1. انواع نقد المصدر التاريخي

1.5. النقد الباطني السلبي

د-النقد الباطني السلبي:

  وهنا نركز على الظروف التي كتب فيها النص التاريخي لضبط أقوال كاتبه واثبات صحتها ومطابقتها للأصل بهدف التعرف على الحقائق ومدى دقتها ومطابقتها للحقيقة التاريخية، ولا يأتي ذلك الا بالتثبت من صدق أقوال المؤلف وعدم وقوعه في الخطأ، كما ينصب النقد الباطني السلبي على تحليل شخصية المؤلف أي صاحب الوثيقة مما يتوجب طرح أسئلة تتعلق بموقفه من الأحداث والوقائع ومدى نزاهته وأمانته في نقلها، من أمثلة ذلك:

-هل يطمح صاحب الوثيقة الى الحصول على كسب ومنفعة علمية أو مادية بتقديمه لمعلومات مغلوطة؟.

-هل تعرض صاحب الوثيقة الى موقف أو ضغط أو ارغام دفعه لكتابة الوثيقة؟.

-هل انساق صاحب الوثيقة وفق غرور فردي وتملق أو توجه جماعي قبلي عشائري بغية تمجيد وتقديس شخص ما أو حدث ما؟.

-هل أدخل صاحب النص العاطفة والذاتية والخيال والشعر بأسلوب أدبي لتضليل الحقائق التاريخية وطمسها ليبتعد عن الواقع؟.

  ان الغرض من كل هذه الأسئلة وغيرها هو التعرف على مدى أمانة صاحب الوثيقة ودقة معلوماته، هذه الأمانة والدقة التي تتحكم فيها قوة أو ضعق قرب أو بعد المؤلف عن الحقيقة التاريخية التي كتبها، ومدى احاطته بها جزئيا أو كليا وما دامت الحقيقة لا تثبت الا بالشواهد والأدلة التاريخية فلا بد من شهود عيان عليها، ما يدفعنا كذلك لطرح التساؤلات التالية:

-ما غرض المؤلف من كتابة هذه الوثيقة التاريخية؟.

-مدى تأثير ميول ومذهب الكاتب فيما كتب؟.

-الى أي مدى تأثر كتابات المؤلف بالأحداث الواردة في الوثيقة؟.

-ما هي قدرات المؤلف العلمية واللغوية والعقلية قبل وأثناء كتابة الوثيقة؟.

-هل كان المؤلف شاهد عيان على وقوع هذه الحادثة التاريخية أم لاحظها فقط بعد وقوعها أو كان ناقلا لها من خلال الرواية الشفوية؟.

  كل هذا يوجب علنا عدم الإفراط في الشك والمبالغة فيه و الإستغناء عنه اطلاقا بل علينا أن لا نحمل الوثيقة أكثر من معناها الظاهر، ومن خلال كل هذه الخطوات يمكننا أن نتعرف على الغرض والهدف الذي من أجله كتبت هذه الوثيقة سواء كانت في سجلات ادارية أو مذكرات شخصية أو تقارير اعلامية مع العلم أن من بين أصناف هذه الوثائق هناك من وجد لإظهار الحقيقة التاريخية وهناك من وجد لإخفائها تماما، من الأخذ بعين الإعتبار أن ثقافة كل باحث وغزارة معارفة وسعة اطلاعه ستلعب دورا هاما ورئيسيا في نقد الوثيقة وتمحيصها، اضافة الى أن غزارة معلومات كاتب الوثيقة واتساع معارفه وثقافته وكثرة اطلاعه على الأحداث تزيد من درجة اطمئنان هذا الباحث للوثيقة.