجر المنطقة في بداية شهر نوفمبر، فيتساءل الباحث عن أسباب هذه الهجرة مصرحا بعد ملاحظات منتظمة بأنها راجعة إلى انخفاض الحرارة أو انخفاض مدة ظهور الشمس.
-تناقض النتائج لنفس الموضوع:
قد تنطلق أيضا البحوث من خلال تناقض نتائج أبحاث في نفس الموضوع حيث أكد البعض منها العلاقة بين ارتفاع الدافعية والمرد ودية والبعض الآخر أكدت العكس حيث ارتفاع الدافعية يؤدي إلى انخفاض المرد ودية.
من خلال هذا التناقض، تساءل باحث مصرحا بأنه من الممكن أن تكون للدافعية علاقة بارتفاع المردودية لدرجة معينة، بعدها ارتفاع الدافعية ينعكس سلبا على المرد ودية.
-التفسيرات المستعجلة:
كما تنطلق البحوث بإعادة النظر في التفسيرات المستعجلة و تعتبر كقطيعة(rupture) أي نقطة انقطاع بالنسبة للمعلومات السابقة ولا يعتبرها الباحث كبديهيات مسلم بها وحقائق لا رجوع فيها ولكن كنقطة انطلاق لبحوث توصلنا إلى معرفة علمية مبنية على نتائج دقيقة.
وتتجسد هذه المشكلة حينما يحس الباحث بأن شيء غير صحيح يحتاج إلى المزيد من التفسير.
مثال يتعلق ببحث قام به " ألفرد بينيه") A.Binet (ليتأكد من صحة أو خطأ ما جاء به مدير أكاديمية شانبري « Chambéry » إذ أنه صرح بأن التهجئة عبارة عن إلقاء ممل دون ذكاء وليس لها علاقة باكتساب و استعاب مادة الإملاء.
ملاحظة تناقض ما بين النظريات:
يمكن أيضا أن تنطلق التساؤلات من خلال ملاحظة تناقض ما بين النظريات وواقع الأقسام. هل الرسوب في مادة القراءة مثلا له علاقة بالطريقة الشاملة التي أعطت نتائج إيجابية في بعض البلدان الغربية ؟ وعلى أية حال هناك أربعة مصادر هي:
1- ميدان التخصص
2- الدراسات الفردية
3- الاطلاع العام
4- الدراسات السابقة
3. مميزات المشكلة الجيدة
مميزات المشكلة الجيدة:
كل مشروع بحث يبتدئ بسؤال وهذا السؤال يُعبر عن اهتمامات الباحث و على ما يريده هذا الأخير فيما يخص محاولة فهم الظاهرة المعنية بالأمر، ولهذا يُعتبر السؤال كآلة أو كأداة مُسّيرة يقود ويوجه الباحث في خطواته نحو إيجاد حل لهذه الظاهرة المدروسة. فما هي في الواقع إلا عنصرا موجها يقود الباحث نحو وضع خطة لإيجاد حل لهذه الظاهرة.
بما أن هذا السؤال مهم جدا فيتميز بصفات أساسية ومنها:
الجدة والأصالة :
من الضروري أن تهتم المشكلة بجانب لم تتطرق إليه من قبل بحوث أخرى لأن من خصائص المشكلة الجيدة الجدة والأصالة أي على الباحث أن يميز بحثه عن البحوث الأخرى.
يجب على الباحث أن لا يُضيع وقته في دراسة مشكلة قد وُجد لها حل من قبل من خلال بحوث أخرى وتجنب هذا التكرار يستلزم على الباحث مطالعة عميقة وثقافة علمية في الميدان المختص به.
الوضوح :
يجب على السؤال أن يكون واضحا ويتميز بالدقة في صياغته، وطرح المشكل عن طريق سؤال ُمحدد يستلزم بالضرورة جواب دقيق. واجتناب الغموض والالتباس في المصطلحات المستعملة في صياغة السؤال يكون ممكن عن طريق تحديد وتعريف المصطلحات والمفاهيم حتى تصبح واضحة إجرائية قابلة للقياس باستعمال طريقة المحكمين (Les juges). هذه الوسيلة البسيطة تحتوي على استعمال مجموعة من الحكام وطرح السؤال على هذه المجموعة بدون تعليق والمطلوب من كل واحد منهم إعطاء تفسير لهذا السؤال. و يمكن اعتبار هذا السؤال دقيقا و بالتالي مقبولا إذا كانت كل هذه التفسيرات تُقارب converger تفسيرات الباحث. وكلما كانت هذه الأسئلة دقيقة كلما حقق الباحث خطوة معتبرة في سعيه إلى تحقيق هدفه بكل جدية.
الواقعية:
يجب على هذا السؤال أن يتميز بالواقعية أي قابل للإنجاز، حينما يطرح الباحث سؤالا يجب أن يتأكد بأن معلوماته وقدراته وأيضا إمكانياته الزمنية والمادية تسمح له بالقيام بهذا البحث وإنجازه في الوقت المطلوب.
إن المنظمات ذات المخابر العلمية والوسائل المادية والبشرية المتعددة التخصصات هي القادرة بالقيام بتجارب بمعنى الكلمة لأنها تملك الإمكانيات المعتبرة لتحقيق طموحاتها.
ولهذا فأي بحثٍ في أي ميدان يكاد أن يكون ممكنا ومعقولا بالنسبة لهذه المراكز ذات الإمكانيات المادية والبشرية الضخمة ولكن هذا غير ممكن بالنسبة لباحث منفرد بإمكاناته البسيطة.
مثلا: دراسة مقارنة فيما يخص مرد ودية التعليم في البلدان الصناعية والنامية والبحث عن أسباب الاختلاف.
لذلك يجب على الباحث الجامعي المنفرد بمستوى اللسانس والماجستير أو الدكتوراه أن يختار مشكلة قابلة للإنجاز معقولة بالنسبة لإمكانيته الشخصية بما فيها من قدرات علمية، مادية و(ظرفية) زمنية ضرورية لإعداد هذا البحث. لا يمكن لباحث منفرد أن يقوم بدراسة ظاهرة الجنوح في المغرب العربي مثلا.
النجاعة:
يجب على هذا السؤال أن يتصف بالنجاعة، أي أن يكون مهم نافع ومفيد ويضيف معلومات جديدة
للمعرفة بصفة عامة ويسمح بفهم الظاهرة المعنية بالأمر وإيجاد حل لها.
وبالتالي يجب على الباحث أن يتجنب الأسئلة ذات الطابع الأخلاقي الفلسفي والميتافيزيقي التي هي من اختصاص رجال الدين والفلاسفة وليست مجالا للبحث العلمي التربوي الذي يهتم أكثر بالهياكل، البرامج، التكوين والتقييم ويهمل أهداف التربية.
والهدف منه هو تفسير الظواهر وليست الحكم عليها أو التفلسف فيها.
4. طرح الاشكالية
طرح الإشكالية:
حتى نتمكن من كيفية طرح الاشكالية نحاول تعريف ما هي الاشكالية
تعريف الاشكالية:
هي الموقف النظري الذي يختاره الباحث كتفسير للظاهرة المعنية بالأمر، ويتم اختيار هذا الموقف
النظري حسب تناسبه وتلائمه مع الأسئلة المطروحة أي أن النظرية المختارة تُجيب ولو جزئيا على التساؤل المطروح وتتناسب أيضا مع نتائج المقابلات الاستطلاعية والملاحظات التمهيدية والإحصائيات الموجودة.
كيف يمكن صياغة الإشكالية؟
طرح الإشكالية يأتي عن طريق جمع المعلومات التي تتعلق بها.
قد يكون السؤال واسعا في البداية ولكن من خلال المطالعة العلمية والملاحظات التمهيدية يتحول هذا السؤال حتى يصبح واضحا إجرائيا.
يمكن صياغة الإشكالية على أساس مرحلتين أساسيتين:
_ المطالعة العلمية.
_ المقابلات الاستطلاعية.
1ـ المطالعة العلمية:
يجب على الباحث أن يتعرف على الدراسات السابقة والمواقف النظرية التي تبدو أنها مرتبطة بموضوعه. فهي في الواقع تجسد البحث عن التفسيرات المختلفة التي يمكن أن تبنى عليها الإشكالية كما يمكن تعيين أسباب ظهور الظاهرة والعلاقات بينهما، فهناك نظريات معروفة قائمة مسبقا ويجب على الباحث تسجيل، إدماج وحصر بحثه بالنسبة لهذه النظريات.
2-المقابلات الاستطلاعية:
المطالعة العلمية والمقابلات الاستطلاعية تساعد الباحث على بناء وطرح إشكالية البحث.
المطالعة العلمية تسمح جمع المعلومات القائمة فيما يخص الظاهرة المراد دراستها والمقابلات الاستطلاعية تسمح باكتشاف وإبراز بعض جوانب الظاهرة التي لم يتطرق إليها الباحث لأنه لم ينتبه إليها ولم تخطر بباله.
يجب على هذه المقابلات الاستطلاعية أن تكون غير موجهة من طرف الباحث حتى يسمح لأفراد العينة التعبير عن هذه الظاهرة بكل حرية ودون توجيه وتقييد.
إذن السؤال الأولي، المطالعة العلمية والمقابلات الاستطلاعية تسمح للباحث ببناء وطرح الإشكالية.
خلاصة:
أحسن طريقة لابتداء بحث علمي تحتوي على ذكر صياغة المشروع على شكل تساؤل أو سؤال.
عن طريق هذا السؤال يحاول الباحث التعبير بطريقة دقيقة عما يريد فهمه، تفسيره وتوضيحه.
يُعتبر هذا التساؤل الانطلاقي أو الأولي كأداة أو عنصر يوجه الباحث في مجهوداته لحل الظاهرة المراد دراستها.
لكي يؤدي وظائفه كما ينبغي، يجب على هذا التساؤل أن يتصف ببعض الخصائص وهي:
_ الوضوح أي الدقة.
_ الواقعية أي يجب على السؤال أن يكون معقولا وواقعيا بالنسبة لقدرات وإمكانيات الباحث.
_ النجاعة أي يجب على السؤال أن يكون، مفيدا ويدرس ما هو واقعي ويتجنب المسائل الأخلاقية والميتافيزيقية والفلسفية.