4. الوظائف الاجتماعية للعصبية :1
يرى ابن خلدون أن الوظائف الاجتماعية للعصبية هي:
1- تؤدي إلى تنظيم علاقات القبيلة في الداخل والخارج ، أي بين أفراد القبيلة الواحدة من جهة ، وبين أفراد القبيلة والقبائل الأخرى من جهة ثانية ، أي أنها تكون الإطار التنظيمي لأهل العصبيات ، فتتأطر بموجبها العلاقات الاجتماعية كافة .
2- تؤدي العصبية إلى التعاون بين أهل العصبية الواحدة من جهة ، وأهل العصبيات المتحالفة من جهة أخرى ، ويبدو ذلك في دفع العدوان ، أو القيام به من أجل تحقيق مصلحة مشتركة ، أي أنها الوسيلة الوحيدة لهذا التعاون ، لعدم توافر أية وسيلة أخرى في ظل الأوضاع السائدة في المجتمع القبلي .
3- تؤدي إلى حفظ كيان القبيلة ، أي كيان المجتمع القبلي بالمحافظة على بنائه الاجتماعي من خلال التضامن ، والتكتل ، ومجابهة الصراع الذي هو صراع وجود ، نظرا لقساوة الظروف الطبيعية ، وضآلة الإنتاج ، فيصبح الصراع أمرا طبيعيا من أجل حفظ كيان القبيلة من الانقراض والذوبان ، أي أنها تحفظ استقلالية المجتمع القبلي في نهاية الأمر.
4- تحافظ العصبية على شجرة النسب من خلال التلاحم العصبي الذي يكون أقوى في النسب القريب منه في النسب البعيد ، رغم تأكيد ابن خلدون على أن النسب أمر "وهمي" لكنه مع ذلك يعتبر حقيقة واقعة في المجتمع القبلي.
5- تقوم العصبية باعتبارها أساس التطور الاجتماعي بتدعيم المساواة بين أفرادها في الحقوق والواجبات ، وإلغاء التمايز الطبقي من حيث المبدأ العام ، وإن وجد تمايز في المكان الاجتماعية ، إنما يعود ذلك لما يقدمه الفرد نحو أهله أكثر من غيره ، فهي تدعم " الغيرية " على حساب " الذاتية " أي ذوبان الأنا في سبيل الأناء العصبي . وبموجبها يتأطر سلم القيم من شجاعة ، وكرم ، وخلال حميدة ، أي أنها تسير أخلاق المجتمع القبلي في نهاية الأمر ، وتكون ناجحة إذا عملت على إحلال العلاقات التعاونية والتضامنية محل العلاقات التنافسية بين أهل العصبية.