2. ثانيا- الوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة أثره

طبقا لهذا النص يستلزم المشرع في مجال العقد اضافة إلى وجود الإرادة والتعبير عنها ضرورة إعلام من توجه إليه بها ، حيث يجب أن يصل التعبير عن الإرادة إلى علم من وجه إليه هذا التعبير حتى يكون صالحا لترتيب آثاره، وتماشيا مع ذلك يلزم أن يكون علم الطرف الثاني بالتعبير عن الإرادة نتيجة للتوجيه والتصدير الإرادي للتعبير من صاحبه، فاذا حرر شخص رسالة إلى شخص آخر ولم يرسلها وقام شخص آخر بارسالها دون اذن منه، فان التعبير عن الإرادة هنا لا ينتج أثره حتى مع علم الغير به، لأن العلم هنا لم يكن نتيجة للتوجيه الاختياري للإرادة.

وتطبيقا لنص المادة 61 ق م التعبير عن الإرادة ايجابا أو قبولا يصبح له وجود مادي بمجرد صدوره عن صاحبه واستقلاله عن شخص من صدر عنه، غير أنه لا ينتج آثره الا من وقت اتصاله بعلم من وجه إليه ، عندها فقط يصبح له وجودا قانونيا يؤهله لأن يكون صالحا لأن يرتب أثره القانوني:

- إذا كان التعبير عن الإرادة ايجابا: فانه قبل وصول الايجاب إلى علم من وجه إليه، يكون للايجاب وجودا ماديا فقط، فلا يترتب عليه أثره القانوني ، وعليه يستطيع الموجب الرجوع في ايجابه أو تعديله. وبعد وصول الايجاب إلى علم من وجه إليه يدخل مرحلة الوجود القانوني فيكون صالحا لترتيب أثره القانوني والمتمثل في صلاحيته لأن يقترن به قبول وبالتالي لا يمكن في هذه المرحلة للموجب العدول عن ايجابه أو التعديل فيه حيث يصبح الايجاب ملزما له.

- إذا كان التعبير عن الإرادة قبولا: قبل وصول القبول إلى علم الموجب يكون له لهذا القبول وجودا ماديا فقط فلا يترتب عليه أي قانوني وعليه يستطيع القابل الرجوع في قبوله او التعديل فيه، وبعد وصوله إلى علم الموجب يدخل القبول اقتران بالايجاب  وبالتالي انعقاد العقد و بالمقابل لا يمكن للقابل الرجوع فيه.

وقد جعل المشرع بموجب المادة 61 ق م من وصول التعبير عن الإرادة ايجابا كان أو قبولا إلى من وجه إليه قرينة على العلم به، الا أنها قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس، حيث يمكن لمن وجه إليه التعبير عن الإرادة اثبات عدم علمه به على الرغم من وصوله إليه، كما لو أثبت أنه كان غائبا وقت وصول التعبير ( رسالة مثلا)