تمهيد:

إن موضوع التخطيط التربوي كغيره من المواضيع لابد له من مقدمات تصب في الإحاطة بمفهومه العام وما يرتبط به من عناصر تساعد على بناء فكرة واضحة حول أهم محتوياته وتبين أهميته والحاجة إليه من أجل تحقيق الأهداف التنموية للمجتمع. 

التخطيط عملية مارستها الجماعات والمجتمعات البشرية منذ القديم بأشكال وأنماط بدائية مختلفة بحسب مقتضيات الواقع والظروف لمواجهة الكوارث والتحديات تحت مسميات مختلفة كالتدبير، والتوقع والحيطة إلى ما شابه ذلك، وكلها ممارسات لعمليات تتم في المستقبل لتجنب المخاطر ومواجهة المشكلات. كما أن كتابات أفلاطون وابن خلدون وغيرهم من المفكرين أشارت إلى التخطيط أو حامت حوله وكانت كتاباتهم بحد ذاتها تنتمي إلى التصورات أكثر من انتمائها إلى التطبيق العملي المنظم، وفي عصر النهضة دعا المفكر الانجليزي موريس دوب (1851/1809) إلى ضرورة أن تأخذ الدولة بالتخطيط المحكم والعملي لأحداث التقدم في المجالات المختلفة.

وفي عصر الثورة الصناعية انتقل الفكر التخطيطي إلى دائرة الاهتمام،فدعا كارل ماركس (1883/1818)، وانجلز في كتاباتهم  للخروج بالتخطيط من دائرة التفكير إلى حيز العمل والتنفيذ، وأشاروا إلى الحاجة القصوى للتخطيط باعتباره مطلبا اقتصاديا واجتماعيا ملحا للنهضة الحضارية، وأكد انجلز وكريستيان شوتهيد، وكريستوف شوبندر، بضرورة قيام تخطيط على أسس علمية لتحقيق أقصى ما يمكن من التوازن بين العرض والطلب لكي تتوفر حاجات الإنسان،وطالب بضرورة تدخل الدولة لتصحيح الأوضاع الاقتصادية والحد من التناقضات الرأسمالية (قسايمه، 1995).

مما أدى لاستخدام فكرة التخطيط أثناء الحرب العالمية الأولى (1915)، في ألمانيا وبريطانيا اللتان اتخذتا منه وسيلة لإدارة دفة الحرب وملائمة الاقتصاد لاحتياجات الحرب. 

وظهر التخطيط بمعناه العملي في الاتحاد السوفيتي سابقا من خلال الخطة التي تم وضعها عام (1920) ولمدة (15) عام لكهربة روسيا كأول خطة في العالم للتطور بعيدة المدى، واكتسب شهرته بعد أن أخد الاتحاد السوفيتي بمبدأ التخطيط عام (1928) كأسلوب جديد للتسيير الاقتصادي والاجتماعي المرتبط بتطبيق الاشتراكية، أما الغرب فلم يأخذ بالتخطيط إلا عندما تعرض لازمة الكساد العالمي في الثلاثينات من القرن الــ (20) لإنقاذ شركاته من الانهيار الاقتصادي.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية حدثت تغيرات سريعة دفعت لإتباع منهج التخطيط حتى صار ملمحا بارزا يميز نشاطاته الدول المختلفة.

كما أدت ظروف ما قبل الحرب العالمية الثانية إلى الأخذ بالتخطيط لتوجيه الدول اقتصادياتها كنجاح التجربة السوفيتية في التخطيط حيث حققت نتائج باهرة، وأزمة الكساد العالمي فيما بين (1933/1929)، وهبوط معدل الدخل القومي بين (20-50%)، وظهور أكثر من (32 مليون) عاطل عن العمل، وأثناء الحرب دفع الكثيرين إلي تبني فكرة التخطيط من اجل بناء الطاقة الحربية وتوجيه الموارد الاقتصادية وفقا لأولويات ومتطلبات الحرب وأعادت أعمار أوربا بعد الحرب وفقا لمشروع مارشال، وفرضت مشكلات التخلف في دول العالم الثالث ومأزقها التنموي ضرورة الأخذ بالتخطيط وتعبئة هذه الدول لمواردها لتحقيق اعلي معدلات نمو لبرامجها التنموية.                                            

وزاد الوعى التخطيطي وتطورت أساليبه وتقنياته بفضل الجهود المتزايدة للمنظمات والهيئات الدولية ومراكز ومعاهد التخطيط، بالإضافة للتقدم العلمي والتكنولوجي، وما أدى إليه من تغير المهن والوظائف واحتياجات التنمية من القوة العاملة المؤهلة والمدربة فرض التمسك بالتخطيط لتنمية القوة البشرية،فاعتبرت جميع الدول التخطيط هو الأداة المضمونة للتغلب على أزماتها ومشكلاتها ومواجهة تحدياتها والتطلع للمستقبل والسير نحوه بثقة (الحسين، 1992).

1- مـفــهـوم التخـــطيط: يعتبر التخطيط أول عنصر من عناصر الإدارة، بل هو الأساس الذي تقوم عليه العملية الإدارية ككل، ويعتبر أهم العوامل في نجاحها، ويستخدم بصورة شائعة في كتابات رجال الاقتصاد والاجتماع والإدارة، وهو كمنهج للعمل الإنساني يستهدف اتخاذ إجراءات في الحاضر ليجني ثمارها في المستقبل، وبذلك فهو يرجع إلى بداية التفكير الديني للإنسان حيث كان الإنسان يفكر في الثواب والعقاب وارتباط الحياة الدنيا بالآخرة، وهذه كلها مفاهيم ترتبط ارتباطا وثيقا بالتخطيط بمفهومه العام (عليوة، 1995).

أما تخطيط التربية فقد كان أكثر سبقا ووضوحا في جوانبه العملية والعلمية من التخطيط العام مرد ذلك أن التربية بطبيعتها عمل يتم دائما للمستقبل، ولخطورة دور التربية باعتبارها أداة فعالة بيد الدول والمجتمعات في تكوين المواطن وتشكيله مع أهدافها وأيديولوجيتها وتحقيق المطامح الاجتماعية والاقتصادية في التغير والتطوير، فاختط المجتمع الاسبرطي اليوناني نظاما تربويا لإيجاد المجتمع العسكري. وعرض أفلاطون في جمهوريته نوعا من الخطط التعليمية التي تخدم الاحتياجات اللازمة للقيادة والأغراض السياسية كغيرة من الفلاسفة والمصلحين والاجتماعين، وفي الصين القديمة، لإيجاد الإداريين والموظفين.

ومن إشكال الخطط التربوية المشهورة الذي استهدفت تطوير وإصلاح التعليم، ما اقترحه جون توكي في القرن (16) لإيجاد نظام قومي للمدارس والكليات بحيث تتكامل فيها النواحي الروحية والحياة المادية، ولقد أعقب ثورة الإصلاح الديني في ألمانيا ظهور النظم القومية للتعليم في معظم دول العالم التي تقرر فيها مجانية التعليم في مراحله الأولى والإنفاق عليه من الضرائب وحضور الأطفال إلى المدارس إجباريا.

أما التخطيط التربوي بمفهومه الحديث: يرجع إلى التجربة السوفيتية في التخطيط العام، وانبثق عنه التخطيط لمحو الأمية وتعميم التعليم، ومن الاتحاد السوفيتي انتقل إلى دول الاشتراكية في أوربا الشرقية سابقا، وكان التخطيط التربوي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، يتصف انه قصير المدى (عام واحد)، يفتقر إلي الترابط بين أجزاء النظم التعليمية، وعدم التكامل مع النظام الاجتماعي والاقتصادي سواء في أهدافه أو اتجاهاته، وعدم الفاعلية لأنه كان يشتق مقوماته ومعالمه من ظروف كل سنة والتي قد تختلف عن الأخرى (قسايمه، 1995).

المعنى اللغوي للتخطيط: هو إثبات لفكرة بالرسم أو الكتابة وجعلها تدل دلالة تامة على ما يقصد في الصورة أو الرسم. فالفكرة عندما تكون غير واضحة على الورق فهي مازالت غامضة في الذهن والعكس بالعكس.

المعني الاصطلاحي للتخطيط: اختلفت تعاريف التخطيط باختلاف الفترة التاريخية، وباختلاف الأهداف للمجتمعات، وباختلاف الأساس الإيديولوجي والاقتصادي في الدول المختلفة، واختلاف المعنى باختلاف نوع وميدان التخطيط وعمليات النشاط الاقتصادي والاجتماعي، واختلاف تخصص الباحثين وخلفياتهم الإيديولوجية والفكرية، والتباين لحداثة العهد نسبيا بالتخطيط نظريا وتطبيقيا، وتنوع مداخله واستراتيجيات تنفيذه، وتعدد وتداخل العمليات والإجراءات التي يتطلبها مما أدي لاختلاف المعنى.

ويعرفه هنري فايول التخطيط بأنه يشمل التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل متضمنا الاستعداد لهذا المستقبل في حين أن دوكز يقول أن التخطيط يمكن الإدارة من تسيير العمل بدلا من أن يسيرها، وهو يتعلق بالمستقبل الذي يتصف بالغموض والتغير (عليوة، 1995).

 وعرفه هيمز بأنه عملية إدارية متشابكة تتضمن البحث والمناقشة والإتقان، ثم العمل من اجل تحقيق الأهداف التي تنظر إليها باعتبارها شيئا مرغوبا فيه، وبذلك فإن التخطيط يعنى الإجابة على التساؤلات التالية(أين نحن الآن، وأين نريد أن نذهب، وكيف سـنصـل إلى هناك). ويعرف هكونلى (1993)، الوارد في كيميرر، وويندام (2003)، انه التنبؤ إلى ابعد مدى بجميع ردود الأفعال وأخذها بالاعتبار سلفا وبطريقة منسقة وبالاختيار بين مناهج بديلة قابلة للتنفيذ.

فهو مجموعة التدابير المعتمدة والموجهة بالقرارات والإجراءات العلمية لاستشراف المستقبل، وتحقيق أهدافه من خلال الاختيار بين البدائل والنماذج الاقتصادية والاجتماعية، لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية والفنية المتاحة إلى أقصى حد ممكن، لإحداث التغير المنشود (كيميرر، وويندام، 2003).

تعريف التخطيط من وجهة نظر التخطيط المركزي والشامل: التخطيط أداة الربط العضوي بين السلطة السياسية والأساس الاقتصادي للمجتمع، فهو العملية التي يمكن لها أن تنظم جميع مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتستلزم ترابطا وتنسيقا بين قطاعات الاقتصاد الوطني، مما يعني دراسته على نطاق شامل، للتأكد من أن المجتمع سوف ينمو بصورة منظمة ومنسقة وبأقصى سرعة ممكنة.

تعريف التخطيط من وجهة نظر التخطيط الجزئي: التخطيط هو نوع من السلوك الذي يخضع إلى تقدير واع للتوقعات المستقبلية.                                     

تعريف التخطيط من وجهة نظر الاجتماعيين: هو تحديد الأعمال أو الأنشطة وتقدير الموارد واختيار السبل الأفضل لاستخدامها من اجل تحقيق أهداف معينة،فهو عملية تجميع للقوى وتنسيق للجهود وتنظيم للنشاط الاجتماعي، في إطار واحد مع تكامل الأهداف وتوحيد المواقف، مستغلين في ذلك خبراته ومعلوماتهم ومقدراتهم الذهنية والعملية وإمكانيات البيئة، ومستفيدين من تجارب الماضي ووسائل الحاضر للوصول إلى أهداف تقابل حاجات المجتمع وتحقق ارتقائهم إلى حياة اجتماعية أفضل (علاقي، 1982).

من وجهة نظر التربويين: يعرفه خبراء اليونسكو انه العملية المتصلة التي تتضمن أساليب البحث الاجتماعي ومبادئ وطرق التربية وعلوم الإدارة والاقتصاد والمالية وغايتها أن يحصل التلاميذ على تعليم كاف ذي أهداف واضحة، وعلى مراحل محددة تحديدا تام، بما يمكن كل فرد من الحصول على فرصة تنمية قدراته، وان يسهم إسهاما فعالا في تقدم بلاده الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.

ويرتكز التخطيط التربوي على ثلاثة عناصر مهمة رئيسة هي:

العنصر البشري: حيث يعني بتخطيط إمكانية تزويد المجتمع بالقوي البشرية المؤهلة.

العنصر المالي: ويختص بعملية توفير الأموال اللازمة وتوزيعها علـى أوجـه الإنفـاق المختلفة.

العنصر الزمني: يعني بالعمر الزمنى للخطة من حيث فترة التنفيذ، ووضع التصورات المستقبلية الضرورية لمواكبة ركب التطور والتقـدم المنشـود.

-وجوب تحديد الأهـداف التـي يسعى النظام التربوي إلى تحقيقها.

- وجوب تحديد ووسائل تحقيقها، حيث أن اختيار أنسب وأفضـل الوسـائل يعتبر أساس ولب عملية التخطيط، وتنفيذ ومتابعة القرارات المتخذة.  

2- الفرق بين التخطيط التربوي والتخطيط التعلمي: الفرق بين التخطيط التربوي والتخطيط التعلمي كالفرق بين مفهوم التربية ومفهوم التعليم، فالتخطيط التعلمي يختص بكل مل يتم داخل النظام التعليمي بينما التخطيط التربوي اشمل واعم، حيث يضم إلى جانب النظام التعليمي جميع المؤسسات التي تقوم بعملية التربية خارج التعليم الأسرة، كالمؤسسات الثقافية والإعلام، والمؤسسات الدينية والنوادي الرياضية والاجتماعية، السينما والمسرح...الخ (برير، 2006).

اما الفرق بين التخطيط والبرمجة فقد ظهر مصطلح البرمجة في الخمسينات من القرن الـــ (20)، واستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية، ليحللفرق محل مصطلح التخطيط الذي ارتبط بالاشتراكية، بحيث يكون بديلا عنه، كأسلوب مميز للتخطيط في ظل النظام الرأسمالي، بينما البرمجة هي مجموعة من الإجراءات والتدابير المرسومة والتي تستهدف تحقيق أهداف معينة في احد القطاعات أو الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، في فترة زمنية محددة بعرض تنميته، فهي التخطيط الجزئي لأنها تتضمن التداخل المحسوب، ولا مركزية، اختيارية، لا تملك السيطرة على جميع وسائل الإنتاج، بينما التخطيط شامل ومركزي وإلزامي يملك السيطرة (عليوة، 1995).

3- أهمية التخطيط: يري معظم التربويين كالعفيف، (2005)،و علاقي (1982)، والحسين، خالد، (1992)، وخير، (1999)، وكيميرر، وويندام، (2003)، وغيرهم، أن التخطيط يعتبر سمة من سمات الحياة العصرية الحضـارية الراقيـة فـي أي مجتمـع مـن المجتمعات، ولذلك أي عمل لا يبنى على تخطيط مدروس، أو برمجـة واضـحة، فمصـيره الزوال والفشل، حيث أن الأنظمة تعمل في بيئـة سريعة التغير في النواحي الاقتصادية والسكانية والتطورات التكنولوجية المتلاحقة والتغيـرات الاجتماعية، وأن هذه التغييرات تحتم عليها أن تعطي اهتمامـا مباشـرا برسـم خططهـا المستقبلية.

فهو عبارة عن دراسة علمية منظمـة ومقننـة تعتمـد فـي أسسـها وقواعدها على لغة الأرقام والإحصائيات الدقيقة، والدراسات الهادفـة، والمسـوحات الميدانيـة الشاملة من أجل تغيير أو تطوير أو ارتقاء الحراك الاجتماعي والاقتصاد ي والتنموي، وبالحياة المعيشية للمواطن كما ونوعا لتحقيـق أهداف محددة، أو برنامج معين، أو إستراتيجية معينة.

فالتخطيط التربوي جزء لا يتجزأ من التخطيط العام، وفاعل ومهـم في الحراك التربوي والتعليمي لأنه يتناول شريحة مهمة من شرائح المجتمع التي يرتكز عليها البناء التنموي والاقتصادي والاجتماعي، ومدى أثره في الحراك التكنولوجي والتقني في حياة المواطنين،  كما أن ازدياد احتياجات النـاس للـتعلم والطلب عليه، يفرض على الأنظمة التربوية مراجعة سياساتها لتقابل تحديات عصر العولمة (الانفجار المعرفي والتقدم التكنولوجي وتطور الصناعة) التي تشـكل ضغوطا كبيرة على الأنظمة التعليمية في دول العالم. إضـافة إلـى المواءمة بين الحاجات الاجتماعية المتزايدة بسبب الكثافة السكانية والموارد الطبيعية المحدودة مع توافر الخدمات الأساسية على نطاق الريف والمدن.

والتخطيط كفكرة لم تكتسب قيمتها إلا بعد الحرب العالمية الثانية خاصة بعد نجاح نموذج التخطيط الذي تبناه الاتحاد السوفياتي والذي اتضحت نتائجه وفعاليته اقتصاديا واجتماعيا في الحرب العالمية الثانية، كما أن الدول التي حصلت على استقلالها أصبحت في مواجهة تحديات التنمية حيث أيقنت أن سبيلها في النمو والتقدم يتم عن طريق التخطيط في مختلف المجالات وبذلك انتقلت فكرة التخطيط إلى جميع دول العالم باعتباره عملية أساسية لا غنى عنها لتحقيق أهداف التنمية.

كما تكمن أهمية التخطيط في أنه الوظيفة الأساسية الأولى لمدير المدرسة التي تسبق جميـع الوظائف التربوية الأخرى، وهو الوسيلة التي توضح معالم الطريق، وتحدد مسار العمل الإداري التربوي، وتنظم الجهود باتجاه تحقيق الأهداف المنشودة بتكامل واتساق.

وهو الأسلوب الذي يحقق التعاون بين جميع المشاركين والمشـتركين في العملية التعليمة التعلمية، ويجعلهم أكثر ارتياحاً وتماسكا ويساعد على تقليل الهوة بـين الواقـع والمتوقـع بأسلوب علمي.

كما ويحقق التخطيط عدم الوقوع في الأخطـاء أو الانحراف الكبيـر نحـو الأهداف المرسومة. كما يؤدي إلى خفض التكاليف والتقليل من نسبة الهدر في المـوارد والخدمات نتيجة التنسيق والتعاون الفعال بين مختلف أجهزة التنظيم.

- يساعد على القيام بوظيفة الرقابة سواء على أداء الأفراد أو النتائج من حيث الكم.           

 فهو يعمل على الربط المنطقي والعملي بين تلك القرارات بجانب بلورة الأهداف حسـب أولوياتهـا وأهميتها من حيث الترتيب والأسبقية للتنفيذ.

4- مبـــررات القيــام التـخطــيط التـربـوي: يري معظم التربويين أن من مبررات التخطيط التربوي ما يلي:

- حاجة التخطيط الاقتصادي إلى تخطيط تربوي: يري ديوي انه لابد أن يسعف الانقلابات الاجتماعية والاقتصادية انقلاب تربوي شامل، فقد بين التخطيط الاقتصادي عجزه من بلوغ أهدافه،إلا إذا لازمه تخطيط للتربية يلبى حاجات التخطيط الاقتصادي.

- اعتبار التربية مردودا و توظيفا مستمرا لرؤوس الأموال: إن الدولة المتخلفة اقتصاديا تتخلف تربويا وأن المردود الاقتصادي للتعليم أكبر من المردود الذي تغطيه رؤوس الأموال التي تسخر في التعليم، يمكن تعويضها بعد (9) سنوات بينما الأموال التي توظف كقروض صناعية أو زراعية تحتاج من (12-18 سنة).

- ضرورة مجاراة التربية للتقدم والتغير السريعين: أكدت نتائج الأبحاث التي قام بها بعض الاقتصاديون أن هناك انتقالا في المجتمع الحديث بسبب الآلة والتقدم الفني من القطاع الزراعي إلى القطاع الصناعي، ثم إلى القطاع الخدمات، كما تظهر الحاجة الماسة والمتزايدة إلى الإداريين والمشرفين على تنظيم الأعمال الصناعية والزراعية والتجارية بل أن هذه الحاجة هي التي دعت إلى أن يطلق على الثورة الحديثة اسم الثورة الإدارية، ويري دافيدا كليس (1971David ecclés) وزير التربية البريطاني معبرا عن نتائج إهمال التربية في بريطانيا ليس نقص الأموال الذي يحد في النمو الاقتصادي لبريطانيا، إن ما نشكو منه هو التربية الناقصة التي كان يتلقاها (90%) من أطفالنا قبل الحرب العالمية الثانية وأن إهمالنا الشامل للعلم جعلنا نهمل التكوين التقني، ولهذا نجد شعبنا كله من الكناس حتى رئيس مجلس الوزراء قد اعدوا إعدادا ناضجا غير متلائم مع مهمات العالم المقبل وينبغي أن يدخل الصناعة والتجارة إيمان عميق بالتربية وإرادة وعقيدة من أجل تحسين التكوين المهني، وليس لنا أمل غير هذا إذا أردنا أن نحتفظ بمكاننا في العالم. 

- التكامل بيـن المشكـلات التربية وحلولها: أظهرت الدراسات الحديثة في التخطيط التربوي أن مشكلات التربية مشكلات متداخلة لذا يجب أن تكون حلولها حلولا متداخلة.        

- الإيمان بالتخطيط وبقيمته في السيطرة على المستقبل: يعتبر التخطيط الوسيلة الناجحة لسيطرة الإنسان على المستقبل وتحكمه فيه.

- ضــرورة تخطيط التربوي: يعتبر التخطيط التربوي احد الضرورات لما أملته الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها العالم، بسبب عدم التوازن بين متطلبات المجتمع من التعليم وعدم التوازن بين الكم والكيف وبين الخدمات التعليمية وأنواع التعليم.

- الزيادة في السكان: هناك زيادة في عدد السكان مما ترتب عليها زيادة الطلب على التعليم، بسبب انخفاض معدلات الوفيات وزيادة معدلات المواليد.

- التغير في التركيب الاقتصادي: الانتقال السريع للأيدي العاملة من القطاع الزراعي والصناعي إلى قطاع الخدمات مما احدث نموا هائلا في هذا القطاع، وأدى إلى زيادة احتياجات الأفراد من الخدمات مثل التعليم والصحة والثقافة والتربية.

- التغير في التركيب الوظيفي: كنمو أنشطة الصناعة والخدمات سواء من ناحية الإنتاج أو العمالة وزيادة سريعة في سكان المدن، أدى إلى التغير في التركيب الوظيفي وزيادة الطلب على التعليم.

- ارتفاع مستوى المعيشة: العلاقة بين مستوى المعيشة ومستوى التعليمي يرتبط ارتباطا وثيقا، كلما ارتفع مستوى معيشة الفرد كلما ازدادت رغبته في التعليم.

- التقدم العلمي والتكنولوجي: أظهر التقدم العلمي والتكنولوجي تغيرات كبيرة داخل المجتمعات وطرق معاشهم وأساليب تفكيرهم نحو الأشياء اوجب بالضرورة النظر إلى التخطيط التربوي.

- التطور الاجتماعي والنفسي: أدى نمو الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية إلى للأيمان بضرورة بالتخطيط التربوي وإعادة رسم طريق هذه الاتجاهات بما يتوافق مع المستقبل.

- النمو التعليمي: أدى النمو السكاني والتطور في الهياكل الاقتصادية والوظيفية إلى النمو السريع في إعداد الطلاب في مختلف مراحل التعليم وارتفاع نسبة الكبار الملمين بالقراءة والكتابة.

- حاجة التخطيط الاقتصادي للتخطيط التربوي: لتلبية حاجة الاقتصاد من العنصر البشري، وتحول النظرة من التعلم باعتباره خدمة استهلاكية إلى كونه عملية استثمار.                                  

5- أسس التخطيط محـدداته: يستند التخطيط العلمي على الأسس الآتية:

- جمع المعلومات والبيانات اللازمة عن موضوع التخطيط، وغالبا ما تكون المعلومات ذات طبيعة كتابية بينما تكون البيانات ذات طبيعة رقمية إحصائية، وتختلف البيانات والمعلومات مـن خطة إلى أخرى ومن ظرف إلى آخر، إلا أن التخطيط التربوي غالبا ما يعنـى بالإحصـائيات السكانية والعمالة والقوائم المالية والمادية الواجب توافرها.                    

- دراسة وتحليل المعلومات والبيانات التي تم جمعها للإفـادة منها وتقرير ما هو مفيد، لوضع الخطة.

- بعد جمـع المعلومـات والبيانات وتحليلها، يتم وضع الخطة، لأهمية ذلك في التنفيذ. 

- إعطاء الخطة الصفة القانونية الملائمة، وذلك باتخاذ القرار المناسب بشـأن تنفيذها.

- وضع الخطط البديلة لمواجهة احتمالات إخفاق الخطة الرئيسة عند التنفيـذ، وتعتبـر هـذه الخطوة في غاية الأهمية وضرورة ملحة حين إعداد الخطـط الأساسـية، لكـي لا يصـطدم بمعوقات تجعلها غير قابلة للتطبيق كليا أو جزئيا (العفيف، 2005).

وتؤثر في التخطيط التربوي  المحددات التالية:

- الثقافة: تعتبر من أهم العناصر المحددة لطبيعة التخطيط التربوي وأهدافه وأساليبه فهي تمثل الإطار العام الذي يتحرك فيه التخطيط، وتشمل المعاني والمثل والقيم والمعتقدات والنظم التي يتمسك بها أفراد المجتمع، وهي مغير لوجه السلوك، تتكون بفعل عناصر كثيرة كالدين والتاريخ والجغرافيا.

- السياسة: يرتبط التخطيط التربوي بالسياسة سواء على مستوى التنظيمات السياسة أو الاجتماعية أو على مستوى التعليم فهو يتأثر بالأوضاع السياسية والتنظيمات الحزبية والفئات داخل المجتمع.

- الاقـتصاد: إن النظم الاجتماعية بما فيها من نظم تعليمية خاضعة للاقتصاد والذي يتحدد في ضوء قوته وطبيعته نظام التخطيط التربوي، الذي يكون أكثر اهتماما بالتعليم العالي والتكنولوجي والبحث العلمي وتنمية الفكر والإبداع، وعلى عكس في حالة الاقتصاد المتخلف الذي يترتب عليه تكليف الأطفال بالعمل في سنوات مبكرة من العمر، الأمر الذي يخلق مشكلات كثيرة أمام التخطيط التربوي كالتسرب والإحجام عن التعليم وتعليم المرأة وتعليم الكبار ومحو الأمية.             

- الــــــزمــــن: الزمن من محددات التخطيط التربوي التي تؤثر في المدة المطلوبة لوضع الخطة ومدة الخطة التعليمية لان التخطيط التربوي متداخل فيه (قسايمه، 1995).                                         

Modifié le: vendredi 19 mai 2023, 10:58