1. أولا- وجود الإرادة والتعبير عنها

تنص المادة 59 من القانون المدني الجزائري

" يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن ارادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية"

يتضح من خلال هذا النص أنه لكي يتوافر ركن التراضي لابد من أن توجد الإرادة لدى طرفي العقد وأن يتم التعبير عتها وأن تتجه إلى إحداث أثر قانوني معين بحيث لا يمكن للصغير والمجنون إبرام العقود  لإبرام الإرادة لديهم...

أ-التعبير عن الإرادة:

يتم العقد طبقا للمادة 59 ق م بمجرد تبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين ويسمى التعبير الأول الذي يصدر عن الطرف الأول بـ "الايجاب" ويسمى التعبير الثاني الذي يأتي مطابقا للايجاب بـ" القبول" حيث بتطابق هذا الإيجاب وهذا القبول ينعقد العقد. وتتمثل طرق التعبير عن الإرادة طبقا لنص المادة 60 التي تنص على

تنص المادة 60 ق م على أنه:

" التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة أو الإشارة المتداولة عرفا .

كما يكون بإتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه

ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا"

طبقا لنص المادة 60 من القانون المدني وتماشيا مع مبدأ الرضائية في العقود لا يخضع التعبير عن الإرادة لشكل معين، ولذا يصح أن يكون صريحا أو ضمنيا:

1-التعبير الصريح عن الإرادة: يكون التعبير عن الإرادة صريحا إذا دل بذاته وبطريقة مباشرة عن الإرادة بحسب ما تعارف عليه الناس، حيث يقصد به ايصال الإعلان عن الإرادة إلى من توجه إليه ويكون ذلك:

- باللفظ : وتكون عن طريق الكلام مباشرة حال التعاقد بين حاضرين أو عن طريق رسول حال التعاقد بين غائبين.

-  بالكتابة: وتكون في ورقة رسمية أو عرفية بخط اليد أو بآلة الكتابة ، ترسل مباشرة إلى الغير أو عن طريق النشر والإعلان، ولا يشترط التعبير بالكتابة الا في حالة وجود نص في القانون أو وجود اتفاق سابق يفرض ذلك كما في العقود الشكلية.

-  بالإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف لا يدع شك في دلالته على مقصود صاحبه كما في حالة وقوف سيارات الأجرة في الأماكن المخصصة لوقوفها، وعرض التاجر للبضائع وعليها الأسعار على واجهات المحل... فهذه مواقف تدل صراحة دون أي شك على أن السائق يعرض السيارة للركوب والتاجر يعرض السلعة للبيع.

2-التعبير الضمني:يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا غير صريح إذا كان قاصرا بذاته للدلالة مباشرة عن الإرادة، غير أن الظروف التي تم فيها لا يمكن من تفسيره الإ باعتباره تعبيرا عن الإرادة، فالتعبير الضمني اذن هو تعبير غير مباشر عن الإرادة يتم الكشف عنه من الأفعال التي تصدر عن الشخص مثل تصرف الشخص في شيء عرض عليه ليشتريه فالتصرف في الشيء يدل على قبول المتصرف ضمنيا شراء الشيء بالثمن المعروض عليه.

ويلاحظ أن التعبير الضمني عن الإرادة خلافا للتعبير الصريح غير قاطع في الدلالة على المقصود منه بحيث يجوز اثبات عكسه.

وتطبيقا للمادة 60 من القانون المدني يستوي أن يأتي التعبير عن الإرادة صريحا أو ضمنيا حيث لهما نفس القوة، الا أن المشرع في حالات خاصة يشترط أن يفرغ التعبير عن الإرادة في شكل خاص ( رسمي أو عرفي) كما في العقود الشكلية ، وقد يكتفي القانون في حالات أخرى بما دون ذلك ويشترط فقط أن يكون التعبير عن الإرادة صريحا ( بالكتابة أو غيرها)، وبالتالي لا يعتد بالتعبير الضمني كما في الحالة التي تنص عليها المادة 505 ق م، 331 ق م.

كما يجوز الإتفاق على أن التعبير عن الإرادة صريحا فلا يكفي عندها التعبير الضمني طبقا للمادة 60 ق م.

- السكوت كطريق للتعبير عن الإرادة:

السكوت لا يمكن أن يُعدّ طريقاً للتعبير عن الإيجاب. ذلك أن الإيجاب عرض، والعرض لا يمكن أن يستفاد إلا بفعل إيجابي، أي بفعل إيجابي محدد موجّه إلى الغير.

أمّا فيما يتعلق بالقبول، فالقاعدة كذلك أن القبول لا يمكن أن يستفاد من مجرد السكوت، إذ لا ينسب إلى ساكت قول. وكقاعدة عامة من غير المتصور أن يكون السكوت تعبيراً عن الإرادة والتي هي عمل إيجابي، في حين لا يتضمن السكوت إيجاباً لأنه عدم، والعدم لا ينبئ بشيء وهو كذلك لا يتضمن قبولاً. إلا أنه إذا كان مجرد السكوت لا يُعدّ قبولاً، فقد يوجد نص في القانون يعتبره كذلك أو إذا لابسته ظروف تدل على أنه قبولا  ويسمى السكوت الملابس. ومثال ذلك: 

-السكوت يُعدّ قبولاً، إذا كان بين المتعاقدين تعامل سابق، واتصل الإيجاب بهذا التعامل السابق.

-وكذلك الحال، إذا كانت طبيعة المعاملة تقضي بذلك، مثل ما جرت عليه عادة المصارف من إرسال بيان إلى عملائها بالحساب الجاري، فإن عدم اعتراض العميل على هذا البيان، في وقت مناسب، يُعدّ اعتماداً له.

-إذا كان الإيجاب يسفر عن منفعة خالصة لمن موجّه إليه، فإن سكوت من وُجّه إليه البيان يُعدّ قبولاً.  مثال ذلك، أن يَعِد شخص آخر بأن يبيع له ماله بمبلغ معين، إذا أظهر رغبته في ذلك، في ظرف مدة محددة. فيسكت هذا الأخير، فيكون سكوت الموعود قبولاً، لأن الوعد مفيد له فائدة بحتة، ولا يلزمه بأي التزام. أو كعارية استعمال تعرض على المستعير فيسكت فيعتبر سكوته في هذه الحالة قبولاً. حيث أن الإيجاب يتضمن منفعة ظاهرة لمن وجه إليه.