1-الموقع الجغرافي.
يقع العراق في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا، يحده من الشرق الأراضي الإيرانية المرتفعة، ومن الغرب والشمال الغربي سوريا وفلسطين، بينما تحده جبال كردستان من الشرق والشمال الشرقي، وينتهي جنوبًا بالخليج العربي، يجري على طوله نهراه التوأمان (دجلة والفرات) من الجبال الواقعة في شمال أرمينيا إلى الجنوب، ليلتقيا في نهر واحد هو شط العرب الذي يصب في الخليج العربي، وقد كان لهذين النهرين أثرهما على الحياة الاقتصادية في هذه المنطقة منذ القديم إلى درجة أن سمى الإغريق البلاد بـ "ميزوبوتاميا" أي (بلاد مابين النهرين) نسبة لهما، وكلمة ميزوبوتاميا هذه تشمل بالنسبة لليونان الجزء العلوي من وادي هذين النهرين، وهي المنطقة التي دعاها العرب بـ "الجزيرة"، لأنها تشبه الجزيرة التي تحيط بها المياه من جميع أطرافها.
أما سترابون فيعرف منطقة بلاد مابين النهرين بقوله:« إن البلاد التي تحاذي بلاد فارس هي بلاد آشور، ويُفهم من هذا الاسم أي آشور بلاد بابل وجزء كبير من المنطقة المجاورة التي تضم كل إقليم آشور ومركزه نينوى والضفة الأخرى لنهر الفرات، وهي القسم الواسع الذي ينقسم بين العرب والسوريين إلى غاية الحدود مع سيليسيا وفينيقيا وأرض اليهود»، بينما يصف"جورج روو" هذه المنطقة بالمثلث الذي تبلغ مساحته حوالي 208 ألف كلم، محدود بخطوط وهمية تمرُّ من حلب إلى بحيرة أورميا وحتى خليج الشط، ويرى بأن الحدود السياسية الحديثة تقسم هذا المثلث بين سوريا والعراق اللذان يشغلان أكبر قسم منه، والباقي جزء من إيران وتركيا.
2-المناخ
تشير الأدلة الجيولوجية والطبيعية والنباتية والحيوانية أن المناخ الذي ساد منطقة وادي الرافدين شهد تغيرات خلال عصوره الأولى، حيث حلّت في المنطقة تقلُّبات مناخية كبرى سبّبتها الزحاف الجليدية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية؛ بحيث كان يُقابل كل عصر جليدي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية (الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا) عصر ممطر ورطب في الشرق الأدنى، فكان مناخ بلاد الرافدين في هذه الفترات أكثر رطوبة مما هو عليه الآن، لأن الأمطار كانت أكثر غزارة، وتسقط في فصل الصيف والشتاء، أما خلال الفترات الجافة فكان يشبه مناخه الحالي.
ومن الجدير بالذكر أن الأحوال المناخية في هذا القطر لم تطرأ عليه تغيُّرات منذ أن استوطن الإنسان السهل الرسوبي في الجنوب مابين الألف السادس والخامس قبل الميلاد، ويمكن وصفه بصورة عامة بأنه مناخ قارّي شبه مداري تشبه أمطاره في نظامها مناخ البحر المتوسط، ويكون المناخ في المنطقة الجبلية شبيهًا بمناخ البحر المتوسط، حيث الشتاء بارد والثلوج كثيرة والصيف معتدل والأمطار غزيرة، أما منطقة السهوب فتتمتّع بمناخ انتقالي بين مناخ البحر المتوسط والمناخ الصحراوي الحار، وتقل فيها الأمطار قياسًا مع المنطقة الجبلية، أما المنطقة الصحراوية والسهل الرسوبي فتتمتع بحرارةٍ شديدةٍ وتقل فيها الأمطار وتكثر الرطوبة النسبية، وقد انعكس هذا المناخ على الغطاء النباتي، فكان الشعير والقمح يُنتج بوفرة، ويشهد بذلك سترابون بقوله: « ليس هناك من بلاد على الأرض تنتج الشعير مثل بابل».
أما الرياح فأغلبها شمالية تهب معظم أيام السنة، ولها تأثير مهم على المناخ لحرارتها المنخفضة وتلطيفها الجو في فصل الصيف بينما تهب الرياح الشمالية والشمالية الشرقية خلال فصل الشتاء، مجتازة بذلك المرتفعات الثلجية لأرمينيا وإيران، ويصحبها انخفاض في درجة الجرارة مشكلة غطاءًا جليدياً ابتداءًا من شهر جانفي، أما الرياح الجنوبية الشرقية فتكون دافئة ورطبة نسبيًا، كما تهبُّ على جنوب المنطقة رياح جنوبية حارة ورطبة، ويكون هبوبها في الربيع والصيف حيث الأرض جافة والأمطار معدومة أو نادرة.
خريطة بلاد النهرين