إن محل العقد هو العملية القانونية التي يراد تحقيقها من ورائه،و تتحقق هذه العملية من مجموع ما يرتبه من التزامات على عاتق طرفيه، فمحل عقد البيع هو نقل الملكية للمشتري في مقابل الثمن، و محل عقد الايجار هو تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل الأجرة.
و هناك محل الالتزام و يتمثل في الأمر الذي يلتزم المدين القيام به لصالح الدائن أي الآداء الذي يتعهد به.مثال التزام البائع بعدم التعرض للمشتري أو التزامه بضمان العيوب الخفية...إلخ.
و لكي يعتد بالمحل كموضوع للعقد ينبغي توافر الشروط التالية:
أولا-شروط المحل:
أ- أن يكون المحل ممكنا و موجودا أو قابلا للوجود:
إذا كان محل الالتزام عملا او امتناعا عن عمل وجب أن يكون هذا العمل أو هذا الامتناع ممكنا. و قد ينصب العمل محل الالتزام على شيئ من الأشياء، هنا يجب أن يكون هذا الشيء موجودا أو قابلا للوجود حتى يمكن القيام بهذا العمل، و إذا كان محل الالتزام نقل حق عيني حتى يمكن القيام بعملية نقل هذا الحق العيني.
و معنى أن يكون المحل ممكنا هو إمكانية تنفيذه و القيام به، أما إذا كان مستحيلا فالعقد باطل بطلانا مطلقا ذلك أن الالتزام لا ينشأ أصلا و لا ينعقد العقد، ذلك أن الالتزام هو تكليف المدين بالقيام بعمل معين و لا يمكن تكليف أحد بالمستحيل.
أما المقصود بالوجود فهو أنه إذا كان محل نقل حق عيني أو شخصي وجب أن يكون هذا الشيئ موجودا أو قابلا للوجود في المستقبل.فالمحل لا يكون ممكنا إلا إذا كان موجودا أو سيوجد في المستقبل. و عدم وجود المحل يمنع قيام العقد أو بطلانه بطلانا مطلقا و لا يترتب عليه أي أثر، و لا يؤثر في ذلك علم المتعاقدين من عدمه، و يكون المحل موجودا إذا لم يوجد أصلا أو وجد ثم هلك أو تلف كليا قبل إبرام العقد.
أما الشيء القابل للوجود فهو ما لم يوجد وقت إبرام العقد لكن إمكانية وجوده قائمة وقت التنفيذ، و هذا النوع من المحل مما يجوز التعامل فيه و يصح أن يكون محلا لمختلف التصرفات القانونية بشرط أن يكون هذا الشيئ المستقبلي محقق الوجود مثلما تقضي به صراحة المادة 92 ق.م.ج.
ب- أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين
يجب أن يكو ن المحل معينا أو قابلا للتعيين و إلا كان باطلا بطلانا مطلقا، و سبب ذلك أن عدم التعيين يؤدي إلى عدم تلاقي الإرادتين أي انعدام التراضي.
1- المحل المعين: الأصل أن يتم تعيين المحل صراحة، و تختلف طريقة التعيين بحسب نوع المحل سواء أكان عمل أو شيئ.
فإذا كان محل الالتزام عملا أو امتناعا عن عمل وجب تعيين ماهيته و طبيعته و مداه كتعهد صانع بصناعة شيئ معين خلال مدة معينة و بمواصفات معينة.
و إذا كان العمل ينصب على شيئ من الأشياء فلا بد من تعيينه، كالتزام البائع بنقل ملكية المبيع فإن تعيين ماهية الشيء يختلف باختلاف طبيعته فإذا كان قيميا فإن تعيينه يكون بالذات أي بتعيين الأوصاف الذاتية التي تميزه عن غيره، فالأراضي مثلا يكون تعيينها ببيان موقعها و حدودها و مساحتها، أما الأشياء المثلية فيتم تعيينها ببيان نوعها و مقدارها و درجة جودتها.
2- أن يكون المحل قابلا للتعيين:
في هذه الصورة لا يكون المحل معينا بطريقة مباشرة و لكن الأطرف يضمنون العقد أسسا يتم على ضوئها تعيين المحل، كما قد يعهد تعيين المحل للغير، فيجوز في عقد البيع مثلا عدم تجديد الثمن مع الاتفاق على بيان أسس تحديده كالإحالة على سعر السوق في تاريخ معين أو تفويض طرف آخر في ذلك.
و قد يتولى القانون أسس تعيين المحل أو الجهة المنوط بها في حالة عدم الاتفاق على ذلك، و مثال ذلك وضع المشرع لضوابط تحديد أجرة العامل في حالة عدم الاتفاق عليها في عقد العمل.
جـ- أن يكون المحل مشروعا
و يكون المحل غير مشروع إذا كان مخالفا للقانون أو النظام العام أو الآداب العامة .فإذا كان هذا المحل عملا أو امتناعا عن عمل وجب أن يكون هذا العمل أو الامتناع مشروعا، و مناط عدم مشروعية العمل يكمن في مخالفته للنظام العام او الاداب العامة او النصوص الامرة للقانون، و مثال ذلك الاتفاقات المتعلقة بالقتل او اتلاف املاك الغير او المتاجرة بالمخدرات.
و اذا كاان محل الالتزام نقل حق عيني وجب ان يكون الشيء الذي يرد عليه الحق داخلا في دائرة التعامل اي الاشياء التي يباح التعامل فيها، فاذا كان القانون يمنع التعامل في الشيء المتصل بالالتزام فان العقد يبطل بطلانا مطلقا لعدم مشروعية المحل.