تعتمد عملية التقويم التربوي على أدوات ومقاييس تقدَم بيانات كمية تتيح للتربويين فهم الظاهرة التربوية بشكل دقيق ومحدد، وتعتبر الاختبارات التربوية جزء هاما من أجزاء العملية التربوية، فمن خلالها يستطيع المعلم الحكم على مدى تحقق أهداف البرنامج التعليمية التي يقوم بتدريسه، كما أنَها تفيد التلميذ أيضا في التعرف على مستوى تحصيله الدراسي من خلال أدائه في الاختبار. ورغم قدم استخدام الاختبارات التحصيلية في مجال التقويم التربوي إلا أنها لا زالت تسيطر على الممارسات التربوية نظرا لسهولة إعدادها وتطبيقها وتصحيحها وقدرتها على تغطية المحتوى الدراسي.

وتحمل الاختبارات صورتين عل العموم فقد تكون تحليلية  Analytical  وهذا من خلال تحليل السلوك الفرد عند ملاحظته أو من خلال تحليل السجلات القصصية أو غيرها من المقاييس واختبارات الذكاء والقدرات.كما يمكن أن تكون الاختبارات أساليب تقويم تحصيلية  Achieve mental من خلال تقويم تحصيل المتعلم والتي يطلق عليها اختبارات تحصيلية. (عبد الرحمن،2011،ص15).

1-مفهوم الاختبار التحصيلي:

الاختبار أداة تستخدم في قياس المعرفة والفهم والمهارة في مادة دراسية أو مجموعة من المواد. فهو من هذا المنطلق عينة مختارة من السلوك (النواتج التعليمية) المراد قياسه لمعرفة درجة امتلاك هذا التلميذ لهذا السلوك، وذلك من أجل الحكم على مستوى تحصيله بمقارنة أدائه بتحصيل زملائه أو تحديد المعارف والمهارات التي يستطيع والتي لا يستطيع القيام بها.ويتألف اختبار التحصيل من مجموعة بنود يعتقد أنها تتطلب المهارات والقدرات التي تمثَل أهداف التعليم.

2- خطوات بناء الاختبارات:

بناء الاختبارات ليست بالعملية السهلة كما يعتقد البعض، فهي صعبة للغاية تتطلب مجهودا كبيرا وتحتاج إلى متخصَصين في المجال. لذلك يتطلب إتباع مجموعة من الخطوات المنتظمة في بناء الاختبار والمطبقة في مدى واسع من أنواع الاختبارات، وهذه الخطوات على النحو التالي:  (Crocker & Algina، 1986 ; Laveault & Grégoire، 1997) :

أ-تحديد الأهداف التي ستستخدم فيها درجات الاختبار:

 بمعنى ما الوظائف التي يمكن أن يؤديها؟ ولماذا نستخدمه؟ فاختبار الرياضيات يمكن توظيفه لتشخيص صعوبات التعلم، لاختيار الأفراد لبرنامج معين، أو لتقييم الحد الأدنى من الكفاءة. لأن تحديد أهداف الاختبار تساعد في تحديد طبيعة الاختبار الذي ينبغي بناؤه، والطريقة التي نستخدمها.

ب- تحديد السلوكات التي تمثَل البناء النفسي أو نطاقه:

وتتم بتحويل البناء النفسي إلى مجموعة بنود خاصة وغير رسمية وغير موثقة. ويجري مطوَر الاختبار عادة تحليلا مفاهيميا لواحد أو أكثر من أنماط السلوك التي يعتقد أنها تمثل البناء المستهدف، ومن ثم يحاول إعداد بنود تغطي هذه السلوكات. لكن هذه الطريقة تنتج عنها حذف مجالات مهمة من السلوك أو احتوائها لمجالات تكون واضحة فقط في عقل مطور الاختبار، وتتنج عنه أيضا ذاتية عالية. لذلك لتفادي هذه المشكلات ينبغي الاعتماد للحصول على صورة واضحة منقحة وواضحة للبناء المراد قياسه على مطوَر الاختبار توظيف واحدة أو أكثر من الأنشطة التالية: تحليل المحتوى، مراجعة الأبحاث، لأحداث العرضية الحرجة، الملاحظات المباشرة، أحكام الخبراء، الأهداف التدريسية.

ج- معاينة المجال:

يستخدم مطوَر الاختبارات التحصيلية مجموعة من الأهداف التدريسية يحدد من خلالها مجالات الأداء التي يمكنه من خلالها تكوين استدلالات من خلال درجات الاختبار، ويطلق على مجال الأداء هذا اسم مجال البنود، ويُعدَ مجال البند مجتمعا محددا جيَدا من البنود يمكن خلالها ببناء صيغة اختباريه أو أكثر، وذلك باختيار عينة من البنود من هذا المجتمع.

د-إعداد مواصفات الاختبار:

بعد اختيار الأهداف وخصائص البنود وفئات السلوك الأخرى فان مطوَر الاختبار يحتاج إلى صياغة خطة لاتخاذ قرار بالتأكيد على أن كل العناصر متضمنة في الاختبار. وبالتحديد يجب أن يكون هناك توزنا للبنود الممثلة لعناصر الاختبار بنسبة أهمية ذلك العنصر من وجهة نظر مطور الاختبار.ويجب ان يهتم هذا الأخير بخاصيتين للبنود وباستقلالية كل منها عن الأخرى المحتوى والعمليات العقلية التي يستخدمها المفحوص في حل المهمة المطلوبة في البند. وقد اقترح العديد من المؤلفين نظاما هرميا في تصنيف العمليات المعرفية التي تعدَ مهمة في تطوير خصائص الاختبار. والأكثر شيوعا وشهرة تصنيف  Bloom (1956) والمؤلف من الفئات الرئيسية التالية: المعرفة، الفهم أو الاستيعاب، التطبيق، التحليل، التركيب، التقويم. لذلك بناء على مستوى العمليات المعرفية فان خصائص الاختبار تقدم إرشادات مهمة لمعدَ الاختبار من خلال مستوى العمليات التي يجب تمثيلها. كذلك فإنها تؤشَر للتوازن الذي يجب الحفاظ عليه في اختيار العمليات المختلفة في الاختبار ككل. وأحد التراكيب المهمة لمواصفات الاختبار التي تأخذ بعين الاعتبار كلا من المحتوى والعمليات المعرية يُعرف بجدول المواصفات. ويتألف هذا الجدول من بُعدين على الأقل، يتضمن الأول مجالات المحتوى الرئيسية والآخر العمليات العقلية.

ه -بناء البنود:

ينبغي أثناء صياغة بنود الاختبار أخذ بعين الاعتبار مجموعة من النقاط: ما هي صيغة البنود التي أختارها؟ ولماذا؟. ما هو مستوى صعوبة البنود المطلوبة؟ ما هي عدد البنود التي ينبغي صياغتها؟. بمعنى أن مهمة مطوَر الاختبار تتطلب نوعين رئيسيين من القرارات المهمة (ماذا ستقيس وكيف ستقيسه؟). وأثناء بناء الاختبار يجب الاهتمام بالنوع الثاني من القرارات، ويتضمن بناء مجموعة من البنود التي تقيس بناء مراعيا: 1)-اختيار صيغة مناسبة للبنود، 2)-إثبات أن الصيغة المقترحة ملائمة لفئة المفحوصين، 3)-اختيار تدريب معدَي البنود، 4)-كتابة البنود، 5)- مراقبة تقدَم معدَي البنود ونوعية البنود.

عندما يتم اختيار صيغة معينة من البنود فان مطوَر الاختبار يجب عليه مراجعة المصادر القياسية في كتابة البنود ليأخذ بعين الاعتبار المقترحات اللازمة في كتابة البنود من هذا النوع. وكقاعدة عامة، ينصح مطوَرو الاختبارات إعطاء أهمية لاختيار صيغة البنود الملائمة لحاجات المفحوصين، وتجنَب الصيغ غير المألوفة أو غير المجرَبة.

و- مراجعة البنود:

بعد استكمال مطوَر الاختبار بناء بنود الاختبار ينصح أن يراجع زملائه المختصين وبشكل غير رسمي مراجعة البنود من حيث الدقة، والصياغة، والقواعد، والغموض وأمور فنية أخرى حينها يمكن مراجعة البنود التي تتضمن مشكلات. وعندما تكتب البنود يجب أيضا أن تخضع لمراجعة رسمية فقرة بفقرة بأخذ بعين الاعتبار الأمر التالية: - الدقة   - الملاءمة أو المناسبة لمواصفات الاختبار     

- الخلل الفني في بناء البند - القواعد           - التحيَز        - المقروئية.

ويستعين مطوَر الاختبار بخبراء متنوعين في مراجعة البنود كالمختصين في القياس وبناء الاختبارات للتأكيد على مناسبة البنود لمواصفات أو الاختبار، ومختصين لغويين للتأكد من خلو البنود من الأخطاء النحوية وأخطاء التنقيط أو استخدام جمل وعبارات غير مألوفة. ويمكن إجراء مراجعة البنود قبل التطبيق الأولي أو بعده.

ز-التجريب الأولي للبنود:

من الأفضل لمعدَ الاختبار قبل أن يطبع البنود في صيغتها النهائية تجريب البنود على عينة صغيرة من المفحوصين يتراوح عددهم بين 15-20. ويكون التجريب الأولي في الغالب غير رسمي، وعلى مطوَر الاختبار أن يستغل هذه الفرصة ليلاحظ تفاعل المفحوصين مع البنود وبعض سلوكاتهم مثل التوقف الطويل أو الخربشة أو تبديل الإجابة. وبعد التجريب يجب القيام بمراجعة تستخلص منها ملاحظات حول البنود جميعها، ومن ثم تقديم مقترحات لإجراء التحسينات الممكنة. ويوصى أيضا بإجراء تحليل إحصائي على كل بند وذلك للحصول على فكرة سريعة عما إذا كانت البنود ملائمة من حيث مستوى الصعوبة للمجموعة ككل، وما إذا كانت هناك تباينا كافيا في الاستجابات من أجل تعديل سبق ذكره ليوافق الاختبار عند تطبيقه على مدى واسع، كذلك يجب مراجعة البنود بشكل مكثَف بالإفادة من نتائج التجريب الأولي.

ح-الخطوة الموالية:

بعد التجريب الأولي والدراسات المستفيضة المتتابعة للبنود تكون جاهزة للتطبيق عل نطاق واسع(التطبيق الميداني). وهذا يتطلب تطبيق البنود بصيغتها النهائية على عينة كبيرة من المفحوصين تمثَل المجتمع الذي صُمَم الاختبار من أجله، كذلك دراسة الخصائص الإحصائية لدرجات الاختبار من خلال طرائق متنوعة تعرف باسم تحليل البنود، وتصميم إجراءات دراسات الصدق والثبات للصيغة النهائية للاختبار، وكذا إعداد دليل الاختبار الذي يفيد في التطبيقات والتصحيح وتفسير الدرجات (مثل: الجداول المعيارية، ومعايير الأداء، ودرجات القطع).

Modifié le: Tuesday 7 March 2023, 10:27