مقدمة:
لم يحض مجال في التربية الخاصة عامة و علم النفس خصوصا بالتطور و بالنمو السريع مثلما حظي مجال صعوبات التعلم، بحكم كونها مؤشر مميز لجودة التربية من عدمها إلى جانب تأثيرها الواسع في مستقبل الأفراد و المجتمعات، و الأكيد أن فئة صعوبات التعلم كانت و لازالت محل تجاذب العديد من التخصصات النفسية الإكلينيكية و التربوية و البيداغوجية، هذا التجاذب شمل كل جوانب مجالاتها من حيث التعريف و الضبط و التحديد الماهية إلى جانب معايير التشخيص و محكاته وصولا إلى إستراتيجيات العلاج والتكفل من برامج و بروتوكولات وتقنيات تدخل و تأهيل.
التطور التاريخي لميدان صعوبات التعلم:
يؤكد جونسون Jonson أن مجال صعوبات التعلم بدأ ينتشر منذ عام 1963 بفضل جهود كيرك بطرحه أثناء فعاليات المؤتمر القومي الذي أنعقد في مدينة شيكاغو الأمريكية في أبريل عام 1963 و حضره العديد من علماء النفس و الباحثين في التربية و مسئولي الصحة أين أيد الجميع العالم و الطبيب سامويل كيرك في استخدام مصطلح صعوبات التعلم كمفهوم خاص جديد أين أكد كيرك في هذا السياق أن فئة صعوبات التعلم هي فئة خاصة من نوعها يجب تصنيفها تصنيفا مغاير للحالات الأخرى و منذ ذلك التاريخ و مجال صعوبات التعلم يلقى اهتماما متزايدا على مستوى الهيئات خصوصا منها الرسمية،فتم إنشاء هيئات متخصصة مثل الاتحاد الوطني للأطفال ذوي صعوبات التعلم عام 1965 و تم إصدار مجلات علمية متخصصة مثل مجلة صعوبات التعلم Journal of learining disabilities كدورية متخصصة اهتمت بدارسة الأطفال الذين صنفوا على أن لديهم صعوبات تعلم، و نفس الأمر كان مع تعريفات هذه الفئة التي توالت تباعا البعض منها حظي بالقبول و البعض الآخر رفض إلى غاية صدور قانون 142-94 الصادر في 29 نوفمبر 1975 و الذي سن حق التعليم لجميع الأفراد ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، ثم تم ضبط فئة صعوبات التعلم خلال الفترة من 1975 إلى 1977 بصفة دقيقة في شكل مراسيم و قواعد تنفيذية في القانون الأمريكي من قبل المكتب الأمريكي للتربية (سليمان عبد الواحد يوسف إبراهيم،2010، ص:26 )
مفهوم صعوبات التعلم و التعاريف المتعلقة به:
استخدام مصطلح صعوبات التعلم بوصفه يشير إلى إعاقة لم يظهر في ميدان التربية الخاصة و علم النفس إلا بعد منتصف سنوات الستينيات على الرغم من أن الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة كانوا دوما في المدرسة و لا يعانون من إعاقة أو نقص و مع ذلك يواجهون الكثير من المشكلات و الصعوبات الجمة في التعلم و لأن السمة الغالبة على الأطفال ذوي صعوبات التعلم هي المشاكل الدراسية و انخفاض مستوى التحصيل المدرسي مقارنة بأقرانه.
تعريف سامويل كريك 1962:
في نهاية 1962 و كما سبق و أن ذكرنا في تاريخ نشأة مصطلح صعوبات التعلم قام سامويل كيرك باقتراح مفهوم صعوبات التعلم كمفهوم مستقل عن المفاهيم التي ظلت تشاركه فأشار في مؤلفه ""الأطفال ذوي الظروف الخاصة" إلى انه آن الأوان لكي يكون مفهوم صعوبات التعلم، مفهوما خاصا بفئة محددة من التلاميذ الذين يظهرون أنماطا سلوكية معينة، و صعوبات التعلم هي مفهوم يشير إلى التأخر أو الاضطراب في واحدة أو أكثر من العمليات الخاصة بالكلام و المتمثلة في اللغة و القراءة و الكتابة و الحساب أو أي مواد دراسية أخرى وذلك نتيجة احتمال وجود خلل مخي بسيط أو اضطرابات انفعالية أو سلوكية و لا يرجع هذا التأخر الأكاديمي إلى التخلف العقلي أو الحرمان الحسي أو إلى العوامل الثقافية أو التعليمية المتدنية أو السيئة (محمد النوبي محمد على، 2011، ص: 28).
تعريف هلاهان و كوفمان:
يذكر كل من هلاهان و كوفمان Hallahan & Kauffman عام 1996 أن كيرك عندما وضع التعريف الأول لصعوبات التعلم و أشار إلى كونها فئة لديها تأخر أو اضطراب في واحدة أو أكثر من العمليات الخاصة بالكلام و اللغة و القراءة و الكتابة و الحساب بالخصوص و ذلك نتيجة خلل وظيفي مخي بسيط هذا الخلل المخي سواء كان موقعي أو في الوظيفة فهو سبب ظهور صعوبات التعلم، نفس التعريف قدمه الباحث السيد عبد الحميد عام 2003 و الذي يتضمن فكرة أن صعوبات التعلم ما هي إلا مجموعة غير متجانسة من الأفراد في الفصل العادي ذوي ذكاء متوسط أو فوق المتوسط لديهم اضطرابات في العمليات النفسية و يظهر آثرها في التباين الواضح بين التحصيل المتوقع و التحصيل الفعلي في فهم و استخدام اللغة و في المجالات الأكاديمية الأخرى، و هذه الاضطرابات ترجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي و لا ترجع صعوبة التعلم إلى إعاقة حسية أو بدنية و لا يعانون من الحرمان البيئي سواء كان ذلك يتمثل في الحرمان الثقافي أو الاقتصادي أو نقص فرص للتعلم كما لا ترجع الصعوبة إلى الاضطرابات النفسية الشديدة. ( سليمان عبد الواحد يوسف إبراهيم، 2010، ص 32 )
التعريف الإجرائي لصعوبات التعلم:
بناء على كل ما تقدم و سبق و تأسيسا على تحليل التعريفات الخاصة فإنه يمكن تعريف صعوبات التعلم بأنها مصطلح عام يصف مجموعة من الأفراد من مختلف الأطياف العمرية غير متجانسون في طبيعة الصعوبة أو مظهرها لكنهم يظهرون تباعدا واضحا بين أدائهم المتوقع و الفعلي في مجال أو أكثر من المجالات النمائية و الأكاديمية و هذه الصعوبة ترجع لديهم إلى اضطراب في وظائف المخ المعرفية و الانفعالية و مناخهم الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي و التعليمي معتدل و جيد إلى جانب كونه أصحاء و لا يعانون من أي إعاقة عقلية كانت أم جسمية مع سلامة حواسه البصرية و السمعية كما أنهم لا يعانون من أي اضطراب انفعالي أو مرض صحي و لديهم مستوى ذكاء عادي أو أعلى من المتوسط و في بعض الحالات هم من المتفوقين عقليا ويجب الفصل بينهم و بين باقي الفئات مثل التأخر الدراسي و الفشل المدرسي و بطء التعلم و التخلف العقلي.
جدول رقم 1: نشأة و تطور مجال صعوبات التعلم
السنة |
السياسة الحكومية |
المنظمات |
نمط الاضطراب أو الصعوبة |
النظرية |
النظرية |
||
اللغة المنطوقة |
اللغة المكتوبة |
العمليات الإدراكية و الحركية |
سلوكية |
معرفية |
|||
1961 |
لا توجد قوانين خاصة |
منظمات غير حكومية |
مكارثي و كيرك اختبارITPA |
|
كريشانك |
|
|
1962 |
لا توجد قوانين خاصة |
كريك قدم المصطلح صعوبات التعلم |
|
|
|
هارنح و فيليبس |
|
1963 |
لا توجد قوانين خاصة |
بداية إستخدام مصطلح صعوبات التعلم |
|
|
دومان و ديلكاتو |
|
|
1964 |
|
إنشاء رابطة صعوبات التعلم |
|
|
فروستنج |
لندسلي |
|
1965 |
|
منظمات غير حكومية |
بداية تدريس علم النفس اللغوي |
|
اعتماد الأنشطة الحركية و المعرفية في التدريب |
|
|
1966 |
كليمنس يتخدم مصطلح MBD |
منظمات غير حكومية |
|
|
|
ليفوت |
1966 |