3. الصحراء

أما الصحراء الكبرى حسب رأي بعض الباحثين فهي مصدر نشأة الإنسان الأول، وقد هاجرها بعد فترة الجفاف الذي أصابها في نهاية الزمن الجيولوجي الرابع، فاتجهت مجموعة من سكانها نحو الشمال متتبعة مصدر المياه فاستقرت في شمال القارة الإفريقية، ثم اتجهت المجموعة الثانية إلى الجنوب نحو أعالي نهر النيجر والمناطق الاستوائية لنفس الغرض.

ويمكن إثبات تعمير الصحراء في العصور القديمة من خلال
 وجود مجاري الأنهار في الصحراء يدل على أن هذه المنطقة كانت تنال كمية من المطر أكثر مما هي عليه الآن، كما تثبت ذلك بقايا مجاري الوديان التي لازالت موجودة حتى يومنا هذا مثل وادي الساورة وواد إغرغار
 وجود فؤوس حجرية ومستقرات في أعماق الصحراء بالهقار والطاسيلي يدل على أن هذه المنطقة كانت ملائمة للحياة البشرية أكثر مما هي عليه في وقتنا الحالي.
 وجود بقايا عظام الحيوانات المتحجرة يدل هو الآخر على وجود النشاط الإنساني في المنطقة المغاربية خلال الأزمنة القديمة.
بهذا الموقع احتلت بلاد المغرب موقعا استراتيجيا، حيث تنتمي إلى الحوض الغربي للمتوسط، بالإضافة إلى انفتاحها على الحوض الشرقي من خلال سواحل ليبيا وتونس الشرقية، بهذا تكون شديدة القرب من القارة الأوروبية إذ لا يفصلها عن شبه جزيرة إيبيريا سوى مضيق أعمدة هرقل(13 كلم ) وعن إيطاليا عبر مضيق صقلية ب 140 كلم، كما لا تفصل سواحل برقة الليبية عن جزيرة كريت اليونانية سوى 300 كلم، من جهة أخرى تنفتح بلاد المغرب على المحيط الأطلسي الذي سهل مهمة التواصل مع غرب وشما أوروبا وكذلك مع سواحل إفريقيا الغربية، ورغم ذلك تأخرت بلاد المغرب الدخول في الفترة التاريخية حوالي ألفي سنة مقارنة بالمشرق.وفي ختام ذلك، نقول أن تباين التضاريس والمناخ والغطاء النباتي وكذا صعوبة الاتصال بين مختلف الأقاليم وانعدام الأودية الكبرى وقساوة الصحراء إضافة إلى ثنائية النمط المعيشي" الحضر والبدو" جعل بعض المؤرخين الاستعماريين يؤمنون بنقمة الطبيعة ويحكمون بالعجز الأبدي عن قيام وحدة في المنطقة المغاربية، وهو ما يفنده الواقع، حيث لم تصمد العوامل الجغرافية أمام التاريخ.