المحاضرة السادسة

محاولات تيسير الدرس النحوي عند القدماء

(ابن مضاء القرطبي)

 

 

   لقد كان لعلماء الأندلس دورٌ بارز في إثراء المكتبة العربيَّة بكثير من المؤلَّفات، وعلى رأسها علم النحو، ولم يكونوا مقلِّدين علماء المشرق؛ بل كانوا يأخذون من البصريين، وأحيانا من الكوفيين، وأخرى من البغداديين، وكانوا مجتهدين، ولهم آراء انفردوا بها.

ومن بين علماء الأندلس الذين تركوا بصمة في النحو العربي:

ابن خروف، ابن حيّان، ابن الضائع، ابن مالك، ابن مضاء القرطبي...

   وكان لهذا الأخير كتاب هاجم فيه النحويين المشارقة، سمّاه الردّ على النحاة، والدعوة التي أطلقها ابن مضاء في كتابه الرد على النُّحاة؛ أنّ النحو سهل وليس صعبًا كما يتبادر إلى أذهان البعض، وإنَّما هو التعقيد الذي لحق النَّحو كنتيجة لتلك التصانيف. فكان ابن مضاء داعيًا للتيسير، نابذًا التكلُّف والتعقيد، وكان قاضي الدولة الموحدّية ويتّبع المذهب الظاهري في المسائل الفقهية، فأراد تطبيق المنهج الفقهي على المنهج النحوي.

 المسائل التي عارضها ابن مضاء:

 الدعوة إلى إلغاء العامل:

   العامل هو ما يؤثّر في اللفظ، والعوامل مائة، اللفظية: ثمانية وتسعون عاملا، والمعنوية: عاملان.

فصرح أنّ العامل ما هو إلاّ المتكلم، وليس كما يعتقده الجمهور الشائع من أنّ العامل لفظي أو معنوي...

العلل:

   دعا ابن مضاء القرطبي إلى الإبقاء على العلل الأوّل في النحو، والتخلّي عن العلل الثواني والثوالث وذلك مثل سؤال السائل عن (زيد) من قولنا (قام زيد)، لم رُفع زيد؟ فيُقال: لأنه فاعل، وكلّ فاعل مرفوع، فيقال: ولمَ رفع الفاعل؟ فالصواب أن يُقال له كذا
نطقت به العرب. ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر ".
   من المثال الذي طرحه يتبين أنّ ابن مضاء يصّرح بقبول العلل الأوّل، فعلّة رفع الفاعل هي أنه فاعل وفقط، هكذا نطقت به العرب وهكذا وصل إلينا بالتواتر.  

التقدير في الجملة:

  -المتعلّق بالجار والمجرور، مثل: زيد في الدار، فالنحاة يقولون بأنّ الخبر محذوف متعلّق بالجار والمجرور، والتقدير، زيد موجود في الدار.

-المتعلّق بالظرف والمضاف إليه، مثل: فوق المكتب كتاب، فالنحاة يقولون بأنّ الخبر محذوف متعلّق بشبه الجملة (فوق المكتب) والتقدير: فوق المكتب موجود كتاب.

 

 

 

 

 

Modifié le: Thursday 11 April 2024, 12:38