1. تأسيس كانت للقيم
1.4. كيف يصل العقل إلى بناء القيم
كيف يصل العقل إلى المبادئ التي تحكم القانون الأخلاقي ؟
بالنسبة للفيلسوف كانت رغم وجود هذه المبادئ في العقل إلاّ الاهتداء بها يقتضي القيام بحركة تأملية واعية مباشرة وهي بمثابة حدس داخلي ، كانت يسمي هذه اللحظة الواعية بواقعة العقل من خلالها يدرك العقل ما يجب فعله وما يجب أن يكون عليه الفعل الأخلاقي هذه اللحظة تتحول إلى إلزام أخلاقي يعين الإرادة على تقييم مسلماتها ومنه الترفع عن الرغبات النفعية المحدودة الأفق ، فالإرادة لحدها دون هذه العملية التأملية الواعية لا تستطيع توجيه الفعل نحو الفعل الأخلاقي الخالص لأنها عبارة عن قوة التنفيذ وهي تحتاج إلى توجيه داخلي عقلي وعندما يضع كانت الإرادة هذا الموضع لا يعني أنه يقلل من قيمتها في عالم الأخلاق ، لقد حدّد لنا هنا كانت حقيقة الإرادة كقدرة كامنة في الذات البشرية وهي ليست مجرد متفرج أو منفذ بل هي طاقة قوية تعزز الفعل الأخلاقي ، حيث تجعل من الإنسان متحرراً من رغباته وقادرا على القيام بالفعل وفق ما يجب أن يكون عليه أخلاقيا بحيث تكون تلك الأفعال قطعية خالصة وهنا تبرز مكانة الإرادة في عالم الأخلاق بالنسبة ل كانت إنها الحرية التي تعد الركيزة الأساسية في النظام الأخلاقي الكانتي وفي هذا الصدد يقول : (( القانون الأخلاقي هو ما نعيه مباشرةً " حالما نرسم نحن لأنفسنا مسلمات الإرادة " والذي يقدم نف سه لنا أولاً ، ثم إن هذا العقل يقدمه مبدأً للتعيين مستقل تمام الاستقلال عن أي شروط حسية ،و هو يقودنا مباشرة إلى مفهوم الحرية )) - ص 83 كتاب نقد العقل العملي المحض-
1) مكانة الحرية في القانون الأخلاقي : الحرية عند كانت تأكيد على أن القانون العملي غير مشروط فهي التي تجعل من الإنسان الأخلاقي يقوم بالفعل الأخلاقي -الذي هو بمثابة واجب بالضرورة – كغاية في حد ذاته وهنا تبرز لنا فكرة الواجب لأجل الواجب . فالحرية التي يتمتع بها الكائن الأخلاقي هي التي تجعله يلتزم أو لا يلتزم بالفعل الأخلاقي ومن هذا يصبح مسؤولاً عن كل أفعالًه أما تلك المحكمة الداخلية أولاً ثم أمام القانون الذي سينزل عليه العقاب اللازم ، والعقاب عند كانت لا يهدف إلى إصلاح الفرد أو حماية المجتمع أو أن نجعل من المخطئ عبرة للآخرين ، العقاب عنده هو ضرورة أخلاقية تفرضها حرية الإنسان ومسؤوليته ، فلأنه مسؤول يجب أن ينال عقابه وفقط .