1. خصوصية البحث في علوم الاعلام والاتصال

      يرتبط تطور المعرفة في فرع من فروعها ،أو علم من العلوم ،بتطور الجهود العلمية في اتجاهين أساسيين :

الأول :هو الكشف عن الظواهر العلمية في هذا الفرع من المعرفة ،أو العلم ،الذي يثير الباحثين والخبراء الى دراستها والوصول الى الحقائق العلمية الخاصة بها التي تسهم في التفسير وصياغة القوانين العلمية

الثاني :تطوير أدوات البحث العلمي ،التي تتفق مع خصائص هذه الظواهر وسماتها وتيسر للباحثين والخبراء الوصول الى الحقائق المستهدفة .

ولذلك تكون الأسئلة المطروحة دائما في طريق تطوير المعرفة و ارساء قواعد العلم ومبادئه هي :ماذا نبحث ...؟ وكيف نبحث ..... ؟ (محمد عبد الحميد ،1992،ص7)  فتنوعت المعرفة الانسانية وتطورت حقولها وميادينها رغبة في تحسين ظروف الحياة والارتقاء بها ومواجهة المشكلات والظواهر التي تؤرق الانسان في حياته وسعيا للوصول الى اجابات وحقائق تساعد على التأقلم والتطور ازاء الظواهر المختلفة فكانت البحوث العلمية المختلفة المواضيع والقضايا  فضاء خصبا للباحثين من أجل العمل على متابعة الظواهر والمشكلات المحيطة بنا ونشاطا أساسيا للمجتمعات على تنوعها واختلافها لا يمكن الاستغناء عنه خصوصا في المساعدة على صياغة الفروض والوصول بها الى النتائج والنظريات العلمية ومن ثم القدرة على تجاوز التفسير و التنبؤ  بالظواهر وشرحها  الى التعميم للظواهر المشابهة  .

ولان العلم تطورت ميادينه ومجالاته وتخصصاته فالبحوث العلمية ايضا واكبت هذه التخصصات وسعى القائمون عليها الى تطوير المناهج العلمية والأدوات التي تساعد على رصد النتائج بدقة وموضوعية ،ومن هذه العلوم سيتم الحديث في هذه المحاضرات على علوم الاعلام والاتصال أحد فروع المعرفة الانسانية التي لها صلة وطيدة بالعلوم الأخرى ،وأيضا لما يحتله البحث العلمي واستخدام مناهج مختلفة في هذا العلم =علوم الاعلام والاتصال = من أهمية مستمرة تتزايد مع التطورات الحاصلة على مستويات مختلفة :تقنيا موضوعاتيا ،مجتمعيا وحتى منهجيا .

  1. خصوصوية البحث في علوم الاعلام والاتصال:قبل الحديث عن خصوصية البحث العلمي في علوم الاعلام والاتصال لابد من تحديد ماذا نقصد بهذا العلم

مفهوم علم الاتصال :هو علم من العلوم الانسانية يتم تدريسه في الجامعات والمعاهد المتخصصة ،وله نظرياته وقواعده  وأسس البحث فيه ،ويشمل مجمل الأساليب وأنماط وطرق انتقال الأفكار والمشاعر ،ومن هنا اكتسب هذا المصطلح صفة التعميم حيث يشمل جميع الأنماط ذات الأهداف المختلفة والأسس التنموية المتباينة .(محمد جمال الفار 2006،ص 226)

من خلال هذا التعريف يتبين لنا أن علوم الاعلام والاتصال هي مجال بحثي يتناول مجموعة من المواضيع ويعالج جملة من الاشكالات التي لها علاقة بتخصصات وميادين أخرى فهو ليس فرعا انعزاليا وإنما يتكامل ويلتقي مع تخصصات أخرى  وهذا ما يمنحه طابعه العابر والمتعدد كما يقول ولبر شرام

وحينما نحاول أن نعرِّف المادة الإعلامية نجد صعوبة بالغة في وضع حدود واضحة تحدد الأبحاث الإعلامية وتميزها عن غيرها من أبحاث العلوم الإنسانية. فأهداف و اهتمامات أبحاث الاتصال واسعة جدا لأنها لا تدرس وسائل الاتصال فقط بل تتعداها لدراسة عمليات الاتصال. وھذا يحتم علينا الاھتمام

بعلوم إنسانية أخرى منها التربية، وعلم النفس الفردي، وعلم النفس الاجتماعي والاقتصاد و الأنثروبولوجيا، والقانون ، والسياسة... الخ، فالصحافة أو الإعلام الجماھيري يشارك العلوم الإنسانية مسؤولية الكشف عن مختلف أوجه المشاكل التي تتضمنها عملية الاتصال الجماھيري في مختلف مراحلها. .(محمد البخاري 2008،ص 5)

في دراستهم لمواضيع علوم الاعلام والاتصال يدين كثير من الباحثين تطور هذه العلم الى مواكبته وارتباطه بالظاهرة التقنية التي ساهمت كثيرا في تنوع وتعدد العمليات الاتصالية وتشابك العلاقات وهذا مما خلق عديد التساؤلات حول تطور الظاهرة الاتصالية ودفع الى البحث في هذا المجال الذي مازال يشهد العديد من التطورات سواء ما تعلق منها بالجانب التقني :الوسائل او حتى المضمون :محتوى الوسائل او الرسالة .

بالنسبة لمواضيع علوم الاعلام والاتصال حسب ما سبق تتناول محاور كثيرة ومتعددة ولقد أشار ماكويل Mcquail  الى أن عملية الاتصال البشري تعتبر نوع مميز من نقل المعاني ،والذي يتحدد عن طريق مجموعة العناصر الاساسية :وهي المرسل sender  والرسالة message واللغة language او الرمز code  والمستقبل resiver

ومن هذا المنطلق فان عملية الاتصال تقوم بتحليل الاطار العام الذي يتضمن هذه العناصر (........)بينما أشار شرام  sharamm الى أن طبيعة الاتصال الجماهيري تنطوي على نوع من التفاعل وهو المحور الرئيسي الذي على ضوءه يتم تحديد كافة المتغيرات الأخرى التي تتضمنها عملية الاتصال مكن مشاركة وتبادل الاهتمامات والمواقف والبيئة الاجتماعية والثقافية والحضارية .. .(محمد علي البدوي ،2006،ص ،ص 27،26)

وعليه فان موضوع علوم الاعلام والاتصال  حسب يعض الباحثين هو :انتاج ،نقل واستقبال الاشارات ،وعلاقة هذه الأخيرة بنظام رمزي وتأثيراتها على السلوكيات ،المعتقدات ،قيم الأفراد والجماعات ،وكذا على طريق تنظيمهم الجماعي ،وعلى هذا فهناك محاور للبحث في الاتصال تساعد على تشخيص وتوضيح وتفسير مواضيعه المختلفة .

v    ففي اطار :الدراسات المتعلقة بالجوانب الاجتماعية لوسائل الاتصال الجماهيرية يمكن القول بأن موضوع البحث هو قناة الاتصال  هته الأخيرة عبارة عن دعامة أي أداة أو جهاز أو وسيلة تسمح للرسائل بالتنقل بين المستقبلين والمرسل ،فالهاتف والتلفزيون هما جهازان يشكلان قناة الاتصال لأنهما عبارة عن تقنيات تستعمل لنقل الصوت والصورة عن بعد  ،وبمعنى أدق ستقوم بدراسة الآثار :على المستويين الفردي والجماعي ،الناتجة عن اللجوء الى هاتين القناتين بغية الاتصال ،وهاتان القناتان أحاديتا الاتجاه أو ثنائيتا الاتجاه ،وبالتالي سنهتم بمفهومي :الحاوي والإرسال وكذا بمفاهيم المحتوى ،التبادل ،العلاقات ،التفاعل والسلوك( لارامي أ. ،ب. فالي ،

تعريب ،فضيل دليو وآخرون، 2004 ،ص ص،81،82)

v    أما فيما يخص الدراسات المتعلقة بمحتوى وسائل الاتصال الجماهيرية ،فموضوعها الاتصالي يكمن في الاشارة ذاتها ،فمحتوى رواية تلفزيونية أو لافتة اشهارية يشخصان مثالين عن محتوى وسيلة اتصالية جماهيرية يمكن تحليلها بشكل ظاهري أو رمزي ،وبمعنى أخر يمكن تحليل الموضوع (الرسالة )كميا أو كيفيا ،ويدرس تبعا لمفاهيم :الفهم ،المعنى ،الرمز،قواعد الترميز،التأويل ،الدلالة الأصلية ،والإضافية للرسالة ( المرجع نفسه ، ص،،82)