الحداثة في الشعر العربي                

    تمهيد: لا شك في أن الحداثة في مفهومها العام تجربة شائكة مترامية الاطراف ضمن أطر وسياقات مختلفة إذ تمثل خطاب التحول الذي أحدث شرخا خلخلة في المفاهيم وفي بنية النظم، وهي في الشعر طريق مختلف في فهم الوجود وتقديمه، ومنحا اخر في ملامسة وتحسس الموجودات والتفاعل معها وفق رؤية فنية تساير الحياة والعالم في تغيرهما وحركتهما، ولهذا كان من أهم شروطها التجدد المستمر والتمرد على كل قوانين الثبات.

    تمظهرات الحداثة في الشعر العربي: لقد جسدت الحداثة الشعرية العربية نضال مبدعيها وتطلعاتهم نحو أشكال وطرائق جديدة في التعبير وخوض افاق تجريبية في الممارسة الكتابية استجابة لمطالب حضارية من جهة وتلبية لحاجات جمالية لم تكن موجودة في المجتمع العربي أو لم تكن لها هذه الاهمية التي تستدعي فعل المغايرة أو اختلاف عن السائد والموروث فقد ظل شكل القصيدة العربية على مر العصور الادبية يتحكم في مضمونها إذ ظل تجدد الشكل الفني في مضمار التغيير وهاجز الشعراء فقد ساد الظن بأن الشكل التقليدي للقصيدة العربية القديمة هو العائق أمام تجديد المضمون الشعري وتعميقه وتوسيع دائرة الرؤية فيه.

   والمتتبع لمسيرة الشعر العربي يجب أن تكون الجذور الاولى للحداثة الشعرية العربية بدأت منذ بداية الرفض والتمرد والدعوة الى التجديد التي برزت في عصر العباسي نتيجة الاحتكاك العرب بشعوب أخرى.

 

 

Modifié le: Wednesday 22 May 2024, 21:56