1. مفهوم إدارة الموارد البشرية

1.2. المطلب الثاني : نظرة تاريخية على تطور إدارة الموارد البشرية

 تمثلت أنشطة وجهود الموارد البشرية من الناحية التاريخية في بعض الوظائف التقليدية مثل تعين الأفراد ،سجلات العاملين ، صرف المستحقات المالية تم التدريب والنقل والإحالة ، بالإضافة إلى بعض الخدمات الصحية والتأمينية (إدارة المستخدمين) ثم أصبح هناك تزايد الاهتمام بالعاملين  فتحول المسمى من غدارة المستخدمين أو شؤون الموظفين إلى مسمى إدارة الافراد والعلاقات العامة الإنسانية ومع التطور أصبحت تسمى إدارة الموارد البشرية.

ويعد إصلاح الموارد البشرية (Human Resources) اصطلاحا حديثا الذي حل تدريجيا محل اصطلاح الأفراد (PERSNNET ) نتيجة توسع وعمق هذا المجال من الدراسة ، وقد كانت سنة 1990 هي نقطة التحول لهذه الثورة التدريجية عندما قامت الجمعية الامريكية  لإدارة الأفراد – وهي أكبر منظمة متخصصة  في مجال الإدارة _  بتغيير المصطلح  إلى إدارة الموارد البشرية في المنظمات ، وليصبح مدير الموارد البشرية شريكا كاملا في الأعمال المتعلقة بالتخطيط الإستراتيجي .

 ويختلف مفهوم إدارة الموارد البشرية عن مفهوم إدارة الأفراد، طالما أن الفلسفة الإدارية التي يقوم كل  من المفهومين عليها قد حدث فيها تغيرات جوهرية ففي الثمانين العام الماضية كان آنذاك مدخلان في هذا المجال ألا وهما الإدارة العلمية والعلاقات الإنسانية والذي حل محلهما اليوم مدخل الموارد البشرية وفيما يلي  سنتناول باختصار هذه المداخل الثلاثة:

أولا: مدخل الإدارة العلمية  Science Management

كانت الإدارة العلمية هي اول تغير يحدث في طرق إدارة الافراد ، حيث قامت الطرق القديمة على أساس نمط الإشراف الثابت ، وتهديد الأفراد بفقد عملهم وكان الاعتقاد السائد في ذلك الوقت أن الأفراد متساوون في الإنتاجية ، كما أن إنتاجية الأفراد لم تقاس أو يحدد حجمها وكان الأفراد يتعرضون لإنهاء العمل الفوري ، وظل هذا الوضع إلى ان جاءت الحركة الإدارية العلمية وغيرت هذا التفكير اتجاه العنصر البشري فبدلا من استخدام أساليب التهديد والتخويف أتخذ "فرديريك تايلور وفرانك ولليان جيلبرت ، وهنري جانت" مدخلا علميا وموضعيا للإدارة ، حيث قام تايلور بدراسة كيفية تصميم العمل ليكون أكثر فعالية ، فقام هو وأتباعه بجمع البيانات العلمية  واستخدام وسائل متاحة في ذلك الوقت

كما ركز تايلور على دراسة للحركات المطلوبة لأداء كل عمل والوسائل والأدوات المستخدمة والزمن اللازم لكل مهمة ومن خلال البيانات العلمية التي تم جمعها  ومن خلال تطبيق الأسلوب العلمي بدلا من الاعتماد على التقدير الشخصي لرئيس العمل  مكنه التوصل إلى تحديد معايير أداء عادلة لكل عمل والعمال الذين يحققون إنتاجا يفوق هذه المعايير يحصلون على أجور تشجيعية. وقد لاقت حركة الإدارة العلمية قبولا كبيرا ذلك الوقت وانتشرت انتشارا واسعا حوالي 1914 ولكن تعرضت الإدارة العلمية بعد ذلك لكثير من الانتقادات ، حيث أغفل تايلور الجوانب الإنسانية للفرد فعامله كأي أداة من أدوات الإنتاج المادية وهكذا فإن مدخل الإدارة العلمية ساهم في :

-       خلق طرق وأساليب فنية للعمل.

-        تحليل ودراسة الزمن والحركة بدلا من الاعتماد على الحدس والتخمين.

-       تحديد أمثل الطرق في الأداء.

وقد إنطوت هذه الطريقة المثلى على كثير من العيوب من أهمها:

-       أن الطريقة المثلى للأداء تميزت بالتخصص الشديد

-       الروتين.

-       انطوائها على مجود ذهني قليل جدا.

-       فرص محدودة لاتخاذ القرارات أو استخدام الحكم الشخصي.

وقد برر مؤيدو الإدارة العلمية هذا بأن العاملين في ذلك الوقت لم يتلقوا قدرا كافيا من التعليم الرسمي، ولديهم قدرات ومهارات قليلة لا تمكنهم من ممارساتها في المشاكل التنظيمية.

وفي بداية السنوات الأولى من القرن الماضي تمثلت وظيفة قسم إدارة الأفراد في القيام بالمسؤوليات التقليدية من استقطاب واختيار وتدريب والأمن والصحة ، ولكن لم تركيز أنشطتهم بصورة أساسية على تحقيق  وتطبيق أساليب الإدارة العلمية ، فمثلا قام مسؤولوا الأفراد  بعمل دراسات الزمن والحركة ودراسة الاجتهاد وطبقوا تحليل العمل وأعدوا تحديد وتخصيص العمل وطوروا برامج الأجور التحفيزية وأثناء هذه الفترة دعمت كثير من أقسام الأفراد برامج المساعدات الإجتماعية والتي وجهت لحاجة العاملين مثل :

-       الإجازات والصحة النفسية للعاملين.

-        تدريب العاملين.

-        المشروعات الإسكانية للعاملين.

-       منح قروض للأفراد.

-        ايجاد خطط للتأمين.

-       البرامج الترفيهية.

وقد عكست برامج المساعدات الإجتماعية الاتجاه الأبوي للإدارة  في ذلك الوقت وهو " نحن نعمل الافضل بالنسبة لك"، ولكن لم يلق هذا الاتجاه نجاحا كبيرا ولهذا السبب فإن شهرة وسمعة هذه البرامج أخذت في الانخفاض في الفترة ما بين 1920-1930.

ثانيا : مدخل العلاقات الإنسانية

خلال الفترة الممتدة بين 1930-1940 تغير اتجاه الإدارة نتيجة دراسات هاوثورن، حيث تحول اهتمام الإدارة من الإدارة العلمية إلى العلاقات الإنسانية وقد أوضحت هذه الدراسات أن إنتاجية الفرد لا تتأثر فقط بالطريقة التي يصمم بها العمل ، والأسلوب والسلك الاقتصادي الذي يكافأ به الفرد لكن أيضا تتأثر بالعوامل اجتماعية  ونفسية معينة ، فقد أكتشف إيلتون مايو وروثلزبرجر  تأثر مشاعر وعواطف ووجدان  ونفسية الأفراد تتأثر بشدة ظروف العمل مثل علاقة الجماعة وأنماط القيادة وتدعيم الأفراد وهذه المشاعر بدورها تؤثر على إنتاجية الفرد ، وهكذا فقد تم الاقتناع بمعاملة الأفراد بالاحترام والتقدير لذاتهم مما يساعد على زيادة رضا الأفراد وإنتاجيتهم.

ويمكن ملاحظة أوجه القصور في مدخل العلاقات الإنسانية اعتماد هذا المدخل على مفهوم مبسط للسلوك الإنساني في مواقف التنظيمية ففكرت ان العامل السعيد هو العامل الذي يعمل بجد وكفاءة ، قدمت للإدارة كفرض غير مختبر وغير مؤكد.

فشل مدخل العلاقات الإنسانية في أخذ الفروق الفردية في الاعتبار فكل فرد يعد حالة متميزة وفردية ، والفرد كائن  معقد ذو حاجات ورغبات مختلفة ، فالذي يحفز فردا على العمل قد لا يحفز فردا أخر، وكون الشخص سعيد أو انه يشعر بالراحة النفسية قد لا يكون لذلك أثر كبيرا عل انتاجية بعض العاملين.

فشل في ادراك الحاجة إلى كل من هيكل العمل والسيطرة على سلوك الأفراد فقد أهمل مدخل العلاقات الإنسانية أهمية الإجراءات والمعايير وقواعد العمل اللازمة لتوجيه الأفراد اتجاه تحقيق أهداف المنظمة.

ثالثا: مدخل الموارد البشرية

تبنى مدخل الموارد البشرية والذي من خلاله يمكن أن تستفيد المنظمة بطريقتين هما زيادة الفعالية التنظيمية وإشباع حاجات الافراد.

فبدلا من النظر إلى الأهداف التنظيمية وحاجات الأفراد على انهم منفصلون وأن تحقيق أي منهما يكون  على حساب الأخر ، اعتبر مدخل الموارد البشرية إن كل من الأهداف التنظيمية وحاجات الأفراد يكملان بعضهما البعض ، وأن المكاسب المحققة في أحدهما لا يكون على حساب الأخر.

ويعد مدخل الموارد البشرية مدخلا حديثا نسبيا في إدارة الأفراد حيث انتشر الاصطلاح أثناء السبعينيات وقد أظهرت الأبحاث في مجال العلوم السلوكية أن إدارة الأفراد ومعاملتها كموارد بدلا من اعتبارهم عامل من عوامل الإنتاج ، أو اعتبارهم مجرد إنسان يتحرك يتصرف فقد على أساس مشاعره وعواطفه، يمكن أن يحقق فوائد ومزايا لكل من المنظمة والفرد، وقد ازدادت أهمية مدخل الموارد البشرية ، ولكن على الرغم من أهميته إلا أن اصطلاح الموارد البشرية مثله مثل أي اصطلاح في الإدارة يصعب تحديده تحديدا دقيقا.إلا أن هناك مجموعة من المبادئ التي تقدم أساسها لهذا المدخل وهي :

1-  الأفراد هم استثمار إذا أحسن إدارته وتنميته يمكن أن يحقق مكافآت طويلة الأجل للمنظمة في شكل زيادة الإنتاجية.

2-   السياسيات والبرامج والممارسات لابد أن تخلق لإشباع الحاجات النفسية والاقتصادية للفرد.

3-  بيئة العمل لا بد أن تشجع الأفراد على تنمية واستغلال مهاراتهم إلى أكبر حد ممكن.

4-   برامج وممارسة الموارد البشرية لابد ان تنفذ وتحقق بطريقة تراعي فيها تحقيق التوازن بين حاجات وأهداف المنظمة.