مقدمة:

   بما أن الفعالية أمر هام في حياة المنظمات نتيجة التطور الكبير و المنافسة الشديدة من أجل البقاء و الاستمرار , فقد سعى عدد من الباحثين و المهتمين الى إيجاد نظرية تعتمدها المنظمات لكي تكون فعالة، و لكن موضوع الفعالية هو موضوع معقد بتعقد المنظمات نفسها و هذا ما أدى إلى كثرة الاختلافات حول تحديد مفهومها و ضبط مؤشراتها و قياسها و ربما يعود ذلك إلى صعوبة تحديد الظواهر التي تحيط بفعالية التنظيمات .

مفهوم الفعالية التنظيمية:

يعتبر تعريف الفعالية التنظيمية أمرا في غاية الأهمية لأنه معيار تحديد فشل أو نجاح المنظمة، وبقدر تحديد هذا المفهوم و أهميته هناك صعوبة في الاتفاق على تعريف واضح ومقبول له إذ أول مشكلة تواجه الباحثين في موضوع الفعالية التنظيمية هي مشكلة التعريف، حيث تقسم التعاريف إلى ثلاث مجموعات: تقليدية، نظامية ومعاصرة.

1- مجموعة التعاريف التقليدية: في هذه المجموعة سيكون التركيز على الأهداف كمؤشر لتحديد الفعالية التنظيمية بناء على موارد البيئة الخارجية دون تحديد طبيعة الأهداف من حيث الرسمية وعدمها، كذلك بالنسبة للعامل الزمني.

ü  تعريف اميتاي اتزيوني: هي النجاح في تحقيق الأهداف المسطرة من خلال الاستغلال الأمثل والمتوازن للموارد المتاحة في البيئة الخارجية.

ü  تعريف شستر برنارد: يعرفها على أنها تحقيق الهدف المحدد.

ü تعريف دونيلي: هي درجة التطابق بين الأهداف في حدود الموارد المتاحة.

ü  وهناك فريق يعرفها على أنها درجة التطابق بين الأهداف التنظيمية والنتائج المحصلة أي التطابق بين مدخلات النظام ومخرجاته.

2-مجموعة التعاريف النظامية: هذه المجموعة ترى بأن الفعالية التنظيمية هي عمليات ترتبط بالتصور النظامي المبني على التفاعل بين مدخلات النظام ومخرجاته، واعتمادا على التغذية المرتدة، أو هي قدرة المنظمة على تحقيق التوازن والتكيف من خلال الترابط الداخلي.

ü  تعريف كاتز و كاهن: عرفاها على أنها مضاعفة النتائج النهائية للمؤسسة من خلال الاستخدام الأمثل لكافة الوسائل المتاحة في البيئة الداخلية والخارجية وبعبارة أخرى هي القدرة على البقاء، الاستمرار والتحكم.

ü تعريف كاست و روزنزونرغ: هي القدرة على تحقيق أهداف التنظيم في شكل زيادة حجم المبيعات والحصة السوقية و رضا الزبائن و تنمية الموارد البشرية وتحقيق النمو.

ü  تعريف ماهوني و ستريس: هي المرونة والانتاجية المرتفعة والقدرة على التكيف مع البيئة والقدرة كذلك على الاستقرار و الإبداع.

3-مجموعة التعاريف المعاصرة:

من خلال هذه المجموعة المعاصرة لتعاريف الفعالية يصبح لمفهوم الفعالية التنظيمية ارتباطا أكثر بتحقيق الأهداف المنشودة خضوعا لمكونات بيئية متنوعة وهنا تكون المؤسسة في حالة تيه بحثا عن التوازن الديناميكي.

 تعريف ألفار: يعرفها بأنها القدرة على البقاء والتكيف والنمو بغض النظر عن الأهداف التي تحققها.

وهناك تعاريف أخرى فيها من يعتقد أو يحدد مفهوم الفعالية التنظيمية على أنها القدرة على تحقيق الحد الأدنى من الإشباع لرغبات وتطلعات الأفراد الأطراف ذات العلاقة الاستراتيجية فيما بينها. ويرى "ميلز" على أنها النجاح في التعامل مع القيود المفروضة عليها من جمهورها.

ويمكن تعريف الفعالية التنظيمية على أنها درجة تحقيق أهداف المنظمة القصيرة والطويلة الأمد، في ظل الاستغلال الكفء والتأقلم الفعال مع ظروف المنظمة الداخلية والخارجية.

وعموما فإن الفعالية التنظيمية تعني في أبسط معانيها، قدرة المنظمة على تحقيق الأهداف المخطط لها سلفا، من خلال بعض المؤشرات الاقتصادية كالإنتاج كما ونوعا، ومؤشرات اجتماعية سلوكية كرضا الأفراد، والمشاركة في اتخاذ القرار...مما يكفل للمنظمة الاستقرار والتكيف ومن ثم النمو والتطور والبقاء .

الفرق بين فعالية وكفاءة المنظمة:

يقصد بالفعالية التنظيمية قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها وتكيفها مع المحيط وتطورها، فشركة الأغذية المعلبة مثلا التي تحقق الأرباح المستهدفة، وتقدم للمجتمع منتجات مرتفعة الجودة، هي شركة تحقق الفعالية. أما الكفاءة التنظيمية فترتبط بالاستخدام الاقتصادي للموارد المتاحة، وتقيس مدى تحقيق المخرجات بأقل مدخلات  ممكنة أو العلاقة بين المخرجات والمدخلات .

فكفاءة المنظمة هي عبارة عن: مخرجات المنظمة/ مدخلات المنظمة.

فلو أن إحدى الشركات العاملة في نفس المجال تفقد كميات كبيرة من المحاصيل المستخدمة في الانتاج وفي نفس الوقت تتسبب في إحداث تلوث في البيئة المحيطة، فإن هذه الشركة لا تعمل بكفاءة.

مما تقدم يتضح أن الفعالية ترتبط بالأهداف، في حين ترتبط الكفاءة بالوسائل، فإذا كانت الكفاءة أحد الأهداف التي ترغب المنظمة في تحقيقها، فإن ذلك يعني إمكانية استخدام الكفاءة كأحد المؤشرات الدالة على الفعالية التنظيمية، أي أن الفعالية التنظيمية أشمل من كفاءة المنظمة.

المؤشرات المستخدمة في الحكم على فعالية المنظمة:

تؤكد وجهة النظر الواقعية على ضرورة استخدام تركيبة من المؤشرات في تحديد الفعالية التنظيمية، ويمكن تصنيفها في مجموعتين:

أ‌- المؤشرات الخارجية: وترتبط بصفة أساسية بالمخرجات وبعلاقات المنظمة بالبيئة الخارجية.

ب‌-المؤشرات الداخلية: وترتبط أساسا بمدخلات المنظمة وظروفها الداخلية.

أما عن مؤشر الفعالية الكلية للمنظمة فهو عبارة عن مركب من المؤشرات الداخلية الخارجية.

وفيما يلي أهم مؤشرات الفعالية التنظيمية كما يوضحها الشكل التالي:

 

        الفعالية التنظيمية

 

             المؤشرات الخارجية                                                المؤشرات الداخلية

             انتاج السلع والخدمات                                               التخطيط وتحديد الأهداف

             الجودة                                                             المهارات العملية للمدير

            تحقيق الأرباح                                                       المهارات الاجتماعية للمدير

            القدرة على التكيف                                                   كفاءة استخدام الموارد                                                                                       المتاحة

            النمو                                                               التحكم في سير الأمور                                                                                       الداخلية

             تحقيق أهداف جديدة                                                 المشاركة في اتخاذ القرارات

             التأهب للإنجاز                                                      تدريب وتنمية الأفراد

              المسؤولية الاجتماعية                                               الإدارة السليمة للصراع

              البقاء                                                               الغياب

أولا : المؤشرات الخارجية:

  1. انتاج السلع والخدمات: إن المنظمة التي تزود بيئتها بالمخرجات (السلع والخدمات) التي يرتفع عليها الطلب في هذه البيئة، تؤكد مبرر وجودها كعنصر فعال في المجتمع الذي ظهرت فيه.
  2. الجودة: إن ارتفاع مستوى جودة مخرجات المنظمة يعد مؤشرا على فعاليتها، فالنجاح الفائق الذي تحققه شركة IBM الأمريكية للحاسبات يعتمد على الجودة الفائقة، للمنتجات والخدمات المصاحبة للبيع.
  3. تحقيق الأرباح: كلما حققت المنظمة الأرباح، كلما ساعد ذلك في بقائها ونموها، وبدونها من الصعب على المنظمة تحقيق الكثير من أهدافها، ومع ذلك فإن شدة التركيز على الأرباح قد يؤدي إلى بعض التصرفات غير المستحبة مثل طرد العمالة، أو تحميل الأفراد بأعباء عمل زائدة عن الحدود المقبولة.
  4. القدرة على التكيف: يجب أن تتمتع المنظمة بقدر من المرونة يمكنها من الاستجابة للتقلبات في المتطلبات البيئية، فالمنظمة المتكيفة توصف بأنها منظمة عضوية أي جزء لا يتجزأ من البيئة التي تعيش فيها، وكلما حصلت على معلومات مستمرة عن التقلبات البيئية في الوقت المناسب تكون المنظمة أكثر قدرة على التكيف، كما يجب عليها أن تتأكد من صدق وثبات هذه المعلومات، ذلك أن وجود وحدات فعالة لبحوث التسويق وتطوير المنتجات داخل المنظمة يساعد على تحقيق هذا الهدف.
  5. النمو: يعتبر الكثير توقف المنظمة عن النمو من علامات عدم فعاليتها، ويمكن الاستدلال على نمو المنظمة بالزيادة في بعض العوامل مثل: حجم القوى العاملة، طاقة المصنع، الممتلكات، المبيعات، الأرباح، والحصة التسويقية.
  6. تحقيق أهداف جديدة: تسعى المنظمة الفعالة إلى تحقيق أهداف جديدة وهامة، بالنسبة لمراكز رعاية الشباب مثلا يكون إنشاء مراكز صحية لعلاج المدمنين من الشباب هو هدف جديد وهام. إن تحقيق هذه الهدف يعد مؤشرا على فعالية المنظمة (مركز الشباب في هذا المثال)
  7. المسؤولية الاجتماعية: أصبح لهذا المؤشر أهمية خاصة في السنوات الأخيرة، ويعبر عن المسؤولية  الاجتماعية بالمحاولات الجادة التي تبذلها المنظمة لحل المشكلات الاجتماعية التي تسبب وجود المنظمة في ظهورها.
  8. البقاء: عندما تنجح المنظمة في البقاء لمدة طويلة فإن معنى ذلك أن منتجات هذه المنظمة تلائم متطلبات البيئة التي تعيش فيها.

ثانيا: المؤشرات الداخلية:

  1. التخطيط وتحديد الأهداف: ترتبط الفعالية التنظيمية كما تقدم بمدى تحقيق المنظمة لأهدافها، وعليه فإن من أهم المؤشرات المستخدمة في الحكم على فعالية المنظمات هو قدرتها على تحديد الأهداف وقدرتها على تخطيط المسار الذي من خلاله يتم تحقيق هذه الأهداف.
  2. المهارات العملية للمدير: حتى تتحقق الفعالية التنظيمية فإنه لا بد أن يتوافر لدى أعضاء المنظمة خاصة من المديرين المهارات والخبرات الفنية التي تتعلق بكيفية إنجاز الأعمال اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة.
  3. المهارات الاجتماعية للمدير: إن توافر المهارات الاجتماعية لدى أعضاء المنظمة من المديرين يضمن توفير الدعم والمساندة إلى المرؤوسين، عند مواجهة التعثرات سواء في العمل أو في حياتهم الخاصة إضافة إلى ذلك فالمدير الاجتماعي يستطيع توليد الحماس لدى الأفراد في العمل حتى يبذلوا قصارى جهودهم من أجل تحقيق أهداف المنظمة.
  4. كفاءة استخدام الموارد المتاحة: وهذا المؤشر يؤكد على ضرورة أن تكون تكلفة المدخلات منخفضة مقارنة بعوائد المخرجات.
  5. التحكم في سير الأحداث داخل المنظمة: أي ضرورة السيطرة على سلوك الأفراد داخل المنظمة، و ضرورة توزيع السلطة على عدد من الأفراد بدلا من تركيزها في يد شخص واحد.
  6. المشاركة في اتخاذ القرارات: يرى كثير من الباحثين وحتى المديرين أن مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات التي تؤثر مباشرة في أعمالهم تؤدي إلى تدعيم الفعالية التنظيمية .
  7. تدريب وتنمية الأفراد: هو مؤشر يؤكد على أهمية توفير المنظمة البرامج التدريبية اللازمة لتنمية قدرات الأفراد والارتفاع بمستويات أدائهم، مما سيعود بالنفع على المنظمة.
  8. الإدارة السليمة للصراع: إن نجاح المنظمة في تقليل مستويات الصراع داخلها (سواء بين الأفراد أو بين الأقسام) وكذلك في التخفيف من الآثار السلبية للصراع، مؤشرات دالة على فعالية المنظمة.
  9. الغياب: إن ارتفاع معدلات الغياب يعد من أهم المؤشرات الدالة على انخفاض فعالية المنظمة والعكس.

أهم متطلبات زيادة الفعالية التنظيمية:

هناك عدة خطوات تستخدم من أجل زيادة الفعالية التنظيمية وأهمها ما يلي:

  1. اللامركزية و التفويض: وهما طريقتان لتحرير العاملين من الرقابة المتشددة خاصة في المنظمات الكلاسيكية، ومنه درجة من الحرية في توجيه الأنشطة، وتحمل المسؤولية، والاهم من ذلك إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية لديهم.
  2. توسيع العمل: يشجع تقبل المسؤولية لدى أدنى مستويات التنظيم، ويوفر الفرصة لإشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية، ويقضي على الملل والنفور.
  3. التقييم التنظيمي وتقييم الأداء: التقييم التنظيمي للمنظمة ككل من الجوانب الاقتصادية التنظيمية وكذا النفس-اجتماعية والسلوكية، كما يجب التخلي عن تطبيق البرامج الكلاسيكية لتقييم الأداء والتي تميل إلى معاملة الفرد وكأنه آلة منتجة خاضعة للرقابة والتفتيش المستمر، والانتقال إلى تطبيق الطرق الحديثة في التقييم تتبع مناهج تشرك الفرد في وضع الأهداف الذاتية والموضوعية للمنظمة ككل، وفي تقييم أدائه بشكل دوري أو سنوي، ويلعب المسؤول الأعلى دور القيادي في هذه العملية.
  4. الإدارة بالاستشارة والمشاركة: حيث يوفر هذا الأسلوب الظروف الملائمة لتشجيع العاملين كي يقوموا بتوجيه طاقاتهم الخلاقة نحو أهداف المنظمة، فإفساح المجال لهم للمشاركة في عملية اتخاذ القرارات التي تهمهم يوفر فرصة مهمة لإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية.
  5. زيادة فاعلية الاتصال: يمكن القيام بعدو إجراءات لتحسين شبكة الاتصالات داخل التنظيم، ويمكن إيجازها فيما يلي:

-انشاء قنوات إضافية لتسهيل سيولة وتدفق المعلومات في مختلف المستويات والاتجاهات.

-انشاء لجان مشتركة تضم عناصر وممثلين من مختلف المصالح ومستويات الهيكل التنظيمي، لمناقشة الأفكار والقرارات وتسهيل تنفيذها.

- تنظيم اجتماعات عامة دوريا، تعقد كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتناقش خلالها قضايا التنظيم التي يكتنفها الغموض، وتقديم الحلول.

-الاعتماد على مسيرين أكفاء في مواقع العمل التي يعتمد تنفيذ المهام فيها على الاتصالات بمختلف أنواعها.

-الاهتمام بانشغالات العمال الصاعدة إلى المشرفين، والعمل على تفهمها والاستجابة لها ما أمكن.

ولكن مثل هذه الأفكار لزيادة الفعالية التنظيمية تواجه صعوبات عديدة كعدم منح الأهمية الكافية للاتصالات مما ينعكس سلبا على الفعالية، كما أن الإدارة كثيرا ما تعمل على كسب الممثلين النقابيين عن طريق مختلف الإغراءات كالترقية والسكن حتى يقوموا بالتواطؤ مع الإدارة.

خلاصة:

إن موضوع الفعالية التنظيمية هو موضوع أساسي يتوقف عليه نمو وتطور المنظمات أو زوالها، ويبقى مفتوحا للنقاش والبحث، بسبب وجود وتأثير العوامل الخارجية على سيرورة ونمو المنظمات.                                                               

آخر تعديل: Friday، 12 May 2017، 12:22 PM