5. النظرية التنموية

 

نظرية صحافة التنمية أو النظرية التنموية :

ليس من السهل تحديد هوية هذه النظرية في عبارة واضحة محددة، فهي  لا تزال مجموعة من الآراء والتوصيات الملائمة لكافة وسائل الإعلام ووظائفها في الدول النامية. وتكتسب هذه النظرية وجودها المستقل عن نظريات الصحافة الأخرى من

اعترافها وقبولها للتنمية، وتأكيدها على هوية الأمة، ووحدتها وتماسكها، ورفضها

التبعية والسلطوية المتعسفة. وصحافة التنمية كما يعرفها ليونارد سوسمان هي تركيز الصحفيين

الموضوعيين على أخبار أحدث التطورات في مجالات التنمية المختلفة، الأمر الذي يؤدى إلى نجاح التنمية الاقتصادية وتحقيق الوحدة الوطنية وهى أيضا استخدام الحكومة لمنافذ الاتصال لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتتطلب صحافة التنمية من الصحف - كما يقول ناريندر أجاروالا - أن تتفحص بعين ناقدة، وتقيم وتكتب عن مدى ارتباط المشروع التنموي بالحاجات

المختلفة والمصالح القومية، وتتفحص الاختلافات بين الخطة وتطبيقها، والاختلاف بين آثارها على الناس فى تصريحات المسئولين وبين آثارها الفعلية. ويلاحظ التناقض بين الاستخدام الحكومي للصحافة في خدمة التنمية وبين الدور الرقابي للصحافة، ففي ظل السيطرة الحكومية يتراجع النقد وتتحول أخبار التنمية إلى دعاية سياسية للحكومة وقيادتها.

ولعل هذا التناقض هو الذي دعا المفكر الإعلامي الإنجليزي أنتوني سميث إلى التأكيد على ضرورة التفرقة بىن صحافة التنمية والاتصال فى خدمة التنمية، إلا أنه يرى أن المفهومين يدخلان في إطار السيطرة الحكومية.

وهو ما يؤكده كالريب راميال حيث يشير إلى الارتباط بين مفاهيم صحافة التنمية و الصحافة الموجهة

و الاتصال في خدمة التنمية ويلخص ماكويل المبادئ الأساسية لنظام الإعلام التنموي فيما يلي:

-  أن وسائل الإعلام يجب أن تقبل وتنفذ دوراً إيجابياً في إنجاز أهداف التنمية التي تحددها السياسة القومية.

- أنه يمكن فرض قيود على حرية الإعلام طبقا للأولويات الاقتصادية والاحتياجات التنموية للمجتمع،

-  أن وسائل الإعلام يجب أن تهتم بالثقافة القومية واللغة الوطنية.

- أن وسائل الإعلام يجب أن تعطى الأولوية لأخبار الدول النامية القريبة سياسيا أو ثقافيا أو جغرافيا.

ووفق النظرية التنموية تتلخص مهام وسائل الإعلام في عملية التنمية في النقاط التالية:

- تشكيل اتجاهات الشعب وتنمية هويته الوطنية.

- مساعدة المواطنين على إدراك أن الدولة الجديدة قد قامت بالفعل.

- انتهاج سياسات تقررها الحكومة بهدف المساعدة في تحقيق التنمية الوطنية.

- تشجيع المواطنين على الثقة بالمؤسسات والسياسات الحكومية، مما يضفى الشرعية على السلطة السياسية ويقوى مركزها.

- الإسهام في تحقيق التكامل السياسي والاجتماعي، من خلال بحث الصراعات السياسية والاجتماعية، وإحباط أصوات التشرذم والتفرقة، والتخفيف من التناقضات في القيم والاتجاهات بين الجماعات المتباينة.

- المساعدة في الاستقرار والوحدة الوطنية، وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الذاتية.

- إبراز الإيجابيات وتجاهل السلبيات، وتقليل حجم النقد إلى حجمه الأدنى.

وصحافة التنمية هي النتيجة الطبيعية للصحافة الثورية، حيث أنها تسعى لخلق أمة جديدة وتنميتها، وتطبيق المثل التي أعلنت في المرحلة الثورية السابقة، بينما الصحافة الثورية تكرس نفسها، وبالكامل لمناهضة القوى التي لا يرغب الناس في مجتمع بعينه في أن تحكمهم، ومحاولة الإحاطة بها.

ويرى البعض أن الصحافة الثورية وصحافة التنمية من بين النتائج الضرورية لمحاولة تحرير بلد من البلاد من السيطرة الأجنبية، وهما يمثلان مصدر فزع لمؤيدي الوضع الراهن والمدافعين عنه، وهذان النمطان من أنماط الصحافة قد يتسمان، في  بعض الأحيان بالتهاب العاطفة والابتعاد عن الموضوعية بل وحتى الميل إلى الجدل العنيف والعدوانية، وأحيانا يرث هذان النوعان من الصحافة تلك الرذائل الخطيرة المتمثلة في دعم وتعزيز أهداف بعض الزعماء والطوائف الذين يتصفون بالأنانية.

وقد كانت ممارسة الأنظمة السياسية التي شكلت في الدول النامية في أعقاب استقلالها تقوم على الخلط والتلفيق والاستناد أساساً على القوانين الموروثة من الحقبة الاستعمارية القائمة على نظرية السلطة.

وكانت السمة الأساسية للتجارب الإعلامية في هذه الدول هي قيام السلطة بتقييد حرية الصحافة، وفرض وتكريس تبعية الصحافة للسلطة مما أدى إلى تزايد تبعية وسائل الإعلام للنظام الإعلامي الدولي.