1. تأسيس كانت للقيم

1.8. قيمة الطرح الكانتي

ماذا بعد هذه الانتقادات ؟

نقد الأطروحة الكانتية لا يعني بالضرورة إلغائها من عالم التنظير والتأسيس للقيم  البشري فقد:

-         فتح كانت حقل الأخلاق النظرية المعاصرة التي بينت أن العقل يقدم مقياسه الكامل في دائرة الأخلاق ويرسم ما ينبغي فعله بصرف النظر عن كال ممارسة وكل معرفة علمية أو نظرية ( أسس مستقلة لا مشروطة )تؤثر لكنها لا تتأثر وبهذا وضع حداً للعق النظري الخالص وابرز در العقل في مجال الأخلاق ، يبقى كانت مرجعية في مجال الأخلاق النظرية في عصرنا هذا التي تسعى للتأسيس لأخلاق الإنسان المعاصر وتقد له توجيهات قادرة على قيادته في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والمهنية والعلمية وكذلك البيئية  والطبية . لقد أصبحت الأخلاق النظرية والقانون الأخلاقي الكانتي مرجعية  أساسية لإخراج البشرية من التيه الأخلاقي  بسبب إهمال ما فوق الحسي وهذا ما قد أكده زرادشت بقوله : عندما يتلاشى الكون المتعالي الميتافيزيقي يأتي الثاني المرتبط بما فوق الحسي تنهار القيم القديمة وهنا يتضح ميدان جديد وتولد هكذا قيما جديد .

-         اثبت كانت أن العقل البشري يحتوي على مبدأ الأخلاق فهي تنبع من الإنسان وتتوجه إليه وغايتها هي الإنسان ذاته، إنسان حر ومنه أراد غلق الباب أمام التلاعب الديني والإيديولوجي الضيق لا تسعى إلى رفع البشرية لمستوى أنبل وأرقى، فالقانون الأخلاقي   الذي أسس له كانت قبلي وفردي وكوني في آن واحد ، قبلي لأنه شامل وضروري لدى جميع الكائنات العاقلة وفردي باعتبار أنه من الفرد ذاته و لا يستقبله من مصدر خارجي أو حتى من الرغبات والأهواء الداخلية ن بحيث يكون السلوك الإرادي للفرد نابع من الوعي الأخلاقي الداخلي بضرورة الالتزام بالقيم كواجب من أجل الواجب .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عادل العوا ، العمدة في القيم ، ص