1. تأسيس كانت للقيم

النظرية النقدية : عند كانت ايمانويلEmanuel Kant 

مقدمة : حاول فلاسفة العصر الحديث تقديم أطروحة فلسفية متماسكة للفصل في تحديد طبيعة الفاعل الذي يحدد القيم والقواعد الأساسية التي تقوم عليها ومنها تحديد مكانة  ودور الإنسان في نظام القيم وطبيعة هذه الأخيرة من حيث مطلقتيها أو نسبتيها . ولقد جاءت مختلف الرؤى الفلسفية تحاول نحت مكانة للإنسان في عالم القيم بحيث جعلت منه الصانع الأساسي للقيم ، وهي قيم مرتبطة بشكل أساسي بحياة الإنسان كونها تجسد الحياة وبذلك رفضت الرؤى التي تؤسس للقيم على المطلق المتعالي المفارق للإنسان .

1-: النظرية النقدية عند ايمانويل كانت

                             ((الفكر يصنع العالم ))

1-1: الظروف فكرية التي ولد فيها الفكر الكانتي : يعرف كانت انه من فلاسفة الأنوار ، جاء بفلسفة تعرف نزعتها  النقدية ،وهي فلسفة أراد من خلالها الخروج من المذهبية الفلسفية التي جعلت من العقل إله عند العقلانيين وكذلك من الحواس والتجربة المصدر والمقياس الأساسي للمعرفة والقيم لم يكن ذي نزعة عقلانية خالصة ولا ذي توجه تجريبي محض ، لقد أراد كانت أن يقدم فلسفة تجعل من الإنسان جريئا في اعتماد العقل لكن وفق مبادئ ثابتة وحرية مسؤولة  دون الخروج من الحيز ألزماني والمكاني الذي يعيش في هذا الكائن الأخلاقي الحر والمسؤول في آن واحد  .

لقد اشتهر كانت بفلسفته النقدية ، وهي فلسفة بين فيها أن النقد موقف ضروري للإنسان من خلاله سيجيب على أسئلة ثلاثة  تتمثل في :

-  (1): ماذا يمكنني أن اعرف ؟ : وهو سؤل يندرج ضمن نظرية المعرفة من خلاله يحدد ويدرك الإنسان إمكاناته المعرفية والحدود التي يمكن له أن يمارس تلك الإمكانات ، وبذلك يحدد المواضيع التي سيبحث فيها والمنهج المعرفي الذي سيعتمده في بحثه عن الحقيقة وطبيعة المبادئ التي سيؤسس عليها البحث المعرفي  . هذا السؤال الكانتي ينطلق من فناعتين كانتيتين : الأولى يرى فيها أن المعرفة إمكانية بشرية ممكنه كون الإنسان يمتلك القدرات أو الأدوات المعرفية التي تؤهله للبحث المعرفي . أمّا القناعة الثانية فهي تتمثل في نظرة كانت للقدرة البشرية التي يرى أنها رغم قوتها تبقى محدودة وبحاجة إلى سند متعالي يعتمد الإنسان لبناء الحقيقة ، ولقد ترجم لنا هذا الانشغال في مؤلفه (( نقد العقل المحض ))

 (2): ماذا يجب علي فعله ؟: وهو سؤال في القيم ، الأخلاق بالأساس ومن خلاله أراد أن يؤكد  أن للحياة الإنسانية يجب أن ترتقي نحوى أنموذج أرقى يليق بمقام الكائن البشري ، أنموذج الإنسان الإرادي والمسؤول  يؤمن بالواجب لذاته  . يعد هذا السؤال مفتاح نظرية القيمة عند كانت وقد حاول أن يجيب عليه في مؤلفه الموسوم بعنوان (( نقد العقل العملي المحض –الخالص -)) في هذا الكتاب بين العلاقة بين العقل والعمل في التأسيس للقيم الأخلاقية ، محاولا تبيان القيم الأخلاقية الخالصة

  (3):  ماذا يمكنني أن آمل ؟ : وهو سؤال فيه يبين القصدية والقصد حيث يعتبرهما مقولتين مكونتين لواقع موضوعي من خلالهما يدرك الإنسان الجمال الذي يتذوقه هذا الشعور الداخلي الذي يتشكل في الذات البشرية هو منبع الحكم الجمالي وتجلى لنا اهتمام كانت بهذا الموضوع في كتابه نقد ملكة الحكم ، هذا العمل الذي كان له تأثير كبير في ظهور النزعة المثالية في الفلسفة الألمانية وخاصة عند فسخته (فيشته )بحيث لم يتوقفوا عند حد اعتبار ان الإنسان يدرك العالم من خلال ذاته بل هذه الذات تقوم بخلق العالم بصورة ما