4. النظرية الماركسية
تعتبر النظرية الماركسية من النظريات التطورية فهي تنظر إلى نمط الحياة أو الثقافة أنها تتطور من مرحلة إلى أخرى وتنتقل من جراء التناقضات التي تحصل في النظام الاجتماعي والثقافي في المرحلة السابقة وأن هذا التحول والتغير يطرأ بفعل تأثير قوى الإنتاج أو العامل المادي الاقتصادي.
تؤكد هذه النظرية أن الثقافة في أي مجتمع وخاصة الجانب المعنوي منها والذي يتشكل من العرف والقانون والدين والإيديولوجية...الخ. ما هو في الحقيقة إلا انعكاس للواقع الاقتصادي ولنمط الانتاج السائد في المجتمع ونجد من بين الأمثلة الموجودة في هذا الإطار المقولة السائدة لدى الماركسيين عموما وهي أن المطحنة الهوائية تدل على المجتمع الإقطاعي في حين تدل العربات البخارية على المجتمع البورجوازي ( ميشال تومسون وآخرون ، نظرية الثقافة، ص 251.) أي أن قوى الإنتاج المتمثلة في أدوات الإنتاج والعمل وعلاقات السيطرة الاقتصادية أي المالكين لوسائل الإنتاج، هي التي تحدد البنية الاقتصادية للمجتمع التي بدورها تحدد البناء الفوقي للمجتمع والذي يعتبر هو الثقافة ،فهذه النظرية في حقيقة الأمر تختلف عن بقية النظريات الثقافية الأخرى في تفسيرها للتطور الثقافي أو حتى لأصل الثقافة إلا أنها لا تختلف عنها في تحديد وظيفة الثقافة في المجتمع فهي تعمل على استقرار المجتمع وسيادة أنظمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهي بطبيعة الحال وفق المنظور الماركسي الثوري تلعب دورا سلبيا في عملية التطور، وتبشر هذه النظرية بنمط حياة جديد وهو النمط الشيوعي الذي تنتفي فيه الفوارق الطبقية وتسود فيه العدالة الاجتماعية وتزول فيه الدولة والأسرة ، لأن الدولة والأسرة وفق المنطق الماركسي ما هي إلا أنظمة للمحافظة على مصالح الطبقة المالكة لوسائل القوة والسيطرة وهي مؤسسات أنشئت بغرض تدجين الإنسان حتى لا يعترض على سيطرة الطبقة المالكة لمصادر القوة والنفوذ في المجتمع.