6. قياس الاتجاهات

اهتم العلماء و الباحثون في مجال السلوك الانساني بالتعرف على الاتجاهات لدى الأفراد وذلك من خلال عملية قياسها باستخدام مقاييس مختلفة مثل المقابلات الشخصية و الاستبيان وغيرها. ومن الأمثلة على مقاييس الاتجاهات المستخدمة ما يلي:

أ‌-       مقياس بوجاردس للمسافة الاجتماعية:  يعتبر بوجاردس من رواد حركة قياس الاتجاهات حيث اهتم بقياس المسافة الاجتماعية بين الأفراد وكان الهدف من هذا المقياس معرفة اتجاهات الأمريكيين تجاه أبناء الجنسيات الأخرى، حيث اشتمل هذا المقياس على سبع عبارات تمثل مقياسا متدرجا لمدى تقبل الأمريكان للجنسيات الأخرى بحيث تتدرج من أقصى درجات التقبل أو التقارب الاجتماعي مثل عبارة: أوافق على تكوين علاقة معينة بهم عن طريق الزواج. إلى أقصى درجات النفور مثل عبارة: أستبعده من وطني.

وقد قام بوجاردس بتطبيق هذا المقياس على عينة قدرها 1765 أمريكيا طلب منهم تحديد اتجاهاتهم نحو أبناء 39 جنسية أخرى وذلك في عام 1926.

وهذا المقياس و إن كان يبدو بسيطا إلا أنه قد أغفل بعض أنواع الاتجاهات مثل الكراهية و التعصب كما أن وحداته القياسية لا تتدرج تدرجا منظما ثم إن الإجابة على بعض العبارات يعني الموافقة المنطقية على عبارات تالية فمثلا الموافقة على الزواج من جنسيات أخرى يعني منطقيا الموافقة على الصداقة والتحاور معهم.

ب‌-  مقياس ليكرت: يعتبر مقياس ليكرت من أكثر المقاييس استخداما في قياس الاتجاهات ويحوي على عدد من العبارات التي لها علاقة باتجاهات الأفراد حول ما يعترضون له من مواقف. ويشتمل الوزن لكل عبارة على خمس درجات تتراوح بين موافق بشدة، وموافق، لا رأي، غير موافق، غير موافق بشدة. ويكون للشخص الحرية في التعبير عن رأيه باختيار الدرجة التي تتفق مع اتجاهه. وبعد ذلك يقوم الباحث بإعطاء درجات للإجابات تتراوح بين مثلا 5 موافق بشدة، و 1 غير موافق بشدة. وبعد ذلك يتم القيام بالعمليات الحسابية و الاحصائية للوصول إلى النتائج. مثال: هل أنت من المؤيدين لقيام وحدة عربية شاملة؟ موافق جدا-موافق-لا رأي-غير موافق-غير موافق جدا            5-4-3-2-1.

ت‌-  مقياس ثرستون: وفقا لهذا المقياس فإن لكل اتجاه تدرجا معينا بين الإيجابية المتطرفة و السلبية المتطرفة وأن  رأي الفرد في موضع ما يشير إلى اتجاهه نحو هذا الموضوع، ويتكون المقياس من مجموعة عبارات حول موضوع يراد قياس الاتجاه نحوه مثل نقابات العمال أو كرة القدم، أو الحروب إلى غير ذلك، وهنا يقوم الباحث بجمع عدد كبير من العبارات التي قد تصل إلى المائة أو أكثر و تكتب عبارات المقياس كل عبارة في ورقة مستقلة وتعرض على مجموعة من الحكام للاسترشاد برأيهم في تقويم هذه العبارات وتحديد العبارات التي تمثل أقصى درجات الإيجابية والعبارات التي تمثل أقصى درجات السلبية، وهكذا يتم تصنيف العبارات بحيث يتم استبعاد غير الملائمة أو الناقصة ثم يتحدد وزن نسبي لكل عبارة. ومع أن طريقة ثرستون قد أثبتت فاعليتها في قياس الاتجاهات إلا أنه يؤخذ عليها أن اعداد وتقنين المقياس يستغرق وقتا ومجهودا كبيرا، كما أن تطبيقه يحتاج لوقت مما يؤدي إلى احساس المبحوث بالملل والضيق، كما يتأثر هذا المقياس بالنظرة الشخصية للمحكمين خاصة المتطرفين منهم.

ث‌-  طريقة أو مقياس أوسجود Osgood: يعد هذا المقياس أداة فعالة في قياس وتحليل مضمون المعاني والمفاهيم وكيفية تمييزها حيث يرى أن لكل لفظ نوعين من المعاني، الأول هو المعنى الإشاري أو المادي، فمثلا لفظ الكلية يعني المكان أو المبنى المخصص للتعليم، والثاني هو المعنى الوجداني للشيء وهو يمثل مجموع الذكريات و الانفعالات المرتبطة بسنوات الدراسة في الكلية، ونحن في الدراسات السلوكية لا نركز على المعنى المادي بقدر تركيزنا على المعنى الوجداني.

ونتيجة للدراسات التي أجراها أوسجود وزملاؤه اتضح أن هناك ثلاثة أبعاد لدلالات المعاني وهي:

  1. أبعاد قوة: مثل (قوي/ضعيف)، (كبير/صغير)...الخ
  2. أبعاد تقييمية: مثل (ناجح/فاشل)، (سار/غير سار)...الخ
  3. أبعاد نشاط: مثل (سريع/بطيء)، (نشيط/كسول)...الخ

وهذه الأبعاد الثلاثة تساعد كثيرا في قياس ودراسة الاتجاهات نحو مختلف الموضوعات و المفاهيم المتنوعة في شتى مجالات أو ميادين الحياة.