عنوان المحاضرة الخامسة :النظريات الموقفية

 تمهيد:

      تنطلق هذه النظريات من فكرة أن أي في الجماعة يملك أكبر قدر ممكن من المعلومات عن موقف معين يصبح قائدا في هذا الموقف .

      فهي إذن تعطي مفهوم وظيفي للقيادة فخصائص القائد لا ترتبط بسمات شخصية عامة بل بسمات و خصائص نسبية مرتبطة بموقف قيادي معين ، ذلك لكون متطلبات القيادة تختلف باختلاف المجتمعات و حتى التنظيمات الإدارية داخل المجتمع الواحد و من أمثلة ذلك الرئيس

الأمريكي إيزنهاور الذي حقق نجاحا كبيرا في القيادة العسكرية لكنه لم يوفق في القيادة الإدارية المدنية.

      و لقد ظهرت العديد من المداخل حاولت تحديد المتغيرات الموقفية الأساسية و كان من أهمها :

1– نظرية فيدلر :

      يعتبر النموذج الذي قدمه فيدلر من أوائل المحاولات الحادة لإيجاد علاقة بين متغيرات الموقف   و نمط القيادة الواجب تطبيقه، ويتفق الباحث مع غيره من المهتمين باستعمال النموذج الاحتمالي في الإدارة في أن فاعلية قيادة رجل الإدارة المنظمة تتحدد بمدى ملائمة النمط القيادي الذي يستخدمه في موقف معين وفقا لمتطلبات هذا الموقف .

و بالنسبة للنمط القيادي فقد استخدم فيدلر نمطين قياديين متشابهين كما هو موجود في دراسات أوهايو وميتشجان والتي سبق وأن أشرنا إليها و هما :

- نمط القيادة الذي يهتم بالإنتاج و تصميم العمل .

- نمط القيادي الذي يهتم بالعاملين و العلاقات الاجتماعية .

 أما الموقف القيادي فتضمن ثلاث متغيرات هي :

- العلاقات بين القائد والتابعين :

      تشير إلى درجة الثقة و الائتمان و الاحترام التي يحملها التابعون للقائد .

- تركيب المهمة :

      و يقصد به درجة التقنين الإجرائي للمهام التي يقوم بها القائد مثلا إذا كان العمل روتيني أو لا

هل هو محدد أو لا .

      و كلما كان تركيب المهمة واضح و متكامل كلما كان عمل القائد سهلا و ناجحا .

- قوة المركز :

      و هو درجة أكثر تأثير على متغيرات القوة مثل الاختيار و الفصل و الانضباط و الترقيات          و زيادة الأجور ، و لقد توصل فيدلر إلى مجموعة من النتائج كما هو موضح في الشكل :

 

                                                                       نمط القيادة مهتم بالإنتاج

 

                                      منحنى الإنتاجية العالية

                     منحنى الإنتاج العالية                               نمط القيادة مهتم بالعاملين

 

 

 

 

 

موقف صعب

موقف متوسط

موقف سهل

1 – علاقات سيئة بين القائد و المرؤوس

1 – علاقات عادية بين القائد و المرؤوس

1 – علاقات حسنة بين القائد و المرؤوسين

2 – موقف صعب

2 – مهام متوسطة الوضوح

2 – مهام واضحة

3 – سلطات ضعيفة

سلطات متوسطة

3 – سلطات عالية

 

شكل:يوضح نموذج فيدلر.

 

      و طبقا للشكل فإن هذه النظرية تفترض أن نمط القيادة المهتم بالعمل و الإنتاج يكون فعالا في المواقف الصعبة و السهلة بينما تظهر فعالية النمط المهتم بالمرؤوسين و العلاقات الإنسانية  في المواقف العادية أو المتوسطة ، الصعبة و السهلة بينما تظهر فعالية النمط المهتم بالمرؤوسين                     و العلاقات الإنسانية في المواقف العادية أو المتوسطة الصعوبة فقط .

      و على الرغم من كون هذا النموذج قد أسهم بالفعل في توضيح عناصر الموقف و متطلبات كل عنصر حتى يسهل على القائد إحداث تغير في هذه المتطلبات أوبعضها لخلق الموقف الملائم

لنمطه القيادي .

2– نظرية  هيرسي وبلانشار:

      لقد طور هيرسي وبلانشار نظريتهما انطلاقا من الدراسات السابقة والقائمة على أساس الاهتمام بالعناصر البشرية والعمل ، و أضاف عنصرا جديدا يسمى بالنضج الوصفي والذي يعني مدى مقدرته –المرؤوس- على تحمل مسؤولية أفعالهم و يتضمن هذا معرفتهم بالعمل ومهارتهم.      

       وتختلف درجة نضج المرؤوسين وتحدد بعنصرين هما نضج العمل ( القدرة ) والنضج النفسي

( الرغبة ) أما نضج العمل فهو القدرة على أداء عمل معين و بعد دال على معرفة مهارة المرؤوسين أما النضج النفسي فهو الرغبة أوالدافع لأداء عمل معين و بعد دال على التزام المرؤوس والثقة به ولقد قسم الباحثان النضج النفسي إلى أربعة مستويات هي :

- المستوى الأول : الفرد غير راغب في أداء العمل و غير قادر عليه .

- المستوى الثاني : الفرد غير قادر لكنه راغب في أداء العمل .

- المستوى الثالث : الفرد قادر لكنه غير راغب في أداء العمل .

- المستوى الرابع : الفرد قادر على العمل و راغب في أدائه .

      لذلك فإن الفاعلية في الأسلوب عبارة عن انعكاس لملائمتها مع مستوى النضج الوصفي للعاملين في موقف محدد وعلى أساس هذه المستويات للنضج يتعين نمط القيادة ومن ثم يتولد أربعة أنماط قيادية كما يلي :

أ - الإخبار بالقرار : فعندما يأتي موظف جديد للعمل يمكن أن يكون ( في المستوى الأول )  غير قادر و غير راغب و من ثم يقدم له هذا النمط القيادي تعليمات و توجيهات محددة و إشراف شخصي محكم ، ولا يشركه في عملية صنع القرار إنما يخبره به فقط ، و يتسم هذا النمط بتركيزه أكثر

على العمل واهتمام أقل بالعلاقات و هو النمط الأكثر مناسبة لقيادة هذا الموظف حتى يتعلم عمله الجديد .

ب - بيع القرار :

      بعد أن يتعلم الموظف عمله يتغير أسلوب القائد فيقدم فرصا للموظف للتوضيح له مواطن الغموض ويشرح قراراته، ويقنعه بأهميتها، ويوضح له كيفية التنفيذ و يناسب هذا الأسلوب الموظفين الراغبين وغير القادرين ( المستوى الثاني ) .

ت- المشاركة في القرار :

      في المستوى الثالث يكون الموظف قد نضج نسبيا فأصبح قادر لكنه ليس راغبا، هنا يتحول القائد إلى تقديم دعم عاطفي ويحفز مرؤوسه و يتيح له فرصة المشاركة في الأفكار المتعلقة بصنع القرارات .

ث - التفويض

      هنا يكون المرؤوس قد بلغ المستوى الرابع فأصبح قادر على العمل و راغبا فيه ، كما أنه أصبح ذو خبرة مدفوعا ذاتيا و موثوقا به ، فيستطيع القائد أن يفوضه و يحمله مسؤولية صنع القرار         و التنفيذ ، فهذا الموظف يتوقع أن يكون قادرا على العمل بأقل حد من تأثير القائد .

و في هذا الموقف يكون نضج المرؤوس و توجهه الذاتي يحل محل القائد فهو لا يحتاج قائد ليصمم له عمله ، على الرغم من وجهات نظر هذه النظرية إلا أنه يبقى للخصائص القيادية دورها في إبراز القادة من غير القادة ، فقد تساعد الظروف شخصا ما لأن يكون قائدا و لكن اعتقاده للخصائص القيادية اللازمة التي تساعده في إدارة الجماعة تجعله يفشل في مهمته .

3 – نظرية المسار والهدف :

     يعتبر هذا النموذج محاولة جادة للربط بين سلوك رجل الإدارة ومشاعر المرؤوسين ويحلل المفهوم المحوري هذا النموذج الكيفية التي يؤثر بها القائد على مدركات المرؤوس والمتعلقة بالأهداف في العمل وأهدافه الشخصية وأيضا بالمسار الموصل لتحقيق هذه الأهداف .

فالنموذج يقترح أن سلوك القائد يؤثر على دافعية المرؤوس أوعلى رضاه إذا كان هذا السلوك له القدرة على تحقيق أهداف المرؤوس و القدرة على تسيير و إيضاح المسارات الموصلة والمحققة لهذه الأهداف .

     و لقد حدد هاوس أربع سلوكيات قيادية هي نذكرها على النحو التالي :

- القائد الموجه : و يجعل التابعين يعرفون ما هو متوقع منهم و يجدول العمل المطلوب إنجازه .

- القائد الداعم : ودود يظهر اهتمامه بحاجات التابعين .

- القائد المشارك : يستشير التابعين و يعتمد مقترحاتهم في اتخاذ القرار .

- القائد المتوجه بالإنجاز : يضع أهداف محددة و يتوقع من التابعين إنجازه بمستويات عالية وعلى العكس من فيدلر يفترض .

      ولقد توصلت النظرية إلى النتائج التالية :

- يؤدي النمط الداعم ( الإنساني ) في القيادة إلى دافعية و رضا عالي لدى المرؤوسين حينما يتميز بأنه مثير للتوتر والإحباط و يتركز سلوك القائد على تعويض المرؤوسين عن هذا التوتر بعلاقات إنسانية حسنة .

- يؤدي النمط المشارك في القيادة إلى دافعية ورضا لدى المرؤوسين حينما يتميز العمل بالغموض   وعندما يكون المرؤوسين مباليين للاستقلال .

- يؤدي نمط القيادة الموجهة إلى الرضا وزيادة الدافعية حينما يكون العمل صعبا وغامضا وعندما يكون المرؤوسين متعلقين و غير مبالين فلابد للقائد من توجيههم و إرشادهم .

- يؤدي النمط الموجه بالإنجاز إلى زيادة الرضا والدافعية حينما يكون العمل غامضا وغير متكرر     و لابد للقائد أن يثق في قدرات مرؤوسيه حتى يثير حماسهم للعمل.

نقد النظرية :

          لقد حاولت هذه النظرية تفسير كيفية وصول بعض الأشخاص إلى قيادة جماعة معينة، حيث ركزت على الظروف والمواقف الاجتماعية ومدى تأثيرها على شخصية القائد ،لكن رغم ذلك فقد أهملت هذه الأخيرة عدة جوانب التي لها تأثيرها الخاص هي الأخرى :كتلك المعلقة بشخصية القائد كالسمات العقلية والجسدية والانفعالية ... أما نموذج فيدلر قيّم على انه فشل في تحديد ما الذي يفعله القائد في المواقف المختلفة ،ومع ذلك فإن العناصر الأساسية للنظرية تظل ذات قيمة كبيرة  بحد ذاتها ، أما فيما يخص نظرية الهدف فبالرغم من أنها تتسم بالحركية إلا أنها لم تقدم حلا حاسما لبلوغ الفعالية القيادية .

 

 

 

Modifié le: Wednesday 22 June 2022, 13:39