الجزء الثاني:

مبادئ التنظيم الادراكي أو قواعد الادراك والعوامل المؤثرة فيه:

1ـ مبادئ التنظيم الإدراكي أو قواعد الادراك

—     أـ  الشكل والخلفية: تتعلق بالسياق الكلي العام الذي ترد فيه الخبرات الحسية والنفسية. يقصد بالشكل والخلفية:

  أننا نتعامل مع الأشياء في هذا العالم المحيط بنا، ليست كأشياء تتواجد بشكل مستقل ومنفصل عن غيرها من الأشياء الأخرى او عن البيئة الخارجية, إنما تقع في سياق وظرف وهو ما يمثل خلفية معينة تسهل في عملية تمييزها وإدراكها.

        كإدراكنا للكتابة عند قراءتها في كتاب أو على سبورة إلكترونية أو إدراكنا لأصوات معينة (فهي تمثل الشكل) من بين عدة أصوات المحيطة بها التي تتواجد في سياق كلي (يسمى بالخلفية) تسهل عملية تمييزها.

  مثال: التوقف عند إشارة المرور فهي تمثل شكلا مهما بالنسبة للكل (أشجار وبناءات وسيارات وأشخاص وظرف محيطة بها من كل الاتجاهات).

 

   لماذا يدرك البعض شكلا معينا على انه شكل والبعض الآخر يدركه أرضية كما هو في الصورة أعلاه؟

    عند الإجابة على هذا السؤال سنبين أهم القوانين التي تتحكم في عملية الإدراك والتي تستند على العوامل الخارجية للمثيرات المدركة.

 حسب نظرية الجشطالت فإن عملية الإدراك تعتمد على خصائص الأشياء التي يستجمعها الفرد معا لتمثل الشكل وذلك وفقا للمبادئ الآتية: (فخري عبد الهادي 2010)

1- مبدأ التقارب أو التجاور وإدراك السبب والمسبب:

    يمتاز الإدراك بأنه عملية تجميعية حيث يتم إدراك المؤثرات الحسية المتقاربة في الزمان والمكان على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة. فكلما كانت مجموعة العناصر أكثر قرباً من بعضها البعض كلما أدركت على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة.

—     هذا وبالتالي يسهل عملية تخزينها وتذكرها لاحقا.

—         فالأحداث التي تقع معا بشكل متقارب في الزمان والمكان تدرك على انها واحدة او مترابطة. او لها علاقة فيما بينها.

—      ـ حدوث أصوات كثيرة في أماكن متقاربة في وزمان واحد تدرك على أنها واحدة او تنتمي ى نفس الموقف او الحدث كما هو مبين في المال السابق.

—     يقول دنكر DUNKER 1945: في تحليله لعملية الادراك أن المجاورة قد تحدد إدراكنا للسببية، فإذا حدث أمران في لحظة واحدة ولم يدرك الشخص الذي لاحظ وقوع الحدثين سببا لهذا التجاور المكاني والزماني في وقوعهما فقد يظن أن هناك علاقة سببية بينهما .

   فعندما يسمع شخص ما صراخ في عمارة مجاورة له ثم يرى أضواء انطفأت في شقة مقابلة وسيارة منطلقة بسرعة إلى مكان مجهول في نفس المكان والزمان. فقد يدرك وجود علاقة سببية بين الحدثين او الموقفين.

2- مبدأ التشابه وإدراك السبب والمسبب:

    حسب خاصية التجميع أو التصنيف ففي الغالب يسهل إدراك الأشياء المتشابهة أكثر من غيرها المتباينة والمختلفة.  

   فالأشياء التي تشترك في خصائص معينة كاللون أو الشكل أو الإيقاع أو الحجم أو التركيب أو الشدة أو الاتجاه أو السرعة، غالباً ما يتم إدراكها على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة ا نفس الفصيلة او العائلة, بحيث يكون اكتسابها وتذكرها بشكل أسرع من الأشياء المتباينة والمختلفة.

    كتشابه الأفكار والقناعات والاعتقادات التي يعتنقها شخص معين مع طبيعة الجريمة المرتكبة أو مع تصرفاته وعلاقاته.

   يقول هيدر 1944: أن اتهام فرد معين بفعل جريمة ما قد يكون مبنيا على أساس نظام السبب والمسبب ومبدأ التشابه (الذي يكون إما جسمي أو خلقي أو تشابه الجريمة أخلاقيا وسلوكيا مع مبادئ ذلك الشخص).

3ـ مبدأ الاغلاق:

     عموما نميل إلى إدراك الأشياء الكاملة والمتكاملة والتي تمتاز بالاستقرار على نحو أسهل من الأشياء الناقصة: لأنها تشكل تكويناً إدراكياً له معنى ويؤدي وظيفة معينة.

     أما التنبيهات الحسية التي تمتاز بالنقص وعدم الاكتمال فإن نظامنا الإدراكي يعمل على توفير بعض المعلومات بناء على الخبرات السابقة لسد الثغرات وإكمال النقص فيها بغية الوصول إلى حالة الاكتمال أو الاستقرار ولتكوين ما يسمى الكل الجيد.أو ذات المعنى.

 مثل كلمات حذفت بعضا من حروفها في بعض الآيات القرآنية او الابيات الشعرية كما في المثالين:  

1ـ يا أيها الذين ....نوا قو أنفسم وأهليــ ........نارا وقو..ها ....“....

  2ـ عليك بالحضـــ ...ر يوم الخمـ .... لمأدـ.......العشـ ......

 نفس الشيء بالنسبة للصور والأشكال.

4      مبدأ التشارك في الاتجاه:

    تمتاز طبيعة الإدراك لدينا بأنها تأخذ نمطاً تكيفياً معيناً بحيث نميل إلى إدراك الأشياء التي تأخذ وضعاً ذات اتجاه معين على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة او لها معنى معين,

    ففي حين أن الأشياء التي تختلف معها بالاتجاه فهي تدرك على أنها مجموعة أخرى.

 مثال تشارك مجموعة من السهام أو الورود أو السيارات في اتجاه واحد تدرك على انها تنتمى إلى مجموعة واحدة

5     ـ تأثير الكل على الجزء:

يعني أن إدراك الإنسان للأشياء كلي أكثر ما هو جزئي ، حيث حينما يعرض له شكل أو أشكال متماثلة مع وجود بعض الاختلافات الطفيفة غير لافتة للانتباه فإنه يدركها كلية ويصدر كما على أنها متشابهة ولا يوجد أي اختلاف بينهما.  تعتبر أنظمتنا المعرفية عبارة عن تجميعات كلية لمعارف جزئية وهذا ما يفسر لنا أسباب التحيز والمحاباة في أحكامنا على الأفراد أو الأشياء من حولنا. كالأحكام على اليهود أو على مناطق معينة في بلادنا. بالسلب او الايجاب... الادراك الكلي للموقف قبل الأجزاء التفصيلية. مع مبدأ التعميم للكل في اصدار الاحكام.

 مثال ادراك السيارة او العمارة ككل متكامل ثم الدخول في التفاصيل في نوعية السيارة ظا العمارة وشكلها ولونها وغير ذلك.

Modifié le: Wednesday 6 May 2020, 17:13